أوباما والولاية الثانية... محاولة حسم ملفات سابقة

متابعة: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: فاز أوباما كما كان متوقعا، ليصبح ثاني رئيس امريكي ديمقراطي يفوز بولايتين متتاليتين، واول رئيس امريكي اسود يحقق هذا الانجاز في امريكا.

في الفترة بين الانتخابات وبعدها، تعترض النيران الايرانية طائرة استطلاع امريكية بدون طيار في المياه الدولية في الخليج العربي. البيان البيضاوي تأخر هذه المرة، وايران بعد صدور البيان المتاخر تعترف باطلاق النار على الطائرة، وتهدد، وهي ايضا تطلق تصريحا حول برنامجها النووي والمقرر ان تعقد جلسة لمناقشته خلال هذا الشهر، تصرح بان الحل يكمن بين ايران وامريكا لهذا الملف الشائك.

سوريا على حالها في الداخل، والقوى السورية المعارضة توصلت الى اتفاق حول توسيع مجلسها الذي توسع ليضم شخصيات سياسية كانت غائبة عن المجلس الوطني، وهي محاولة لتوسيع الطيف العلماني في المجلس بعد ان استحوذ عليه الاخوان المسلمون وجماعات اسلامية اخرى وكان سابقا برعاية تركية، لكن هذه المرة سيكون برعاية امريكية.

سيكون التحدي الأضخم لاوباما هو الحرب في سوريا، والتي ربما ما كانت ستستمر لو لم يدعم الروس الرئيس السوري بشار الأسد. وعلى الرغم من أن أوباما كرر بأن نظام الأسد زائل لا محال، فإنه انشغل مؤخرا بالحملة الانتخابية. والمتوقع الآن أن يكثف أوباما جهوده مع الدول الغربية، وخاصة حلف الناتو، وخاصة تركيا، للتحرك لمزيد من الضغوط (خاصة العسكرية) على نظام الرئيس الأسد.

كثير من المراقبين يرون أن الفترة الثانية لأوباما، ربما لن تكون بتلك الصعوبة، كما في الأولى، باعتبار أن الرئيس سيكون حر اليدين، وغير مكبل بعقدة "إعادة انتخابه"، ولكن آخرين يرون أن وجود كونغرس منقسم، وأزمات مالية واقتصادية متفاقمة تنذر بخطر كبير، وتعقيدات الملفات الدولية، يجعل من المهام المقبلة، وحلولها، أشبه بمهمة مستحيلة.

يرى كثير من المراقبين أن أعقد تحد يمكن أن يواجه الرئيس الأميركي، هو القضية الإيرانية. فأوباما سيكون في مواجهة التعنت الإيراني التاريخي.. لكن، ربما تتيح إعادة انتخابه فرصة جديدة للتفاوض في الوقت الذي يتعرض فيه النظام الإيراني الحاكم لضغوط اقتصادية بفعل العقوبات. وبعد أن قاوم أوباما الذين يدفعون الأمور في تجاه الحرب مع إيران (في الولايات المتحدة وفي إسرائيل) وبعد أن تحرر من ضغوط الانتخابات، يبدو أكثر حرية للسعي نحو تسوية دبلوماسية في الوقت الذي يواصل فيه التهديد بمزيد من العقوبات الأشد صرامة. وكان البيت الأبيض قال، في الشهر الماضي، إن المحادثات الثنائية مع إيران (قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع واشنطن منذ ثلاثة عقود) خيار يدرس.

في سياق متصل أكد جيمس سميث، سفير الولايات المتحدة لدى السعودية، اتخاذ الولايات المتحدة مواقف أكثر تأثيرا في ما يتعلق بالملف السوري، منوها بصعوبة تبني مواقف محددة خلال الحملات الانتخابية، كما توقع تغيرا في الموقف الأميركي من الملفات الخارجية ليصبح أكثر وضوحا عقب إعلان فوز أوباما.

واستدرك سميث بأنه لا يمكن للولايات المتحدة إنهاء الأزمة السورية منفردة، وهي بحاجة إلى العمل الجماعي لتشجيع كل من روسيا والصين في سبيل التعاون لحل الملف السوري، قائلا "إن القتل الذي يمارس من قبل النظام الأسدي يفطر قلوبنا". وأكد على رغبة الرئيس أوباما في حل عدد من الملفات الخارجية، أبرزها إعادة المفاوضات بين الجانب الإسرائيلي والفلسطيني، والتصدي بقوة أكبر لإيران، والعمل مع الحلفاء لإنهاء الأزمة السورية، إلى جانب تقديم الدعم للحكومات الجديدة في مصر وتونس وليبيا، ومساعدة الرئيس الحالي باليمن.

وذهبت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية أنه حتى قبل إقرار انتصاره الانتخابي رسميا، يواجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما تحديات كبيرة ومتنوعة على صعيد السياسة الخارجية ستختبر إدارته حتى وهي تسعى لتركيز الانتباه على الاقتصاد والمواجهة التي تلوح في الأفق حول الميزانية مع الكونجرس.

وأضافت الصحيفة أن مسئولي الإدارة والمحللين السياسيين يقولون إن أوباما سيضطر بالتأكيد إلى التحرك قبل يوم توليه للتعامل مع الأزمات المتصاعدة في جميع أنحاء الشرق الأوسط من حرب أهلية مستمرة منذ 20 شهرا في سوريا إلى مواجهة نووية متصاعدة مع إيران، وأوضحت الصحيفة أن أوباما يواجه مشهدا به عدم يقين في الشرق الأوسط حيث تسعى الولايات المتحدة إلى الابتكار من جديد فى علاقاتها مع مصر وليبيا وحتى مع استمرار ثورات الربيع العربي، ولفتت الصحيفة إلى أنه في نفس الوقت يواجه البيت الأبيض كوريا الشمالية المسلحة نوويا، بالإضافة إلى الريبة المتزايدة من حكومات موسكو وبكين.

وأشارت الصحيفة إلى قول آرون ديفيد ميلر مستشار وزارة الخارجية الأمريكية للإدارات الديمقراطية والجمهورية، إن مشاكل السياسة الخارجية التي تواجه إدارة أوباما الثانية، هي مثيرة للانزعاج والإرباك بقدر أى مشاكل واجهتها أى إدارة أمريكية فى العصر الحديث.

من جانبها ذكرت صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية أن هناك الكثير من القضايا لن يكون أمام أوباما سوى التعامل معها، وذلك بعد تأجيل مسئولي الإدارة الأمريكية قرارات حول عدد من المشكلات المزعجة بسبب الانتخابات الرئاسية، ولفتت الصحيفة إلى أنه كما فعل ريتشارد نيكسون في فتح العلاقات مع الصين، ورونالد ريجان في تبني الحد من التسلح، فإن أوباما قد يرى ساحة السياسة الخارجية مكان لتحقيق شيء أكثر استمرارا في الولاية الثانية من إدارة الأزمة وأكثر إرضاء من عدم إحراز التقدم الذي أصاب مبادراته الداخلية، وأشارت الصحيفة إلى أن التعامل مع إيران لوقف برنامجها النووي يتصدر قائمة قضايا أوباما حسبما يتفق مسئولو الإدارة وخبراء السياسة الخارجية، ولفتت الصحيفة إلى أن المسئولين يقولون إن الولايات المتحدة ستتواصل على الأرجح مع الحكومة الإيرانية فى مفاوضات مباشرة فى الأشهر القليلة المقبلة فيما سيكون محاولة دبلوماسية أخيرة لتجنب ضربة عسكرية على منشآتها النووية.

وهو ما ذهبت اليه ايضا صحيفة (فايننشال تايمز) البريطانية حيث قالت: "إنَّ أزمة البرنامج النووي الإيراني من بين أبرز القضايا التي تواجه أوباما، كما أنَّه من المحتمل المفاوضات مع إيران، وربما السماح لطهران بمواصلة تخصيب اليورانيوم لمستويات منخفضة".

وأضافت فايننشال تايمز: "إنَّ فكرة التفاوض مع إيران تلقى انتقادات شديدة من جانب الجمهوريين الأمريكيين والإسرائيليين على حد سواء، ولكن كبار المسئولين في إدارة أوباما اقترحوا أنَّ التفاوض مع طهران يمكن أن يكون جزءًا من اتفاق في نهاية المطاف".

وأشارت إلى أنَّ أوباما كان قد تعهّد تحت ضغط من إسرائيل باتخاذ إجراء عسكري ضد إيران لو حاولت صناعة القنبلة النووية، محذرًا في مناقشاته لسياسة بلاده الخارجية أثناء الحملة الانتخابية من أن الوقت يمر بشأن طهران.

اما مجلة (فورين بوليسي) الأمريكية في عددها الاخير، فقد ذهبت الى ابعد من اسيا والشرق الاوسط، فهي قد ذهبت الى افريقيا والملفات العديدة التي تنتظر اوباما خلال فترته الرئاسية الثانية، ذكرت المجلة أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما سيواجه خلال ولايته الرئاسية الثانية وابلا من التحديات داخل القارة الأفريقية، بدءً من الصراعات على الحدود إلى الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي طورت نفوذا ملحوظا في العديد من بلدان القارة.

ورأت المجلة -في سياق تحليل إخباري أوردته على موقعها الإلكتروني- أن فوز أوباما على غريمه ميت رومني خلال سباق الرئاسة الأمريكية، ربما قد يخلف تداعيات على السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة حيال العديد من بلدان العالم، امتدادا من الصين وحتى روسيا، بينما في المقابل ستظل سياسات واشنطن إزاء القارة السمراء كما هي دون حدوث تغيرات أو تحولات جذرية، الأمر الذي يجدر بإدارة أوباما أن تعيد النظر فيه حتى تتجنب الاصطدام بالواقع الأفريقي المرير.

وأردفت تقول "إن الهدف الأول يتبلور في تشكيل جبهة دولية موحدة لفرض تدخل عسكري في شمال مالي، يساعد اتحاد دول غرب أفريقيا في طرد الجماعات الإسلامية التي سيطرت على العديد من أراضي مالي والتي تربطها علاقات وثيقة مع منظمات إرهابية دولية وشبكات في الإتجار بالمخدرات والأعضاء البشرية".

ولفتت المجلة إلى أن تهديد المد الإسلامي المتصاعد داخل أفريقيا على الغرب عامة والولايات المتحدة بشكل خاص، لا يكمن في مالي فحسب، بل أيضا نجد جماعة بوكو حرام في نيجيريا، والتي يرتكز نشاطها بشكل أساسي أهداف محلية وداخلية تشكل تهديدا متناميا أيضا، وترى المجلة أن الأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة إلى الصومال فبرغم النجاحات الأخيرة في تأسيس حكومة جديدة في العاصمة الصومالية مقديشو وتقوية شوكتها في مناطق جنوب الصومال المتنازع عليها في السابق، غير أن هذا لم يغير شيئا من حقيقة أن حركة شباب المجاهدين -المنبثقة من تنظيم القاعدة – لا تزال تنبض بالحياة وتمثل خطرا حقيقيا في ظل سجل وافر من الهجمات الإرهابية ضد أهداف محلية ودولية على حد سواء.

وحذرت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية قائلة: "ربما تعمد حركة شباب المجاهدين خلال الفترة الراهنة إلى تحويل تركيزها على الأهداف "الناعمة"، ليس داخل الصومال فحسب، بل أيضا داخل كينيا وأوغندا ودول أفريقية أخرى ممن شاركت قواتها في بعثة الاتحاد الافريقي -المدعومة بشكل قوي من قبل الولايات المتحدة- والتي كان لها دور في بسط الحكومة الصومالية سيطرتها على قطاع عريض من البلاد"، وعن الهدف الثاني والمتمثل في إنهاء ولو بعض من أكثر الحروب والصراعات دموية داخل أفريقيا، نوهت المجلة "أنه على واشنطن أن تولي اهتماما للحرب المتفاقمة بين دولتي السودان وجنوب السودان والإبقاء على عين يقظة تجاه تنامي نشاط الجماعات الجهادية، وذلك في أعقاب الضرب التي تعرض مصنع الذخيرة "اليرموك" في العاصمة الخرطوم، ورأت المجلة الأمريكية أنه كي تواجه واشنطن الأزمة المشتعلة بين السودان وجنوبه، عليها انتهاج سياسات تكون ركيزتها: تحقيق السلام بين الدولتين ومكافحة الإرهاب وإعلاء قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان.

وخلصت المجلة -في ختام تعليقها- إلى أنه يتعين على إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن تساعد في تقليص وربما الحيلولة دون نشوب أزمات أفريقية في المستقبل من خلال الاستثمار بصورة أعمق وأشمل داخل هذه البقعة من العالم، وإرسال مبعوثين دبلوماسيين وتطوير شراكات متعددة وتعزيز التعاون الثنائي فيما يتعلق بمجابهة الشبكات الإجرامية والإرهابية ووضع استراتيجيات فاعلة لإنجاز التحول الديمقراطي الذي تنشده كثير من بلدان القارة السمراء.

على الصعيد الداخلي ومع فوز الرئيس أوباما بفترة ولاية ثانية، واحتفاظ الديمقراطيين بسيطرتهم على مجلس الشيوخ، فإنهم يشعرون بقدر أكبر من الجرأة والحماس للمضي في مخططاتهم لفرض ضرائب أعلى على الأغنياء، وضرائب أقل على أبناء الطبقة المتوسطة لخفض عجز الميزانية، وأولى القضايا التي سيواجهها الكونغرس ستكون محاولات التوصل إلى اتفاق بين الجمهوريين والديمقراطيين لمواجهة انتهاء التخفيضات الضريبية التي أقرها الرئيس السابق جورج بوش والبدء في خفض تلقائي في الإنفاق الحكومي. ويبحث الكونغرس فرض ضرائب أعلى لتحصيل 400 مليار دولار وإجراء خفض 100 مليار دولار في الإنفاق العسكري الذي يعد خفضا تلقائيا نافذ المفعول في يناير (كانون الثاني). ويحذر الاقتصاديون من أن الجمع بين الإجراءين قد يدفع البلاد إلى الركود مرة أخرى.

الضرر الذي أحدثه ساندي لا يزال من القضايا الكبيرة للكونجرس، فقد وقع 44 عضوا من مجلس النواب من الحزبين على رسالة تحث القيادة على أن تكون مستعدة لزيادة الإغاثة فى صندوق حالات الكوارث الفيدرالية 7.1 مليار دولار، وكشف "ساندي" نقاط الضعف في البنية التحتية والنقل والمياه، فقد يتطلب الأمر 10 مليارات دولار من أموال الحكومة لتحديد المشاريع والبحث عن جدية التمويل الخاص لاستكمال ضمانات القروض الحكومية.

إذا لم يتصرف الكونجرس حيال تلك الأزمة فالملايين من الطبقة المتوسطة سيكونون تحت مظلة الحد الأدنى للضرائب في السنة المالية الحالية، حيث يعتبر تطبيق إعفاء الحد الأدنى للضرائب بأثر رجعى أمرا كابوسيا، لذلك فإن تصحيح الحد الأدنى للضرائب من المرجح أنه سيكون على رأس جدول أعمال الكونجرس.

بعد 31 ديسمبر فإن معدل الضريبة على الاستثمارات المحتفظ بها لأكثر من سنة واحدة سيرتفع للدخل المتوسط وذوي الدخل العالي، من 15% إلى 20 %. أوباما يريد الحفاظ على رفعه للدخل المحدود. بعض الجمهوريين يريدون خفض المعدل إلى الصفر لتحفيز الاستثمار، إذا لم يتخذ الكونجرس إجراءات حاسمة فسيتم خفض مدفوعات الرعاية الصحية للأطباء بنسبة 27% في يناير، واقترح الديمقراطيون في مجلس النواب، برئاسة عضو لجنة الميزانية كريس فان هولن كريس، استمرار خفض 2% على ضريبة الرواتب إلى فبراير، بموجب اتفاق فبراير، كانت الفوائد الفيدرالية الموسعة يتم تقليصها تدريجيا، ويتم إنهاؤها للعاطلين عن العمل على المدى الطويل في نهاية العام.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 12/تشرين الثاني/2012 - 27/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م