صراعات سياسية تغير ملامح ليبيا الجديدة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: على الرغم من أن الثورة الليبية الأخيرة، أدت الى العديد من التغيرات على المستوى السياسي والحقوقي، وتخلصها من الفساد والدكتاتورية لنظام السابق، إلا أنها تشهد اليوم صراعات وتحديدات جديدة تلوح بأفاق سياسية ممزقة، حيث شكل صراع أثبات الوجود تهديدات واضطرابات كبيرة، قد تفاقم من هشاشة الوضع السياسي في ليبيا، وهذا بدوره زاد من الإحباط الشعبي على مستوى الشارع الليبي، خصوصا بعد الأحداث الأخيرة اثر الهجوم على القنصلية الأميركية في بنغازي وقتل خلاله السفير الأميركي، في الوقت ذاته شكلت الميليشيات الإسلامية جبهة جيدة للصراع الداخلي هناك، إذ يمثل سيطرة الميليشيات الكثيرة على شوارع ليبيا بعد اكثر من عام على الاطاحة بمعمر القذافي التحدي الابرز لسلطة الحكومة المركزية التي اضطرت للاعتماد على الكثير منها في توفير الامن، حتى أصبحت هذه الميلشيات المسلحة معضلة سياسية تضيق بها السلطات وسكان هذه الدولة العربية معا، مما أدى الى قيام الليبيين بطرد الميليشيات الخارجة عن سيطرة الدولة من الثكنة التي كانت تحتلها في اغلب المناطق الليبية، وقد أثبتت الأحداث الأخيرة في مهد الثورة الليبية فيما يبدو -ولو جزئيا على الاقل- تعميق الديمقراطية الوليدة في ليبيا، وتنشيط مفاصل تلك الدولة وما تحمله فيها من تأثيرات على الواقع السياسي والاقتصادي والتنموي، وكما يبدو بأن ليبيا تحتاج الى أيديولوجيا سياسية جديدة توحد جميع الكيانات، لكي تستوعب ما ترتب على التغيير السياسي الذي حدث مؤخراً في هذه البلاد.

الفيلم المسيء للإسلام

فقد اعلن رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب الاميركي ان الهجوم على القنصلية الاميركية في بنغازي الذي قتل خلاله السفير الاميركي في ليبيا ليس مرتبطا بمظاهرات الاحتجاج على فيلم مسيء للاسلام، وقال النائب الجمهوري مايك روجرز لمحطة "سي ان ان" الاميركية "لم ار عناصر تظهر انه كان هناك مظاهرة كما رأينا امام سفارات اخرى في ذلك الوقت" معتبرا ان العملية "كانت بكل وضوح بمثابة هجوم"، واعلن البيت الابيض ان الامر يتعلق ب"هجوم ارهابي" ولكن واشنطن تحقق حول الطابع المدبر ام غير المدبر للهجوم. بحسب فرانس برس.

واضاف روجرز ان ادارة اوباما تستحق اللوم ايضا في هذه القضية لانها "اعطت الصدقية لهذا الفيديو الذي لم يره اي شخص في اميركا ورآها العدد القليل من الاشخاص في الشرق الاوسط" وفيه توجه رسائل اعلانية في باكستان لادانة هذا الفيلم. واضاف "كانت فكرة سيئة جدا".

الميليشيات الخارجة

على الصعيد نفسه أمر الجيش الليبي المجموعات المسلحة المارقة داخل العاصمة طرابلس وفي محيطها بإخلاء مبان عامة وعسكرية تتمركز بها وإلا تعرضت للطرد بالقوة في محاولة على ما يبدو لاستغلال انسحاب ميليشيات اخرى من قواعدها في بنغازي ودرنة، وأعلنت اثنتان من الميليشيات الاسلامية الرئيسية في درنة وهي معقل للاسلاميين بشرق ليبيا حل نفسيهما بعد يوم من طرد احداهما وهي جماعة انصار الشريعة من بنغازي ثاني كبرى المدن الليبية.

لكن مقتل اربعة أمريكيين من بينهم السفير في هجوم على القنصلية الأمريكية في بنغازي في 11 سبتمبر ايلول منح الحكومة الوليدة على ما يبدو فرصة لحشد التأييد لها وتسليط الضوء على الاحباط الشعبي من الجماعات المسلحة.

واتهم بعض المسؤولين الأمريكيين ميليشيا انصار الشريعة بالضلوع في الهجوم على قنصليتهم وهو اتهام تنفيه الميليشيا، وميليشيا انصار الشريعة التي تعارض الديمقراطية هي احدى الجماعات التي تعمل صوريا تحت مظلة وزارة الدفاع التي تضم مقاتلين سابقين بالمعارضة، وقال عادل عثمان البرعصي المتحدث باسم وزارة الدفاع ان يوسف المنقوش رئيس اركان الجيش ومحمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني امرا جميع الميليشيات غير القانونية باخلاء المجمعات وتسليم اسلحتها إلى الجيش الوطني.

وأضاف انه تم تشكيل لجنة من الشرطة العسكرية للسيطرة على المجمعات والأسلحة وتسليمها للجيش، وذهبت قرارات مماثلة في السابق ادراج الرياح حيث لم يكن لها تأثير يذكر على الميليشيات لكن الاحباط الشعبي المتزايد ربما غير من المعادلة على مستوى الشارع، وفي درنة وصلت رافعة يقودها أحد الاشخاص إلى القاعدة التي اخلتها كتيبة شهداء ابو سليم وحملت قاذفة صواريخ عيار 105 ملليمتر لنقلها إلى ساحة لتجميع الخردة.

ويشعر كثيرون بالاستياء من السمعة التي اكتسبتها درنة كمركز لتجنيد الجهاديين. وكتبت شعارات بالانجليزية على جدران احدى المدارس تقول "نعم للتعددية ولا للقاعدة ولا للتطرف، وقال البرعصي ان الجيش طرد بالفعل ميليشيا من قاعدة على الطريق السريع المؤدي إلى مطار طرابلس وان جميع اجراءات التسليم تمت بشكل سلمي، وقال عضو من القوة الوطنية الليبية التابعة للجيش ان القوة تعمل منذ ايام على تطهير حي السراج بغرب طرابلس من الميليشيات غير الشرعية وانها استولت على دبابة واسلحة ثقيلة وخفيفة اثناء طردهم من قاعدة عسكرية، وأضاف العضو الذي طلب عدم نشر اسمه "حاولوا منعنا لكننا تمكنا من اقناعهم بالرحيل." وتابع "سيطرنا على 11 موقعا في السراج."

وفي عملية ثانية جرت في وقت لاحق تم طرد مجموعة مسلحة كانت قد استقرت في بنايتين غرب طرابلس كانت احداهما تستخدم ذات يوم كمنزل للعمال الاجانب، وقال سليم ديربي القائد بكتيبة شهداء ابو سليم ومقرها درنة ان مجموعات من المجتمع المدني جاءت إلى معسكراتهم وان المتظاهرين الشبان طلبوا منهم اخلاء المكان وحل الكتيبة، وأضاف ان جميع افراد الكتيبة سيعودون لممارسة حياتهم الطبيعة وإلى وظائفهم العادية، واتخذت ميليشا انصار الشريعة خطوة مماثلة في درنة بعد ان اجبر محتجون كتيبتها في بنغازي على اخلاء قواعدها في المدينة، وكان اقتحام مقار ميليشيا أنصار الشريعة والذي لم يواجه مقاومة تذكر جزءا فيما يبدو من حملة شنتها الشرطة مع الجيش والنشطاء على قواعد الميليشيات بعد مظاهرة كبيرة ضد الميليشيات في بنغازي، وقال الاستاذ الجامعي سراج شنب (29 عاما) ان المحتجين واصلوا احتجاجاتهم ضد الميليشيات في درنة على مدى عشرة ايام وان الاحتجاجات تزايدت بشدة بعد الهجوم على سيارة قبل ثلاثة ايام، وتفقد المقدم محمد علي قاسم من الشرطة العسكرية مع مجموعة من الجنود القاعدة التي اخلتها كتيبة شهداء ابو سليم. وقال ان اشخاصا وحشودا وجماعات من المجتمع المدني جاءوا إلى هنا امس واستولوا على المكان بشكل سلمي، وفي معسكر اخر اكبر حجما لشهداء ابو سليم على اطراف البلدة لم تكن هناك اي أدلة على وجود اسلحة لكن مجموعة من عشرة مقاتلين غير مسلحين اعترضت طريق طاقم اخباري لرويترز عند البوابة واستولت على بطاقة ذاكرة لتخزين الصور وهاتفين محمولين، وصاح احدهم "نحن القاعدة نحن القاعدة" وصاح اخر "اخرجوا من درنة"، وتقع درنة وسط تلال خضراء تطل على البحر المتوسط وتعرف البلدة في انحاء المنطقة بانها مركز لتجنيد المقاتلين الذين شاركوا في الحروب في العراق وافغانستان وسوريا، وخلافا لمعظم الميليشيات الليبية التي تشكلت مع نشوب الحرب الاهلية التي دارت رحاها العام الماضي فان ميليشيات درنة خاصة شهداء ابو سليم تضم مقاتلين مخضرمين قاتلوا لسنوات قوات القذافي في التلال الواقعة بشرق ليبيا. بحسب رويترز.

وسميت الميليشا على اسم سجن طرابلس الذي قتل فيه رجال القذافي نحو 1200 سجين عام 1996، والتقى رئيس المؤتمر الوطني الليبي محمد المقريف مع مسؤولين بالحكومة ومسؤولين امنيين في بنغازي ثم اعلن عن تشكيل غرفة عمليات امنية، وقال ان هذه الغرفة ستضم قوات من الجيش ووزارة الداخلية إلى جانب كتائب تابعة لوزارة الدفاع مشكلة من مقاتلين سابقين بالمعارضة للعمل على تأمين بنغازي، وقال ان الحكومة ترغب في حل الميليشيات المارقة وتريد من الجيش السيطرة على مجمعات الميليشيات الموالية للحكومة كخطوة نحو اندماجها في القوات النظامية، وظهرت بشكل مثير مشكلات اخرى تتعلق بالميليشيات عندما تحرك المحتجون الذين طردوا انصار الشريعة من بنغازي إلى مجمع ميليشيا أخرى اعتقادا منهم بأنه يضم ايضا ميليشيا اسلامية، واتضح فيما بعد ان المجمع يضم ميليشيا راف الله السحاتي الموالية للحكومة والتي فتحت النار في محاولة لحماية مخزن كبير للاسلحة كانت مكلفة بحراسته، وقتل 11 شخصا واصيب اكثر من 60 قبل ان تنسحب الميليشسيا وتترك الاسلحة عرضة للنهب، واعرب ناصر عبد الحق القائد بميليشيا راف الله السحاتي عن اعتقاده بانه تم تحريك الحشود بمكر ودهاء للانقلاب على جماعته وهي ميليشسيا تعمل بموافقة رسمية ولها ايضا ميول اسلامية.

طرد الميليشيات

في حين طردت ميليشيا أنصار الشريعة الإسلامية الليبية من بنغازي في اطار تزايد الاحتجاجات ضد الجماعات المسلحة التي تسيطر على اجزاء كبيرة من ليبيا بعد اكثر من عام من الاطاحة بمعمر القذافي، وقال متحدث باسم الجماعة إنها أخلت قواعدها في بنغازي حفاظا على أمن المدينة، وفي دلالة واضحة على هشاشة الوضع في ليبيا مضى الحشد بعد اقتحامه القاعدة في مهاجمة الميليشيا الموالية للحكومة معتقدا ان اعضاءها اسلاميون مما ادى الى رد مسلح قتل فيه اكثر من 11 شخصا على الاقل واصيب 60، وربطت تقارير بين ميليشيا أنصار الشريعة وبين الهجوم على القنصلية الأمريكية والذي قتل فيه السفير الأمريكي لدى ليبيا وثلاثة أمريكيين آخرين. وتنفي الميليشيا ضلوعها في الهجوم.

واقتحام مقر انصار الشريعة الذي لم يواجه مقاومة تذكر هو فيما يبدو جزء من اجتياح منسق لمقار الميليشيا من قبل الشرطة وقوات الحكومة ونشطاء في أعقاب مظاهرة حاشدة ضد وحدات الميليشيا في بنغازي، ونزع المتظاهرون رايات ميليشيا أنصار الشريعة وأضرموا النار في عربة داخل المجمع الذي كان في الماضي قاعدة لقوات القذافي الامنية، وهتف مئات الرجال الذين كانوا يلوحون بالسيوف والسواطير "ليبيا.. ليبيا" و"لا للقاعدة" و"دمنا من أجل الحرية لن يضيع سدى، وقال المتظاهر حسن أحمد "بعد ما حدث للقنصلية الأمريكية شعب بنغازي ضاق ذرعا بالمتطرفين... لم يبدوا ولاء للجيش ولذلك اقتحم الناس (المجمع) وهم هربوا، واضاف قائلا "هذا المكان أشبه بسجن الباستيل. كان القذافي يسيطر على ليبيا منه ثم حلت محله أنصار الشريعة. هذه نقطة تحول لشعب بنغازي."

وقال عبد السلام الترهوني وهو موظف حكومي وصل مع الموجة الأولى من المحتجين إن بضع شاحنات صغيرة تحمل مقاتلي الجماعة واجهت المحتجين في باديء الأمر وأطلقت النار. واضاف أن اثنين من المحتجين أصيبا في الساق، وأضاف أنه بعد ذلك ركبوا شاحناتهم وانطلقوا بعيدا، وقال إن المحتجين أطلقوا سراح أربعة سجناء وجدوهم في الداخل.

وكانت الحكومة الليبية وعدت واشنطن بأنها ستقبض على مرتكبي ما بدا انه هجوم جيد التنظيم على القنصلية الامريكية تزامن مع احتجاجات على فيلم مسيء للاسلام والذكرى السنوية لهجمات 11 سبتمبر ايلول، وقال اوليفر مايلز السفير البريطاني السابق في ليبيا "قتل السفير وما سبقه من مجموعة الحوادث الامنية الخطيرة انما هي نداء لليقظة للحكومة الجديدة لتبدأ بالفعل في تحسين الوضع الامني، "والشارع في بنغازي يساندها الان لعمل ذلك، لكن غياب السيطرة المركزية يظل وصفة للفوضى.

ونظم آلاف الليبيين مسيرة في بنغازي دعما للديمقراطية ومعارضة للميليشيات الإسلامية التي تنحي الولايات المتحدة عليها باللائمة في الهجوم على قنصليتها. ونظم مئات من مؤيدي أنصار الشريعة احتجاجا، ودعت مظاهرة "يوم إنقاذ بنغازي" الحكومة إلى تفكيك الجماعات المسلحة التي رفضت التخلي عن سلاحها بعد نجاح الانتفاضة الليبية بدعم من حلف شمال الأطلسي في الاطاحة بالقذافي العام الماضي. بحسب رويترز.

وقال الطالب أحمد صنع الله (27 عاما) "هذا الاحتجاج هو بوضوح ضد الميليشيات. عليهم جميعا الانضمام إلى الجيش أو قوات الأمن كأفراد لا كجماعات. بغير ذلك لن يكون هناك ازدهار او نجاح لليبيا الجديدة، وعلى الرغم من ان المطالب الرئيسية للمتظاهرين لم تتطرق لهجوم القنصلية الأمريكية إلا أن الحادث أعطى السلطات دافعا قويا لحشد التأييد للحكومة، وكتب على إحدى لافتات مظاهرة أنصار الشريعة "يوم إنقاذ بنغازي أم يوم إنقاذ أمريكا؟"، وكان السفير الأمريكي كريستوفر ستيفنز محبوبا في ليبيا وأدان ليبيون كثيرون الهجوم على القنصلية على الرغم من غضبهم من الفيلم المسيء للاسلام والذي انتج في الولايات المتحدة وكان سبب الهجوم على القنصلية، وحمل بعض المتظاهرين لافتات بالانجليزية تقول "نطالب بالعدالة من أجل ستيفنز" و"ليبيا فقدت صديقا"، وكان لاخرين وجهات نظر مختلفة.

وقال أمجد محمد حسن وهو مهندس اتصالات يبلغ من العمر 26 عاما "خرجت اليوم للدفاع عن بنغازي. قتل السفير أمر منفصل تماما، "لا القي بالا لقتل السفير لأن الأمريكيين اساءوا للنبي. أنا هنا فقط من أجل بنغازي.        

الولايات المتحدة

من جهة أخرى قالت الولايات المتحدة انها ترى في الغضب من ميليشيات اسلامية في بنغازي إشارة واضحة الي ان الليبيين غير مستعدين للسماح بهيمنة من سمتهم بالمتطرفين، وقال جوش إرنست المتحدث باسم البيت الابيض ان إدارة اوباما ترى في تلك الاحتجاجات "اشارة واضحة من الشعب الليبي الي انهم لن يبدلوا طغيان حاكم مستبد بطغيان الغوغاء، انها ايضا اشارة الي ان الشعب الليبي غير مرتاح لان تطغى اصوات قلة متطرفة واولئك الذين يدافعون عن العنف ويرتكبونه على اصوات وتطلعات الشعب الليبي، وطردت ميليشيا انصار الشريعة الاسلامية من بنغازي مع تصاعد موجة غضب من الجماعات المسلحة التي تسيطر على اجزاء كبيرة من ليبيا بعد اكثر من عام من الاطاحة بمعمر القذافي، ويلقي مسؤولون امريكيون وليبيون على انصار الشريعة بالمسؤولية في الهجوم على القنصلية الامريكية في بنغازي في وقت سابق، وقالت الجماعة انها أخلت قواعدها "حفاظا على الامن في المدينة". بحسب رويترز.

إشادة الميلشيات

على نحو أخر فقبل أن يحضر مقاتلو ميليشيا أنصار الشريعة إلى مستشفى الجلاء ليتولوا المسؤولية الأمنية عنه كان مكانا مروعا لا يمكن العمل به، والآن بعد خروج الميليشيا من بنغازي خلال موجة من الغضب العام بعد قتل السفير الأمريكي أصبح الدكتور عبد المنعم سالم أحد الأشخاص الذين سيفتقدهم، قال داخل عنبر في المستشفى الواقع بشرق ليبيا "بصراحة؟ لقد كانوا أشخاصا ظرفاء جدا." وأصبح المستشفى تحرسه حاليا وحدة من الشرطة العسكرية التي وصلت بعد أن غادرت الميليشيا المكان، ويلقي مسؤولون أمريكيون وليبيون باللوم على ميليشيا أنصار الشريعة في الهجوم الذي استهدف القنصلية الأمريكية في بنغازي وأسفر عن مقتل كريستوفر ستيفنز السفير الأمريكي لدى ليبيا وثلاثة دبلوماسيين آخرين، وتتبنى هذه الجماعة التي يتضمن شعارها بندقية كلاشنيكوف رؤية متشددة للإسلام تقول إنها لا تتوافق مع الديمقراطية، وتقول واشنطن إن أنصار الشريعة لهم صلة بتنظيم القاعدة لكن الدكتور سالم لا يأبه بذلك، وقال "لا أعلم شيئا عن دينهم أو فكرهم لكنهم حلوا المشكلات... بصراحة لا يهمني ما يحدث خارج تلك الجدران. لا يهمني إذا كانوا يأتون من كوكب خارجي. أريد مستشفى آمنا، ومضى يقول "قبلهم كان هذا المستشفى كارثة، وقبل وصول ميليشيا أنصار الشريعة قبل ستة أسابيع لتولي المسؤولية الأمنية كانت المعارك والتهديدات والاضطرابات مسألة معتادة.

وفي إحدى المرات صوب أحد الحراس الذين وفرتهم الحكومة المسدس إلى وجه الدكتور سالم وبدأ يتعالى صوته بالأوامر حول كيفية معالجة مريض. ومرة أخرى اقتحم قريب لأحد المرضى غرفة الجراحة وصوب بندقية إلى رأس الجراح بينما كان يجري الجراحة.

ولم يكن ذلك يحدث على الإطلاق خلال وجود أفراد أنصار الشريعة. وقال الدكتور سالم إن المقاتلين كانوا يعرفون فيما يبدو كيفية تهدئة الأسر ومنع حدوث اشتباكات، وتابع "كانوا يتحدثون للناس ويحلون المشكلات. ليست هناك مشكلة، وشأن بنغازي شأن جميع مناطق ليبيا فإن عشرات الجماعات المسلحة تجوب شوارعها بموافقة رسمية من حكومة ضعيفة لدرجة تحول دون أن تواجهها، وتقول الميليشيات إنها تقوم بدور حيوي وهو حفظ الأمن الذي عجزت الحكومة عن فرضه دونهم خلال الفترة التي أعقبت الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالزعيم الليبي الراحل معمر القذافي، وجرى تسليم أغلبهم مبان رسمية لحراستها وتولت ميليشيا أنصار الشريعة مهمة تأمين مستشفى الجلاء، لكنها كانت واحدة من ميليشيات محدودة لا تخضع مقاتليها لقيادة وزارة الدفاع الليبية مما يجعل وجودها الصريح إهانة للحكومةن وردت السلطات الليبية على مقتل ستيفنز بتنظيم "يوم إنقاذ بنغازي" وهي مظاهرة حاشدة ضد الميليشيات والتي بلغت أوجها في وقت متأخر من مساء يوم الجمعة عندما اجتاحت حشود مقر أنصار الشريعة. بحسب رويترز.

وأعلنت الجماعة التي أخلت مكاتبها مقدما ولم تبد أي مقاومة يوم السبت أنها أخلت مقرها في المدينة لحفظ الأمن، وفي مستشفى الجلاء ظهرت وحدة من الشرطة العسكرية لتحل محل الميليشيا. وقال قائد الوحدة الملازم صلاح الجروشي إن الأوامر صدرت لهم، ولم يمض يوم انقاذ بنغازي بسلاسة.. فبعد أن اجتاحت حشود مقرين لأنصار الشريعة أثناء الليل اقتحمت أيضا قاعدة تابعة لميليشيا راف الله السحاتي وهي على خلاف أنصار الشريعة تمارس أنشطتها بتصريح من الحكومة، وقتل 11 شخصا وأصيب العشرات في أعمال عنف هناك ونهب البعض صواريخ وبنادق، وبالنسبة للدكتور سالم فإن رحيل المقاتلين يعني أن على الحكومة الآن تكثيف أنشطتها وتوفير الأمن بشكل احترافي والذي كانت تعجز عنه في الماضي، وتابع "حقا نتمنى أن تساعدنا الحكومة... أنا قلق جدا."

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 26/أيلول/2012 - 9/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م