فلسطين... بين نار اسرائيل ورمضاء العرب!

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: تزداد معاناة الشعب الفلسطيني يوما بعد يوم وسط انشغال العالم بمستجدات الأحداث المتتابعة على الصعيدين العربي او العالمي، فبعد ان كانت القضية الفلسطينية ومظلومية الشعب هي اول واهم القضايا العربية أصبحت اليوم شيء هامشي خصوصا بعد التطورات والمستجدات السياسية التي أعقبت ما بت يعرف بثورات الربيع العربي التي أسهمت أيضا بنشوب صراع عربي متبادل بسبب تدخلات بعض القادة العرب الذين يخططون الى إبعاد شبح التغير عن بلدانهم وسارعوا الى دعم المجاميع المسلحة بكل الوسائل والسبل ابتداء من تجنيد وسائل الأعلام الذي ابتعد كل البعد عن معاناة الشعب الفلسطيني وحتى التبرع بالسلاح او المطالبة بتكون قوة عربية خاصة لتحرير تلك البلدان من حكوماتها وهو مطلب خاص بإراقة الدم العربي ولا يشمل تحرير الأراضي المحتلة!

ويرى بعض المراقبين ان تلك الأمور قد أعطت إسرائيل فرصة ذهبية كي تكون هي صاحبة القرار الأول حيث أخذت بتوسع نفوذها على الأراضي المحتلة من خلال استقطاع مساحات إضافية لبناء مستوطناتها غير الشرعية مع استمرارها باستخدام أساليب القوة المفرطة واستخدام الأسلحة المحرمة التي أدت الى قتل العشرات من أبناء فلسطين، وهو ما سيسهم بقتل كل مبادرات وخطط السلام الهادفة للوصول الى تسوية دائمة بين الجانبين ومنها قضية حل الدولتين الذي أصبح احد الحلول المستحيلة بسبب التعنت الإسرائيلي وانحياز أمريكا التي تكيل بمكيالين فيما يخص قوانين الحرية والديمقراطية و حقوق الإنسان.

حل الدولتين

في هذا السياق أعلن مسؤول في الامم المتحدة ان حل أقامة دولة فلسطينية عن طريق المفاوضات يبتعد والوقت يضيق بالنسبة للحفاظ على هذا الحل. وقال مساعد الامين العام للامم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان اثناء مناقشة حول الشرق الاوسط في مجلس الامن الدولي ان حل "اقامة دولتين عن طريق التفاوض يجب ان يبقى اولوية لكننا نخشى ان يكون الباب في صدد الاقفال" على الرغم من التزام الطرفين بمواصلة هذا الطريق.

وتابع فيلتمان ان "النزاع الاسرائيلي الفلسطيني ينحرف بشكل خطير في اتجاه ينبغي تفاديه، الوقت الممنوح لاتخاذ اجراءات بناءة بهدف انقاذ حل الدولتين قد يضيق من الان فصاعدا". وجدد فيلتمان ادانة الامم المتحدة للاستيطان الاسرائيلي و"طلب بالحاح من الحكومة الاسرائيلية العمل بفعالية لتفادي" اعمال العنف التي ينفذها مستوطنون وخصوصا الاضرار التي لحقت بسبعة الاف شجرة زيتون يملكها فلسطينيون منذ بداية العام. ودعا فيلتمان الجهات المانحة الى "ضخ فوري" للمال النقدي لتخفيف الاعباء عن كاهل السلطة الفلسطينية التي "سيصل عجزها الى 1,3 مليار دولار في نهاية العام".

وقد اضفى الرئيس الفلسطيني محمود عباس صفة رسمية في 27 ايلول/سبتمبر في الامم المتحدة على طلبه منح فلسطين صفة دولة غير عضو من الان وحتى نهاية العام بموجب تصويت الجمعية العامة للمنظمة الدولية حيث يبدو ان الغالبية البسيطة مؤمنة لذلك. ويرفض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو المطالب الفلسطينية ويقول انه يريد مفاوضات "دون شروط مسبقة". بحسب فرنس برس.

وخلال المناقشة، اكد الممثل الفلسطيني في الامم المتحدة رياض منصور ان طلب صفة دولية افضل "لا يشكل لا بديلا ولا تناقضا مع عملية السلام". اما سفير اسرائيل رون بروسور فاعرب عن الاسف من جهته لان الفلسطينيين "لا يزالون يسلكون طريقا منفردا في الامم المتحدة بدلا من التفاوض مباشرة مع اسرائيل".

من جانب اخر قال ارون ديفيد ميلر وهو مستشار رفيع سابق في وزارة الخارجية الأمريكية لشؤون عملية السلام بالشرق الأوسط ويعمل الآن في مركز وودرو ويلسون في واشنطن "الفلسطينيون ليست لديهم استراتيجية ولا الاسرائيليون ولا حتى الأمريكيون." وأضاف "الاستراتيجية هي تجنب الاخفاق ومحاولة منع تفجر الوضع. لكن في يوم من الأيام سيحدث الانفجار... وللأسف الوضع سيصبح سيئا قبل أن يسوء أكثر."

وفي مؤشر على كيف يمكن للأوضاع أن تتدهور هاجم آلاف الفلسطينيين قواتهم الأمنية في مدينتي الخليل ونابلس في الضفة الغربة المحتلة احتجاجا على ارتفاع تكلفة المعيشة. وسعت السلطة الفلسطينية على الفور إلى نزع فتيل الأزمة وتراجعت عن رفع الضرائب بينما تابعت اسرائيل الوضع في قلق مدركة أن التوترات تتزايد بعد سنوات من التأزم في عملية السلام الرسمية.

ولم تجر محادثات مباشرة منذ عام 2010 عندما رفض الفلسطينيون استئناف المفاوضات ما لم تعلق اسرائيل البناء الاستيطاني في الضفة الغربية والقدس الشرقية والذي يقولون إنه يقضي على أي احتمال لهم لإقامة دولة لها مقومات البقاء. وقال الأمين العام للأمم المتحدة بان جي مون إن ما يطلق عليه حل الدولتين هو الخيار الوحيد الملائم للسلام لكن استمرار نمو المستوطنات الاسرائيلية يعني أن "الباب ربما يغلق للأبد."

وجمد ساسة موالون لاسرائيل في الكونجرس الأمريكي نحو 200 مليون دولار من المساعدات التي يحتاجها الفلسطينيون بشدة ردا على محاولة العام الماضي ومن المتوقع ان يزيدون الضغط هذا العام. وأصدر البنك الدولي وصندوق النقد الدولي تقارير متشائمة عن الاقتصاد الفلسطيني وحذرا من اضطرابات اجتماعية ما لم يزد التمويل الاجنبي وتخفف اسرائيل من القيود التي تفرضها على التنمية منذ زمن طويل.

وسعت اسرائيل مؤخرا لإنعاش اقتصاد الضفة الغربية وسرعت من نقل الأموال إلى السلطة الفلسطينية وعرضت تقديم خمسة آلاف تصريح آخر للسماح للفلسطينيين بالعمل في اسرائيل حيث الاجور أعلى من تلك التي يتقاضونها في الأراضي الفلسطينية. وتعتقد اسرائيل أن الطريق إلى إقامة دولة لا يتحقق إلا من خلال المحادثات المباشرة وتقول إن الخطوات من جانب واحد هي انتهاك لاتفاقات أوسلو التي وقعت عام 1993 والتي كان من المفترض أن تسفر عن التوصل إلى اتفاق للوضع النهائي خلال خمس سنوات. ويقول الفلسطينيون إن البناء الاستيطاني المستشري قضى على أي فرصة لهم في إقامة دولة متماسكة.

وطلب عباس من حلفائه السياسيين بحث احتمال إلغاء أوسلو والتخلي عن سيطرتهم الجزئية على الضفة الغربية مما يعني إعادة الأرض إلى اسرائيل ورفع تكاليف الاحتلال. واستبعد المحللون مثل هذه الخطوة الجذرية لكنهم يقولون إن مجرد إثارتها يظهر كيف أن الخيارات أصبحت محدودة امام عباس الذي فقد منذ سنوات السيطرة على قطاع غزة لصالح حركة المقاومة الإسلامية (حماس). كما أن تفويض عباس بموجب الانتخابات انتهى عام 2009. بحسب رويترز.

وقال غسان الخطيب وهو متحدث سابق باسم رئيس الوزراء سلام فياض وهو الآن محاضر في الدراسات العربية المعاصرة بجامعة بيرزيت إن القيادة غير قادرة على تحقيق مطالب الناس على أي مستوى. ويشك الخطيب فيما إذا كان عباس سيحقق أي إنجاز ويرى أنه قد ينسحب قبل إجراء الاقتراع لمنح فرصة أكبر لأي كان الذي سيفوز في انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر تشرين الثاني لبذل محاولة دبلوماسية أخرى مع الإسرائيليين.

عباس واولمرت

على صعيد متصل وفي تصريحات قد تحرك الحملة الانتخابية في اسرائيل قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس انه وإيهود أولمرت كانا على بعد "شهرين" من التوصل لاتفاق سلام قبل ان يضطر اولمرت الى الاستقالة من منصب رئيس الوزراء. وبعد تبرئة اولمرت في الآونة الأخيرة من اتهامات بالكسب غير المشروع والنظر في تحدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الانتخابات البرلمانية التي تجرى في 22 يناير كانون الثاني يسلط أنصاره الضوء على الجهود التي بذلها اولمرت لتحقيق السلام مع عباس في المفاوضات التي تعثرت فيما بعد في ظل ائتلاف نتنياهو اليميني. وقال عباس متحدثا الى ساسة إسرائيليين في الضفة الغربية "عملت بجد مع أولمرت ولسوء الحظ انه استقال فجأة ناقشنا الحدود وتبادل الأراضي وتداولنا الخرائط. كنا قريبين (من بعضنا البعض) وتوصلنا لتفاهمات كثيرة."

وتحدث أولمرت وغيره من المسؤولين المشاركين في تلك المحادثات التي ترعاها الولايات المتحدة عن احراز تقدم على سبيل المثال في تصور لحدود جديدة تفصل بين إسرائيل ودولة فلسطينية جديدة. وكان عباس وأولمرت سيجدان صعوبة في إقناع المتشددين في الجانبين بتأييد أي خطة للسلام قد يتوصلان اليها وكان اولمرت في السابق عضوا في حزب ليكود الذي يتزعمه نتنياهو الان لكنه انضم إلى حركة كديما التي قادها في الحكم اعتبارا من عام 2006.

وفي منتصف عام 2008 أعلن استقالته بسبب اتهامات بالفساد لكنه ظل قائما بأعمال رئيس الوزراء حتى فاز نتنياهو بالانتخابات البرلمانية في أوائل عام 2009 قبل ان يغادر أولمرت المنصب. وعلق عباس المحادثات بسبب الحرب التي شنها اولمرت على قطاع غزة في أواخر عام 2008 في اطار المواجهة بين اسرائيل وخصوم عباس الفلسطينيين في حركة المقاومة الاسلامية (حماس). بحسب رويترز.

ويقول مساعدون اولمرت (67 عاما) انه ينظر في العودة إلى النشاط السياسي منذ تبرئته إلى حد كبير في يوليو تموز من التهم الموجهة إليه وصدور حكم عليه بالسجن مع وقف التنفيذ وهو ما لا يمثل عقبة قانونية تعوقه عن خوض الانتخابات. ولم يصل عباس الى حد تأييد اولمرت وقال ان الانتخابات "قضية إسرائيلية داخلية ويريد الفلسطينيون اقامة دولة في الضفة الغربية وقطاع غزة عاصمتها في القدس ودعا نتنياهو لاجراء الانتخابات قبل عدة أشهر من موعدها وترشحه استطلاعات الرأي بقوة للاحتفاظ بالسلطة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 21/تشرين الأول/2012 - 5/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م