المدارس الاهلية تجربة تستحق الدعم

علي حسين عبيد

 

شبكة النبأ: عندما يغيب أو يتلكّأ التخطيط السليم للدولة، تضعف حلقات بناء كثيرة ومهمة، تقع في المقدمة منها، منظومة التعليم بمراحله كافة، حيث تعاني هذا المنظومة من الاهمال والادارة الطائشة، وهو أمر يعيشه التعليم العراقي منذ سنوات، حيث تطفو على السطح مظاهر مثل العنف المدرسي، وتكديس الطلاب في صفوف صغيرة، ومدارس الطين في بعض القرى والاماكن النائية، ناهيك عن أساليب التدريس التي أكل عليها الدهر وشرب.

ومن المعروف أن منظومة التدريس في العراق حكومية بالدرجة الاولى، لذا نجد فيها حلقات ضعف متعددة، لاسيما مع غياب روح المنافسة، وهي ما تقدمها المدارس الاهلية، حيث يبرز دور القطاع الخاص في عملية بناء المدارس بمراحلها كافة ويبدأ باستقطاب الطلبة، ليبدأ بدور المنافسة الايجابية للمدارس الحكومية.

هذه المنافسة التي أخذ تتنامى بمرور الوقت في الميدان الدراسي العراقي، دفعت بالمدارس والجامعات العراقية الى التفكير جديا بتطوير ادواتها ومناهجها وطرق تدريسها وكادرها، اذ أخذت القطاع الخاص يقدم تجارب جيدة في التدريس تتفوق كثيرا على المدارس الحكومية، وتتمثل الفوارق بين التدريس الحكومي والخاص بما يلي:

1- اعتماد السبل العصرية في طرق التدريس بالمدارس الاهلية التي يمولها القطاع الخاص.

2- الابتعاد كليا عن اساليب العنف مع الطلبة، وعدم السماح بتبني أي مبرر لها.

3- الاهتمام بالمنشآت والصفوف وتوابعها، مثل مقاعد التدريس وما شابه.

4- توفير وسائل الايضاح والمختبرات بصورة افضل بكثير مما يتوافر في المدارس الحكومية.

5- التركيز على سلامة العلاقة بين الاستاذ والطالب وتقوية أواصر الثقة بين الجانبين.

تبدو الصفات والملامح الايجابية حاضرة بوضوح في النقاط أعلاه، لذا تشكل حالة ايجابية، تدفع كوادر التدريس الحكومة الى الامتثال بها، ومجاراتها، وبهذا يصبح التدريس الاهلي الذي يديره القطاع الخاص، عنصر قوة ونجاح لمنظومة التدريس الحكومي.

هذا الامر يحتم على الحكومة أن ترعى وتنمّي قدرات التدريس الاهلى، وتتخذ الخطوات الادارية والمالية التي تشجع القطاع الخاص للاستثمار في المدارس الاهلية في مختلف المراحل ابتداءا من الابتدائية صعودا وصولا الى الدراسات الجامعية العلمية والانسانية، ويمكن الاستفادة من تجارب الدول الاخرى في هذا المجال.

فقد اتخذت الدولة الامريكية خطوات حاسمة في مجال دعم التدريس الاهلي، ولم تتردد في في هذا الجانب، وقد وفرت فرصا كثيرة وكبيرة لدعم القطاع الخاص، وسعت الى تقديم التسهيلات الادارية والمالية الكبيرة لحث المستثمرين في اقامة المدارس والجامعات، حتى بدأ هذا النوع من الدراسة ينافس ارقى الجامعات والمدارس الامريكية، وتطورت حالة ايجابية من المنافسة بين القطاعين الاهلي والحكومي، أسهم في تطوير المجالين من خلال التأثير المتبادل بين الطرفين فيما يتعلق بأساليب التعليم ووسائل الايضاح والمنشآت الدراسية وسوى ذلك مما يسهم في دفع العملية التعليمية التربوية الى امام.

لذا لابد أن تبادر الحكومة العراقية الى تقديم سلسلة من الاجراءات والخطوات الفعلية، لدعم القطاع الخاص في مجال التدريس الاهلي، لكي ينهض بدوره المطلوب، ويسهم ايضا في تطوير الدراسة الحكومية، أما نوع التسهيلات فهي كثيرة ومتنوعة، أهمها التسهيلات المالية كالمنح والقروض التي تقارب أثمان المباني واجهزة المختبرات ووسائل الايضاح وسواها، بالاضافة الى تسهيل الاجراءات الادارية المختلفة، بما فيها الضريبية التي ينبغي أن تكون رمزية، او تلغى تماما.

علما أن تجربة التدريس الاهلي في العراق، على الرغم من قدمها، لكنها بقيت ضعيفة، أما في الراهن فهي في حالة صيرورة وتطور بطيء، نظرا لتردد القطاع الخاص في الاستثمار بهذا المجال، بالاضافة الى ضعف الخطوات الحكومية اللازمة للاستثمار في هذا الميدان، لذا هناك فرصة حقيقية لتطوير هذا النوع من الدراسة، وينبغي على الجهات المعنية في الحكومة ان تتخذ الاجراءات الفعلية الصحيحة لتطوير التدريس الاهلي وفقا للخطوات التشجيعية التي تم ذكرها آنفا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 17/تشرين الأول/2012 - 1/ذو االحجة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م