جامعة في الضفة الغربية تضع سياسات إسرائيل موضع اختبار

 

شبكة النبأ: أدت خطوة قامت بها الحكومة الإسرائيلية لتحديث وضع مركز ارييل الجامعي في الضفة الغربية المحتلة إلى كيان له وضع جامعي كامل إلى جعل المركز التعليمي القائم منذ 30 عاما في قلب جدل يتمحور حوله الصراع الإسرائيلي الفلسطيني عن دور المستوطنات في تحديد مستقبل الدولة الفلسطينية. ويمثل القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية بمساواة المركز بالجامعات الموجودة في إسرائيل مؤشرا آخر على ان الحكومة الإسرائيلية تعتزم الاحتفاظ بسيطرتها على المنطقة المحيطة بمستوطنة ارييل في أي معاهدة سلام يتم التوصل إليها مستقبلا مع الفلسطينيين.

وتعرض هذا القرار للهجوم من اتجاهات عدة منها الجانب الفلسطيني ومعارضون دوليون للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج إن هذه الخطوة "سترسخ أكثر من وجود المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة وتقيم حاجزا إضافيا للسلام مع الفلسطينيين." كما نشر أكثر من ألف باحث إسرائيلي خطابا مفتوحا على الانترنت قائلين إن من "واجبهم أن يمنعوا محاولة تجنيد الأكاديميين الإسرائيليين لخدمة الاحتلال" ودعوا وزير التعليم إلى وقف عملية التحديث.

بالإضافة إلى ذلك قدم رؤساء سبع من بين ثماني جامعات إسرائيلية التماسا إلى المحكمة العليا لمنع تحديث وضع الكيان الجامعي على أساس أنه سيستنزف الأموال الحكومية المخصصة للكليات البارزة. وما زالت هذه الخطوة في حاجة إلى موافقة نهائية من سلطات الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967. لكن مسؤولين في الجامعة يقولون إن ذلك هو مجرد إجراء شكلي بعد أن أعطت الحكومة الضوء الأخضر.

ويقول مؤيدو هذه الخطوة ومنهم رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إنها تأخرت كثيرا. وقال نتنياهو قبل أن تقترع الحكومة على القرار "ارييل جزء لا يتجزأ من دولة إسرائيل وستظل جزءا لا يتجزأ من دولة إسرائيل في أي اتفاق (مستقبلي) للسلام تماما مثل الكتل الاستيطانية الأخرى." وبعثت إسرائيل بإشارات متضاربة في الماضي حول ما إذا كانت المستوطنة التي يسكنها 17 ألف نسمة ستندرج في الكتل الاستيطانية الرئيسية التي تقول إنها ستبقى تحت سيطرة إسرائيل إلى الأبد. وأضاف نتنياهو "لم تضف جامعة أخرى منذ عشرات السنين. تضاعف سكان إسرائيل (منذ ذلك الحين) هناك رغبة قوية من جانب الشبان في إسرائيل لتلقي التعليم الجامعي."

ويسكن الضفة الغربية نحو 340 ألف مستوطن و2.5 مليون فلسطيني. وكانت المستوطنات التي أعلنت محكمة العدل الدولية أنها غير مشروعة السبب في انهيار المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين عام 2010. وعندما انضم ييجال كوهين اورجاد الذي كان عضوا في الكنيست عن حزب ليكود اليميني والذي يقوده نتيناهو الآن إلى مجموعة صغيرة من أساتذة الجامعات وزعماء المستوطنين في إقامة مركز ارييل الجامعي عام 1982 كان لهما هدفان هما تعزيز المستوطنات اليهودية في المنطقة وتلبية طلب متزايد في اسرائيل على التعليم الجامعي. وقال "كنا نريد أن نضرب عصفورين بحجر واحد."

ووسعت الحكومة الاسرائيلية من المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية على مدى الأعوام الأربعين الماضية في الوقت الذي أصرت فيه على أن وضعها النهائي يجب أن يتحدد من خلال اتفاق للسلام مع الفلسطينيين. وبدأت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق ارييل شارون عملية تحديث وضع مركز ارييل إلى جامعة كاملة عام 2005. وبعد عامين منح ايهود أولمرت رئيس الوزراء التالي المركز وضع "المركز الجامعي" بشكل مؤقت.

وتضم ارييل الآن 13 ألف طالب وتأمل أن تزيد العدد إلى 20 ألفا بحلول عام 2025. ويمتد الحرم الجامعي الذي يقع على بعد نحو 25 دقيقة بالسيارة من تل أبيب على تلال جبلية زاخرة بأشجار الزيتون تطل على قرى فلسطينية ومستوطنة ارييل ذات المجمعات السكنية المرتفعة. وفي حين أن اعتبارات سياسية هي التي قامت بالدور الأساسي في تأسيس الكلية فإن الطلبة والأكاديميين يقولون إن الجانب الأكاديمي هو ما يهمهم.

وقال الدكتور اليكس شيشتر رئيس قسم الكيمياء البيولوجية إن الأساتذة في الكلية يأتون من مختلف الأطياف السياسية. وقال في مختبره وكان يحيط به باحثون مشغولون يرتدون المعاطف البيضاء "الأمر الوحيد الذي يوحدنا هو أننا نريد أن نحدث تقدما في العلم." وأضاف "وجودي هنا ليس له هدف (سياسي). العلم الذي أمارسه هنا هو ذاته الذي سأمارسه في أي مكان آخر." وبالنسبة لأكاديميين آخرين فإن القلق من تحديث وضع ارييل يتركز على الاضطرار لتقاسم جزء آخر من كعكة التمويل الحكومي وما إذا كانت ارييل مؤهلة أكاديميا لتتحول إلى جامعة.

وقالت الاستاذة ريفكا كارمي رئيسة جامعة بن جوريون في جنوب إسرائيل إن تمويل ارييل سيكون في نهاية الأمر على حساب تمويل البحث والتدريس في جامعات أخرى. وأضافت "تحديث هذه المؤسسة يرخص من مصطلح 'البحث الجامعي' ومعايير تلك المكانة." ورفضت ارييل تلك الاتهامات في بيان رد على التماس المحكمة العليا وقالت إن "عصابات رؤساء الجامعات" قلقة من ان تفقد احتكارها.

وقال كوهين أورجاد إن نحو خمسة في المئة من ميزانية ارييل من التبرعات. وتشمل تلك مساهمات من رجال أعمال اسرائيليين بارزين ومتبرعين أجانب. ويقول مسؤولو ارييل إن باقي الميزانية مصدرها الحكومة وشركات تمول مشاريع البحث والتطوير المشتركة.

وفي 13 سبتمبر أيلول أدان المكتب الفلسطيني للتعليم العالي قرار الحكومة الإسرائيلية بتحديث وضع ارييل ودعا الجامعات في أنحاء العالم إلى مقاطعتها. ونقلت وكالة الأنباء والمعلومات الفلسطينية (وفا) عن بيان لوزارة التعليم العالي مطالبة الوزارة "المجتمع الدولي بتحمل المسؤولية القانونية والأخلاقية والامتناع عن التعامل مع المستوطنات الإسرائيلية على أي مستوى كان بالأخص مع ما يسمى بجامعة ارييل." بحسب رويترز.

وقال كوهين أورجاد إنه لا يكترث بمثل هذه الدعوة. لكن باحثي ارييل ممنوعون بالفعل من التقدم بطلبات للحصول على منح من بعض المؤسسات التي لا تمنح المال للأبحاث الإسرائيلية التي تجرى في الضفة الغربية المحتلة. وأضاف أن الروابط التعاونية التي أقامتها ارييل مع جامعات وباحثين في أنحاء العالم سوف تستمر. ومضى يقول "إذا كانوا تعاونوا معنا ونحن كلية وبينما كان لنا وضع جامعي مؤقت فهل تعتقدون أن إطلاق عليها تسمية جامعة ارييل ستحدث معهم فارقا؟ التعاون بين العلماء والمؤسسات يستند إلى مصلحة علمية مشتركة."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 3/تشرين الأول/2012 - 16/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م