جنوب إفريقيا: العيش في أكواخ صديقة للبيئة

 

شبكة النبأ: تعيش عائلة بلاتيجي- مثل أكثر من مليون أسرة في جنوب إفريقيا- في مستوطنة غير رسمية. ولكن على عكس غالبية تلك الأسر، فإن كوخ عائلة بلاتيجي دافئ في الشتاء وبارد في الصيف، كما أنه يتميز بنظام إمداد مستقل للكهرباء فضلاً عن وجود نظام إنذار. ويطلق على ذلك الكوخ اسم "الكوخ المطور". ويمكن تصور الكوخ على أنه بمثابة نقطة انطلاق من شأنها أن ترفع مستويات العيش في المستوطنات غير الرسمية أثناء انتظار السكان للانتقال للعيش في المساكن الحكومية التي تم بناؤها مستخدمين الطوب والملاط. وتشير تقديرات تقرير حكومي صدر عام 2009 إلى أن نحو 2.3 مليون أسرة عاشت في مساكن غير ملائمة، منها نحو 1.2 مليون أسرة عاشت في أكواخ منتشرة في أكثر من 2,500 مستوطنة غير رسمية في جميع أنحاء البلاد.

ومنذ عام مضى، كانت أسرة بلاتيجي المكونة من نوسانجو بلاتيجي وزوجته نتويا وأطفالهم الثلاثة، هي أول أسرة تشغل واحداً من الأكواخ النموذجية "الأكواخ المطورة" الثلاثة في إنكانيني، وهي مستوطنة غير رسمية بالقرب من ستيلنبوش على بعد حوالى 40 كيلومتراً من كيب تاون. وعلى الرغم من أنهم ما زالوا يرغبون في العيش في منزل حقيقي إلا أنهم يقولون أن حياتهم قد تحسنت بشكل ملحوظ، وقد قال بلاتيجي: "كان كوخي القديم مصنوع من الخشب، وكان بارد للغاية وتغمره المياه في كثير من الأحيان، وكان أطفالي يمرضون باستمرار. ولكن الحياة أصبحت مختلفة جداً الآن، فلدينا إضاءة ولم يعد الجو بارداً في الليل، وأطفالي يشعرون بتحسن، ما يجعلني أشعر بالسعادة". بحسب شبكة الأنباء الإنسانية إيرين.

بلغت كلفة الأكواخ الثلاثة المطورة في إنكانيني 870 دولاراً للكوخ الواحد. كما تم تجهيزها بلوحات للطاقة الشمسية وصندوق توزيع وبطارية قادرة على تشغيل ثلاثة مصادر إضاءة، وشاحن هاتف نقال، وكشاف ضوء خارجي يعمل بالحركة كنتيجة للتقدم التكنولوجي في أنظمة الإضاءة التي تكون القوة الكهربائية فيها منخفضة. كما يتمتّع كل كوخ أيضاً بنظام لتجميع مياه الأمطار. وقد وُضعت مسألة التحكم في درجة الحرارة كأحد الاعتبارات الرئيسية. وتم توجيه الأكواخ الشخصية نحو الشمال والشمال الشرقي للاستفادة من أشعة الشمس الصباحية خلال فصل الشتاء في نصف الكرة الأرضية الجنوبي.

كذلك، بنيت جدرانه الخلفية من القش والطين لامتصاص حرارة الشمس أثناء النهار، وفي الليل تعكس تلك الجدران الحرارة من أجل الشعور بالدفء. وهناك سقف يتدلى في الجزء الأمامي من الكوخ لتوفير الظل خلال أشهر الصيف. كما يمكن غلق أو فتح النوافذ أو الستائر للمساعدة في تنظيم درجة الحرارة. وبما أن غالبية الأكواخ مصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، وحيث أن العديد من السكان يعتمدون على البارافين القابل للاشتعال لأغراض الطهي وعلى الشموع للإضاءة، تُعتبر الحرائق واحد من أكبر المخاطر في المستوطنات غير الرسمية. لكن الأكواخ المطورة مصممة للتغلب على هذه المشكلة، فالكوخ معزول من الداخل بكراتين المشروبات وجدرانه مغلفة بطلاء مانع للحريق.

تم تصميم الأكواخ المطورة في برنامج لدرجة الماجستير في معهد التنمية المستدامة بجامعة ستيلينبوش. وكان التصميم من ابتكار أندرياس كيلير وأستاذه مارك سويلينج. وقال بيري ويسيلز الذي يعمل في برنامج الأكواخ المطورة أنه بالرغم من التزام الحكومة بتحديث المستوطنات غير الرسمية، تنتظر المجتمعات بصورة عامة 8 سنوات على الأقل من أجل الحصول على الخدمات الأساسية، وتنتظر فترة أطول من أجل الحصول على سكن منخفض التكاليف. وقامت الحكومة منذ عام 1994 بتقديم حوالى 2.8 مليون منزل بسعر مدعوم ولكن يمكن للسكان أن يمضوا عقوداً على لوائح الانتظار. هذا ويبلغ متوسط كلفة بناء وتركيب الخدمات لكل منزل منخفض التكاليف حوالى 12,500 دولار.

من جهة أخرى، قال بونجينكوسكي ماديكيزيلا، وزير المستوطنات البشرية في كيب الغربية في خطابه عن موازنة عام 2012 أن هناك تأخر في إنشاء حوالى 500,000 وحدة سكنية مطلوبة لإيواء الأعداد الموجودة على قوائم انتظار الإسكان المنخفض التكاليف في الإقليم. وفي تصريح لشبكة الأنباء الإنسانية (إيرين)، قال ويسيلز أن "الأكواخ المطورة قد وُجدت نتيجةً لأبحاثنا حول كيفية تطوير حياة هؤلاء الناس بطريقة فعالة من حيث التكلفة أثناء فترة انتظارهم. لقد قمنا بمقابلة سكان الأكواخ وفكرنا ملياً بشأن ما يحتاجونه لجعل حياتهم أكثر راحة ثم شرعنا في تصميم الحلول".

طلبت مؤسسة بيل ومليندا غيتس من معهد التنمية المستدامة في يناير التقدم بطلب للحصول على منحة لتطوير وتوسيع أفكارهم. وقد حصلوا على دفعة أولية مقدارها 250,000 دولار لتوسيع نطاق المشروع. وقال ويسيلز "لدينا 18 شهراً ابتداءً من هذا التاريخ لإثبات نموذج عمل قابل للتطبيق لمؤسسة غيتس. وقد انضم إلى المشروع أطراف معنية جديدة ونحن ندرس بناء 100 كوخ مطور إضافية في إنكانيني بحلول منتصف العام المقبل، تحتوي على عناصر جديدة في تصاميمها".

ومن بين التحسينات التي يتم بحثها زيادة استخدام المنتجات المعاد تدويرها وطرق مواجهة الرطوبة داخل المبنى. وبما أن تكاليف البناء ما زالت مرتفعة بالنسبة لمعظم سكان الأكواخ، يقوم معهد التنمية المستدامة وشركاءه بالتشاور مع المصارف لمعرفة إمكانية توفير قروض للملاك المحتملين. ويقوم معهد التنمية المستدامة أيضاً بدراسة ما إذا يمكن استخدام وحدات الطاقة الشمسية كنظام للبنية التحتية الأساسية للمستوطنات غير الرسمية لأنها أرخص بكثير في الإنشاء والتشغيل من البنية التحتية التقليدية للطاقة. وأضاف ويسيلز أن "الناس لن يضطروا لشراء نظام الطاقة الشمسية لأنها ستكون بنية تحتية يملكها المجلس البلدي. ولكنهم سيقومون بدلاً من ذلك بدفع رسوم لاستخدامها ستبلغ حوالى 80 راند (9.27 دولار) في الشهر".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 29/تشرين الأول/2012 - 13/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م