الاغتيال بواسطة الكواتم... ظاهرة تؤرق قوى الامن العراقية

علي الطالقاني

 

شبكة النبأ: في الوقت الذي يعاني فيه العراق من معادلات صعبة تسببت بأزمة سياسية معقدة حول ملفات عدة، لازالت التنظيمات الإرهابية تكابر وتضاعف جهودها من أجل البقاء مؤثرة في الساحة العراقية بعد ان باتت تشكو من نقص كبير في الإمدادات البشرية والمادية في محاولة مستميتة لاستغلال الفجوة السياسية الكبيرة بين الفرقاء السياسيين.

وتعد ظاهرة الاغتيال من الظواهر المخيفة في العراق وتكاد لا توجد فترة تخلو من هذه العمليات فان الاغتيالات في العراق آلية اعتمدتها المجموعات الارهابية حيث هناك تحولا في العمليات الاسلحة المزودة بكاتم للصوت أسلوب يظهر ويختفي فضها المجاميع الارهابية.

وهنا اسباب تقف خلف هذه العمليات الارهابية منها:

‏أولا: زيادة عمق الانقسام الداخلي بين الأطراف السياسية، كذلك بسبب الخلافات الحادة التي تطيح بالتوافقات حول كافة الاستحقاقات الكبيرة بين الأطراف المتشاركة سياسيا.‏

‏ثانيا- الانقسام الحاصل بين الاطراف السياسية، وقد برز واضحاً في هذا المجال الانقسام بين السياسيين حول النظرة إلى معالجة ملفات عديدة منها الأمن والفساد والقضاء.

‏ثالثا- تواجد تنظيم القاعدة محليا وتحوله إلى لاعب خطير من خلال تعاطف بعض الأطراف مع هذا التنظيم، وتهييج خلاياه النائمة التي سرعان ما تستيقظ لدى صدور أوامر بتحريكها.

‏رابعا- دخول الإعلام الذي يعمل على إطلاق شائعات عن موجة ‏اغتيالات جديدة من خلال استغلال المواقف السياسية المتأزمة.‏

‏خامسا- محاولة بعض الجهات نقل الانقسام الداخلي بين مكونات الشعب العراقي و اللعب ‏على الوتر الطائفي اثر التباين الطفيف في مواقف الأطراف المتنازعة، مستغلّين الخلافات السياسية.

وربما ستزيد بعض الأطراف السياسية استثمارها للأحداث الأمنية، لتعزيز رؤيتها وشعاراتها وحركتها السياسية، واتهام المؤسسات الحكومية لعزلها أو تحجيم صلاحياتها.

مهاما كانت النتائج وأيما وصلت أليه الأمور فقد برهنت عمليات الاغتيال الأخيرة على أن الوضع العراقي السياسي والأمني لم يعد مستقرا، وأن العراق دخل مرحلة جديدة تنذر فيه الأوضاع إلى تصاعد الاختراقات الأمنية ربما تنتقل في مرحلتها القادمة الى ازمات أكبر.

وربما تساعد بعض العوامل على انفلات الأمن منها الظروف الاقتصادية السيئة ومعاناة المواطن من الخدمات إضافة إلى عامل الفقر وانتشار العقائد المتطرفة وانعدام الثقافة.

وربما ستشارك في تأجيج هذه الأزمة قوى سياسية فاعلة ومجموعات متطرفة، كل هذه المعطيات ساعدت على تدخل قوى وأجهزة عراقية أو غير عراقية، وسهلت لها تحركاتها.

وتشير الظروف إلى أن أحداث الاغتيالات الأخيرة ليست عابرة بل هي مؤشرات لمرحلة عراقية جديدة سمتها الاضطراب الأمني والسياسي والتوترات الاجتماعية، قد تنجح القوى المتربصة بالعراق وأمنه في إحداث اختراقات واسعة مما تربك الساحة العراقية بشكل كبير.

ويرى مراقبون في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ان الفساد له دور كبير في تزايد العنف وما تزال بعض القوات الأمنية قلقة من أمرين رئيسيين: الفساد والتسييس. بيد، يجب رؤية هاتين المشكلتين في ضوء التقدم الكبير الذي تم إحرازه في إعادة تشكيل الجيش العراقي الذي يسير في مسار إيجابي بشكل عام. وأن الفساد والتسييس هما جزء من الثقافة العراقية. وفي الواقع، فإن الفساد يقوّض الأمن على سبيل المثال من الممكن استخدام رشوة نقاط التفتيش المرورية لجلب سيارات مفخخة إلى داخل المدن الكبيرة ويسهّل تسييس الجيش العراقي.

إن هذه المشاكل مجتمعة تمثل تحدياً كبيراً لتطور قوات الأمن العراقية على المدى الطويل. وتستطيع الأجهزة الأمنية التصدي لهذه المشاكل من خلال تدريب وتأهيل القوات الأمنية ضباط ومراتب في نظام التعليم المهني، من الأكاديميات العسكرية؛ وكذلك من خلال رعاية التبادلات بين مديريات التدريب لكي يتمكن هؤلاء الضباط من تقاسم أفضل التدريبات؛ ومن خلال التوضيح للمسؤولين العراقيين أن الفساد والتسييس يقوضان ليس فقط الثقة في قوات الأمن بل أيضاً في الأمن العام الذي هو ضروري للاستثمارات الأجنبية والرفاه الاقتصادي في العراق.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 19/أيلول/2012 - 2/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م