التطور الصناعي هل يفضي الى نهاية الارض؟

 

شبكة النبأ: يخشى الكثير من العلماء والباحثين من اتساع الاخطار الناتجة بسبب التغيرات المناخية التي باتت تؤثر بشكل سلبي على الحياة بصورة عامة مؤكدين في الوقت ذاته على ضرورة ايجاد الحلول السريعة والمناسبة في سبيل تحديد تلك المخاطر، التي تتزايد بشكل مخيف نتيجة التطور الصناعي والارتفاع المتزايد لاستهلاك الوقود وهو ما يؤدي الى ارتفاع نسب الغازات المتصاعدة في الغلاف الجوي و يتسبب بارتفاع معدلات درجة الحرارة وهو ما سيؤدي الى تغيرات مناخية اخرى، وفي هذا الشأن قال تقرير أعدته منظمة (دارا الانسانية) بتكليف من 20 حكومة إن أكثر من مئة مليون شخص سيموتون وسينخفض النمو الاقتصادي العالمي بنسبة 3.2 في المئة من الناتج الاجمالي المحلي بحلول عام 2030 اذا فشل العالم في حل مشكلة تغير المناخ. وجاء في التقرير انه مع ارتفاع درجة الحرارة نتيجة للانبعاثات الغازية المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري ستهدد تأثيرات الظاهرة على كوكب الارض السكان وأسباب العيش.

ومن بين هذه التأثيرات ذوبان القمم الجليدية والظواهر الجوية الحادة من جفاف وارتفاع مناسيب البحر. وقدر التقرير ان خمسة ملايين يموتون سنويا بسبب تلوث الهواء والجوع والامراض نتيجة تغير المناخ واعتماد الاقتصادات بدرجة كبيرة على احراق الكربون وقال ان حجم الخسائر في الارواح قد يرتفع على الارجح الى ستة ملايين في العام بحلول عام 2030 اذا استمر النمط الحالي في استخدام الوقود الاحفوري. بحسب رويترز.

وقال التقرير الذي درس أثر تغير المناخ على الانسان والاقتصاد في 184 دولة عام 2010 وعام 2030 ان أكثر من 90 في المئة من هذه الوفيات سيحدث في الدول النامية. وكلف منتدى المناخ الهش الذي يضم في عضويته 20 دولة نامية يهددها تغير المناخ منظمة دارا بإعداد التقرير. وقال التقرير "من المتوقع ان تؤدي الازمة المزدوجة للمناخ والكربون الى موت مئة مليون من الآن وحتى نهاية العقد القادم.

ويعتبر التغير المناخي الناجم عن النشاطات الصناعية مسؤولا عن ازدياد وتيرة فصول الصيف الحارة جدا، والوضع هو بعد أسوأ مما كنا نتصوره قبل 20 عاما، على ما أكد العالم الاميركي جيمس هانسن في مقال نشرته صحيفة "واشنطن بوست". وأكد جيمس هانسن مدير معهد "غودارد" للدراسات الفضائية التابع لوكالة الفضاء الأميركية (ناسا) في مقاله انه تم تخطى التوقعات "المتشائمة" بشأن تداعيات الارتفاع المتواصل في درجات الحرارة التي تم التقدم بها إلى مجلس الشيوخ الأميركي في العام 1988.

وكتب عالم المناخ الأميركي وهو من العلماء الأوائل الذين حذروا من مخاطر الاحترار المناخي في الثمانينيات "أقر بأنني كنت متفائلا جدا". وتابع "تحققت توقعاتي القائلة ان درجات الحرارة العالمية سترتفع، لكنني لم أنجح في تحديد سرعة متوسط الارتفاع الذي من شأنه أن يؤدي إلى أحوال جوية قصوى". وبالنسبة إلى هذا العالم وزملائه، تظهر تحليلات درجات الحرارة خلال السنوات الستين الأخيرة "ارتفاعا لافتا في وتيرة فصول الصيف الحارة جدا". بحسب فرنس برس.

وقد شرح العالم أن هذه التحليلات لا تستند إلى توقعات "بل إلى عمليات تتبع حقيقية لظواهر مناخية ودرجات حرارة". واعتبر جيمس هانسن انه من الممكن أن يعزى القيظ الذي شهدته أوروبا في العام 2003 وموجة الحر التي اجتاحت روسيا في العام 2010، فضلا عن موجات الجفاف التي ضربت ولايتي تكساس وأوكلاهوما العام الماضي إلى التغير المناخي. وأضاف ختاما "بعد تجميع المعطيات الكاملة في غضون بضعة أسابيع، من المحتمل أن تنطبق هذه المعادلة ايضا على فصل الصيف الحار جدا الذي تشهده حاليا الولايات المتحدة".

خطرا على الغذاء

في السياق ذاته وقال خبراء في الأمن الغذائي يعملون على فصل في تقرير للأمم المتحدة بشأن الاحتباس الحراري مقرر في عام 2014 إنه ينبغي للحكومات أن تأخذ في حسبانها كيف يمكن أن تؤثر الموجات الحارة أو الجفاف أو الفيضانات على الامدادات من البذور حتى الأطباق الاستهلاكية. وقال البروفسور جون بورتر بجامعة كوبنهاجن "ليس هناك اعتراف ملائم بأننا نتعامل مع نظام غذائي هنا. ان سلسلة كاملة ستتأثر أيضا بتغير الطقس." وأضاف "الأمر أكبر من مجرد وجود موجات جفاف في الولايات المتحدة ستخفض الانتاجية." وقال مثل باقي الخبراء إنه يدلي بآراء شخصية وليس رأي اللجنة التابعة للأمم المتحدة.

وبعد الحصاد يمكن للفيضانات على سبيل المثال أن تجرف الطرق أو الجسور بين الحقول ومصانع المعالجة. أو يمكن أن تتضر مخازن الأغذية بسبب عواصف اشد قوة. وستكون أضرار مثل هذه العوامل أشد على الدول الفقيرة على الأرجح. وقال ديفيد لوبيل البروفسور المساعد بجامعة ستانفورد في كاليفورنيا "هناك مبررات لتوقع المزيد من الارتفاع المتكرر (للأسعار) نظرا لأن الظروف التي تعتبر أشد قسوة ستكون أكثر شيوعا."

غير أن عوامل أخرى قد تكبح الارتفاعات "بينها ردود فعل مثل زيادة مخزونات الحبوب أو تغيير السياسات التجارية." وقال إن ستانفورد تسعى لأعداد نماذج لاحتمال ارتفاع الأسعار لفهم المخاطر. وقال بروس مكارل البروفسور لدى جامعة تكساس ايه آند إم "إنها مشكلة خاصة بالتوزيع.. العالم به ما يكفي من الغذاء لكن عملية التوزيع غير فعالة."

وتسبب أسوأ جفاف في الولايات المتحدة منذ خمسة عقود في ارتفاع أسعار الذرة أكثر من 50 في المئة عنها في اواخر مايو ايار إلى مستويات قياسية فوق ثمانية دولارات للبوشل. وأضر الطقس الحار والجاف أيضا بمحاصيل في جنوب اوروبا. وكان تقرير للأمم المتحدة بشأن الطقس قال في مارس اذار إنه من "المؤكد تقريبا" أن أيام الحر الشديد ستزيد. واضاف أن الأمطار الغزيرة ستزيد كذلك على الأرجح.

ويتوخى الباحثون الحذر في الربط بين موجات مناخية قاسية مثل الجفاف الأمريكي وبين تغير المناخ نظرا لأن الأحداث المناخية من موجات الحر إلى العواصف التاريخية حدثت على مر التاريخ. وعلى الجانب الايجابي بالنسبة لانتاج الغذاء من المرجح أن تساعد زيادة طفيفة لدرجات الحرارة نمو المزروعات بوجه عام.

لكن الفوائد في المدى البعيد غير مؤكدة لاسيما وأن دراسات للأمم المتحدة تقول إن ارتفاع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في طريقه لرفع درجات الحرارة بأكثر من درجتين مئويتين فوق مستويات ما قبل الثورة الصناعية التي حددتها 200 دولة باعتبارها عتبة التغير الخطير. بحسب رويترز.

ومع تزايد تكرار الموجات المناخية القاسية قال الباحثون إنه ستكون هناك خيارات صعبة في ظل زيادة متوقعة في عدد سكان العالم إلى تسعة مليارات نسمة بحلول عام 2050 من سبعة مليارات حاليا. ودعوا إلى زيادة الابحاث على المحاصيل المقاومة للجفاف أو الفيضانات. وقال مكارل "ربما نقترب من نقطة تزداد عندها صعوبة تحقيق تقدم تكنولوجي" في زيادة الانتاجية. وتباطأ النمو السنوي لمحصول الذرة الأمريكي إلى حوالي 1.5 في المئة من حوالي 3.5 في المئة في مطلع السبعينات.

النبات والاحياء البحرية

على صعيد متصل اظهرت دراسة نشرتها مجلة "نيتشر" ان انبعاثات ثاني اكسيد الكربون تستمر بالازدياد سنة بعد سنة الا ان النبات والمحيطات التي تمتص نحو نصف كمية ثاني اكسيد الكربون المنبعث في الاجواء تخزن ايضا كميات اكثر من الماضي. وجاء في تقرير وضعه خمسة باحثين من جامعة كولورادو في بولدر (الولايات المتحدة) "ان "الامتصاص العام لابار الكربون في المحيطات واليابسة تضاعف تقريبا خلال السنوات الخمسين الاخيرة".

وتحدد ابار الكربون المسارات الطبيعية التي تساهم في استخراج ثاني اكسيد الكربون من الجو. وهي تشمل خصوصا المحيطات التي تخزن الكربون في اعماقها والنبات والغابات. ونصف انبعاثات ثاني اكسيد الكربون تمتصها هذه الابار. وقدرة هذه العملية وتطورها موضع نقاش اذ اشارت دراسات اخيرة الى تراجع في قدرتها على الاستيعاب على ما قال الباحثون الذين يشددون على اهمية تقييم هذه الظاهرة على الصعيد الكمي من اجل توقع تطورات المناخ بشكل افضل

ومن خلال تحليل قياس تركز الكربون في الاجواء على مر السنين ومع اخذ الانبعاثات الناجمة عن النشاط البشري بالحسبان تمكن العلماء من تحديد الامتصاص الصافي السنوي العام لليابسة والمحيطات بالارقام.

واعتبر الباحثون ان القدرة على الامتصاص تضاعفت خلال خمسين عاما منتقلة من 2,4 مليار طن سنويا من الكربون في 1960 الى خمسة مليارات في 2010. وقال آشلي بالنتاين احد معدي الدراسة " لا نتوقع ان يستمر امتصاص الارض لثاني اكسيد الكربون بالارتفاع الى ما لا نهاية ولا تتوافر لدينا الان عناصر تشير الن ان ابار الكربون هذه تضعف". واكد ان "نسبة نمو ثاني اكسيد الكربون في الجو تستمر بالارتفاع لان الانبعاثات الاحفورية تتسارع وليس لان قدرة ابار الكربون تتراجع".

وامتصاص النبات والمحيطات لثاني اكسيد الكربون مرتبط بجزء كبير منه بضغط ثاني اكسيد الكربون في الجو ومن المنطقي الى مستوى معين ان يؤدي ازدياد انبعاثات هذا الغاز الى ارتفاع في امتصاص هذه الابار له على ما شدد الباحث. وتبقى اسئلة لم توفر هذه الحسابات لها جوابا مثل توزع الامتصاص العام بين المحيطات والنبات على ما اشار الباحث اينغبورغ ليفين في تعليق منفصل نشرته "نيتشر" ايضا. بحسب فرنس برس.

واوضح الباحث من جامعة هايدلبرغ (المانيا) "ثمة فارق كبير بين ان يكون الكربون مخزنا في ابار مثل اعماق المحيطات حيث يمكن ان يبقى محتجزا لمئات او الاف السنين او ان تمتصته غابات ناشئة حيث يبقى سنوات او عقودا قليلة قبل ان ينتقل مجددا الى الاجواء".

الى جانب ذلك قال علماء إن زيادة حموضة مياه المحيطات الناجمة عن تغير المناخ تعوق نمو أصداف المخلوقات البحرية من الرخويات إلى قنافذ البحر وسيكون هذا الاتجاه على الارجح أشد وطأة في المناطق القطبية. وربما يعطل ضعف الأصداف الواقية لبلح البحر والمحار والكركند وسرطان البحر السلاسل الغذائية البحرية من خلال جعل المخلوقات أكثر عرضة لهجمات الحيوانات المفترسة الأمر الذي قد يقلل المأكولات البحرية التي يتناولها البشر.

وقال المركز البريطاني للمسح القطبي في بيان عن النتائج "تشير النتائج إلى أن زيادة الحموضة تؤثر على حجم ووزن الأصداف والهياكل العظمية وينتشر هذا الاتجاه في الأنواع البحرية." وتشمل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ثاني أكسيد الكربون الذي ينتج عن حرق الوقود الاحفوري وينتهي المطاف ببعض ثاني أكسيد الكربون في المحيطات حيث يذوب ليكون الحامض.

وتقول الدراسة إن زيادة حموضة المحيطات تجعل من الصعب على المخلوقات استخلاص كربونات الكالسيوم وهو مركب حيوي لنمو الهياكل العظمية والأصداف وخاصة من المياه الباردة في المحيط المتجمد الشمالي وحول القارة القطبية الجنوبية.

وقال البروفسور لويد بيك من المركز البريطاني للمسح القطبي "عندما تزيد البرودة يصعب استخلاص كربونات الكالسيوم من مياه البحر وتصبح الهياكل العظمية للحيوانات أضعف." وقال عن الدراسة التي قام بها علماء في بريطانيا واستراليا وسنغافورة إن تحولا نحو زيادة حموضة المحيط سيجبر الحيوانات على الارجح لأن تكون هياكلها العظمية أصغر حجما. وأضاف "نعتقد أن المناطق القطبية وخاصة القارة القطبية الجنوبية من المحتمل أن تكون في المراكز الأولى حيث تواجه الحيوانات هذه المشاكل الخطيرة لتكوين هياكل عظمية."

واشار إلى أن التغييرات الجارية في المياه الباردة ستكون على الارجح علامة على ما يمكن توقعه في المستقبل في المناطق المعتدلة والمناطق الاستوائية. وعكف الخبراء على دراسة أربعة أنواع من المخلوقات الرخويات وقواقع البحر وذوات القوائم الذراعية وقنافذ البحر في 12 موقعا في شتى أنحاء العالم من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي.

وقالت الدراسة "حقيقة أن نفس التأثير يحدث باستمرار في جميع الأنواع الأربعة تشير إلى تأثير واسع الانتشار في الأنواع البحرية ومن ثم فإن زيادة حموضة المحيطات ستقلل تدريجيا من توافر كربونات الكالسيوم." وأضافت أن الحيوانات تطورت في الماضي لتكون قادرة على العيش في الأماكن التي يصعب الحصول فيها على كربونات الكالسيوم مثل ما هو الحال عليه في القارة القطبية الجنوبية من خلال تكوين هياكل عظمية أخف وزنا. لذلك هناك أمل في أن تكون قادرة على أن تتطور مرة أخرى من أجل التكيف. وقالت سو آن واتسون من جامعة جيمس كوك في استراليا "عند اعطاء الوقت الكافي وبطء معدل التغيير بدرجة كافية قد يساعد التطور مرة أخرى هذه الحيوانات في البقاء على قيد الحياة في محيطاتنا."

من جهة اخرى قالت نتائج دراسة إن الطفيليات ستصبح أكثر ضراوة بسبب تغير المناخ وان الضفادع أصبحت أكثر عرضة للإصابة بالعدوى الفطرية لدى تعرضها لتقلبات غير متوقعة في درجة الحرارة. وقال علماء إن الطفيليات ومنها الدودة الشريطية وهي كائنات دقيقة تسبب الملاريا والعدوى الفطرية قد تصبح أقل قدرة على التكيف مع التغيرات المناخية من الحيوانات التي تعيش عليها تلك الطفيليات لانها أصغر وتنمو بشكل أسرع.

وقال توماس رافيل من جامعة أوكلاند بالولايات المتحدة "زيادة التغير المناخي ستسهل على الارجح على الطفيليات ان تنقل العدوى الى العائل الاساسي" مشيرا الى الحيوانات التي تعيش عليها تلك الطفيليات. وقال عن التقرير الذي أعده هو وزملاء له بجامعة ساوث فلوريدا "نعتقد ان هذا يمكن ان يزيد من تأثير بعض الامراض.

وقالت لجنة من الخبراء تابعة للامم المتحدة إن زيادة درجة حرارة كوكب الارض ستزيد من معاناة البشر نتيجة لزيادة موجات الحر والفيضانات والعواصف والحرائق والجفاف وان ذلك سيؤدي الى انتشار بعض الامراض. وقال الباحثون في دراستهم "قلة من الدراسات هي التي درست آثار تغير المناخ على المرض على الرغم من انه من المرجح ان تكون درجة رد فعل العائل الاساسي والطفيليات للتقلبات المناخية متباينة." بحسب رويترز.

وعرض العلماء ضفادع غابات كوبية في 80 حضانة معملية لدرجات حرارة متباينة وعدوى فطرية تكون عادة قاتلة للكائنات البرمائية. وفي احدى التجارب أصيبت الضفادع التي تعرضت لحرارة بلغت 25 درجة لمدة أربعة اسابيع بمزيد من العدوى بعد ان نقلت الى حضانات درجة الحرارة فيها 15 درجة مع تعريضها لعدوى فطرية مقارنة بالضفادع التي عاشت في درجة حرارة بلغت 15 درجة. وقال رافيل "اذا غيرت درجة الحرارة يصبح الضفدع أكثر عرضة للعدوى من الضفدع المعتاد على تلك الحرارة." ونتيجة لعوامل منها الحجم ومتوسط العمر وعناصر أخرى منها التمثيل الغذائي (الايض) قال العلماء ان الضفادع احتاجت عشرة أمثال المدة التي احتاجها الفطر للتعود على التغير المناخي غير المتوقع في عملية تعرف باسم التأقلم.

مظلة في الغلاف الجوي

في السياق ذاته أوضحت دراسة أنه يمكن لطائرات أو مركبات جوية أن تنقل مواد تحجب أشعة الشمس إلى الغلاف الجوي بتكلفة معقولة تقدر بأقل من خمسة مليارات دولار سنويا كوسيلة لإبطاء التغيرات المناخية. وستكون المدافع أو الصواريخ أو مد أنبوب إلى الغلاف الجوي أعلى تكلفة لكنها بشكل عام تعتبر أرخص بكثير من سياسات خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري على مستوى العالم والتي تتراوح تكلفتها بين 200 مليار دولار وتريليوني دولار سنويا بحلول عام 2030 .

وتوصل علماء أمريكيون في الدراسة المنشورة في مجلة البحوث البيئية إلى أن نقل مليون طن من الجسيمات كل عام إلى مسافة تبعد 18 كيلومترا في الغلاف الجوي للأرض لتكوين مظلة "حل مجد ويمكن أيضا تحمل تكلفته."

وبشكل عام فإن الاستراتيجية التي تعرف باسم "التحكم في الإشعاع الشمسي" تحاكي ثوران البركان. وعلى سبيل المثال فإن ثوران بركان جبل بيناتوبو في الفلبين عام 1991 قذف في الجو سحبا من الجسيمات العاكسة لأشعة الشمس أدت إلى تبريد كوكب الأرض بشكل طفيف. ولم يفحص معدو الدراسة ما إذا كانت هذه "الهندسة الجغرافية" لكوكب الأرض فكرة جيدة. وتظهر دراسات أخرى أنه قد يكون لها آثار جانبية غير مرغوبة مثل تغيير أنماط هطول المطر.

وقال البروفسور جاي آبت من جامعة كارنيجي ميلون في بيتسبرج "أحد مزايا أسلوب التحكم في الإشعاع الشمسي إنه رخيص جدا. "ولا يعني ذلك أنه استراتيجية مفضلة." وستكون طائرات جديدة معدة خصيصا للتحليق على ارتفاعات عالية أرخص وسيلة لتوصيل المواد المطلوبة بسعر يتراوح بين مليار وملياري دولار سنويا. وقد تكون مركبة جوية بديلا يمكن تحمل تكلفته ولكنه قد يكون غير مستقر في الارتفاعات العليا.

ومد أنبوب "مصعد الفضاء" بطول 20 كيلومتر ومعلقا على منصة مملوءة بغاز الهيليوم ممكنا من الناحية النظرية لكن تكتنفه شكوك كبيرة. وقد يكون الاعتماد على مدافع عملاقة أو صواريخ أعلى تكلفة. ويفضل بعض العلماء الهندسة الجغرافية كحل سريع عندما تكون الحكومات أبعد ما يكون عن التوصل إلى اتفاق على إبطاء التغير المناخي المتوقع أن يؤدي إلى المزيد من موجات الحر وفيضانات وارتفاع منسوب مياه البحار.

ويجتمع مسؤولون كبار في بانكوك في جولة محادثات جديدة بإشراف الأمم المتحدة تستهدف التوصل إلى اتفاق في عام 2015. ولا تزال انبعاثات غازات الاحتباس الحراري تتزايد حيث تعد الصين والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي كبرى مناطق الانبعاثات في العالم. وعلى سبيل المثال لن يبطئ حجب ضوء الشمس تراكم غاز ثاني أكسيد الكربون الذي سيجعل مياه المحيطات أكثر حمضية ويقوض قدرة كائنات مثل الرخويات وسرطانات البحر على تكوين الأصداف التي تحميها. وقال ديفيد كيث الذي شارك في إعداد الدراسة من جامعة هارفارد إن هناك مخاطر جدية لمحاولة حجب أشعة الشمس. لكنه أضاف إنها قد "تزيد الانتاج الزراعي بالحد من آثار التغير المناخي." بحسب رويترز.

وكذلك أبدى علماء مستقلون قدرا من الحذر. قال مات واتسون وهو محاضر في المخاطر البيئية في جامعة بريستول "البحوث في مجال هندسة المناخ بما في ذلك في التكلفة مهمة للغاية." ومضى يقول "ومع هذا يتعين علينا ألا نستدرج لنقاش يكون فيه الاقتصاد هو المحرك الأساسي."

وقال آبت إن درجات الحرارة قد ترتفع بشكل حاد إذا توقف الناس عن مواصلة مثل هذا المشروع فجأة على أساس تقدير أن عيوبه تفوق فوائده. وقال "التوقف المفاجئ في إرسال الجسيمات إلى الغلاف الجوي سيؤدي إلى تغيرات مناخية سريعة جدا."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/أيلول/2012 - 13/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م