تونس وموروث الاستبداد... حقوق تنتهك وسلطة تتغافل

كمال عبيد

 

شبكة لنبأ: كان من المفترض أن تكون تونس التي فجرت ثورات الربيع العربي أكثر دول هذه العربية استقرارا وحماية لحقوق الإنسان، لكن حدث العكس فأصبح أكثرها اضطرابا وانتهاكا للحريات والحقوق، بسبب تواصل مسلسل التعذيب والاغتصاب وتزاحم المشكلات في طريق تقدم الدولة العربية الربيعية، مما يعني أن حقوق الحريات تتجه نحو انتكاسة تحرج الدولة لتدفع الديمقراطية الوليدة إلى حافة الانهيار، في الوقت الذي تتصاعد فيه أزمة الحقوق في اغلب البلدان العربية، مما أثار استياء منظمات حقوقية تونسية ودولية بشأن عدة قضايا حقوقية اهمها قصة الفتاة التي اغتصبها شرطيان وبدورها تحولت إلى "قضية دولة" في تونس، وكذلك استفحال ظاهرة التعذيب في السجون ومراكز الشرطة بشكل كبير بعد الثورة، فضلا عن تقييد الحكومة للحريات الإعلامية، والتي اثارت سجالا بين السلطة التونسية والسلطة الرابعة، من جهتهم قال بعض المراقبين ان الحريات لم تكن يوما محمية في هذا البلد كما هي حاليا، وان تونس ما زالت تتعلم الديمقراطية وان الأمر لا يقتصر على شريحة معينة من المجتمع، وإنما كل التونسيين اللذين يجب عليهم ان يتعلموا كيف تكون الديمقراطية حتى يمكنهم الحصول على الحقوق والحريات المنشودة.

قضية دولة

فقد أعلن التوهامي عبدولي كاتب الدولة المكلف بالشؤون الاوروبية، في باريس، ان قصة الفتاة التي اغتصبها شرطيان تونسيان في الثالث من الشهر الفائت، تحولت إلى "قضية دولة" وسببت "حرجا بالغا" للحكومة التونسية التي تقودها حركة النهضة الاسلامية، وقال عبدولي في مؤتمر صحافي "في الوقت الحالي هناك قضيتا دولة في تونس:السلفية، وملف الفتاة المغتصبة"، وفي الرابع من ايلول/سبتمبر، اعتقلت السلطات ثلاثة شرطيين اتهمت الفتاة اثنين منهم باغتصابها داخل سيارة شرطة في ساعة متأخرة من ليل الثالث من الشهر نفسه، والثالث "بالابتزاز" المالي لخطيبها الذي كان برفقتها، وقد وجه القضاء التونسي إلى الفتاة وخطيبها تهمة "التجاهر عمدا بفعل فاحش" بعد أن زعم الشرطيون الثلاثة انهم ضبطوهما في "وضعية غير أخلاقية" داخل سيارتهما، ما أثار استياء منظمات حقوقية تونسية ودولية اتهمت السلطات ب"تشويه سمعة" الفتاة المغتصبة دفاعا عن وزارة الداخلية التي يتولاها علي العريض القيادي البارز في حركة النهضة، وذكر التوهامي العبدولي أن القضاء وجه التهمة إلى الفتاة وخطيبها بموجب قانون صدر سنة 2004 في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وقال "انها قضية دولة (سببت لنا) وضعية محرجة جدا، لكن ما يمكن عمله لتخطي العدالة؟"، وأضاف "يجب أن نضع على الطاولة تناقضات" القانون ملقيا في المقابل بالكرة في ملعب نواب المجلس الوطني التأسيسي المكلف بصياغة دستور الجمهورية الثانية في تونس. بحسب فرانس برس.

وفي سياق آخر أعلن المسؤول التونسي وهو عضو في حزب "التكتل" شريك حركة النهضة في الحكم،أن التيار السلفي الجهادي يمثل "خطرا وطنيا ودوليا" بعد أن هاجم محسوبون على هذا التيار السفارة والمدرسة الاميركيتين بالعاصمة تونس في 14 ايلول/سبتمبر الفائت خلال احتجاجات على عرض فيلم مسيئ للاسلام انتج في الولايات المتحدة، وأسفر الهجوم عن مقتل أربعة من المحتجين وإصابة العشرات، وقال "السلفيون ليس لهم الخيار، إما أن يحترموا القانون وإلا فلن يكون لهم أي مكان في المجتمع التونسي (..) هناك ما بين 3000 و7000 سلفي في تونس بينهم 800 جهادي"، وأرجع عدم نجاح الامن التونسي في منع الهجوم على السفارة والمدرسة الاميركيتين إلى نقص في "الحرفية" و"التجهيزات".

وأضاف ان الامن اعتقل حوالي 120 سلفيا يشتبه أنهم شاركوا في الهجوم، بينهم "أبو أيوب" أحد زعماء السلفية الجهادية في تونس. وتابع أن "أبو عياض" زعيم تنظيم "أنصار الشريعة" السلفي الجهادي الأكثر تشددا في تونس "سيتم اعتقاله لاحقا ودون أضرار"، وفشلت الشرطة ثلاث مرات في اعتقال "أبو عياض" الهارب منها مند مهاجمة السفارة والمدرسة الاميركيتين، وقال مراقبون ان تونس تخشى ردود فعل عنيفة من أنصار "أبو عياض" في حال اعتقاله. وأضاف التوهامي عبدولي أن السلفية مسألة "دولية" وأن تونس لا يمكنها مجابهتها بمفردها "دون مساعدة من الدول المتوسطية.

التعذيب بعد الثورة

فيما قالت رئيسة منظمة تونسية تعنى بمناهضة التعذيب في البلاد ان التعذيب أصبح ظاهرة مستفحلة في تونس بعد الثورة محذرة من ان استمرار هذا الوضع من شأنه ان يعرقل جهود استعادة رموز النظام السابق الفارين خارج تونس، جاء تحذير راضية النصراوي رئيسة منظمة مناهضة التعذيب بعد ان أعلن محامون وفاة رجل اسمه عبد الرؤوف الخماسي بعد تعذيب بيد قوات امن. وهذه اول حالة وفاة تعلن بعد الثورة التي اطاحت بالديكتاتور السابق للبلاد زين العابدين بن علي الذي استعمل التعذيب ضمن خطط لتركيع خصومه السياسيين.

وقالت النصراوي "بعد الثورة لم يتوقف التعذيب في السجون ومراكز الشرطة.. بل اصبح ظاهرة مستفحلة وهو امر محزن في تونس بعد الثورة."

واضافت "احصينا عشرات من حالات التعذيب في السجون..التعذيب وسوء المعاملة شمل رجالا ونساء واطفالا وكبارا"، وراضية النصراوي هي محامية وناشطة حقوقية أسست المنظمة في عام 2003 وهي احلك فترات قمع نظام بن علي السابق وكانت من اوائل من فضحوا ممارسات التعذيب في سجون النظام السابق، ونتيجة لذلك عانت من الملاحقة البوليسية والضرب وسرقة بيتها ومكتبها. ومنعت من السفر عدة مرات. وظلت هواتفها مراقبة طيلة سنوات مثل أغلب النشطاء في تونس، وقالت النصراوي وفي يديها صور لشبان قالت انهم تعرضوا للتعذيب ان من بين اساليب التعذيب الضرب بالعصي واللكم والسحل مضيفة ان رجال الامن اصبحوا يشعرون بالحماية رغم كل الافعال، واضافت انها حزينة لانها توقعت ان هذه الممارسات ستتقلص بعد الثورة التي جاءت ضد القمع والتعذيب، ومضت تقول "من الغريب ان بعض الاسلاميين عانوا التعذيب ولكن اليوم لا يبدون ارادة سياسية كافية لوقف هذه الممارسات، وعانى العديد من الوزراء في الحكومة الاسلامية من التعذيب في السجون خلال فترة حكم الرئيس السابق. ومات عشرات الاسلاميين تحت التعذيب في تلك الفترة، لكن النصراوي حذرت من ان استمرار التعذيب في تونس بعد الثورة "قد يعرقل محاولات ترحيل المسؤولين في النظام السابق..هذه الممارسات تجعل المخاوف من استعادة رموز النظام السابق مبررة"، وقالت وزارة الداخلية انها اوقفت اربعة أعوان أمن بعد وفاة رجل اثر تعذيبه. وهذه اول مرة يتم ايقاف رجال شرطة بشأن مزاعم بالتعذيب. بحسب رويترز.

وقالت النصرواي ان التعذيب شمل سياسيين ونقابيين ومرتكبي جرائم حق عام ايضا. وذكرت اسماء مريم منور رئيسة "الحزب التونسي" و نبيل العرعاري ومحمد علي ذويب من "حزب العمال"، وذكرت ان رجال امن اغتصبوا فتاة الاسبوع الماضي في الشارع. وقالت وزارة الداخلية انها تحقق في الموضوع، وقالت رئيسة منظمة مناهضة التعذيب ايضا ان بعض السجناء من النظام السابق يتعرضون لسوء معاملة ايضا مضيفة. وحذرت من وجود رغبة للتشفي والانتقام لدى بعض مسؤولي الحكومة الحالية وهو ما قالت انه "امر غير مقبول"، وقالت النصرواي التي رشحها الرئيس المنصف المرزوقي لتمثيل تونس في اللجنة الفرعية لمناهضة التعذيب في الامم المتحدة انه يتعين ان يحصل كل السجناء بمن فيهم المسؤولون السابقون على معاملة انسانية لائقة.

مدينة القصرين

في حين شهدت مدينة القصرين في وسط غرب تونس توترا مع تظاهرات واضراب عن الطعام لاقرباء ضحايا ثورة العام 2011، وواصل عشرات السكان الذين تم اخلاؤهم من مكتب حاكم ولاية القصرين بعد ان احتلوه تعبيرا عن احتجاجهم، تجمعهم السبت في مقر الاتحاد العام التونسي للشغل. واعلن ثلاثة وعشرون من بينهم الاضراب عن الطعام، ويطالب هؤلاء المتظاهرون بالعمل والعدالة وبتعويضات لجرحى واقارب ضحايا الثورة التي اطاحت بالرئيس السابق زين العابدين بن علي في كانون الثاني/يناير 2011، كما يطالب هؤلاء بتنحي الحاكم وهو عضو في حزب النهضة الاسلامي الحاكم المعين مؤخرا والمتهم برفض تولي ملف ضحايا الثورة، وعرضت قنوات التلفزيون المحلية صورا لمتظاهرين يحتلون مكتب الحاكم ويحملون صورا لاقربائهم ممن قتلوا خلال الثورة، وذكرت الحكومة السبت بانه تم تشكيل لجنة مكلفة بتشغيل الجرحى واقرباء الضحايا في القطاع العام. بحسب فرانس برس.

وابدى وزير حقوق الانسان سمير ديلو من جانبه رغبته في تسريع عملية قضائية ترمي الى انشاء لجنة لوضع القائمة النهائية باسماء الضحايا بهدف تقديم تعويضات لذويهم، وتأخرت التعويضات عن قتلى وجرحى الثورة (حوالى 300 قتيل و2000 جريح بحسب تعداد موقت) بسبب تعقيدات الملف، وسبق ان نظم اقرباء ضحايا القصرين، وهي منطقة محرومة ومعقل للثورة (21 قتيلا)، تجمعا استمر اياما عدة في اب/اغسطس في مقر المركزية النقابية.

ضرب الصحافيين

قال محمد البقالي مراسل قناة الجزيرة القطرية بتونس، ان الشرطة التونسية اعتدت عليه بالضرب عندما كان يغطي محاولة اعتقال قيادي سلفي مشتبه في ضلوعه في هجوم استهدف مقر السفارة الأمريكية بتونس الجمعة الفائت، واكد البقالي (مغربي الجنسية) "طلب مني شرطيون الابتعاد عندما علموا أني صحافي، ثم دفعوني بعنف قبل أن ينهال علي شرطي ملثم بالضرب بهراوة".

وأضاف أنه تلقى في وقت لاحق اعتذارات من وزارة الداخلية، وطوقت وحدات خاصة من الأمن والجيش التونسي الاثنين جامع الفتح (وسط العاصمة) لاعتقال سيف الله بن حسين زعيم تنظيم "ملتقى أنصار الشريعة" المتشدد الذي تحصن داخل الجامع.

وألقى بن حسين المعروف في تونس باسم "أبو عياض" خطبة أمام نحو 200 من أنصاره اتهم فيها وزارة الداخلية ب"إخلاء" السفارة الأمريكية من "الحراس" ساعة الهجوم وطالب باستقالة علي العريض وزير الداخلية والقيادي في حركة النهضة الاسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم.

ورفض أنصار أبو عياض تسليمه إلى قوات الأمن التي انسحبت من المكان لأسباب قالت وزارة الداخلية إنها "تكتيكية". بحسب فرانس برس.

وقتل اربعة أشخاص وأصيب 49 آخرون عندما هاجم سلفيون الجمعة الفائت مقر السفارة والمدرسة الأميركيتين بمنطقة ضفاف البحيرة في العاصمة تونس احتجاجا على فيلم مسيء للاسلام انتج في الولايات المتحدة، ولا يخفي أبو عياض (حوالي 50 عاما) تأثره بفكر تنظيم القاعدة، وفي عهد الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي قضت محكمة تونسية بسجن سيف الله بن حسين لفترات تجاوزت 40 اعوام بتهمة "الارهاب"، وتم الافراج عن أبو عياض بعد الاطاحة بنظام بن علي.

خيانة الدولة

قضت محكمة عسكرية تونسية بسجن أيوب المسعودي، المستشار الاعلامي السابق للرئيس التونسي منصف المرزوقي، أربعة أشهر مع وقف التنفيذ بعدما اتهم وزير الدفاع عبد الكريم الزبيدي، وقائد أركان الجيوش الجنرال رشيد عمار ب"خيانة الدولة"، وقررت المحكمة رفع القرار الذي أصدرته في في 15 أغسطس/آب الماضي بمنع سفر المسعودي، الذي يقيم في فرنسا مع عائلته، وبدات محاكمة المسعودي في 22 أغسطس/آب الماضي، في جلسات مغلقة، بعدما رفع عليه عمار دعوى قضائية عسكرية بسبب تصريح صحفي اتهمه فيه ب"خيانة الدولة"، ووجهت المحكمة إلى المسعودي تهمتي "تحقير الجيش والمس من هيبة المؤسسة العسكرية" و"نسبة أمور غير حقيقية إلى موظف عمومي"، وتصل العقوبة القصوى للتهمة الاولى إلى السجن ثلاث سنوات مع النفاذ والثانية السجن سنتين، بحسب القانون التونسي، وقال المسعودي إن الحكم الصادر بحقه كان رحيما نسبيا، نتيجة "ضغوطات" جماعات حقوقية ووسائل إعلام نددت بمحاكمته، واعتبر أن الحكم "يكرس تقديس المؤسسة العسكرية وقائدها الجنرال رشيد عمار" وأن محاميه سيطالبون باستئنافه موضحا انه سيطالب من محكمة الاستئناف العسكرية إعادة محاكمته أمام محكمة مدنية، وفي 15 تموز/يوليو الماضي اتهم المسعودي في مقابلة مع تلفزيون "التونسية" الخاص، وزير الدفاع، وقائد أركان الجيش ب"خيانة الدولة" و"خيانة رئيس الجمهورية القائد الأعلى للقوات المسلحة" بعدما أخفيا عن الرئيس منصف المرزوقي نبأ ترحيل الحكومة في 24 حزيران/يونيو الماضي رئيس الوزراء الليبي الأسبق البغدادي المحمودي إلى ليبيا، وقال المسعودي ان وزير الدفاع وقائد أركان الجيوش رافقا يوم تسليم البغدادي المحمودي، رئيس الجمهورية في رحلة على متن مروحية عسكرية إلى جنوب البلاد للاحتفال بعيد الجيش، لكنهما لم يبلغاه بتسليم المحمودي رغم علمهما بالموضوع.

وذكر بأنه طالب عندما كان مستشارا للمرزوقي باقالة وزير الدفاع "الذي يخضع لسلطة رئيس الجمهورية"، وسلم حمادي الجبالي رئيس الحكومة التونسية وامين عام حركة النهضة الإسلامية التي تقود الائتلاف الثلاثي الحاكم في تونس، البغدادي المحمودي إلى ليبيا دون علم أو موافقة المرزوقي الذي عارض تسليمه، ما فجر ازمة سياسية غير مسبوقة بين رئاستي الجمهورية والحكومة، وفي 28 حزيران/ يونيو الماضي استقال المسعودي من منصبه احتجاجا على سياسة حكومة الجبالي، وطالب محامون ووسائل إعلام بإلغاء "المحاكمات الاستثنائية" التي يحال فيها مدنيون أمام القضاء العسكري. بحسب فرانس برس.

وانتقدت منظمة هيومن رايتس ووتش، محاكمة المسعودي واعتبرت ان التهم الموجهة إليه "تنتهك حقه في حرية التعبير الذي تكفله المادة 19 من الميثاق الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وتونس طرف فيه" مشددة على إنه "يجب ألا يبقى مكان لمثل هذه التهم (...) في تونس الديموقراطية التي تحترم حقوق الإنسان"، ونبهت المنظمة إلى أن القانون التونسي لا يزال يعطي المحاكم العسكرية "صلاحية محاكمة المدنيين" ودعت إلى "جعل صلاحية هذه المحاكم مقتصرة على الجرائم العسكرية الصرفة التي يرتكبها عناصر من القوات المسلحة".

وشددت على أن "الحق في إخضاع المسؤولين الحكوميين للتمحيص والانتقاد يعتبر احد العناصر الأساسية لحرية التعبير، وسمة مميزة للديموقراطية، وضرورة لتعزيز النقاش حول المصلحة العامة".

قطر

على صعيد أخر قررت قطر، وبطلب من تونس، إبعاد صخر الماطري صهر الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، المقيم في الدوحة منذ بداية 2011، بحسب ما اعلنت الرئاسة التونسية، وذلك بالتزامن مع زيارة بدأها الرئيس التونسي المنصف المرزوقي للدوحة، وقالت الخارجية التونسية ان الدوحة طلبت من الماطري مغادرة قطر، وأعلنت الرئاسة التونسية في بيان ان امير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني "اصدر أمرا بإبعاد المسمى صخر الماطري عن الاراضي القطرية" وذلك "بناء على طلب من المرزوقي (خلال) محادثات جرت في الغرض قبل تحوله (صباح الاثنين) إلى الدوحة"، وتستضيف الدوحة أيام 11 و12 و13 أيلول/سبتمبر الجاري "المنتدى العربي لاسترداد الأموال المنهوبة" الذي تشارك فيه بالخصوص تونس ومصر وليبيا واليمن، ولم تذكر الرئاسة التونسية شيئا عن الوجهة التي سيبعد إليها صخر الماطري، وتاريخ إبعاده وإن كان الابعاد مؤقتا أم نهائيا، كما لم توضح ما إذا كانت قطر ستسلم صخر الماطري إلى تونس التي أصدرت بطاقة جلب دولية بحقه. بحسب فرانس برس.

في المقابل قالت الرئاسة التونسية إن "السلطات المسؤولة في الإمارة عبرت عن استعدادها لتقديم كل المساعدة التقنية والقانونية من اجل كشف الارصدة والاموال التونسية المهربة"، وأضافت أن "تونس التي تشكر سمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني على استجابته لطلب شعبي نقله إليه شقيقه الرئيس محمد المنصف المرزوقي، تعتبر ان القرار القطري المسؤول يعبر عن استعداد واضح لمساعدة الشعب التونسي على استعادة ثرواته التي نهبتها عناصر النظام الفاسد طيلة ربع قرن من الحكم وهي تعتبر ايضا ان هذا القرار جاء ليعبر عن حرص الاشقاء في قطر على تفعيل مساعدتهم للثورات العربية"، وتابعت "ومن هذا المنطلق فإن تونس لن تنفك تطالب كل الدول التي تستضيف على اراضيها عناصر فارة من العدالة ومنتمية الى النظام السابق او تحتوي على ارصدة من الاموال المهربة من عرق الشعب تونسي بتسليم تلك العناصر وتلك الارصدة الى الدولة التونسية".

واعتبرت ان "ذلك اقل ما تقتضيه المسؤولية الاخلاقية والسياسية تجاه شعب قاسى من ربع قرن من الاضطهاد والفساد ويسعى الى جمع كل طاقاته من اجل تحقيق التنمية والتشغيل"، وأعلن رياض بلقاضي المدعي العام للشوون الجزائية بوزارة العدل الاثنين أن تونس تواجه "صعوبات" في استرجاع أرصدة مالية منهوبة مودعة في بنوك خليجية ومغاربية، تم تهريبها في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي، وصرح بلقاضي ان بلاده ستقدم خلال مشاركتها في المنتدى العربي لاسترداد الاموال المنهوبة بالدوحة "ملفا متكاملا" يتضمن نحو 60 إنابة قضائية لحث عدة بلدان على اعادة الارصدة التونسية.

فرنسا

من جهته اكد الرئيس التونسي منصف المرزوقي ان تونس "لا تندفع في اتجاه الافراط في الاسلمة"، قائلا انه "مصدوم" و"مجروح" ازاء الصورة التي تنتشر عن بلاده في فرنسا، وذلك في مقابلة نشرها الموقع الالكتروني لصحيفة لوفيغارو، وقال المرزوقي ان "الوضع صعب، معقد (...) لكن تونس لا تندفع في اتجاه الافراط في الاسلمة. ادعاء ذلك ضرب من الخيال"، في وقت تتزايد الحوادث المرتبطة بالحركة السلفية في تونس منذ اشهر، واضاف "احب فرنسا، لكنني حزين، مصدوم، مجروح، ساخط ازاء الصورة المعطاة فيها لتونس، وكأنها بلد يندفع باتجاه الاسلام السياسي، على شفير التحول الى السلفية".

وتابع "اصغر حادث ليس له اي اثر على المجتمع التونسي، يتم تضخيمه، مثل هذا الهجوم المؤسف على مسؤول محلي فرنسي الذي اثار ضوضاء اعلامية. لا اريد القول انه ليس عملا مدانا، لكن هناك ملايين السياح في تونس ولا يتعرضون ابدا لاعتداءات"، وكان مسؤول محلي فرنسي اشتراكي تقدم بشكوى اثر تعرضه لاعتداء عنيف منتصف اب/اغسطس في بنزرت شمال تونس على يد سلفيين لدى تمضيته عطلته مع عائلته. وتقدمت تونس باعتذار من المسؤول الفرنسي ويدعى جمال غربي، وقال المرزوقي ان "هذه الحوادث بلا اهمية لجهة قدرتها على تحويل المجتمع التونسي، لكنها للاسف بالغة الاهمية لجهة قدرتها على الاضرار بصورة تونس"، وردا على سؤال بشأن "النزعة السلطوية" لحزب النهضة الاسلامي الذي يسيطر على الحكومة والمجلس التأسيسي في تونس، تحدث المرزوقي العضو في حزب حليف للاسلاميين عن "محاولة" و"اغراء" ب"السيطرة على عدد من مفاصل الدولة". بحسب فرانس برس.

لكن "حالما نحذرهم، يقومون بالتراجع" بحسب المرزوقي، واضاف الرئيس التونسي ان "مشروع مجتمع تعددي، متسامح، حيث المرأة تساوي الرجل، مجتمع منفتح على العالم وفي الوقت نفسه متمسك بجذوره، (هذا المشروع) ليس موضع تشكيك من النهضة لكن من جناجه اليميني المتطرف، وهي اقلية صغيرة في البلاد، اي السلفيون. هذا المشروع يتعرض ايضا لهجوم قلة قليلة من اقصى اليسار الذين يريدون اعادتنا الى الثورة الثقافية"، وأكد ان "الحريات لم تكن يوما محمية في هذا البلد كما هي حاليا".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 8/تشرين الأول/2012 - 21/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م