الصومال الجديد... دولة محفوفة بالمخاطر

 

شبكة النبأ: بعد ما غرقت الصومال بالفوضى والعنف والكوارث الإنسانية بمختلف أنواعها، منذ عقدين تقريبا، تسعى هذه الدولة لتغيير الصورة التي شاعت عنها في شتى أنحاء العالم باعتبارها دولة فاشلة، من خلال إشراق فجر جديد في السياسة الصومالية، الذي تمثل بأجراء اول انتخابات داخل البلاد منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 1991، والبدء من الصفر بالمهمة الشاقة لبناء دولة جديدة، لكن الحقيقية تصدم الحكومة الجيدة بعدة عقبات على طريق الشروع بمستقبل أفضل،  أهمها الانقسام السياسة والفساد باعتبارها اكثر دول العالم فسادا، وتهديدات الأمنية المستمرة، فلا تزال الصومال احدى اكثر الدول  خطورة في العالم، وقد استهدفتها هجمات عدة في الاشهر الاخيرة، أهمهما محاولة اغتيال الرئيس الجديد حسن شيخ محمود، و اغتيل النائب مصطفى حاجي محمد من قبل معارضة حركة الشباب الاسلامية، التي تعد من اكثر المنظمات خطورة على البلاد، خصوصا بعد هددت بقتل كل النواب الصوماليين الواحد تلو الاخر، لكن هناك بعض الأسباب التي تدعو للأمل، في إيجاد علاج للازمات، إذ تحاول الصومال التي كانت يوما مرادفا للفوضى والعنف أن تبعد عن نفسها صورة الدولة التي تمزقها الحروب، بفض آثار الحرب ومظاهر الدمار، لكن يبقى استمرار المعارك هدف رئيسي يشيع ثقافة الفوضى ويفاقم من خطر الكوارث الإنسانية.

قتل كل النواب

فقد هدد احد مسؤولي حركة الشباب الاسلامية الصومالية المتمردة بان عناصرها سيقتلون كل النواب الصوماليين في البرلمان الجديد "الواحد تلو الاخر"، مؤكدا ان النائب مصطفى حاجي محمد الذي اغتيل كان الاول على اللائحة، وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه من نيروبي ان "التصفية الناجحة لمصطفى حاجي محمد كانت من عمل المجاهدين المصممين على قتل كل النواب"، واضاف "سنقتل النواب الصوماليين الذين هم مرتزقة ومتآمرون مع احتلال بلادهم، واحدا تلو الاخر" في اشارة الى قوات الاتحاد الافريقي والقوات الاثيوبية التي تساند القوات الحكومية الصومالية في مواجهة حركة الشباب، وكان مصطفى حاجي محمد قتل عند خروجه من مسجد في مقديشو، وهو اول نائب يجري اغتياله في الصومال منذ تعيين "مجلس الشعب" الجديد الذي يضم 275 نائبا، واضاف المسؤول في حركة الشباب ان "النواب ال274 الباقين هم على لائحة الموت في حال لم يتخلوا عن مقعدهم" في البرلمان الذي نصب "بشكل يخالف الشريعة الاسلامية". بحسب فرانس برس.

تضاءل التفاؤل

في سياق متصل تضاءل التفاؤل الذي بدا اثر تنصيب حسن الشيخ محمود رئيسا على ما الدولة الصومالية الباهتة، غداة محاولة اعتداء نجا منها الرئيس الجديد بعد اقل من 48 ساعة على انتخابه، وقال مصدر دبلوماسي غربي ان "الاعتداء يثبت ما كنا نعلمه جميعا، اي ان حركة الشباب حاضرة في مقديشو وانها قادرة على التحرك فيها"، واضاف ان "اللعبة لم تنته بعد" رغم ما تكبده المقاتلون الاسلاميون من نكسات على الصعيد العسكري منذ اقصائهم عن مقديشو في اب/اغسطس 2011، وقال المصدر ان الهجوم "ضربة وجهت في منطقة تسيطر عليها القوة الافريقية منذ وقت طويل"، مؤكدا ان "ذلك يذكر الجميع بالعمل الذي ما زال يجب انجازه"، ويقع الفندق المستهدف الذي اقام فيه حسن شيخ محمود منذ ان انتخبه البرلمان الجديد وكان يستقبل فيه زواره الصوماليين والاجانب، على مسافة 500 متر من المقر العام لقوة الاتحاد الافريقي في المجمع الخاضع لاجراءات امنية مشددة تشمل مطار العاصمة، واكد ممثل الامم المتحدة في الصومال ان ثلاثة انتحاريين يحملون زي قوات الامن الصومالية حالوا اقتحام فندق الجزيرة ففجر اثنان منهم عبوتيهما في مدخله في حين قتلت قوات اميصوم ثالثهم، وقتل عنصران من قوات الامن الصومالية وعسكري من القوة الافريقية في الاعتداء واصيب ثمانية اشخاص بجروح لكن لم يصب اي مقيم في الفندق.

وفي حين تؤكد القوة الافريقية انها لم تتعرض الى الخطر وانها نجت من الاعتداء، انتقل الرئيس الصومالي الجديد الى فيلا صوماليا المجمع الذي يضم عدة مؤسسات صومالية في مقديشو والخاضع لاجراءات امنية مشددة، واوضح مصدر امني صومالي ان "الرئيس الجديد ينزل ضيفا على سلفه" شريف الشيخ احمد الذي فاز عليه في الجولة الثانية من الاقتراع حتى تسليم المهام المتوقع، وردا على سؤال قال الناطق باسم القوة الافريقية الكولونيل علي حومد ان الرئيس الجديد انتقل الى فيلا صوماليا، واستغرب العديد من المراقبين الغربيين اقامة الرئيس الجديد الذي تم تنصيبه بعد بضع دقائق من انتخابه، في الفندق بدلا من فيلا صوماليا، وصرح مصدر امني ان "الرئيس حسن شيخ محمود لم يتاثر معنويا اثر الهجوم الارهابي الجبان، انه يتولى السلطة لوضع حد لمثل هذا العنف"، من جانبه اكد المصدر الدبلوماسي ان الرئيس يعكف على تشكيل حكومته، ويعتبر حسن شيخ محمود الذي انتخب الاثنين بنسبة 70 بالمئة من اصوات 270 نائبا صوماليا اجتمعوا في مقديشو، اول رئيس دولة ينتخب في مقديشو منذ الرئيس سياد بري الذي ادى سقوطه في 1991 الى اندلاع حرب اهلية في البلاد، فكل الرؤساء ومختلف السلطات الانتقالية التي تداولت على السلطة منذ 2000، انتخبوا في البلدان المجاورة لاسباب امنية، وقد عرف الرئيس الجديد (56 سنة) الاستاذ الجامعي الحديث العهد بالسياسة والذي ليس مقربا من اي فصيل متورط في الحرب الاهلية بانه عمل طيلة سنوات لتفادي المعارك بدلا من المشاركة فيها. بحسب فرانس برس.

واثار انتخابه في ختام عملية سياسية طويلة ومعقدة اشرفت عليها الامم المتحدة بهدف اقامة مؤسسات دائمة وحكومة مركزية حقيقية في الصومال، أملا ضئيلا في نهوض البلاد بعد 21 سنة من الفوضى، فالمقاتلون الاسلاميون الشباب خسروا منذ سنة تقريبا معظم معاقلهم الواحد تلو الاخر، امام نواة الجيش الصومالي المدعوم بقوات اميصوم من جهة والجيش الاثيوبي الذي دخل الصومال في تشرين الثاني/نوفمبر من جهة اخرى، لكنهم ما زالوا يسيطرون على قسم كبير من جنوب ووسط الصومالي ويتجنبون تدريجيا المواجهة المباشرة مفضلين الاعتداءات وحرب العصابات، واكد المصدر الغربي انه "بهذا الهجوم يوجه الشباب رسالة" و"هجوم يشبه طريقتهم في التحرك" وانهم بعد شيء من التقدم "ينفذون دائما اعتداء ويقومون دائما بهجوم مضاد".

مشاكل الصومال القديمة

على صعيد مختلف ترك يوسف جراد منزله المريح ووظيفته كرئيس للخدمة الصومالية في هيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) في لندن ليرشح نفسه لرئاسة الصومال عندما تبنت البلاد خطة لتغيير الصورة التي شاعت عنها في شتى أنحاء العالم باعتبارها دولة فاشلة، هو واحد بين عدد محدود من الوجوه الجديدة التي عادت لمحاولة قيادة البلاد وإخراجها من الفوضى والعنف الذي تغرق به منذ 20 عاما على أيدي الميليشيات المسلحة والمتشددين الإسلاميين والقراصنة الطامعين، قال جراد من منزله بالعاصمة مقديشو "راقبت من بعيد لفترة طويلة جدا.. لا أفعل شيئا سوى تغطية الأخبار والتظاهر بأنه ليس بيدي القيام بشيء، ومنذ اندلاع حرب أهلية في 1991 لم يكن في البلاد حكومة مركزية تسيطر على أغلب أجزاء الصومال لكن هناك الآن فرصة لطي هذه الصفحة من خلال خارطة طريق مدعومة من الأمم المتحدة وبرعاية إقليمية، وفي إطار تلك العملية كان من المفترض اختيار رئيس جديد للبرلمان ورئيس جديد للبلاد قبل 20 أغسطس آب، وعلى الرغم من حث الجهات المانحة المستمر مرت المهلة دون تحقق شئ لكن دبلوماسيين غربيين يأملون أن يكون هذا التأخير مجرد أسابيع محدودة. والقضية الأكبر هي ما إذا كان بوسع الحكومة الجديدة أن تكون مختلفة عن سلسلة من الإدارات المؤقتة غير الفعالة في السنوات القليلة الماضية.

وقال كن منكهاوس وهو خبير بشؤون الصومال واستاذ العلوم السياسية في كلية ديفيدسون "إذا نجحت القيادة الحالية للحكومة الانتقالية المؤقتة في التلاعب في النتيجة فإن نهاية الفترة الانتقالية ستمثل فارقا بدون اختلاف، وقال إي.جيه هوجندورن مدير مشروع القرن الافريقي في المجموعة الدولية لعلاج الأزمات "أعتقد أن الاحتمال القائم هو أن البرلمان الجديد سيعكس الشخصيات ذاتها تقريبا وأن الكثير من التحديات التي واجهتها الحكومة الانتقالية المؤقتة... ستستمر في ملاحقة الحكومة الجديدة."

ويقول كثيرون إن الإدارة الحالية لم تحقق مكاسب أمنية دائمة أو خدمات أساسية أو تحسن من مستوى المعيشة لكن الرئيس شيخ شريف أحمد وهو زعيم سابق للمتمردين ويتولى السلطة منذ عام 2009 وكذلك رئيس الوزراء ورئيس البرلمان جميعهم يتنافسون على الرئاسة، كما يواجهون مزاعم فساد متفش ورد ذكره في تقرير مجموعة مراقبة الصومال التابعة للأمم المتحدة في يوليو تموز والذي أظهر أن سبعة دولارات من كل عشرة دولارات تلقتها الحكومة الانتقالية من عام 2009 الى عام 2010 لم تدخل خزائن الدولة، وفي مقابلة رفض الرئيس الصومالي المزاعم التي وردت في التقرير وقال إنها "مختلقة" و"كاذبة"، وفي مقديشو التي ما زالت تحمل آثار الحرب وضعت لافتات عليها صور المرشحين المحتملين على أعمدة الإنارة والجدران والسيارات ويشعر كثير من المواطنين بالقلق من أن يستأثر الزعماء الحاليون على عملية الإصلاح للاحتفاظ بالسلطة، وقالت فرتون وهي شابة منتقبة عمرها 21 عاما تتسوق في سوق حمروين المفتوحة حيث يتسابق الرجال والنساء لشراء الهدايا بمناسبة عيد الفطر "هذه الحكومة الحالية مروعة. لم يعطوا الناس حقوقهم، وأضافت "لا نريد عودته (الرئيس أحمد) لأنه لا يقدم المساعدة.. إنه يأخذ فقط كل المال ولا يترك شيئا لشعبه." كانت تقف قرب لافتة كبيرة تظهر الخيار الذي يواجه الصومال. في اللافتة نصف إنسان يحمل حمامة تحيط به الفاكهة في حين أن النصف الآخر هيكل عظمي تحيط به القنابل ومظاهر الدمار.

يقول نيك بيرنباك رئيس المعلومات العامة في المكتب السياسي للصومال التابع للأمم المتحدة إن انعقاد البرلمان بأغلبية الأعضاء خطوة مهمة للأمام بالنسبة للبلاد مضيفا "لكن... ما زال هناك الكثير من العمل الشاق المطلوب في الأيام القادمة، ويسهل ان ينتابك شعور بالتشاؤم ازاء الصومال.

فقد اتهمت الأمم المتحدة التي تدعم صراحة عملية التحول من وصفتهم بأنهم "مفسدون" بمحاولة إفساد العملية، ولم يتهم اوجوستين ماهيجا ممثل الأمم المتحدة الخاص لشؤون الصومال أحدا بعينه بشكل مباشر باللجواء الى الترويع والرشى لكنه يقول إن البعض في هذه العملية "له مصلحة دفينة في الإبقاء على الوضع الراهن"، ويرشح زعماء القبائل من التركيبة العشائرية المركبة في الصومال أعضاء البرلمان ويجب ألا يكون لهم تاريخ في العنف وان يكونوا حصلوا على التعليم الثانوي على الأقل وأن يكون ثلثهم من النساء.

وتنظر لجنة في مدى صلاحية الأعضاء وتضم هذه اللجنة أعضاء اختارهم أكبر ثلاثة زعماء في الصومال منهم الرئيس، ووردت أنباء عن أن بعض الأعضاء في اللجنة تلقوا تهديدات فيما يتعلق بعملهم، ومن بين المرشحين للرئاسة عبد الرحيم عبد الشكور الذي كان ممثلا للصومال في جامعةالدول العربية ويقول إن العملية الانتخابية برمتها تنطوي على عيوب، وقال "إنها عملية الحكام فيها واللاعبون واحد. لا فائدة من مشاهدة المباراة... الصومال في مفترق طرق... سيحدد الرئيس الجديد ما إذا كان الصومال سيمضي للأمام أم للخلف."

لكن هناك بعض الأسباب التي تدعو للأمل، إذ تحاول مقديشو التي كانت يوما مرادفا للفوضى والعنف أن تبعد عن نفسها صورة المدينة التي تمزقها الحروب، وحتى العام الماضي كان مقاتلون من حركة الشباب المتشددة يحفرون أنفاقا في العاصمة واستغلوا منازل مهجورة كمخابئ لمحاربة القوات الافريقية والصومالية التي تحرس الجبهات التي أصبحت تحدد شكل المدينة الساحلية، وانسحبت حركة الشباب في أغسطس آب واضطرت لإعادة تنظيم صفوفها في مناطق أخرى ويرجع ذلك أساسا إلى استمرار الضغط من قوات بعثة الاتحاد الافريقي المدعومة من الأمم المتحدة.وبعد مضي 12 شهرا أصبحت مقديشو تنبض بالحيوية وتجلى ذلك في تجديد المنازل التي كانت مليئة بالثقوب من الأعيرة النارية وفي ازدحام الأسواق.

وعلى الرغم من أن الأزقة ما زالت مليئة بالحفر فإن الطرق الرئيسية مرصوفة وعلى جانبيها المتاجر المزينة بالرسوم الملونة. وإلى جانب السيارات القديمة أصبحت سيارات الدفع الرباعي تتسابق في الشوارع، ويمكن أن يتناول نزلاء الفنادق وجبات طازجة من الاستاكوزا التي يجري اصطيادها من المحيط الهندي لكن عليهم أولا اجتياز نقاط التفتيش والتفتيش الذاتي، ويعتقد مسؤولون بالأمم المتحدة وفي الجهات المانحة إن استمرار الدعم الدولي سيدفع الصومال في الطريق الصحيح بعيدا عن صراع السلطة بين العشائر والفوضى السياسية التي أتاحت ظهور متشددين إسلاميين، وقال مصدر دبلوماسي مقيم في نيروبي لرويترز "ستكون هناك فترة بعد المرحلة الانتقالية.. إذا اعتبرت ذات مصداقية.. سيتجدد خلالها الاهتمام الدولي بالصومال."

لكن المصدر حذر قائلا "إذا اعتبر ان هذه المؤسسات الجديدة تخوض عملية تنطوي على عيوب كثيرة سيجعل هذا الوضع أكثر صعوبة بكثير."

ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى تجدد اشتعال الخصومة العشائرية التي ربما تستغلها حركة الشباب كوسيلة للحشد لدعوتها لتجديد المعركة في مواجهة قوات بعثة الاتحاد الافريقي والقوات الحكومية التي ما زالت تعاني نقصا في المعدات وتدنيا في الرواتب، وفي حين أن بعثة الاتحاد الافريقي أحرزت تقدما كبيرا خارج مقديشو كما أن القوات الكينية والاثيوبية ما زالت تخرج المتمردين من أجزاء من جنوب ووسط الصومال فإن الحكومة المركزية ليس لها سلطة تذكر خارج العاصمة، ويقول هوجندورن إن المشكلة هي أن المكاسب التي تحققها قوات الاتحاد الافريقي وحلفاؤها أوجدت مناطق بها فراغ سياسي لا تشغله أو تديره بشكل فعال الحكومة المركزية بل الميليشيات المتحالفة، ويقول محمد عبد الله محمود وهو رئيس سابق للوزراء يحظى بشعبية معروف باسم فارماجو وهو الآن يرشح نفسه للرئاسة إنه ما زال يأمل أن يختار البرلمان الجديد قيادات، وقال "هناك تعريف للجنون يقول إنه القيام بالأمر ذاته مرارا وتكرارا مع توقع نتيجة مختلفة. إنهم بحاجة لقيادة التغيير الذي تحتاجه البلاد."

المجاعة

الى ذلك اكدت الامم المتحدة ان اكثر من 2,5 مليون شخص ما زالوا يواجهون الخطر في الصومال بعد عام على المجاعة وعلى رغم الجهود الكبيرة التي تبذلها المجموعة الدولية لمساعدتهم، وقال مارك بودين منسق الامم المتحدة للشؤون الانسانية في الصومال، لمجموعة من الصحافيين في العاصمة الكينية نيروبي ان "نسبة الوفيات وسوء التغذية في الصومال قد تحسنتا تحسنا جذريا، لكنهما ما زالتا من بين ادنى النسب في العالم"، واضاف "يجب ان نبني على النتائج التي حققناها منذ حصول المجاعة في تموز/يوليو 2011، وإلا انقلبت هذه النتائج"، واوضح ان 232 الف طفل، او خمس الاطفال الذين تقل اعمارهم عن الخمس سنوات، ما زالوا يعانون من سوء التغذية في هذا البلد الذي شهد حربا اهلية استمرت عقدين ويواجه موجات جفاف مزمنة وسوء تغذية حادا، وتفيد التقديرات ان الجفاف الذي اصاب القرن الافريقي العام الماضي مضافا الى المعارك المستمرة في الصومال، قد حصد عشرات آلاف الضحايا في البلاد، وفي شباط/فبراير، اعلنت الامم المتحدة انتهاء المجاعة في الصومال. لكن الظروف ما زالت بالغة الهشاشة وقد تشهد مزيدا من التفاقم بسبب الامطار الضعيفة واستمرار المعارك، واوضح بودين ان "النزاع وتعذر تقديم المساعدة الى المحتاجين ما زالا يشكلان مشاكل كبيرة"، مشيرا الى ان البلدان المانحة لم تقدم حتى الان سوى نصف الاموال الضرورية لمواجهة الوضع"، وقال انه ما زال من الضروري تأمين 576 مليون دولار اضافي، ومنذ سقوط الرئيس سياد بري في 1991، لم تتشكل حكومة فعلية في الصومال الذي يواجه حالا من الحرب الاهلية الدائمة الى حد ما، ويحاول مئات الاف الاشخاص في البلاد العيش في معسكرات للنازحين، ويعيش مئات الاف آخرون في معسكرات للاجئين في البلدان المجاورة ككينيا على سبيل المثال. بحسب فرانس برس.

من جهتها، اعلنت المفوضية العليا للامم المتحدة للاجئين ان عدد اللاجئين الصوماليين قد تخطى المليون شخص بعد حرب مستمرة منذ اكثر من عقدين، لكن تدفق اللاجئين شهد في الاشهر الستة الاولى من السنة، تراجعا واضحا بالمقارنة بالفصل الاول من 2011. فقد فر حوالى 30 الف صومالي من بلادهم بين كانون الثاني/يناير وحزيرا/يونيو، في مقابل اجمالي 294 الفا على امتداد 2011، وقالت المفوضية العليا للاجئين في بيان ان "الصومال تمثل واحدة من اطول ازمات اللاجئين واسوأها"، مشيرة الى ان النزاعين في افغانستان وايران وحدهما، ارغما في العقد الاخير، اكثر من مليون شخص على مغادرة منازلهم.

وبالاضافة الى المجاعة، حذرت المنظمة العالمية للصحة الجمعة من ازدياد حالات الاصابة بالكوليرا في آخر مدينة كبيرة ما زالت تسيطر عليها في الصومال حركة الشباب الاسلامية المرتبطة بتنظيم القاعدة، واعربت وكالة الصحة الدولية عن "قلقها من ازدياد حالات الاصابة بالكوليرا وخصوصا في مدينة كيسماو"، وحذر البيان من الاسهال الناجم عن هذا المرض، مشيرا الى انه يمكن "ان يؤدي الى الوفاة في اقل من بضع ساعات" اذا لم يتم علاجه، واضاف البيان ان "هيئة صحية اجرت اختبارا سريعا على عينة من عشرة مرضى، وتبين في الاجمال ان ستة منهم مصابون بالكوليرا"، موضحا ان 65 مريضا قد عولجوا حتى الان وان 40 يحتاجون الى "علاج فوري في المستشفى"، وجاء في البيان ان معظم المرضى اطفال تقل اعمارهم عن الثامنة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 30/أيلول/2012 - 13/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م