تقرير (شبكة النبأ) الدوري لحقوق الإنسان في العالم العربي

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: على الرغم من الإصلاحات السياسية في بلدان الوطن العربي وكذلك الانتفاضات التي شهدتها في عام 2011، لا يزال انتهاك حقوق الإنسان المشكلة الحقيقة والمقلقة جدا، التي تقف أمام تقدم عجلة الحقوق في العالم العربي، بسبب استمرار الانتهاكات القمعية، التي تمارس بمختلف أنواعها، كالاعتقال والاغتصاب وقمع حرية التعبير وغيرها الكثير من الإجراءات التعسفية بحق المواطنين، خصوصا من لدن الدول التي تكيل بمكيالين، فهي تناشد بالحرية وتطالب بالحقوق الإنسانية والمساواة والعدالة الاجتماعية من جهة للدول الخارجية، ومن جهة أخرى تستخدم هذه الدول كل وسائل العنف والاغتصاب والقمع في الداخل، فهي تناقض نفسها بحيث تغض النظر عن انتهاكات صارخة في بلدانها، وتظهر نفسها دولة يسودها احترام حقوق الإنسان أمام العالم، خاصة دول النظام الملكي، وهو ما ينطبق أيضا على العديد من بلدان الربيع العربي التي ينتشر فيها القمع بصورة كبيرة لعدم استقرار نظامها السياسي والاجتماعي نتيجة الحروب، والتقلبات السياسية الممثلة بالربيع العربي.

فعلى الرغم من أن معظم الحكومات والقيادات السياسية تعلن أن برنامجها هو ضمان حقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية، لكنه يظل عمليا غائبا عن برامج الحكومات والمؤسسات المختلفة، وعليه فإن مسار الانتهاكات في العالم العربي يقود الأنظمة العربية الى قمع الحرية وانتهاك الحقوق في ظل وجود هدف حب المال وتغدو ممارسة الدكتاتورية تحت قيادة تقليدية على نحو غير متناسب ضد أولئك الذين هم أقل كفاءة ومفهوميه، وبالتالي فإن حقوق الإنسان وانتهاك الحرية في الوطن العربي تراجعت بشكل كبير وخطير في الآونة الأخيرة، وربما سيبقى هذا الانحدار حتى في المستقبل القريب.

تونس

فقد أثار توجيه القضاء التونسي تهمة "التجاهر عمدا بعمل فاحش" إلى فتاة اغتصبها شرطيان، استياء وغضب حقوقيين وجمعيات نسائية ونشطاء انترنت، اتهموا حركة النهضة الاسلامية الحاكمة بعدم الاكتراث بحقوق النساء في تونس، وفي 4 أيلول/سبتمبر اعتقلت السلطات ثلاثة شرطيين، اثنان اتهما باغتصاب الفتاة داخل سيارتها في ساعة متأخرة من ليل 3 أيلول/سبتمبر، والثالث ب"الابتزاز" المالي لشاب كان برفقتها، وأعلنت وزارة الداخلية ان الشاب "صديق" للفتاة، فيما ذكرت جمعيات حقوقية ونسائية انه "خطيبها" وقالت إن الشرطي الثالث وضع الاغلال في يديه ساعة اغتصاب زميليه للضحية، ويتبع الشرطيون الثلاثة مديرية الأمن الوطني بمنطقة "حدائق قرطاج" القريبة من قصر الرئيس التونسي وسط العاصمة.

وأفادت ست جمعيات بينها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان (مستقلة) والجمعية التونسية لمناهضة التعذيب (غير حكومية)، في بيان مشترك إن قاضي التحقيق استدعى الفتاة و"خطيبها" لاجراء مواجهة بينهما وبين الشرطيين الثلاثة، وللتحقيق معهما في تهمة "التجاهر عمدا بفحش" التي تصل عقوبتها في القانون التونسي إلى السجن 6 أشهر نافذة.

واعتبرت الجمعيات أن توجيه هذه التهمة لفتاة ورفيقها "يجعل من الضحية متهمة" بهدف "تحميلها مسؤولية الجريمة التي مورست ضدها (..) وترويعها واجبارها هي وخطيبها عن التنازل عن حقهما في التقاضي وثني غيرهما من ضحايا هذه الممارسات عن التشكي"، وطالبت الجمعيات ب"إيقاف كل الضغوط المسلطة على الضحيتين والابتعاد عن كل أساليب التشفي والترهيب"، ودعت "جميع ناشطات وناشطي المجتمع المدني الذين يؤمنون بالحقوق الإنسانية للنساء وبمناهضة العنف ضدهن للتجند للوقوف والتضامن مع هذه المواطنة حتى ينصفها قضاء تونسي نريده مستقلا".

وكان خالد طروش الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية التونسية أعلن في مؤتمر صحافي أن الشرطة ضبطت الفتاة مع صديقها في سيارة وهما في "وضع غير اخلاقي" ما أثار موجة انتقادات، وقالت الجمعيات "نعتبر تصريحات الناطق الرسمي باسم الداخلية تبريرا للعنف لا يمكن قبوله، وأن ما تتعرض له الضحية حاليا هو عنف مضاعف يضرب ابسط الحقوق الانسانية".

وتابعت "في هذه الظروف التي تمر بها البلاد، نتساءل عن جدية الحكومة في تنفيذ الخطة الوطنية للوقاية من العنف المسلط على النساء ومدى استيعاب هذه الخطة من طرف جميع المتدخلين من مؤسسات حكومية ومجتمع مدني"، وبحسب منظمات المجتمع المدني، فقد تم تأجيل الاستماع إلى الفتاة ورفيقها إلى الثاني من تشرين الاول/أكتوبر القادم، وأطلق نشطاء انترنت حملة "تضامنية" مع الفتاة دعوا فيها الى التظاهر في التاريخ نفسه أمام المحكمة الابتدائية بالعاصمة تونس. بحسب فرانس برس.

ووصف هؤلاء وزارة الداخلية تهكما ب"وزارة الاغتصاب الشرعي" ونشروا على صفحات الفيسبوك تعاليق عدة مثل "هي اغتصبوها ثم اتهموها" و"اصمتوا، الشرطة تغتصب التونسيات".

ودعت كريمة سويد نائبة المجلس الوطني التأسيسي عن حزب "التكتل" اليساري، شريك حركة النهضة الاسلامية في الائتلاف الثلاثي الحاكم، حزبها إلى التوقف عن مساندة الحكومة، وكتبت على صفحتها الخاصة في الفيسبوك "ان قضية الاغتصاب واتهام الضحية كانت القطرة التي أفاضت الكأس"، وتشتكي تونسيات من مضايقات الشرطة لهن منذ وصول حركة النهضة الاسلامية إلى الحكم، وتولي علي العريض القيادي في الحركة وزارة الداخلية، واتهم معارضون الشرطة التونسية بالتحول إلى "شرطة دينية للامر بالمعروف والنهي عن المنكر" منذ وصول النهضة إلى الحكم، وفي يوليو/تموز الماضي أعلنت المترجمة وعارضة الازياء رأفة العيادي ان شرطة حدائق قرطاج اعتقلتها في ساعة متأخرة من الليل عندما كانت عائدة إلى منزلها في سيارة أجرة، و"اعتدت عليها بالعنف اللفظي ووصفتها بأبشع النعوت وانتقدت طريقة لباسها وقيدتها بالأغلال وأجبرتها على التوقيع على محضر دون السماح لها بقراءته" قبل إطلاق سراحها.

وأوضحت المترجمة أنها قررت مع فتيات تعرضن لاعتداءات مماثلة من قبل الشرطة رفع "ملف" بهذا الشأن إلى المجلس الوطني التأسيسي الذي يعكف على صياغة دستور جديد للبلاد.

وتحظى المراة في تونس بوضع حقوقي فريد من نوعه في العالم العربي بفضل "مجلة (قانون) الأحوال الشخصية" التي أصدرها الرئيس التونسي الراحل الحبيب بورقيبة في 13 آب/أغسطس 1956 ولا يزال معمولا بها إلى اليوم، وسحبت هذه المجلة القوامة من الرجل وجرمت الزواج العرفي وإكراه الفتاة على الزواج من قبل ولي أمرها، وتعدد الزوجات (رغم أن الاسلام يبيح للرجل الزواج باربع نساء) وجعلت الطلاق بيد القضاء بعدما كان بيد الرجل ينطق به شفويا متى يشاء.

وفي 14 آب/أغسطس الفائت تظاهر الآلاف في مدن تونسية للدفاع عن المكاسب الحداثية التي تحققت للمراة التونسية، وتتهم منظمات حقوقية ونسائية حركة النهضة ذات المرجعية الاسلامية بالسعي الى ضرب المكتسبات الحداثية للمرأة التونسية فيما تنفي الحركة هذه الاتهامات باستمرار.

مصر

من جهتها اتهمت منظمة حقوقية الشرطة المصرية ب"تعذيب مواطن حتى الموت" وقتل اخر "بدم بارد" في قرية بمحافظة الدقهلية شمال القاهرة الاسبوع الماضي معتبرة انه "تطور خطير للغاية" ينذر بتزايد العنف في المجتمع، وقالت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي واحدة من ابرز المنظمات الحقوقية في مصر، في بيان ان "عددا من ضباط قسم شرطة مركز ميت غمر بمحافظة الدقهلية (دلتا النيل) قاموا بقتل وتعذيب وإصابة (عدة) مواطنين 16 ايلول/سبتمبر وفجر اليوم التالي"، واكدت المنظمة، التي استندت الى تحقيق ميداني اجراه باحثوها في موقع الاحداث وجمعوا خلاله "ادلة من بينها شهادات طبية وصور وفيديوهات"، ان ضباطا من قسم شرطة ميت غمر "عذبوا احد ابناء القرية داخل قسم الشرطة حتى الموت لمجرد محاولته تحرير محضر وقتلوا واصابوا مواطنين اخرين لا يحملان سلاحا بدم بارد"، وبحسب بيان المنظمة، فان الوقائع "بدأت مساء الأحد 16أيلول/سبتمبر بقيام قوة من قسم الشرطة بالهجوم على عدد من المقاهي، وضرب المتواجدين فيها وتوجيه السباب لهم وتكسير المحال وهو ما دفع الأهالي إلى أن يعترضوا على هذه المعاملة التعسفية، وتجمهر عدد منهم أمام القسم احتجاجا عليها"، واضافت المنظمة ان "عاطف المنسي، أحد رواد واحد من تلك المقاهي توجه لقسم الشرطة لتحرير محضر ضد احد الضباط فما كان من ضباط وأمناء القسم إلا أن اعتدوا على عاطف بكعوب البنادق، واصطحبوه داخل القسم لتعذيبه. ثم كرروا المشهد نفسه مع مصطفى محمد مصطفى (30 سنة، عامل بإحدى الورش في منطقة "وش البلد") والذي كان بصحبة عاطف وقتها"، وتابعت المنظمة انه تم بعد ذلك تم اطلاق سراح مصطفى محمد مصطفى وعاطف المنسي غير ان الاخير "كان فاقدا للوعي واصطحبه البعض على دراجة بخارية لنقله الى مستشفى قريب من قسم الشرطة إلا أنه توفى من آثار التعذيب قبل وصوله". بحسب فرانس برس.

واوضحت المنظمة انه "اثر وفاة عاطف المنسي اندلعت اشتباكات بين عشرات من الأهالي والشرطة، وتراشق فيها الجانبان بالحجارة وقبل العاشرة مساء خرج ضباط وأمناء من القسم مسلحين بالبنادق والأسلحة الآلية وبادروا بإطلاق الرصاص الحي في الهواء ثم سرعان ما وجهوه مباشرة لأجسام المتظاهرين الأمر الذي أسفر عن مقتل السيد العادل محمد عبد اللطيف (عامل، 24 سنة)، وإصابة رامي محمد بإصابة خطرة كما أصيب آخرون من المارة على الكورنيش بالرصاص الطائش"، وقال الباحث بقسم العدالة الجنائية بالمنظمة في البيان كريم عنارة ان "هذه الواقعة ليست الوحيدة من نوعها بل تعكس بجلاء المنهجية التي تتعامل بها الشرطة على نحو أقرب لعصابة مسلحة تحاول فرض سيطرتها بالعنف على المجتمع وتوجد مؤشرات لتكرارها في أكثر من منطقة، وأحداث التعذيب والقتل تزداد يوما بعد يوم"، وحذر عنارة من ان "هذا التطور خطير للغاية، وإذا لم يواجه من قبل الدولة وتنتج عنه مراجعة شاملة للسياسة الأمنية وإعادة هيكلة لوزارة الداخلية فسوف تزداد حالات العنف وتزداد إراقة الدماء، يذكر ان اعادة هيكلة وزارة الداخلية مطلب رئيسي للناشطين الذين اطلقوا الثورة التي اطاحت الرئيس السابق حسني مبارك في 11 شباط/فبراير 2011، وكان مقتل الشاب خالد سعيد على يد الشرطة في حزيران/يونيو 2010 من العوامل الرئيسية التي اججت الغضب ضد نظام مبارك ودفعت ناشطين مثل وائل غنيم الى تأسيس صفحة كلنا خالد سعيد التي اكتسبت شعبية كبيرة ادت الى الاستجابة لندائها بالمشاركة في الثورة ضد النظام السابق، في الوقت ذاته افاد مصدر قضائي ان شكوى رفعت ضد 12 شخصية مصرية بينها الكاتب علاء الاسواني والناشط وائل غنيم، تتهمها ب"التحريض على اسقاط الدولة" و"تشويه صورة" القوات المسلحة التي تتولى الحكم، واضاف المصدر ان الشكوى رفعها شخص وتحمل تواقيع اكثر من 700 اخرين وقد نقلتها النيابة العامة الى النيابة العسكرية التي ستحكم بما اذا كان يمكن قبولها بعد استجواب الشاكين ودراسة الوثائق المرفقة بها، والشخصيات ال12 المعروفة بالتزامها بالديموقراطية وبحقوق الانسان، متهمة ب"التحريض على اسقاط الدولة، واثارة الفتن وتشويه صورة القوات المسلحة" التي تولت السلطة منذ رحيل حسني مبارك العام الماضي تحت ضغط الشارع. بحسب فرانس برس.

واضافة الى الاسواني وغنيم، هناك ايضا شخصيات مستهدفة منها المرشحة الى الانتخابات الرئاسية بثينة كامل ومقدمتا البرامج التلفزيونية ريم ماجد ويسري فودا اضافة الى الناشطين جورج اسحق ونوارة نجم واسماء محفوظ، وتدل هذه الشكوى على مناخ التوتر في مصر حيث يتهم الناشطون المطالبون بالديموقراطية العسكر بانهم يسيئون ادارة المرحلة الانتقالية وقمع حرية التعبير، لكن قسما من السكان يدافعون عن المجلس العسكري باسم الاستقرار، وواجه المجلس الاعلى للقوات المسلحة انتقادات حادة من قبل منظمات للدفاع عن حقوق الانسان لانه احال الاف المدنيين امام محاكم عسكرية لتهم اعتداء او اغتصاب وكذلك شتم قادة عسكريين في السلطة، وهكذا فقد حكم على المدون مايكل نبيل بالسجن ثلاثة اعوام من قبل محكمة عسكرية لانه انتقد الجيش على مدونته قبل ان يتم تخفيف عقوبته الى السجن عامين. وحصل اخيرا على عفو في ختام عشرة اشهر من الاعتقال.

المغرب

من جهته قال خوان مينديز مقرر الامم المتحدة الخاص بشأن التعذيب ان التعذيب ضد الاشخاص المشتبه بارتكابهم جرائم امن عام في المغرب ممنهج وحث الرباط على ان تنهي بسرعة سوء المعاملة في السجون ومراكز الاحتجاز التابعة للشرطة، وفي ختام مهمة نادرة لتقصى الحقائق بناء على دعوة السلطات المغربية قال مينديز للصحفيين انه توجد ايضا ادلة على تعذيب المحتجزين في السجون ومراكز الاعتقال في منطقة الصحراء الغربية المتنازع عليها التي يسيطر عليها المغرب، وقال مينديز في مؤتمر صحفي ان المعاملة التي "تصل لحد التعذيب" تظهر في المغرب خلال "المظاهرات الضخمة" وهي تهديد متصور للامن العام او ارهاب، واضاف ان "التعذيب يميل لان يكون اكثر قسوة وغلظة وممنهجا بشكل اكبر في قضايا الامن الوطني، وقال ان التعذيب ليس شائعا كما كان يستخدم خلال "العقود الماضية" ولكنه اشار الى ان نتائجه المبدئية اظهرت حالات من "التقارير الموثوق بها" لاستخدام اللكمات والصدمات الكهربائية والحرق بالسجائر، وقال في المؤتمر الصحفي الذي حضره اقارب ناشطين معتقلين ورجال شرطة سريون "بالاضافة الى ذلك لدى سبب قوي للاعتقاد بوجود اتهامات موثوق بها لاعتداءات جنسية وتهديدات بالاغتصاب للضحايا او افراد عائلاتهم واشكال اخرى من سوء المعاملة، وامتنع المتحدث باسم المجلس الوطني الرسمي لحقوق الانسان الذي حضر المؤتمر الصحفي عن التعليق على نتائجه، ولم يتسن الوصول بشكل فوري لمصطفى الخلفي المتحدث باسم الحكومة للتعليق، وندد ايضا محقق الامم المتحدة بزيادة في عمليات "الضرب المبرح والعنف الجنسي واشكال اخرى من سوء المعاملة" للمهاجرين الذين لا يحملون وثائق والذي يأتي كثيرون منهم من الدول الافريقية الواقعة جنوب الصحراء الى المغرب على امل السفر بشكل غير قانوني الى اوروبا، وحث الرباط على التصديق "بأسرع ما يمكن " على البروتوكول الاختياري لاتفاقية مناهضة التعذيب والذي يهدف الى منع سوء معاملة الناس خلال احتجازهم. بحسب رويترز.

وسيقدم مينديز نتائجه وتوصياته مرفقة بردود الحكومة المغربية الى مجلس حقوق الانسان بالامم المتحدة في جنيف في فبراير شباط، والتعذيب جريمة في المغرب ولكن لم يحاكم اي مسؤول علانية على ارتكاب جرائم تتضمن تعذيبا، وقال مينديز انه ربما يتعين على الرباط تعديل تعريف التعذيب "لجعل هذه الجريمة تتفق مع القانون الدولي، وقالت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون في وقت سابق ان المغرب وهو حليف قوي للولايات المتحدة في شمال افريقيا يمكن ان يكون نموذجا يحتذى به في المنطقة بعد ان تمكن من احتواء احتجاجات "الربيع العربي" عن طريق اجراء اصلاحات، لكنها حثت الرباط على اصلاح القضاء وجعل الحكومة اكثر انفتاحا واحترام حقوق الانسان، وحثت منظمة هيومن رايتس ووتش المعنية بحقوق الانسان المغرب على التحقيق في اتهامات بتعذيب الشرطة لناشطين مطالبين بالديمقراطية لارغامهم على الادلاء باعترافات كاذبة.

في سياق متصل افادت المنظمة المغربية لحقوق الانسان ان محكمة الاستئناف في مدينة تازة المغربية (شمال شرق) حكمت الاثنين على شاب مغربي بالسجن ثلاث سنوات ل"اهانة شخص" الملك محمد السادس عبر موقع الكتروني، وجاءت ادانة عبد الصمد الهيدور (24 عاما) بعد اقراره امام المحكمة بانه الشخص نفسه الذي ظهر في شريط مصور عبر الموقع المذكور، واوردت مواقع الكترونية مغربية نشرت الخبر ان محامين رفضوا الدفاع عن الهيدور.

الأردن

من جانب أخر دعت منظمة العفو الدولية السلطات في الاردن الى الافراج الفوري عن ستة اشخاص متهمين ب"اطالة اللسان على مقام الملك"، معتبرة انهم محتجزون لمجرد "ممارستهم حقهم في حرية التعبير"، واعتقل 21 شخصا في اطار التظاهرات التي جرت في محافظة الطفيلة (179 كلم جنوب عمان)، مطلع الشهر الحالي وتخللتها احداث عنف وشغب، ووجه مدعي عام محكمة أمن الدولة الى ستة منهم تهمة "اطالة اللسان على مقام الملك" كما افاد مصدر قضائي في 13 آذار/مارس، ورفض المدعي العام اخلاء سبيل الناشطين مقابل كفالة، فيما اشار المصدر الى انهم يواجهون في حال ادانتهم عقوبة السجن لثلاث سنوات، وقالت منظمة العفو الدولية في بيان انها "تدعو الى الافراج الفوري وغير المشروط عن الناشطين الستة المؤيدين للاصلاح"، مشيرة الى ان اربعة منهم محتجزين منذ نحو شهر تقريبا، واوضحت المنظمة انهم "سجناء رأي محتجزون لمجرد ممارستهم حقهم في حرية التعبير وانه تتم معاقبتهم لارائهم المؤيدة للاصلاح وانشطتهم السلمية"، وشهدت الطفيلة مطلع الشهر الحالي عددا من التظاهرات الاحتجاجية. بحسب فرانس برس.

وقالت مديرية الأمن العام الاردني ان احد افراد الأمن الوقائي تعرض للطعن في التاسع من الشهر الحالي اثناء تظاهرة مطالبة بالاصلاح في الطفيلة، كما شهدت هذه المحافظة تظاهرة احتجاج على اعتقال عدد من الناشطين عقب تظاهرة سابقة لعاطلين عن العمل في المدينة في 5 آذار/مارس الماضي استخدمت خلالها قوات الدرك الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين بعد حدوث اعمال شغبن ويشهد الاردن منذ اكثر من عام احتجاجات مستمرة تطالب باصلاحات اقتصادية وسياسية وبمكافحة الفساد.

على الصعيد نفسه طالبت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الاميركية المدافعة عن حقوق الانسان الثلاثاء الحكومة الاردنية الى اسقاط التهم المنسوبة لنائب اردني سابق معارض متهم ب"التحريض على مناهضة الحكم"، وقالت المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقرا لها في بيان ان "الاتهامات الجنائية المنسوبة الى رجل طالب سلميا بنظام جمهوري في الاردن هي انتهاك لحرية التعبير، ولابد من سحب هذه الاتهامات فورا"، ونقل البيان عن كريستوف ويلكي الباحث في قسم الشرق الاوسط وشمال افريقيا في المنظمة قوله "على الادعاء ان يسقط الاتهامات المنسوبة لاحمد العبادي"، مشيرا الى ان "الملاحقات القضائية من طرف الحكومة للتعبير السلمي عن آلاراء السياسية تخلق مناخ من عدم التسامح"، وكان مدعي عام محكمة امن الدولة الاردنية وجه في الثالث من الشهر الحالي تهمة "التحريض على مناهضة الحكم" للنائب السابق احمد عويدي العبادي (1989-1993 و1997-2001)، وقال مصدر قضائي اردني حينها ان "المدعي العام وجه تهمة +التحريض على مناهضة نظام الحكم+ للعبادي على خلفية تصريحات اطلقها اثناء اعتصام لمتقاعدين عسكريين الشهر الماضي"، واوضح ان "رئيس لجنة المتقاعدين العسكريين وضابطين آخرين تقدموا بشكوى ضد العبادي بعد ان ردد عبارات خلال الاعتصام بينها +ثورة تبدأ من المتقاعدين العسكريين+"، وكانت قوات الأمن القت القبض على العبادي في الثاني من الشهر الحالي، وفي حال ادانته قد يواجه عقوبة تصل الى السجن 15 عاما مع الأشغال الشاقة، واطلق العبادي تصريحات مثيرة للجدل مؤخرا. وقال في لقاء تلفزيوني مسجل على موقع يوتيوب ان "النظام الجمهوري قادم في الاردن خلال مدة اقصاها سنتين"، وكانت محكمة امن الدولة اصدرت في تشرين الاول/اكتوبر 2007 حكما بالسجن سنتين على العبادي بعد ادانته بتهم بينها "النيل من هيبة الدولة" اثر نشره رسالة على موقع الكتروني وجهها الى سيناتور اميركي يتهم فيها نظام الملك عبد الله الثاني ب"الفساد"، واشار العبادي في رسالته حينها الى انتهاكات للحرية الشخصية وحقوق الانسان في الاردن ووصف المملكة بأنها "من اسوأ الديكتاتوريات في العالم".

من جانب آخر، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحكومة الاردنية الى القاء القبض على الشخص الذي طعن المدونة الاردنية الشابة ايناس مسلم في العشرين من الشهر الحالي في عمان، وتعرضت ايناس وهي طالبة في الجامعة الاردنية وناشطة في الحراك الشبابي الى الطعن من قبل شخص مجهول كان يرتدي قفازات وغطاء على الوجه والرأس، حيث قام بالهجوم عليها قرب دارة الفنون في منطقة اللويبدة (وسط عمان)، ودعا ويلكي الحكومة الاردنية الى ان "تركز (جهودها) للعثور على الشخص الذي اعتدى على ايناس مسلم"، كي لايعتقد الناس أنه "لا بأس بالاعتداء على من يكتب ما لا يعجبهم".

السعودية

اعلنت الجمعية الوطنية لحقوق الانسان وهي هيئة غير رسمية، ان عدد المعتقلين في سجون المباحث العامة في السعودية يبلغ حوالى 4400 موقوف بينهم سبع نساء، وكشف تقرير للجمعية ان العدد الكلي للسجناء والموقوفين يبلغ 4396 شخصا بينهم 240 رهن التحقيق و1137 بانتظار احالتهم للادعاء العام و1450 ينظر الادعاء العام في ملفاتهم، ومن العدد الكلي للسجناء والموقوفين احيل 827 الى المحكمة الجزائية المتخصصة و742 تلقوا احكاما و473 تخضع احكامهم للتمييز و269 لم تميز احكامهم، واكد التقرير ان "الجهات المختصة" تتبع اجراءات تتعلق باطلاق سراح الموقوفين من الذين "لم تتلطخ اياديهم بسفك الدماء او على علاقة بالتفجيرات او تكفير الاخرين"، والمرضى الميؤوس منهم. بحسب فرانس برس.

واشار الى ان ادارة السجون تعمل على عدم الخلط بين الموقوفين تجنبا للتاثير في افكار بعضهم، وقد صدر التقرير بعد زيارات قام بها وفد من الجمعية لسجون المباحث في عدد من مناطق المملكة والتقائهم العاملين هناك والسجناء والموقوفين، يذكر ان جمعيات الدفاع عن حقوق الانسان غالبا ما تندد بوجود "عشرات الاف" المعتقلين في السجون السعودية، وكانت جمعية الحقوق المدنية والسياسية في السعودية (حسم) التي اسسها 11 ناشطا حقوقيا واكاديميا عام 2009 اعلنت سابقا ان السلطات "تحتجز دون محاكمة عشرات الاف السجناء لاسباب سياسية".

الإمارات

صرّح ناطق رسمي في شرطة دبي، بأن صالح الظفيري أُلقي القبض عليه بتهمة الترويج بالقول أو الكتابة أو بأية وسيلة أخرى، لأفكار من شأنها إثارة الفتنة، أو الإضرار بالوحدة الوطنية، أو السلم الاجتماعي، ووفقا للإمارات اليوم، أكد المصدر أن «الظفيري سيحال بعد 48 ساعة إلى النيابة العامة»، مشيراً إلى أن «القانون يعاقب مثيري الفتنة، وأن ما قام به المتهم يقع تحت طائلة القانون الاتحادي»، وقال مصدر أمني في شرطة دبي، إن «الظفيري دأب، أخيراً، على توجيـه عبارات تحريضيـة وألفاظ تندرج في إطار تُهم السب والقذف إلى حكام الدولة، ما دفع شرطة دبي إلى القبض عليه، بموجب قرار من النيابة العامة»، وشرح المصدر أن «القضية جنائية بحتة، وتم اتخاذ الإجراءات فيها وفق قوانين الدولة»، وقال إن «شرطة دبي جهة تنفيذ لقرارات الجهات القضائية المختصة». وأضاف أن «شبكات التواصل الاجتماعي باتت ذات أهمية بالغة، وأثبتت قدرة كبيرة على التأثير خلال الفترة الأخيرة، لكن لا يُفترض أن يسيء البعض استغلالها بالتحريض ضد الحكومات، وتوجيه عبارات غير لائقة إلى الحكام، ومسؤولي الدولة». بحسب أريبيان بزنس.

واعتبر أن «هناك اختلافاً كبيراً بين حرية الرأي، التي هي متاحة للجميع، وتوجيه اتهامات وألفاظ يعاقب عليها القانون»، مضيفاً أن «هناك من مستخدمي شبكات التواصل الاجتماعي (فيس بوك) و(تويتر) يعبّرون عن آرائهم بحرية، من دون أن يتعرضوا لأي مشكلات أو مضايقات، لكن في المقابل يجب أن يتحمل كل فرد مسؤولية تصرفاته وأقواله».

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 2/تشرين الأول/2012 - 15/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م