البحرين... سلطات مخادعة وشعب مقهور

متابعة: عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: برغم من التنديد والاستنكار المتزايد من قبل العديد من الأوساط والمنظمات الدولية والحقوقية لاتزال السلطات البحرينية تمارس اجراءاتها القمعية ضد المتظاهرين العُزل المطالبين ببعض الاصلاحات السياسية المهمة في البلاد، ويرى بعض المراقبين والمهتمين بقضايا حقوق الانسان ان قوات الامن البحرينية وبتوجيهات من السلطات الحاكمة لاتزال مستمرة باستخدام اساليب العنف والقسوة المفرطة ضد المتظاهرين والمحتجين والتي تسببت بسقوط العديد من الضحايا وهو ما يعد انتهاك صريح لكل مبادئ حقوق الانسان، هذا بالإضافة الى تشديد العقوبات القضائية بحق المعارضين واستخدام طرق الفبركة والتحايل في سبيل تضليل الرأي العام الذي لايزال ينتظر تنفيذ وعود الاصلاح التي تعهدت بها تلك السلطات والتي اعتبرها البعض وعود زائفة بهدف المماطلة والخداع، وفي هذا السياق اتهم الاتحاد الدولي لحقوق الانسان السلطات في البحرين بالنكث بوعودها بتطبيق اصلاحات بعد قمعها العنيف لتظاهرات 2011 التي دعت اليها المعارضة الشيعية. ففي تقريره الاخير بعنوان "اسكات المعارضة: سياسة قمع منهجية" اعتبر الاتحاد انه "بالرغم من وعود ملك (البحرين) ما زالت الاصلاحات غير كافية على الاطلاق".

وتقدم الوثيقة خلاصات تحقيق استمر اكثر من عام حول سياسات وممارسات سلطات البحرين بعد قمع التظاهرات العارمة التي هزت العاصمة المنامة في شباط/فبراير 2011 في اعقاب الثورات الشعبية التي شهدتها دول عربية. ويقود الشيعة حركة المعارضة ويطالبون بملكية دستورية في البلاد التي يشكلون الاغلبية فيها. ووعد الملك حمد بتغييرات تتماشى مع توصيات لجنة تحقيق مستقلة بخصوص العنف الذي مارسته السلطات في اثناء قمع التظاهرات. غير ان عدة منظمات دولية اهتمته تكرارا بالامتناع عن اجراء الاصلاحات الاكثر اهمية. بحسب فرنس برس.

وصرحت رئيسة الاتحاد سهير بلحسن "بالرغم من بذل سلطات البحرين بعض الجهود لتلبية التوصيات الكثيرة (التي اصدرتها اللجنة) يخلص التقرير الى ان الحكومة ما زالت تنكر يوميا على اغلبية من مواطني البحرين حقوقهم الاساسية". واشار تقرير الاتحاد الى مقتل 80 شخصا في البلاد منذ انطلاق الاحتجاجات في 14 شباط/فبراير 2011 من بينهم 34 شخصا بعد نشر تقرير اللجنة المستقلة في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2011. فحتى اليوم ما زال ناشطون حقوقيون في السجن حيث يتعرض بعضهم لعقوبة السجن مدى الحياة بسبب تظاهرهم. كما اوصى الاتحاد بأنشاء آلية دولية للأشراف على تطبيق الاصلاحات التي اوصت بها لجنة التحقيق المستقلة.

مطالب دولية

من جهة اخرى حثت الولايات المتحدة البحرين على الاسراع في اجراء اصلاحات ديمقراطية والدخول في محادثات ذات مغزى مع جماعات المعارضة لضمان الاستقرار في الدولة الخليجية الحليفة في هذا الوقت الحساس. وقال مسؤول امريكي رفيع ان على البحرين ان توقف استخدام الشرطة للقوة المفرطة ومحاكمة قوات الامن بسبب جرائم مزعومة ذات صلة بالاحتجاجات الحاشدة ومن بينها جرائم تعذيب وقتل لمحتجزين.

وقال مايكل بوزنر مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الديمقراطية وحقوق الانسان والعمال للصحفيين في جنيف "عندما يكون البحرين مستقرا وديمقراطيا وقويا وعندما يتم التعامل مع مسائل حقوق الانسان فيه بشكل ملائم فسيصبح حليفا قويا وهذا ما نحتاجه." واضاف ان الولايات المتحدة تقدر "العلاقة الامنية القوية" القائمة منذ 60 عاما بينها وبين البحرين التي تستضيف الاسطول الخامس الامريكي "خاصة في ضوء الامور التي تجري في الخليج الان."

وقال ان التقدم في تحقيق الاصلاحات تباطأ وانه لم تجر أي محاكمات ناجحة لأي شخص متورط في حالات تعذيب وقتل في السجون. وقال "الحقيقة هي ان عددا من الناس والشرطة وآخرين ارتكبوا انتهاكات في فبراير ومارس الماضيين ولم يحاسبوا." وحث بوزنر البحرين على السماح بقيام النقابات العمالية الحرة واسقاط التهم الجنائية ضد المحتجين سلميا.

وقال بوزنر "يجب التعرض لموضوعات حقوق الانسان تلك لتوفير بيئة يمكن للمجتمع عندها ان يشارك في حوار او مفاوضات بشأن مستقبله السياسي." واضاف "نحن قلقون ايضا بشأن العنف في الشارع. انه مزيج لقنابل حارقة.. شبان صغار يلقون اشياء على الشرطة لكن الشرطة تبالغ في الرد وتستخدم القوة المفرطة وكميات كبيرة من الغاز المسيل للدموع."

وقال بوزنر امام مجلس حقوق الانسان التابع للامم المتحدة ان البحرين في مفترق طرق. وقال انها أظهرت "شجاعة كبيرة" العام الماضي حين أنشأت وقبلت توصيات اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق لكنها تراجعت بعد عشرة اشهر من التنفيذ. وفي الرابع من سبتمبر ايلول أيدت محكمة مدنية بحرينية أحكاما بالسجن تتراوح بين خمسة و25 عاما على زعماء للانتفاضة الداعية للديمقراطية التي اندلعت العام الماضي وهو حكم يمكن ان يثير المزيد من الاضطرابات.

وقالت ندى ضيف التي كان قد صدر عليها في البداية حكم بالسجن 15 عاما لمساعدتها في إقامة خيمة لعلاج المحتجين في كلمة امام جلسة مجلس حقوق الانسان "النشطاء ليسوا مجرمين." وحثت على الإفراج عن جميع السجناء السياسيين. وقالت مريم الخواجة القائمة بأعمال رئيس مركز البحرين لحقوق الانسان إن الانتهاكات لاتزال منتشرة على نطاق واسع وأضافت ان اللجوء الى القوة المفرطة لايزال أداة لقمع الاحتجاجات اليومية باستخدام لم يسبق له مثيل للغاز المسيل للدموع خلال الاحتجاجات وداخل المناطق السكنية وأن الاعتقالات التعسفية وضرب المعتقلين مازال مستمرا.

وطالبت بريطانيا والنمسا بمزيد من الاصلاحات في البحرين خلال المناقشة في إطار المراجعة المعتادة لأوضاع كل الدول الاعضاء في الامم المتحدة. وقالت كارين بيرس مندوبة بريطانيا "محاسبة من ارتكبوا هذه الجرائم بما في ذلك قوات الأمن ضرورية. نشترك في المخاوف بشأن إصدار الأحكام ونؤكد الحق في حرية التعبير وفي الاحتجاج السلمي." بحسب رويترز.

واعلن وزير الخارجية البحريني خالد بن احمد ال خليفة في جنيف، ان بلاده توافق على "90%" من التوصيات التي اعدتها الامم المتحدة في ايار/مايو الماضي على صعيد حقوق الانسان، فيما انتقدت الامم المتحدة تباطؤ المنامة في تطبيق الاصلاحات. وقال وزير الخارجية البحريني في مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة ان "الحكومة البحرينية تسرها الموافقة التامة على 145 توصية (من اصل 176) وعلى 13 توصية بصورة جزئية". واضاف "لقد بدأنا اصلاحات غير مسبوقة"، مشيرا بالتفصيل الى تشكيل وحدة خاصة مهمتها التحقيق في تصرفات عناصر الشرطة.

واقر وزير الخارجية البحريني بأن "تحديات كبيرة ما زالت قائمة"، لكنه اعتبر ان "على جميع شرائح المجتمع الاضطلاع بدور بناء". وقال "البعض ويا للأسف يعتقد بأن استمرار الاضطرابات في الشارع يعطيه مكاسب سياسية انهم يؤججون نيران التطرف والعنف". وقال وزير الخارجية البحريني إنه يجري التحقيق مع عشرات من أفراد الشرطة وإنه بدأت محاكمة 23 مما أسفر عن ثلاث إدانات وأحكام حتى الآن. وتم سداد تعويضات قيمتها 2.6 مليون دولار لأسر 17 من القتلى حتى الآن. وطالب بأن يسلك الجميع طريق الحوار لا الدعاية. وألغى الوزير فجأة مؤتمرا صحفيا كان مقررا مسبقا.

تهديدات وانتهاكات

في السياق ذاته قالت وزارة الداخلية إن السلطات البحرينية بصدد اتخاذ الاجراءات القانونية ضد جمعية الوفاق المعارضة لتنظيمها مسيرة مناهضة للحكومة بدون ترخيص اعتقل خلالها ستة محتجين. ولم يتضح على الفور ما الذي يمكن ان ينطوي عليه هذه الاجراءات لكن سبق للحكومة أن هددت بحظر الجمعية ويأتي بيانها رغم نداءات من واشنطن للقادة البحرينيين لمواصلة حوار هادف مع المعارضة.

وتطالب احزاب المعارضة بقيادة الوفاق بصلاحيات كاملة لبرلمان منتخب يتولى مهمة التشريع ويقوم بتشكيل الحكومات. ويشكو كثير من الشيعة من التهميش السياسي والاقتصادي وهو ما تنفيه الحكومة. وقال بيان لوزارة الداخلية وزعه مكتب العلاقات العامة للحكومة "تؤكد وزارة الداخلية على ان جمعية الوفاق قد أصرت على مخالفة القانون وانها تتحمل مسؤولية ما حدث من ترويع وما وقع من جرائم واعمال خارجة على القانون."

وذكر البيان ان الوزارة أبلغت جمعية الوفاق قبل يوم من المسيرة بمنع تنظيمها وان المتظاهرين شاركوا في "قطع الطرق واعمال الشغب والتخريب وترويع الآمنين واصحاب المحلات التجارية ما دعاهم الى اغلاقها حفاظا على ممتلكاتهم وسلامتهم." وتابع البيان قائلا "وتشدد (الوزارة) على ان ممارسة الحقوق والحريات العامة ومنها حرية التعبير والتجمع لا تشمل الاضرار بالاقتصاد الوطني ولا تعني الفوضى واثارة الشغب والتخريب وتحدي القانون." واضاف البيان ان الوزارة رفعت ايضا دعاوى قضائية امام المدعي العام ضد المحتجين المعتقلين الستة.

وانتقدت جمعية الوفاق السلطات لحظرها المسيرة وقالت في بيان بالبريد الالكتروني ان شرطة مكافحة الشغب استخدمت العنف ضد المحتجين السلميين. واضافت أن النظام سد "بشكل تعسفي" كل الطرق الي العاصمة وان قوات الامن انتشرت بكثافة في المدينة واستخدمت "كل انواع الاسلحة ضد المحتجين". وقال جاسم حسين احد زعماء الجمعية ان الوفاق تعرضت للتهديد في السابق لكن لهجة بيان وزارة الداخلية تظهر أن الامر ربما يكون اكثر خطورة من اي وقت مضى. واضاف ان الوزارة لم تهدد بعد بحظر الجمعية لان البيان تحدث عن اجراءات قانونية.

واغلقت المركبات المدرعة وشرطة مكافحة الشغب بعض الطرق الرئيسية المؤدية الى المدينة لكن عشرات المحتجين شاركوا في المسيرة التي روج لها على موقع تحت اسم "الحرية لسجناء الضمير". وأدانت الوفاق تأييد محكمة مدنية لاحكام صدرت بالسجن لمدد تتراوح بين خمس سنوات و25 سنة على زعماء انتفاضة العام الماضي. بحسب رويترز.

واستخدمت الشرطة البحرينية الجمعة الغاز المسيل للدموع لتفريق عشرات المتظاهرين الشيعة الذين حاولوا اعادة التجمع في المنامة للمطالبة بالافراج عن شخصيات معارضة على ما نقل شهود. واراد المتظاهرون الاحتجاج على حكم استئناف اكد عقوبات قاسية بحق 13 معارضا لعبوا دورا رئيسيا في انتفاضة 2011 التي قادها الشيعة الذين يشكلون الاغلبية في البلاد التي تحملها اسرة آل خليفة السنية. وحكم على سبعة معارضين بالسجن مدى الحياة من بينهم الناشط من اجل حقوق الانسان عبد الهادي الخواجة. وانتقدت الولايات المتحدة وفرنسا والامم المتحدة هذا القرار. ودعت خمس حركات معارضة بحرينية من بينها الوفاق الى الافراج عن المعتقلين على الفور واعتبرتهم "سجناء رأي".

من جانب اخر قالت جمعية الوفاق الشيعية البحرينية ان قوات الامن فتحت النار على تظاهرة في قرية شيعية ما اسفر عن اصابة عضو في المجلس البلدي للقرية بحروح واعتقاله. وذكر بيان للجمعية ان الشرطة اطلقت على "متظاهرين سلميين" في قرية سترة جنوب المنامة طلقات سلاح الشوزن الخاص بصيد الطيور والحيوانات والذي تستخدمه القوى الامنية في البحرين للتعامل مع الاحتجاجات. واشارت الجمعية الى ان العضو فيها وفي المجلس البلدي للقرية اصيب في الظهر. واظهرت صورة وزعتها الجمعية الرجل مصابا بجروح ناجمة عن كريات طلقة الشوزن على يده اليمنى وكتفه، فيما كانت اذنه تنزف. وذكر البيان ان الشرطة اعتقلت ربيع من مستشفى خاص.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 23/أيلول/2012 - 6/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م