ليبيا.. دولة تحت تهديد السلاح

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: ازمة جديدة ومنعطف خطير تشهده الساحة الليبية بعد الهجوم المسلح على القنصلية الامريكية في بنغازي والذي تسبب بمقتل السفير الامريكي وثلاثة من موظفي البعثة الدبلوماسية على خلفية عرض فلم امريكي مسيء عن الرسول محمد(ص) تزامن عرضة مع ذكرى احداث الحادي عشر من ايلول وتسبب بتأجيج مشاعر الغضب لدى عامة المسلمين، وتلك الحادثة ربما ستقود البلاد التي تشهد انفلات امني وانتشار واسع للعناصر المسلحة الى حرب داخلية اذا ما اقدمت امريكا على شن هجوم عسكري انتقامي على بعض الفصائل السلفية المسلحة المتهمة بقتل السفير بحسب بعض المتخصصين الذين رجحوا قيام الادارة الأمريكية بمثل هكذا سيناريو خصوصا وانها تواجه موقفا صعبا بسبب بعض سياساتها وتسعى الى تحسين صورتها في منافستها قبيل الانتخابات الرئاسية، وفي هذا الشأن قالت كتيبة أنصار الشريعة التي نفت ضلوعها في الهجوم ان ليبيا ستتحول الى جحيم للقوات الامريكية اذا أقدم الجيش الامريكي على الانتقام. وقال يوسف جهاني القيادي في كتيبة أنصار الشريعة ان الكتيبة وهي جماعة سلفية مسلحة تريد تجنب مواجهة لكنها مستعدة للدخول في مواجهة اذا أقدمت واشنطن على عمل "أحمق".

وقال جهاني ان أي تدخل عسكري أمريكي سيدفع الليبيين الى الجهاد دفاعا عن بلدهم. ولكتيبة انصار الشريعة قوة كبيرة في بنغازي وهي معقل للإسلاميين ومهد الانتفاضة التي أطاحت بمعمر القذافي العام الماضي. وأضاف انه اذا وصل جندي أمريكي واحد لا لغرض الدفاع عن السفارة وانما لتكرار ما حدث في العراق أو أفغانستان فستنحي كل الكتائب في ليبيا وكل الليبيين خلافاتهم جانبا بالتأكيد ويحتشدون وراء هدف واحد هو ضرب أمريكا والامريكيين.

ووقع هجوم القنصلية في اطار احتجاجات أوسع نطاقا معادية للولايات المتحدة اندلعت في أنحاء الشرق الاوسط بشأن فيلم مسيء للنبي محمد(ص) أنتج في الولايات المتحدة. وأغلقت ليبيا مجالها الجوي فوق مطار بنغازي بصفة مؤقتة بسبب اطلاق نيران كثيفة مضادة للطائرات من جانب اسلاميين يستهدفون طائرات استطلاع امريكية بلا طيار تحلق فوق المدينة بعد ايام من قتل السفير الامريكي وثلاثة أمريكيين آخرين في الهجوم.

وأدى اغلاق المطار الى تكهنات بأن الولايات المتحدة تنشر قوات خاصة استعدادا لشن هجوم على مهاجمي القنصلية. وتوجهت سفينتان حربيتان أمريكيتان نحو الساحل الليبي. وقال مسؤول ليبي ان طائرات التجسس حلقت فوق مجمع القنصلية والمدينة التي تسيطر فيها جماعة أنصار الشريعة على مجمع أمني كبير ومستشفى حيث التقطت صورا وتفحصت مواقع جماعات متشددة يشتبه في انها خططت ونفذت الهجوم على القنصلية الامريكية.

وقال جهاني ان قادة كبار في الوحدات شبه العسكرية الموالية للحكومة برأوا انصار الشريعة وانه لم يكن أحد من اعضائها بين نحو 50 فردا حددت السلطات الليبية شخصياتهم على انهم ضالعون في الهجوم. ومضى قائلا ان أنصار الشريعة ضد قتل السفير لأنه لم يرتكب جريمة يقتل عليها لكن اذا استغلت امريكا هذا الحدث ذريعة فستكون ليبيا جحيما للقوات الامريكية مضيفا أن الجماعة على درجة عالية من الاستعداد.

ولم تعلن اي جماعة مسؤوليتها عن الهجوم لكن بعض المسؤولين الليبيين والمحللين الاجانب اشاروا بإصبع الاتهام الى الجماعة السلفية. وتتهم الوحدات شبه العسكرية الموالية للحكومة أنصار الشريعة بالضلوع في عدة حوادث عنيفة في بنغازي في الاشهر الاخيرة. وتشعر المدينة التي تقع في شرق ليبيا بالظلم بشأن سيطرة غرب ليبيا على النفط الذي يتم ضخه من الشرق.

وبعد عام من انتهاء حكم القذافي ما زالت الميليشيات المسلحة التي نشأت اثناء الانتفاضة توفر ما يمكن اعتباره بديلا للأمن الرسمي عندما لا تهدد هي نفسها الامن. ويراهن الزعماء الجدد في ليبيا الذين يساندهم الغرب على أن بمقدورهم إيجاد توافق سياسي يستعيد السلطة من الثوار المسلحين في الشوارع قبل ان يفلت زمام التنافس دون رجعة.

وقال جهاني ان المواطنين الامريكيين سيصبحون أهدافا مشروعة اذا ارسلت واشنطن أي قوات لاستهداف الجماعات الاسلامية. وقال ان الليبيين سيبدؤون الجهاد وستتلقى الولايات المتحدة ضربات أشد مما لحق بها في افغانستان وانه حتى المواطنين الامريكيين سيتم استهدافهم لان الوجود الامريكي سيعتبر غزوا. وقال جهاني ان السياسة الامريكية هي المسؤولة عن النتيجة وكان على الولايات المتحدة ان تكون أكثر دراية بغيرة المسلمين على رموزهم الدينية وان تعرف ان هذا سيجلب عليها غضب المسلمين جميعا فكان عليها ان تضع سفيرها في مكان آمن لفترة من الوقت.

وقال بعض المسؤولين الليبيين ان الهجوم على القنصلية لم يكن تلقائيا وإنما كان مدبرا ليتزامن مع الذكرى السنوية لهجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 وردا على قتل قيادي ليبي كبير بالقاعدة. وقال جهاني ان كتيبة أنصار الشريعة غير مستعدة لتسليم سلاحها الى ان يتم تطهير الوحدات العسكرية الموالية للحكومة مما وصفه بفلول عهد القذافي.

وأكبر تحد تواجهه السلطات الليبية الجديدة هو بسط سلطتها على عدد الجماعات المسلحة الكثيرة التي ترفض تسليم السلاح. وينظر كثيرون بعين الشك الى المستقبل بسبب فشل الجهود المتعاقبة على مدى العام الاخير في اقناع الميليشيات بحل نفسها وتسليم سلاحها أو إعلان ولائها بوضوح للقيادة الانتقالية التي تعاني هي نفسها من التشرذم.

وقال جهاني ان الجيش لم يطهر نفسه حتى الان من فلول النظام القديم ورجال القذافي فكيف يمكن التخلي عن السلاح وتسليم الرقاب لأشخاص غير قادرين على تحقيق الامن ويفتقرون للكفاءة. وتقول كتيبة أنصار الشريعة ان بعض أنصار القذافي انضموا الى بعض الميليشيات ويتقاضون الان رواتب من الحكومة. وتقول الجماعة التي فقدت كثيرا من مقاتليها على الجبهة انها تعرضت لحملة لتهميشها وتقويضها. وقال جهاني ان كتائب مثل انصار الشريعة التي امضى كثير من كبار قادتها سنوات في سجون القذافي سيقاومون أي نظام سياسي جديد يمكن المعارضين المخضرمين الذين أمضوا سنوات في منفى مريح في الغرب ويستبعد من دفعوا ثمنا غاليا من أجل حرية البلاد.

من جهة اخرى حذر رئيس المؤتمر الوطني الحاكم في ليبيا من الاخطار المحدقة بليبيا بسبب عدم قدرتها على انشاء جيش وطني متماسك بعد ان كشف هجوم دامي على القنصلية الأمريكية في بنغازي عن وجود فراغ امني. وقال محمد المقريف رئيس المؤتمر الوطني الذي انتخب في يوليو تموز ان توابع الهجوم قد تضر بعملية انتقال ليبيا إلى الديمقراطية وبالجهود الرامية إلى تشكيل حكومة قوية.

وقال المقريف متحدثا من منزله في بنغازي ان هذا العمل الذي وصفه بالقبيح ستكون له عواقب وخيمة على استقرار ليبيا وثورتها وان ما حدث هو نتاج الافتقار للرؤية وبسبب الفوضى. وقال ان هذا يدق بقوة اجراس الخطر. وأضاف انه يجب على الليبيين ان يدركوا ان بلادهم مهددة بأخطار كبيرة محدقة اذ ان من الواضح ان هناك اشخاصا لديهم "اجندة معينة" ليس لها علاقة بليبيا أو امنها ولا يفكرون في سيادة ليبيا او ما الذي قد تواجهه.

وقال المقريف انه كانت هناك حوادث في السابق استهدفت دبلوماسيين لكنها كانت محدودة وغابت عن الذاكرة تقريبا لعدم سقوط ضحايا. لكن حقيقة انها وقعت في الماضي يجب ان تكون بمثابة تنبيه لقوات الامن للتحلي باليقظة. وأبلغ المقريف قناة سي بي اس نيوز انه جرى اعتقال نحو 50 شخصا لصلتهم بالهجوم في بنغازي بعضهم من الخارج. وقال ان الهجوم يجب ان يقود رئيس الوزراء الجديد مصطفى ابو شاقور إلى اتخاذ اجراءات مضادة اكثر تشددا. وكان ابو شاقور الذي انتخبه المؤتمر الوطني العام رئيسا للحكومة صرح بانه سيسعى جاهدا على تحسين الامن بالبلاد. وقال المقريف ان المسألة خرجت الان من ايدي الليبيين وهذا يوجب ردود فعل قد تكون خطيرة للغاية.

وقادت ميليشيات التمرد الذي انهى حكم القذافي العام الماضي. وفي حين قلص كثيرون منهم انشطتهم وعادوا إلى مدنهم وقراهم أو اندمجوا في اجهزة الامن الوطنية لم يتخل اخرون عن اسلحتهم. وقال رئيس المؤتمر الوطني العام الذي يضم 200 عضو وسيقود ليبيا إلى الانتخابات بعد كتابة الدستور العام القادم انه لا توجد ارادة سياسية لضم الميليشيات تحت جناح الحكومة المركزية. وأضاف انه شعر بالصدمة لعدم وجود خطة شاملة تستند إلى رؤية واضحة لبناء الجيش وقوات الامن وقضية جمع الأسلحة من الميليشيات.

ومضى يقول ان بقاء الامور على هذا النحو من غموض والتباس ينذر بالخطر مضيفا انه يجب ان تكون هناك ارادة سياسية للتعامل مع المسألة بكفاءة وفاعلية. وقال ان الموقف الذي تشهده ليبيا يبعث على الحزن ويجب الخروج منه على وجه السرعة والا فإن العواقب ستكون وخيمة.

وقال المقريف ان التأخير في فرض سيادة القانون وإنعاش الاقتصاد الليبي لن يزيد فحسب الشعور بالإحباط من قبل الليبيين العاديين ازاء البطء في عملية الاصلاح بل سيصب ايضا في مصلحة جماعات متطرفة تستلهم نهجا خارجيا. وتابع ان الثورة الليبية اندلعت بسبب الظلم والحرمان وتساءل ما الذي يمكن توقعه في حالة استمرار ذلك بعد الثورة عندما يستمر التهميش والفساد والفوضى.

وقال المقريف ان الهجوم على القنصلية الأمريكية يحمل كل الادلة على انه جرى التخطيط له مسبقا ولكن من السابق لأوانه معرفة من المسؤول عنه. وقال ان الهجوم سواء قامت به القاعدة او غيرها فانه من فعل جماعة لها "اجندة" للانتقام اختارت وقتا واسلوبا خاصا وضحايا معينين. وقال متحدث باسم الرئيس الأمريكي باراك اوباما ان المسؤولين ليس لديهم اي ادلة على ان الهجوم كان مخططا. وفور وقوع الهجوم نقل عن مسؤولين أمريكين رفضوا الكشف عن اسمائهم قولهم بأنهم يعتقدون ان الهجوم خطط ونظم له جيدا. وقال تنظيم القاعدة في جزيرة العرب في بيان ان احد دوافع الهجوم هو مقتل ابو يحيى الليبي الرجل الثاني في تنظيم القاعدة في باكستان. بحسب رويترز.

وقال المقريف ان المتطرفين يشكلون استثناء في ليبيا ولا يمثلون اي اهمية مشيرا إلى ان الليبيين يميلون إلى الاعتدال والاستعداد للتعايش مع الاخرين. وأضاف ان ليبيا لن تصبح ابدا مثل العراق او الصومال لان الليبيين على درجة من الوحدة الوطنية والحرص على بلدهم للوقوف ضد هذه القوى والوقوف صفا واحدا لحماية بلادهم ووحدها ومستقبلها وثورتها.

استقالة مسؤول امني كبير

في السياق ذاته تصاعد التوتر داخل الاجهزة الامنية في بنغازي بعد استقالة مسؤول امني كبير ورفض ضباط اقالة رؤسائهم. واعلن رئيس اللجنة الامنية العليا في مدينة بنغازي شرق ليبيا فوزي ونيس القذافي استقالته من منصبه متحدثا عن "مشاكل" داخل الجهاز الامني. وقال القذافي "هناك مشاكل في وزارة الداخلية وتوجد خلافات بين اجهزة الامن". واضاف ان "ظروف العمل لم تعد كالسابق وبالتالي فقد قررت الاستقالة".

وتأتي استقالة فوزي القذافي بعد يومين على اقالة مسؤولين كبار مكلفين الامن في شرق البلاد. فقد اقال وزير الداخلية الليبي فوزي عبد العال اثنين من المسؤولين الامنيين على خلفية ما شهدته بنغازي من احداث اقتحام مقر القنصلية الاميركية، كما اعلن مصدر رسمي. وقال المصدر ان وزير الداخلية "اقال مساعده في مناطق شرق ليبيا ونيس الشارف ومدير الامن الوطني في مدينة بنغازي العميد حسين بوحميدة"، وتعيين العقيد صلاح الدين دغمان خلفا له وتكليفه موقتا مهام الشارف، مساعد اول وكيل وزارة الداخلية.

وندد ثلاثون ضابطا في بنغازي بهذه القرارات وهددوا بالاستقالة. وقال هؤلاء الضباط في بيان تلاه متحدث باسم اجهزة الامن في بنغازي هو عز الدين الفزاني "نرفض بقوة القرارات الصادرة عن وزارة الداخلية التي لم تكن مدروسة وهي لا تؤمن المصلحة العامة". وطالبوا من جهة اخرى بإقالة وزير الداخلية فوزي عبد العال الذي يعتبرونه "المسؤول الاول" عن الثغرات الموجودة داخل الاجهزة الامنية. بحسب فرنس برس.

وهدد هؤلاء الضباط ومن بينهم اربعة عقداء، بالاستقالة في حال لم تتراجع الحكومة عن قرارها. واعتبروا ان ونيس الشارف وحسين بوحميدة "كبشي محرقة" للهجوم الذي وقع في 11 ايلول/سبتمبر ضد القنصلية الاميركية في بنغازي. وقالوا ان وزير الداخلية لم يتصل بالمسؤولين الامنيين في شرق البلاد خلال الهجوم.

صورة جديدة

على صعيد متصل قالت مصادر حكومية أمريكية ان القنصلية الامريكية في مدينة بنغازي الليبية لم تكن قلقة في البداية من الاحتجاجات المتناثرة التي وقعت في ذكرى هجمات 11 سبتمبر ايلول عام 2001 على الولايات المتحدة لكن الوضع تغير فجأة حين ارسلت القنصلية برقية تقول فيها ان المبنى يتعرض لهجوم عنيف.

وتكشف معلومات جديدة شن المهاجمين هجوما بالمقذوفات الصاروخية وقذائف المورتر أدى الى مقتل أربعة أمريكيين من بينهم السفير الامريكي في ليبيا كريستوفر ستيفنز ان المحتجين في البداية كانت اعدادهم قليلة ولا يشكلون تهديدا. وعلى الرغم من بقاء الكثير من التساؤلات دون اجابة اختلفت التقارير الجديدة عن المعلومات الاولية التي قدمتها حكومة الرئيس الامريكي باراك أوباما التي لمحت الى ان المحتجين امام القنصلية الغاضبين من فيلم مسيء للنبي محمد لعبوا دورا رئيسيا في التعجيل بالهجوم العنيف اللاحق.

ووصف مسؤول امريكي كبير في مكافحة الارهاب الهجوم بانه "هجوم ارهابي." كما تردد ان مسؤولي المخابرات الامريكية يدرسون عن كثب امكانية تورط منظمة القاعدة ببلاد المغرب الاسلامي. وخلال الايام القليلة الماضية خفف مسؤولو ادارة أوباما من تأكيداتهم على ان الهجوم لم يكن مخططا له مسبقا وبدأوا يقولون انه على الرغم من عدم توفر معلومات تفيد بذلك الا ان كل الحقائق لم تعرف بعد.

وأصبح النقاش حول ما اذا كانت جماعة متشددة هي التي خططت للهجوم وما اذا كانت القنصلية الامريكية تتوفر لها الحماية المطلوبة وقودا لموسم الانتخابات حيث طالب أعضاء جمهوريون في الكونجرس بالحصول على اجابات على الاسئلة المطروحة في الوقت الذي سعت فيه الحكومة الديمقراطية لاوباما الى تفادي الانتقادات الموجهة لها بشأن ضرورة ان تكون أفضل استعدادا.

وظهرت بعض التفاصيل الجديدة عن الترتيبات الامنية في القنصلية الامريكية في بنغازي. وقال مساعدون في الكونجرس شريطة عدم الكشف عن هوياتهم انه كان في القنصلية خمسة ضباط أمن تابعين لشركة مدنية. وقالت الخارجية الامريكية انها متعاقدة مع شركة امن خاصة اسمها بلو ماونتن جروب ومقرها بريطانيا لتوظيف مواطنين ليبيين للقيام بإجراءات امنية في بنغازي منها تشغيل أجهزة الكشف عن مواد معدنية ورصد اي متفجرات في السيارات.

وأثار مشرعون جمهوريون تساؤلات حول الترتيبات الامنية في منطقة أصبحت الاسلحة متوفرة فيها على نطاق واسع بما في ذلك اسلحة متطورة نهبت من ترسانات الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي. وقال هاوارد مكيون رئيس لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب الامريكي انه "منزعج للغاية من نقص الدعم الذي عانى منه السفير (الامريكي) نقص الحماية."

وقال مكيون بعد اجتماع مغلق قدم فيه مسؤولو وزارة الدفاع الامريكية (البنتاجون) معلومات "ليس لدينا أفراد عسكريون هناك." وقال ان هذا "غير مفهوم" بعد هجوم على القنصلية في وقت سابق من العام. ودافعت هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية الامريكية في وقت سابق عن الترتيبات الامنية. وقالت "دعوني أؤكد لكم ان أمننا في بنغازي يشمل وحدة من قوات الامن للدولة المضيفة بالإضافة الى قوة حراسة محلية من النوع الذي نعتمد عليه في اماكن كثيرة من العالم."

ووصف ماثيو اولسن مدير المركز الوطني لمكافحة الارهاب الهجوم بانه "هجوم ارهابي" يبدو حتى الان كضربة "انتهازية...بدأت وتطورت وتصاعدت على مدى عدة ساعات." وخلال جلسة استماع في مقر الكونجرس تفادى سؤال من السناتور سوزان كولينز عن وجود مؤشرات لحدوث اتصال بين عناصر متطرفة وحراس القنصلية المحليين. وقال "اعتقد انه من الافضل مناقشة هذا في جلسة (سرية مغلقة) . بحسب رويترز.

وصرح مسؤولون أمريكيون بأن امكانية هذا التواطؤ واردة في تحقيقاتهم. ومن المقرر ان تطلع كلينتون وجيمس كلابر مدير المخابرات الوطنية المشرعين على أحدث المعلومات خلال جلسة مغلقة. وتأخر في البداية وصول محققي مكتب التحقيقات الاتحادي (اف.بي.اي) الى ليبيا بسبب مخاوف أمنية. وصرح مسؤولون امريكيون بأن فريقا للتحقيق وصل الى طرابلس الان ومن المقرر ان يصل الى بنغازي وهدفهم هو معرفة ما حدث على أرض الواقع ومن المسؤول. وقال أعضاء جمهوريون في الكونجرس انهم يتفقون مع رأي مسؤولين ليبيين قالوا ان الهجوم كان مدبرا.

محاولة انقاذ السفير

من جهة اخرى اظهر شريط فيديو صوره احد الهواة في 11 ايلول/سبتمبر اثر الهجوم الذي تعرضت له القنصلية الاميركية في مدينة بنغازي، ليبيين يحاولون اسعاف شخص هو السفير الاميركي كريس ستيفنز الذي قتل في الهجوم. ويظهر الشريط الذي بث على الانترنت احد الشبان المتجمعين حول جثة السفير يقول "هل هناك طبيب؟"، فيما يضع شاب اخر يده على عنق الضحية ليتأكد ما اذا كان لا يزال قادرا على التنفس.

وفي مشهد آخر، يبدو متظاهرون يخرجون جثة من نافذة مبنى محترق ثم يضعونها على الارض. ويقول احدهم "لقد مات" فيما يصرخ اخرون "انه حي، انه حي، اخرجوه". ويعرب شبان عن فرحتهم ويصيحون "الله اكبر". ويقول صوت آخر: "انه اجنبي، انه اجنبي". وقال فهد البكوش الذي صور الفيديو انه واصدقاءه وصلوا الى المكان عند منتصف الليل بعد ان علموا بوقوع هجوم على القنصلية. واضاف "كان هناك اناس يدافعون عن القنصلية واخرون يحاولون نهبها".

من ناحيته، قال الصحافي المحلي أحمد الفراج الذي كان متواجدا ايضا في المكان ان "اكتشاف السفير كان بالصدفة وحصل عندما داس احدهم عليه" في الظلمة. واضاف ان "الناس لم يعرفوا انه السفير وظنوا انه فقط اميركي حوصر في المبنى". واوضح مع اثنين مع اصدقائه كانوا في المكان ان السفير كان حيا في ذلك الوقت. وقد قام احد الاشخاص بنقله بسيارته الى المستشفى.

واكد احدهم ويدعى احمد شمسي ان "البعض حاولوا ابعاد الناس عنه كي يتمكن من التنفس وانه كان لا يزال يحرك عينيه"، مضيفا ان السفير كان "يتنفس". بحسب فرنس برس.

أما سيف الدين زغبية الطبيب في المركز الطبي في بنغازي والذي كان مناوبا عندما نقل السفير اليه، فقال وصل اناس وهم يدفعون نقالة عليه مريض يبدو انه تعرض لحروق". واضاف "كانوا يركضون لان شخصا ما كان على وشك الموت. وقد ارادوا انقاذه باي ثمن. جئت وتأكدت من نبضه ولكنه كان بدون نبض". واشار الطبيب الى ان الطاقم حاول عبثا لمدة نصف ساعة انعاشه. واوضح ان السفير قضى اختناقا ولم تظهر اي علامة تعذيب على جثته. وقال ايضا "في البدء، لم اكن اعرف انه السفير او انه اميركي".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/أيلول/2012 - 6/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م