جريمة في الألب... من مخلفات حقبة النظام البعثي

 

شبكة النبأ: لا يزال الغموض يلف حادث مقتل عائلة الحلي، العراقية الأصل والتي تعيش في بريطانيا منذ عدة سنوات، في أعالي منطقة الألب قرب مدينة أنسي جنوبي فرنسا والتي راح ضحيتها أربعة أشخاص من العائلة، من ضمنهم سائق دراجة فرنسي كان لسوء حظه يمر قرب مكان الحادث، ولم تتمكن الشرطة الفرنسية حتى الآن من كشف ملابسات حادث مقتل عائلة الحلي، ومازال محاولات المحققون جاري حتى اللحظة الراهنة لحل لغز هذه المجزرة، حيث جاءت بعض التحقيقات بانه قد تكون وراء هذه الحادثة خلافات أسرية مالية او قضية فساد مالي، لكن غموض الجريمة ودافعها، تطرح بعض المؤشرات، مما قد تدخل جريمة الألب تحت نظرية المؤامرة، خصوصا وان عملية القتل تم بطريقة محترفة، فضلا عن المؤشر الابرز الذي يضيف احتمالات جديدة وهامة هو ارتباط عائلة الحلي بحزب البعث العراقي السابق والذي يضفي شكوكا عديدة حول آفاق هذه الجريمة، وعلى الرغم من الإجراءات والتحقيقات المتواصلة، لا تزال هذه الجريمة التي هزت بريطانيا وفرنسا على حد سواء غامضة وكل الاحتمالات واردة.

الارتباط بحزب البعث السابق

فقد اكدت صحيفة بيلد الالمانية نقلا عن مصدر في جهاز الاستخبارات الالماني ان والد سعد الحلي الذي قتل مع اثنين من افراد اسرته في ايلول/سبتمبر في جبال الالب الفرنسية، كان مرتبطا بحزب البعث العراقي الذي كان يتزعمه صدام حسين، وبحسب نسخة الصحيفة الالكترونية كشفت الاستخبارات الالمانية ان والد سعد الحلي (50 عاما) الذي قتل بالرصاص مع زوجته ووالدتها قرب آنسي في فرنسا حيث كان يمضي اجازة، كان يدير حسابا مصرفيا لصدام حسين في سويسرا، وكتبت الصحيفة انه بعد وفاة والده كاظم الحلي في 2011، كان سعد الحلي يستطيع استخدام الحساب الذي اودع فيه مليون يورو من اموال حزب البعث العراقي السابق، وقال المصدر للصحيفة "منذ عشرات السنوات تراقب اجهزة الاستخبارات الالمانية التعاملات المالية بين الغرب والعراق" مؤكدا ان فرضية الخلاف المالي قد تبرر المأساة التي وقعت في الخامس من ايلول/سبتمبر، ورفضت الاستخبارات الالمانية التعليق على الموضوع، وحول سؤال عن روابط محتملة بين اسرة سعد الحلي وثروة الدكتاتور العراقي السابق اشارت اليها صحيفة لوموند، نفى كبير المحققين في القضية نقل الاستخبارات الالمانية معلومات الى مكتب مكافحة الارهاب في دائرة الدرك. بحسب فرانس برس.

وفي الخامس من ايلول/سبتمبر قتل سعد الحلي وزوجته اقبال (47 عاما) ووالدتها (74 عاما) التي تحمل الجنسية السويدية بالرصاص في شوفالين قرب آنسي وكذلك سيلفان مولييه سائق دراجة هوائية فرنسي صادف مروره في المكان، ونجت ابنتا الزوجين اللذين كانا يحملان الجنسية البريطانية من حادث اطلاق النار بعد ان اصيبت البكر بجروح بالغة.

وقائع مقتل عائلة الحلي

في سياق متصل تعرضت عائلة سعد الحلي، التي كانت تقضي أيام عطلة في مخيم صيفي بغابة بلدة "شيفالين" السياحية القريبة من مدينة "أنسي" المجاورة لسويسرا، إلى القتل من قبل مجهول مسلح بمسدس أوتوماتيكي حسب رواية الشرطة الفرنسية التي أكدت أنها عثرت على فرد آخر من العائلة، وهي طفلة في الرابعة من العمر، اختبأت لمدة 8 ساعات تحت جثة والدتها الملطخة بالدماء من دون أن ينتبه أحد إلى وجودها، حتى الشرطة التي فرضت طوقا أمنيا شديدا على المكان الذي وقعت فيه المجزرة بهدف الحفاظ على معالم الجريمة التي ربما ستساعد في كشف ملابسات الحادث حسب إريك مايو النائب العام للجمهورية في مدينة "أنسي".

وأضاف المسؤول المذكور أن الطفلة التي تم العثور عليها في مكان الحادث "كانت مختبئة وسط كم من الأمتعة تحت أقدام السيدتين القتيلتين، مشيرا أن علامات الفرح بدت عليها وهي بين أيدي المحققين وتم إيداعها قسم الرعاية النفسية للأطفال في مستشفى بالمنطقة لحمايتها ودعمها نفسيا"، وأضاف إريك مايو أن شقيقتها الكبرى (7 سنوات) التي أصيبت بجروح بالغة في الرأس تم نقلها هي أيضا إلى قسم الجراحة في المركز الاستشفائي بمدينة "غرينوبل" للقيام بعملية جراحية وهي في حالة ذهول وخوف بسبب ما حدث لها ولعائلتها، ولغاية الآن، لا يملك المحققون الفرنسيون إلا القليل من العناصر بشأن هذه المجزرة في انتظار النتائج التي ستتكشف عنها عملية تشريح الجثث، وقد طلب المحققون من الاستخبارات الداخلية الفرنسية تقديم يد المساعدة لهم بحكم علاقتهم بالأجهزة الأمنية الأجنبية وهذا لكشف ملابسات القضية في أسرع وقت ممكن.

جريمة القتل هذه هزت بريطانيا وفرنسا على حد سواء ولا تزال تتصدر صحف البلدين إلى درجة أن وزير الخارجية البريطاني تطرق إليها عبر حسابه على "تويتر". من جهته، أكد الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند في لندن أنه "لن يتم إدخار أي جهد من أجل الوصول إلى مرتكبي المجزرة بحق أسرة قدمت من بريطانيا إلى فرنسا لقضاء إجازة على ضفاف بحيرة أنسي"، وفي سياق متصل، صرح النائب العام لمدينة "أنسي" أن الشرطة عثرت على 15 طلقة لمسدس أوتوماتيكي، مشيرا أن كل المعطيات تبين أنها جريمة متعمدة"، لكنه لم يستثن في أن تكون أسباب الجريمة ناتجة عن خلافات عائلية". بحسب فرانس برس.

أما جريدة "لو ميرور"، فقد كشفت أن سعد الحلي كان على خلاف مالي كبير مع عائلته وكلف عددا من المحامين للدفاع عنه. وهذا ما أكده إريك مايو النائب العام للجمهورية في "أنسي" اليوم الجمعة قائلا: "تلقينا معلومات من السلطات البريطانية عن وجود نزاع مالي بين شقيقين في هذه الأسرة. هذا خيط مثير في التحقيق لكنه ضمن خيوط أخرى"، ولد سعد الحلي في بغداد.غادر العراق إلى بريطانيا في السبعينات هربا من عنف نظام صدام حسين وحزب البعث. عاش في البداية في وسط لندن في حي "بمليكو" حيث كان يستقر والده، عمل الحلي مهندسا إلكترونيا في شركة "أو أي دي إيس" المتخصصة في صناعة الطائرات، ثم أسس بعد ذلك شركة خاصة متخصصة في المجال الإلكتروني. التحقت عائلة الحلي بلندن في 1984 واستقرت في حي "كلاي غايت" الهادئ.

جريمة غامضة

الى ذلك اكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند من لندن التي يقوم بزيارة لها انه "لن يتم ادخار اي جهد" من اجل الوصول الى مرتكبي المجزرة بحق اسرة قدمت من بريطانيا لقضاء اجازة على ضفاف بحيرة انسي وايضا مواطن فرنسي من سكان المنطقة، وقال النائب العام للجمهورية في انسي اريك مايو في تصريحات للصحافيين "الامر الاكيد انه كانت هناك ارادة للقتل"، منددا بفعلة بالغة "الوحشية" وب"جريمة مروعة" و"غير مالوفة"، وللتأكد بشكل رسمي من هويات الضحايا، ينتظر المحققون ان يرسل اليهم نظراؤهم البريطانيون آثار الحمض النووي الريبي (دي ان ايه) التي تم جمعها من منزل الاسرة في حي كلاي غايت السكني الواقع على بعد 30 كلم جنوب لندن، وكان سائق السيارة حجز قبل ايام اقامة اسرته في مخيم مجاور لموقع الجريمة في سان جوريو والسيارة مسجلة باسمه. بحسب فرانس برس.

وطلب المحققون الفرنسيون مساعدة الاستخبارات الداخلية في التحقيق وذلك بحكم علاقاتها بالاجهزة الاجنبية وللتثبت من احتمال وجود اطراف القضية في سجلاتها، واثارت الجريمة الكثير من مشاعر التعاطف في بريطانيا. ووصفها وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ بانها "اطلاق نار مروع وماساوي في فرنسا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 1/تشرين الثاني/2012 - 16/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م