النفط العراقي وزيادة الصادرات

آمال تفوق سقف التوقعات

 

شبكة النبأ: يواصل العراق مساعيه الجادة والمستمرة لتطوير القطاع النفطي الذي يعتبر أهم ركيزة اقتصادية لهذا البلد، ويرى الكثير من المراقبين انه وبرغم من استمرار الصراع السياسي بين الكتل والأحزاب العراقية والتي أثرت بشكل سلبي على مسيرة التطور والنمو لكن هنالك مساعي جادة وحثيثة لتطوير قطاع النفط الذي يشهد زيادة في معدلات التصدير، وفي هذا السياق قال وزير النفط العراقي عبد الكريم لعيبي إنه يتوقع أن تصل صادرات النفط إلى 2.9 مليون برميل يوميا العام القادم ثم 3.5 مليون برميل يوميا في 2014 و3.75 مليون برميل يوميا في 2015. ويبلغ الإنتاج الحالي 3.2 مليون برميل يوميا وهو أعلى مستوى في ثلاثة عقود والصادرات 2.6 مليون برميل يوميا في المتوسط منذ مطلع الشهر. وتوقع ليعبي في تصريحاته للصحفيين أن تتجاوز الصادرات 2.6 مليون برميل يوميا هذا الشهر. ويطمح العراق إلى تعزيز طاقة الإنتاج بمساعدة الشركات الأجنبية إلى أكثر من 12 مليون برميل يوميا بحلول عام 2017 لكن ثبت عدم واقعية هذا الهدف بسبب مشاكل في البنية التحتية.

ومن المتوقع أن يستهدف البلد ثمانية ملايين إلى 8.5 مليون برميل يوميا لكن بعض محللي النفط ومسؤولي الشركات يرون أنه حتى الوصول إلى ستة ملايين برميل يوميا بحلول 2017 سيكون هدفا بعيد المنال للبلد الذي أنهكته الحرب. ومن شأن أي زيادة في الإمدادات العراقية أن تعوض نقص الخام الإيراني في السوق وأن تكبج الأسعار في وقت تتعرض فيه الصادرات الإيرانية لعقوبات غربية.

ويسعى العراق الذي يتعافى من عقود من الحرب والعقوبات المدمرة لتعزيز إمداداته النفطية. ويصدر البلد معظم إنتاجه من النفط الخام من موانئ جنوبية على الخليج. وتجاوز العراق الذي لديه خطط طموح لمضاعفة إنتاجه النفط على مدى الأعوام الثلاثة القادمة مستوى الثلاثة ملايين برميل يوميا للمرة الأولى في ثلاثة عقود ليتخطى إيران ويصبح ثاني أكبر منتج للنفط في أوبك بعد السعودية. بحسب رويترز.

وقال فلاح العامري مندوب إيران الدائم لدى أوبك ومدير شركة تسويق النفط العراقية (سومو) للصحفيين إن الإنتاج الحالي يبلغ 3.2 مليون برميل يوميا وإن بلاده تجاوزت إيران بسبب تدهور إنتاج الأخيرة. وارتفعت صادرات العراق إلى 2.565 مليون برميل يوميا في المتوسط في أغسطس آب مسجلة أعلى مستوياتها في ثلاثة عقود.

في السياق ذاته قال مسؤول عراقي كبير إن حكومة العراق المركزية وإقليم كردستان اتفقا على إنهاء نزاع يتعلق بمدفوعات نفطية بعد أن تعهدت كردستان باستمرار الصادرات وتعهدت بغداد بدفع مستحقات الشركات الأجنبية العاملة في الاقليم. ويسوي القرار جزءا من خلاف أكبر بين بغداد وكردستان حول السيطرة على النفط والأراضي أثر أيضا على شركات نفطية كبيرة مثل اكسون موبيل وشيفرون وتوتال.

وقال روز نوري شاويس نائب رئيس الوزراء العراقي إن كردستان ستواصل ضخ حصتها من صادرات النفط الوطنية التي تبلغ حاليا نحو 120 ألف برميل يوميا وستزيد الإنتاج إلى 200 ألف برميل يوميا. وقال مكتب شاويس في بيان إن الطرفين اتفقا على تسوية كل الخلافات وسداد مستحقات الشركات النفطية الاجنبية العاملة في كردستان وفقا لقانون الميزانية.

وأضاف أن الجانبين اتفقا ايضا على استمرار تصدير النفط من المنطقة عبر خط انابيب النفط العراقي والعمل على تعزيز الانتاج إلى 200 ألف برميل يوميا كمرحلة أولى. وتصدر منطقة كردستان حاليا نحو 120 ألف برميل يوميا ضمن صادرات النفط الوطنية لكن بغداد تقول إن الكمية ينبغي أن تكون 175 الفا وفقا لما هو متفق عليه.كانت كردستان أوقفت في أبريل نيسان شحناتها من النفط احتجاجا على عدم سداد مستحقات للشركات العاملة في الإقليم من الحكومة المركزية.

ومازال الخلاف قائما بين بغداد وكردستان بشأن شركات نفطية كبرى مثل اكسون موبيل وشيفرون اللتين وقعتا اتفاقات تنقيب مع الحكومة الكردية وهي عقود تصفها الحكومة المركزية بأنها غير قانونية. وتحصل كردستان وهي منطقة شبه مستقلة لها سلطاتها وقواتها المسلحة منذ 1991 على تمويل من الحكومة المركزية وتستخدم انابيب النفط الوطنية لتصدير نفطها. وتقول بغداد إن الحكومة المركزية فقط هي التي لها حق تصدير النفط والغاز المنتج في البلاد. بحسب رويترز.

وتتطلع المنطقة الكردية لمزيد من الاستقلال في قطاع الطاقة. وتصدر كردستان بالفعل منتجات ثانوية من الوقود السائل إلى تركيا في مقابل وقود الديزل والكيروسين لتشغيل محطات الكهرباء بالاقليم. وتعطل مشروع قانون وطني للنفط يهدف لتسوية الخلافات بشأن الخام بسبب صراع سياسي مستمر منذ سنوات إلا أن بغداد وكردستان تقولان إن هناك تقدما صوب التوصل لاتفاق بشأن القانون.

استثمار ومشاكل

على صعيد متصل اعلن متحدث رسمي عراقي ان وزارة النفط العراقية ستقدم امتيازات اكبر للشركات الاجنبية التي ستتنافس لاستثمار رقع الغاز الاستكشافية التي سيعلن عنها في جولة تراخيص خامسة يحدد موعدها قريبا. وقال المتحدث باسم الوزارة عاصم جهاد "سيتم اعطاء امتيازات اكثر للشركات الاجنبية لتشجيعها على تطوير الرقع الغازية الاستكشافية".

واوضح ان التغيير في العقود "يشمل الاحكام والجوانب المالية التي سيتم مراعاتها بالاستفادة من التجارب السابقة" في اشارة لجولات التراخيص السابقة. واشار المتحدث الى ان "الصيغة النهائية للعقود سيتم اعدادها في ورشة بالتنسيق مع الشركات الاجنبية". ويطمح العراق الى سد حاجته وزيادة احتياطه من الغاز، وفقا للمتحدث.

وكان نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني قال "لا بد من اعادة النظر في عقودنا ولا يمكن اعتماد نفس صيغة العقد لحقل عملاق معروف مع منطقة صحراوية غير معروفة"، مشيرا الى وجود "دراسة في وزارة النفط لتطوير نموذج العقد لجعله اكثر جاذبية للشركات النفطية".

من جانب اخر أظهرت وثائق لوزارة النفط العراقية أن تأخر انشاء خط أنابيب عراقي يهدد بتوقف انتاج حقل مجنون الذي تشغله رويال داتش شل لمدة ثلاثة أشهر على الأقل ما سيؤدي لعدم وفاء الحقل بهدف انتاج 175 الف برميل يوميا في 2012. ووفقا للوثائق التي اطلعت عليها رويترز فقد طلبت شل من العراق استثناء لبدء استرداد التكاليف إذا لم يحقق حقل مجنون أول أهداف انتاجه التجاري بنهاية العام وهو شرط لاسترداد التكاليف طبقا للعقد.

وتسلط المتاعب التي تواجهها شل الضوء على مشاكل البنية التحتية التي تواجهها شركات النفط في الدولة العضو بمنظمة أوبك. وبدأت بعض الشركات النفطية الكبرى توقيع صفقات مع اقليم كردستان العراقي شبه المستقل والذي يقولون إنه يتيح ظروفا أفضل مما تتيحه الحكومة المركزية في الحقول الجنوبية.

وحقل مجنون مغلق للصيانة. لكن وثيقة أرسلتها شل إلى وزارة النفط قالت إن تأخر أعمال التطوير قد تؤجل استكمال خط الانابيب الجديد حتى الربع الأول من العام المقبل. وقال الخطاب الرسمي الذي أرسلته العضو المنتدب لدى شل في حقل مجنون "مازال عدم اليقين بشان اتمام خط أنابيب الانتاج التجاري الأول... مبعث قلق رئيسيا."

وأظهرت وثيقة أخرى خاصة بوزارة النفط أن شل طلبت من رئيس شركة نفط الجنوب النظر في مقترحها لبدء استرداد التكاليف بنهاية 2012 في حالة عدم قيام العراق بتوفير خط تصدير لانتاج مجنون. وقالت الوثيقة إن هذا المبدأ سيقلص مخاطر الاستثمار بشكل ملموس.

وأقر مسؤول كبير بوزارة النفط العراقية طلب عدم نشر هويته ببطء تطور خط الانابيب لكنه قال إن شل متأخرة أيضا في أعمال تطوير مجنون لتعزيز الانتاج. وحقل مجنون الذي تقدر احتياطياته عند 12.6 مليار برميل واحد من الحقول الكبيرة في العراق إلى جانب الرميلة والمرحلة الأولى من غرب القرنة والزبير التي يطورها العراق بالتعاون مع شركات أجنبية في الجنوب.

وتقول شل إن انتاج حقل مجنون بلغ 54 ألف برميل يوميا في فبراير شباط لكنه بلغ 18 ألفا و600 برميل يوميا في المتوسط في الربع الاول من هذا العام وهو مستوى أقل كثيرا من المستهدف لنهاية العام. وكان الحقل ينتج نحو 45 ألف برميل يوميا حينما تولت شل تشغيله في 2010.

وانفقت شل منذ ذلك الحين نحو مليار دولار وتعتزم انفاق مليار دولار اخرى في 2012. ولا يمكن لخط الأنابيب الموجود حاليا في حقل مجنون وقطره 28 بوصة استيعاب الزيادة المنتظرة في انتاج الخام.

وفي مايو ايار من العام الماضي منح العراق وشريكتاه شل وبتروناس الماليزية عقدا بقيمة 106 ملايين دولار إلى دودسال ومقرها دبي لبناء خط انابيب بطول 79 كيلومترا من مجنون إلى محطة تخزين للخام قرب الزبير في جنوب العراق. ورفضت وزارة النفط الاتفاق بسبب التكاليف ومنحت المشروع لشركة تابعة للوزارة. ويقول مسؤولون نفطيون إنه ليس من المتوقع الانتهاء من خط الأنابيب قبل مارس اذار 2013.

لكن وثائق وزارة النفط أظهرت أن إدارة العقود العراقية قررت دفع المتأخرات المالية بعد بدء الانتاج التجاري. وقال المسؤول النفطي العراقي إن شركات تديرها الدولة تعمل بالفعل على تسريع انجاز خط الانابيب وإنه جرى التعاقد مع شركة خطوط انابيب البترول الصينية في الاونة الأخيرة لبناء جزء من الخط. بحسب رويترز.

لكنه أضاف أن عمليات الحفر في مجنون تمضي بوتيرة بطيئة إذ لم يتم الانتهاء من حفر سوى ثلاث آبار منذ تم ترسية عقد لحفر 15 بئرا في اغسطس اب 2010. وقال مشككا في قدرة شل على الوفاء بهدف انتاج 175 ألف برميل يوميا في 2012 إنها مازالت لم تنته بعد من بناء منشأتي انتاج بطاقة معالجة 100 ألف برميل من الخام وهو أمر ضروري لتعزيز الانتاج. ولم ترد شل على طلبات للتعليق على الوثائق. واغلق حقل مجنون للصيانة في 26 يونيو حزيران وقال مسؤول بالشركة إن من الصعب تحديد موعد لاعادة تشغيله.وقالت إحدى وثائق الوزارة إن الحقل قد يظل مغلقا لأربعة أشهر على الأقل بدءا من اول يوليو تموز 2012.

تراجع غير متوقع

من جهة أخرى حذر كبير الاقتصاديين لدى وكالة الطاقة الدولية من ان تراجعا غير متوقع في زيادة صادرات العراق من الطاقة سيشكل "خبرا سيئا جدا" بالنسبة الى اسواق العالم. وفيما اكد فاتح بيرول ان حدوث تراجع مماثل ليس في حسابات وكالة الطاقة بعد، ذكر انه من المحتمل ان يتضمن التقرير المقبل للوكالة في تشرين الاول/اكتوبر تقييما مماثلا خلال تناوله قطاع الطاقة العراقي.

ويأتي هذا التحذير في وقت يعيش فيه قطاع النفط العراقي مرحلة من الازدهار ترتفع معها معدلات الانتاج والتصدير بحيث تخطى العراق مؤخرا ايران ليحتل المرتبة الثانية بين الدول الاكثر انتاجا في منظمة الدول المصدرة للنفط (اوبك)، فيما يتوقع ان تزداد هذه المعدلات خلال السنوات المقبلة. وقال بيرول في مكتبه في باريس انه "اذا لم ينم واذا بقي النمو متواضعا مقارنة مع التوقعات، فان هذا الامر سيعني ان الصعوبات الكبيرة لا تزال تعترض العراق وستشكل خبرا سيئا جدا بالنسبة الى اسواق النفط العالمية".

واعتبر ان "الصين والدول الاوروبية ودولا اسيوية نامية ستكون الاكثر تاثرا بهذا الامر، على اعتبار ان الطلب المتزايد على النفط ياتي من الصين ودول اسيوية، كما ان ارتفاع الاسعار سيؤثر على الاقتصاد الاوروبي الهش اصلا". وشدد بيرول على ان هذا الامر يبقى "احتمالا غير متوقع"، لكنه راى انه "من المهم ان ننظر فيه، حيث انه يظهر ايضا مدى حاجتنا الى العراق، ويسلط الضوء على الدور الذي سيؤديه هذا البلد خلال السنوات المقبلة في اسواق الطاقة العالمية".

وقال ان وجهة نظره حيال قطاع الطاقة العراقي تقوم على ان العراق "سيلعب وبشكل مضطرد دورا محوريا في امداد الاسواق العالمية، وضمان ان ينمو انتاج النفط بطريقة صحيحة تاتي بالرخاء لشعبه وتتماشى مع زيادة الطلب على النفط حول العالم". وتابع بيرول "لا اعتقد ان هناك اي دولة تنافس العراق بحيث تستطيع ضخ كمية مماثلة من النفط في وقت قصير".

ورفض كبير اقتصاديي وكالة الطاقة الدولية تحديد نسبة تراجع النمو التي يمكن ان تؤثر على اسواق النفط العالمية، مشيرا الى ان تقرير الوكالة المقبل في التاسع من تشرين الاول/اكتوبر سيتضمن هذه الارقام. ويبلغ معدل انتاج النفط حاليا في العراق حوالى 3,2 مليون برميل يوميا، فيما ان معدل الصادرات يقدر بنحو مليونين ونصف مليون برميل. ويملك العراق ثالث احتياطي من النفط في العالم يقدر بنحو 143 مليار برميل بعد السعودية وايران، ونحو 3,2 تريليون متر مكعب من الغاز وهو احد اكبر احتياطات الغاز في العالم.

وتسعى بغداد الى زيادة الانتاج والتصدير بشكل كبير خلال السنوات المقبلة وذلك بهدف تحصيل ايرادات اضافية تساعد بشكل اساسي على اصلاح الاقتصاد والبنية التحتية في بلد يعيش حروبا وصراعات منذ اكثر من ثلاثة عقود. وتحدث بيرول عن توقعات بان يزداد الطلب على النفط في السوق الداخلي العراقي نتيجة محاولة الحكومة اصلاح قطاع الكهرباء وارتفاع معدلات الاستهلاك في مجتمع يزداد ثراء، وهو عامل قد يؤثر على عائدات النفط في المستقبل ويخلق تحديات سياسية وجيوسياسية ايضا. بحسب فرنس برس.

ورفض بيرول اعطاء تفاصيل حول التحديات الاكبر للعراق، لكنه لفت الى ان "وحدة العراق، وحدة اراضيه، امر ذو اهمية استثنائية"، في اشارة الى الخلافات حول صادرات النفط بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 22/أيلول/2012 - 5/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م