الشراهة السياسية... من القاموس السياسي العراقي المعاصر

حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: على قناة البغدادية وفي فترتها الإخبارية والتي تبث في التاسعة مساء كل يوم، أجرى مقدم الفترة لقاءا عبر الفيديو مع النائب كاظم الشمري عن العراقية البيضاء، وكانت التساؤلات التي طرحها المقدم على ضيفه تتعلق بقانون البنى التحتية وأسباب الشد والجذب التي دارت حوله. احتوى حديث النائب على جملة أمور هي على الشكل التالي:

مجلس النواب العراقي الوحيد بين مجالس العالم تنتقل خلافاته الى الإعلام وبالتالي الى الشارع، وهذه حسب رأي السيد النائب لايمكن الموافقة عليها.

نواب الكتل أصدقاء حميمون داخل أروقة المجلس وأعداء أشداء في وسائل الإعلام.

هناك لجان عدة تشكلت لدراسة القانون المذكور وقدمت عددا من التوصيات على عكس مايتناقله الإعلام حول رفض الكتل الممثلة في هذه اللجان للقانون. والاهم من ذلك ان السيد النائب قد نحت مصطلحا جديدا في توصيف الحالة السياسية في العراق واسماه بالشراهة السياسية.

فيما يتعلق بالنقطة الأولى، أصبحت من البديهيات ان تنتقل الخلافات والمشاكل السياسية للكتل والنواب الى وسائل الإعلام، وهناك من يلوح بالملفات او الفضائح في تصريحاته العديدة لتلك الوسائل. السيد النائب يرفض ذلك التداول الإعلامي للخلافات السياسية، وبالتالي انتقالها الى أحاديث المواطنين اليومية. وكان السيد النائب لايريد ان تكون هناك سلطة رابعة تكشف وتؤشر للخلل ومواطن الفساد داخل جسد العملية السياسية.

هذا من جهة، من جهة ثانية ليس كل الإعلام قائم على نشر الغسيل القذر للمتعاطين بالشأن السياسي، فهناك إعلام يترفع ان يكون بوقا او طبل صفيح لجهة سياسية معينة، وهو في تعاطيه مع الشأن السياسي يحاول قدر الإمكان ان يكون محايدا في نقل الإخبار او التقارير. وعطفا على هذه النقطة، ذكر السيد النائب، ان أعضاء البرلمان العراقي، لايتحدثون بلغة البرامج التي يجب نقلها الى ناخبيهم، بل هم يتحدثون بلغة هؤلاء الناخبين وما تحمله من فوضى وتعميم على الأداء السياسي، وهي تعني في ما تعنيه غياب القيادة السياسية التي تضع البرامج وتروج لها.

النقطة الثانية، النواب أصدقاء في الداخل وأعداء في الخارج، وهو توصيف حقيقي لحالة عدم الثقة او الازدواجية في الشخصية، أكثر مما هي حقيقة موضوعية. وهي أيضا ترتبط بالأصوات وجهتها وانتماءاتها التي أوصلت النواب الى قبة البرلمان. فالعضو البرلماني، وهو ما يفهم من كلام الضيف، يكون صاحب لغة وسلوك سياسي ينسجم مع المفردات الأخلاقية للداخل البرلماني، لكنه أمام وسائل الإعلام ينساق خلف الغرائز السياسية للناخبين.

وبالتالي هو يعطي للصداقات حقها من الاحترام والتوقير، لكنه أمام وسائل الإعلام لايملك غير التحقير والتهديد لأصدقائه حرصا على صورته أمام جمهور الناخبين، وهو جمهور يتمتع بحق الإيصال او الإسقاط للعضو البرلماني مرة واحدة كل أربعة أعوام.

النقطة الثالثة تتعلق باللجان التي تشكلت لدراسة قانون البنى التحتية، وهي لجان ليست محايدة او مستقلة، فهي تتبع بالضرورة كتلها داخل البرلمان، وهي أيضا لاتستطيع الخروج عن النص السياسي لتلك الكتل، فكل لجنة او عضو فيها ينظر الى مصالح كتلته التي هي قطعا تتعارض مع مصالح بقية الكتل، فما تريده دولة القانون ليس مثل ما تريده القائمة العراقية، او التحالف الكردستاني، وهي مايصل بنا الى المصطلح الذي نحته النائب وهو الشراهة السياسية في توصيفه لحالة الطلبات المتزايدة التي تتقدم بها الكتل كلما تم تقديم مشروع قرار الى مجلس النواب من قبل رئاسة الوزراء.

لم يعرف مثل هذا المصطلح في أدبيات السياسة منذ اختراع مفردة سياسة وممارستها. يوجد هناك مصطلح الشراهة العصبية والتي تعرف باسم (البوليميا)، والشراهة الى الأكل وهو الرغبة المفرطة للطعام على الرغم من الشعور بالشبع، و ذلك لعوامل نفسيه وهرمونية تختلف من حاله لأخرى و تحتاج لعلاج مختلف بالتأكيد، و يمكن أن تستمر حاله الشراهة لفترة ثم تتوقف أو يمكن أن تستمر مسببة للمريض أمراض كثيرة بسبب البدانة.

ويعتقد أن نسبة وجود مرض الشراهة في تناول الطعام بين النساء والرجال من 9 الى 1 حيث أن 90 % من المصابين بهذا المرض من النساء. ويبدأ هذا المرض في الظهور بين النساء في سن تتراوح من الخامسة عشرة الى الثامنة عشرة وبين الرجال في سن تتراوح بين الثامنة عشرة الى السادسة والعشرين من العمر. وينتشر هذا المرض بين أفراد الطبقات الاجتماعية المرتفعة وفي البيض أكثر من الملونين وفي المجتمعات الغربية أكثر من المجتمعات الشرقية.

هذا ويصاحب مرض الشراهة في تناول الطعام كثيرا من الاضطرابات النفسية مثل اضطرابات المزاج والقلق بأنواعه وسوء استعمال العقاقير واضطرابات الشخصية ومن أهم الاضطرابات النفسية المصاحبة التي تسبق الشراهة في تناول الطعام فقدان الشهية العصبي وفي هذا المرض يصاب المريض بنوبات من القي عقب تناول الطعام وانخفاض في الوزن وانقطاع الطمث عند النساء وهبوط في الحالة العامة أحيانا يحدث هذا المرض وهو فقدان الشهية العصبي عقب الإصابة بالشراهة في تناول الطعام ويكون ذلك ناتج عن اضطراب في صورة الجسم في المخ ففي حالة الشراهة يكون الإحساس بالنحافة الشديدة اما في حالة فقدان الشهية العصبي فتكون صور الجسم هي الحجم الكبير أو الإحساس بالسمنة ومن أهم الاضطرابات النفسية المصاحبة هو الاعتماد على المواد المخدرة او إدمان المواد المخدرة وكذلك بعض المرضى كانوا يعانون من انخفاض في نسبة الذكاء الى درجة التخلف العقلي ومرض الفصام والإصابة في الغير متزوجين أكثر منها في المتزوجين وقد يرجع ذلك الى عدم وجود السفر والجو الأسرى الذي يكون بمثابة العلاج النفسي والتنفيس النفسي وأيضا الأسرة تؤدي الى إشباع كثير من رغبات الفرد واحتياجاته.

وهناك أيضا ما يعرف بالشراهة الى الجنس، وهو ما يعبر عنه بالشبق الجنسي، ويصيب كثير من الرجال وقليل من النساء تبعا لنظرة الطرفين الى الجنس وما يتعلق به نفسيا واجتماعيا وثقافيا.

وأيضا هناك الشراهة الى تحصيل المال وجنيه وهو ما يعرف بالطمع او الجشع، وهو حب من نوع أخر غير ما تعارف عليه الناس من معاني الحب، وقد وصفهم القران الكريم بوصف دقيق بقوله تعالى(ويحبون المال حبا جما).

الشراهة السياسية تسجل كبراءة اختراع للنائب كاظم الشمري عن القائمة العراقية البيضاء مثل كثير من براءات الاختراع لمصطلحات نحتها النواب التي واكبت العملية السياسية منذ العام 2003 وحتى الآن.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 20/تشرين الأول/2012 - 4/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م