الصومال... مهمة شاقة لبناء دولة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تشهد الصومال اليوم أول انتخابات يتم إجراؤها داخل البلاد منذ اندلاع الحرب الأهلية عام 1991، حيث صوت أعضاء مجلس الشعب الصومالي المنتخب لاختيار حسن شيخ محمود رئيسا جديدا للصومال وبأغلبية ساحقة، على أمل تشكيل أول حكومة مركزية مستقرة منذ الإطاحة بالدكتاتور محمد سياد بري في تسعينات القرن الماضي، فبعد ما غرقت البلاد بالفوضى والكوارث الإنسانية بمختلف أنواعها، وتوالي الحكومات الانتقالية منذ العام 2000 في هذا الدولة العربية، أصبح التحول الى زعامة جديدة، بمثابة خطوة غير مسبوقة لهذه الدولة، التي تنادي اليوم بالانفتاح السياسي والاقتصادي، مما قد يلقي بظلاله على تحول ايجابي لتلك الدولة، وهي الآن تتودد بشكل مكثف إلى الاستثمار الأجنبي، عكس ما كان التغيير السياسي بطيئًا إلى حد الخَدَر منذ عشرات السنين، وهذا بدوره ينعش الآمال ويشي بمستقبل أفضل، لكن على الرغم من الامل الذي اثاره انتخاب الرئيس الجديد، تبقى المهمة التي تنتظره كبيرة في بلد في حالة حرب ودمرت مؤسساته وتشظى مجتمعه، ومن اهم المشكلات التي توجه الرئيس الجديد إرساء الأمن في البلاد، وخصوصا ان مقديشو لا تزال احدى اكثر العواصم خطورة في العالم وقد استهدفتها هجمات عدة في الاشهر الاخيرة، كما يشكل الفساد معضلة كبرى للدولة باعتبرها اكثر دول العالم فسادا، ناهيك عن معارضة حركة الشباب التي ترفض انتخاب شيخ محمود رئيسا للصومال بوصف خائن للبلاد، وبأن الانتخابات الرئاسية الصومالية خدعة من الغرب لتعزيز مصالحه الاقتصادية والاستراتيجية في الصومال، وأكدوا إنهم سيواصلون حربهم لجعل الصومال دولة إسلامية، فضلا عن الفوضى والأزمات الإنسانية، كلها امور تضع الرئيس الصومالي الجديد امام مهمات في غاية الصعوبة، من جهتها هنأت الولايات المتحدة وبعض دول الاتحاد الاوروبي الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود، معتبرين بأن هذه اللحظة في تاريخ الصومال تمثل فرصة حقيقية للتغيير الدائم والفرصة التي يتعين على المجتمع الدولي ألا يفوتها، فقد حان الوقت لكي يحرك العالم أجندة الصومال إلى الأمام على المجالات كافة، ليس فقط من خلال تقديم المساعدات، بل أيضًا بالاستثمارات الاقتصادية، وعليه فربما تبشر هذه الانتخابات بعصر جديد في السياسة الصومالية، ونقطة تحول البلاد الى مستقبل أفضل.

الرئيس الصومالي الجديد

فقد تسلم الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود، الذي انتخب في العاشر من ايلول/سبتمبر الحالي، مهام منصبه رسميا في احتفال تسليم وتسلم مع سلفه في مقديشو، وسلم الرئيس السابق شريف شيخ احمد، منافس حسن شيخ محمود الذي لم يحالفه الحظ، الرئيس الجديد رمزيا العلم الصومالي ونسخة من الدستور وحقيبة تحتوي "مستندات الرئاسة الصومالية"، وحضر الاحتفال نحو الف شخص بينهم رئيس جيبوتي عمر غيلله ورئيس الوزراء الاثيوبي بالوكالة هايلي ماريم ديساليني ورئيس مفوضية الاتحاد الافريقي جان بينغ، وبعثت عدة دول اخرى ممثلين لها لحضور هذا الاحتفال الذي اقيم لاسباب امنية، مثل الانتخابات، في المدرسة الوطنية للشرطة، وتعهد حسن شيخ محمود، وهو اول رئيس منتخب للبلاد منذ دخولها في حالة الفوضى عقب سقوط الرئيس سياد بري عام 1991، ب"تخليص الصومال من زعماء الحرب والقراصنة والارهابيين"، وقال في خطابه "لن ادخر جهدا في محاربة (المجاهدين) الشباب والقاعدة"، وبعد يومين من انتخابه تعرض الرئيس الجديد لاعتداء استهدف الفندق الذي كان يقيم فيه، حيث فجر انتحاريان عبوتين ناسفتين في مدخل الفندق بعد محاولة اقتحامه في حين قتلت قوات الامن ثالثا وذلك بينما كان الرئيس الجديد يعقد مؤتمرا صحافيا مع وزير الخارجية الكيني شمشوم اونغيري، وقتل عنصران من قوات الامن الصومالية وعسكري من القوة الافريقية في الاعتداء لكن لم يصب اي مقيم في الفندق، وتبنت حركة المجاهدين الشباب الاسلامية المتطرفة هذا الاعتداء، وبالرغم من طرد الشباب في اب/اغسطس 2011 اثر هجوم مشترك لنواة الجيش الصومالي واميصوم من العاصمة، وكان الرئيس السابق شريف شيخ احمد نجا في اواخر ايار/مايو من كمين نصبه الشباب. وفي اذار/مارس تمكن انتحاري من الدخول بمساعدة شريك الى فيلا صوماليا حيث فجر نفسه وقتل خمسة اشخاص. بحسب فرانس برس.

وانتخاب حسن شيخ محمود بغالبية ساحقة من حوالي 270 برلمانيا اجتمعوا في مقديشو انهى عملية سياسية طويلة برعاية الامم المتحدة بهدف تجهيز الصومال بمؤسسات دائمة وحكومة مركزية حقيقية، وانعش بعض الامال في خروج البلاد من 21 عاما من الفوضى، والرئيس الجديد البالغ 56 عاما استاذ جامعي دخل معترك السياسة حديثا جدا وهو ليس مقربا من اي فصيل متورط في الحرب الاهلية، وقد وعد الرئيس الجديد ايضا ب"العمل على ان تكون المؤسسات الصومالية في خدمة الشعب (...) وعلى اقامة نظام قضائي مستقل" و"النهوض بالاقتصاد وتوفير فرص عمل للشباب"، من جانبه اعرب شريف شيخ احمد، الذي تولى رئاسة السلطة الانتقالية منذ 2009، عن "سعادته الكبيرة باجراء انتخابات سلمية في الصومال"، كما اشاد الممثل الخاص للامم المتحدة في الصومال اوغوستين ماهيغا في بيان ب"يوم عظيم للصومال ولشعب الصومال" و"بداية عهد جديد" في البلاد، واكد ان "الامم المتحدى ستواصل الوقوف الى جانب الرئيس في التصدي للمهام المباشرة ومن بينها احلال الاستقرار في المنطاق المحررة (...) وتوفير الخدمات الاساسية للصومالية وبناء نظام قضائي قابل للاستمرار".

مخاوف جديدة

فيما صوت اعضاء البرلمان الصومالي لاختيار رئيس جديد للبلاد، في اول انتخابات من نوعها منذ عشرات السنين وسط مخاوف من تزوير هذه الانتخابات التاريخية او عدم فعل شيء يذكر لتغيير المشهد السياسي، وتنافس اكثر من 24 مرشحا على هذا المنصب من بينهم الرئيس الحالي ورئيس للوزراء بالاضافة الى صوماليين بارزين عادوا من الخارج، ولا توجد حكومة مركزية فعالة تسيطر على معظم الصومال منذ تفجر حرب اهلية عام 1991 ويعتبر تصويت ذروة خارطة طريق توسطت فيها قوى اقليمية والامم المتحدة لانهاء هذا الصراع الذي قتل خلاله عشرات الالاف كما فر عدد اكبر.

وهذه اول انتخابات تجرى في الصومال منذ عشرات السنين وذلك بفضل الاتحاد الافريقي والقوات الكينية والاثيوبية التي طردت المتشددين المرتبطين بالقاعدة من مناطق كثيرة. ونتيجة لذلك شعر صوماليون كثيرون بامان كاف لعودتهم لاعادة بناء بلدهم، ولكن اتهامات بالفساد شابت عملية الاصلاح كما عانت من نكسات عديدة، وانتقد بعض المرشحين للرئاسة العملية الانتخابية قائلين انها لن تؤدي الا الى تولي حكومة جديدة ستكون شبيهة الى حد كبير بالحكومات السابقة، وقال مصدر دبلوماسي في مقديشو ان ملايين الدولارات استخدمت لرشوة اعضاء البرلمان للتصويت للرئيس الحالي شيخ شريف احمد، وقال المصدر الذي طلب عدم نشر اسمه بسبب حساسية الموضوع "يقدر ان سبعة ملايين دولار جاءت من مصادر خليجية وان هذه الاموال تهدف الى ضمان اعادة انتخاب الرئيس شريف، وقال المصدر ان الاموال جاءت من مصالح تجارية صومالية في دول الخليج العربية بعضها له صلة بامراء حرب ويريدون ابقاء الوضع الراهن. بحسب رويترز.

وقال المصدر "حتى الان حققت العملية نتائج مثيرة للاعجاب جدا ونخشى ان يتم خطفها في اخر دقيقة.. هناك صراع الان بين هؤلاء الذين يريدون الوضع الراهن والذين يريدون التغيير." وحث المصدر النواب على "التصويت وفقا لضمائرهم ، ولم يتسن الوصول لمكتب الرئيس للتعليق على ذلك الاتهام يوم الاحد ولكن احمد نفى مرارا اي اشارة لارتكاب مخالفة، وفي يوليو تموز وجد تقرير لمجموعة بالامم المتحدة لمراقبة الصومال ان من بين كل عشرة دولارات تلقتها الحكومة الانتقالية الاتحادية فيما بين عامي 2009 و2010 لم تصل سبعة دولارات ابد الى خزينة الدولة. ورفض احمد هذه الادعاءات.

متشددون صوماليون

من جهة أخرى وصف إسلاميون متمردون الانتخابات الرئاسية الصومالية بأنها خدعة من الغرب لتعزيز مصالحه الاقتصادية والاستراتيجية في الصومال، ووصفوا الرئيس الجديد حسن شيخ محمود بالخائن وقالوا إنهم سيواصلون حربهم لجعل الصومال دولة إسلامية، وكان نواب البرلمان الصومالي انتخبوا محمود رئيسا جديدا للبلاد في أول انتخابات من نوعها منذ سنوات ليتغلب على الرئيس المنتهية ولايته شيخ شريف أحمد، ومن بين أولويات محمود الأكاديمي السابق قمع حركة الشباب الإسلامية التي قاتلت لخمسة أعوام في تمرد أسفر عن مقتل الآلاف غير أنها تقع الآن تحت ضغط من قوات عسكرية إقليمية، وقال شيخ علي محمود راج المتحدث باسم حركة الشباب إن الحركة لا تعتبر أن الانتخابات جرت بما يتماشى مع مصلحة الشعب الصومالي، وتابع في بيان "إنها تمثل المصالح الغربية ومصالح عملائها في المنطقة... ما أطلق عليها انتخابات جاءت للحفاظ على الوضع الراهن مما يسمح للشركات الأجنبية بسرقة موارد الصومال وتدمير اقتصادها. بديل شريف ليس إلا نسخة معدلة من الخائنين الذين يخدمون هذه المصالح."

ولم يوضح البيان ما هي المصالح الغربية إلا أن هناك اهتماما دوليا متزايدا بموارد الصومال من النفط والغاز. وتغضب أيضا سفن الصيد الأجنبية التي تصطاد بشكل غير مشروع الكثير من الصوماليين. بحسب رويترز.

والصومال ساحة معركة أيضا في الحرب التي تقودها الولايات المتحدة ضد الإسلاميين المتشددين ويمثل تهديدا للاستقرار الاقليمي، وحث راج الصوماليين على دعم حرب المتشددين التي وصفها بالمقدسة وقال إن المعركة ستستمر إلى أن يجري تطبيق رؤية حركة الشباب الصارمة للشريعة الإسلامية في البلاد، وقال "سنواصل معركتنا ضد هؤلاء المرتدين كما كنا نقاتلهم من قبل"، وكان مسؤولون غربيون أشادوا بالانتخابات الرئاسية ووصفوها بأنها الأولى من نوعها في الصومال منذ 45 عاما وقالوا إنها أوضحت أن الصوماليين مستعدون لوضع نهاية لاراقة الدماء التي لا تنتهي والفساد المتوطن الذي أضر بالبلاد لعقود من الزمان.

كوة امل صغيرة

على الصعيد نفسه تولى مقاليد السلطة في الصومال الاستاذ الجامعي حسن شيخ محمود الذي امضى سنوات يحاول انهاء الحرب بدلا من المشاركة فيها، ففتح كوة امل صغيرة بخروج البلاد من حرب اهلية مستمرة منذ 21 عاما، وقد وصل حسن شيخ محمود الذي يفتقر الى الخبرة في ممارسة الحكم، الى رئاسة البلاد نتيجة انتصار ساحق على مرشحين صقلتهم السياسة الصومالية. وتغلب في الدورة الثانية على الرئيس المنتهية ولايته شريف شيخ احمد بحصوله على 70% من الاصوات، واذا كان عدد من المحللين تخوفوا قبل الانتخابات من بقاء الوجوه نفسها في السلطة وبقاء النظام نفسه الذي نخره الفساد، فقد اتسمت نبرتهم بالتفاؤل، وقال احمد سليمان من مركز شاتام هاوس للبحوث "شهدنا فعلا انتخابات نيابية لمصلحة تغيير القيادة". واضاف "ما حصل لم يكن متوقعا، لكن بات لدينا رئيس جديد للبرلمان (انتخب الشهر الماضي) ورئيس جديد اثبت كلاهما جدارته في السنوات العشر الى الخمس عشرة الاخيرة".

واتسمت هذه النبرة بالتفاؤل، لأن هذا التغيير يجرى للمرة الاولى منذ سقوط الدكتاتور محمد سياد بري في 1991 في اطار عودة البلاد رسميا الى المؤسسات الثابتة: فنتيجة عملية اشرفت عليها الامم المتحدة، سلمت السلطات الانتقالية الصومالية زمام الامور الى سلطات يفترض ان تكون دائمة، وقد شارك حسن شيخ محمد المتخصص في الشؤون التربوية، في تأسيس معهد للتأهيل، وتعاون مع صندوق الامم المتحدة للطفولة (يونيسف) وبرنامج الامم المتحدة للتنمية وعمل باحثا حول طريقة ايجاد حلول للنزاعات.

وقد اكتسب خبرة ميدانية في الصومال الذي يشهد حربا اهلية ويفتقر الى مؤسسات صلبة والى دولة فعلية منذ 1991، وقال عبدي رشيد حاشي المحلل في "مجموعة الازمات الدولية" انه "يعمل في مقديشو منذ عشرين عاما، وهو مطلع اطلاعا وافيا على الامور المطروحة"، وقال ايضا النائب عبدي حاشي عبدالله "لقد انتخبه النواب لأنه كان صوت الشعب". اما البائع المتجول في شوارع مقديشو حسن عبدي فذكر ان الرئيس الجديد "لم يصل مع جهاز كومبيوتر محمول على غرار الذين كانوا في الشتات"، وحتى متمردو حركة الشباب الاسلامية الاعداء الالداء للسلطات الانتقالية السابقة، تجنبوا على ما يبدو التعرض للرئيس الجديد. بحسب فرانس برس.

فقد انتقد المتمردون المنضوون في اطار تنظيم القاعدة العملية التي ادت الى انتخابه، وقادها كما قالوا "الاعداء" الخارجيون للصومال. لكن المتحدث باسمهم شيخ علي محمود راج قال "ليس لدينا موقف شخصي" من الرئيس الجديد، وقد تغيرت المواقف. فالشباب كانوا يعتبرون شريف شيخ احمد الذي قاد التمرد الاسلامي قبل ان يتولى رئاسة السلطات الانتقالية في 2009، رجلا خائنا. واعتبر عبدي رشيد حاشي ان بعض الشباب "يمكن ان يروا في (الرئيس الجديد) سببا لتغيير الموقف"، واضاف احمد سليمان ان "من الضروري اشراك الشباب في حوار مستقبلي من اجل التوصل الى سلام دائم". واضاف "اذا كان حسن شيخ احمد قادرا على اقامة علاقات جيدة مع الشباب وحملهم على المجيء الى طاولة الحوار، سيكون ذلك مرحلة ايجابية"، مذكرا بأن واشنطن ولندن والامم المتحدة عرقلت هذا التقارب ابان حكم السلطات الانتقالية.

وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون ان "الاشهر المقبلة والسنوات المقبلة ستكون حاسمة لانتقال الصومال الى الديموقراطية"، ووجهت فرنسا تهانيها للرئيس الصومالي الجديد، ودعت الصوماليين الى "التوحد من اجل السلام" بعد 21 عاما من الحرب الاهلية. وجاء في بيان للمتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية فيليب لاليو ان "فرنسا توجه له تهانيها وتمنياتها بالنجاح في لحظة مهمة جدا في تاريخ الصومال"، وذكر بيتر فام من مركز اتلانتيك كاونسل للبحوث "حتى لو كان الرئيس المنتخب لحكومة الصومال +المزعومة+ رائعا في رأي الجميع ... من الضروري تجنب الانجرار وراء الحماسة في الوقت الراهن".

الولايات المتحدة

من جهتها هنأت الولايات المتحدة الرئيس الصومالي الجديد حسن شيخ محمود، مبدية املها في ان يدشن انتخابه مرحلة جديدة في هذا البلد الافريقي الذي يشهد حربا منذ عشرين عاما، وقالت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون في بيان "اريد ان اهنىء الرئيس حسن شيخ محمود والشعب الصومالي على الانتخبات، واضافت "مع هذا التصويت، انهت الصومال مرحلتها الانتقالية السياسية" مذكرة بان الصومال انتخبت الشهر الماضي برلمانا جديدا على المستوى الفدرالي وان الجمعية الوطنية التأسيسية تبنت مؤخرا دستورا موقتا، وبالنسبة للانتخابات الرئاسية، اوضحت كلينتون ان "هذا النجاح المهم جدا هو نتيجة سنوات من العمل من جانب الصوماليين والاسرة الدولية"، وكانت المتحدثة باسم الخارجية الاميركية فكتوريا نولاند قالت في وقت سابق "نتطلع الى العمل، مع" الرئيس الجديد، معتبرة ان انتخابه يشكل "المرحلة النهائية على الطريق المؤدية الى انتقال" سياسي في الصومال، واضافت نولاند "انه ايضا اشارة امل بارساء مرحلة جديدة من الحكم في الصومال"، وكان البيت الابيض هنأ "الشعب الصومالي بانجاز هذا الانتقال السياسي الحاسم" الذي يطبع "مرحلة مهمة" في البلاد، داعيا الرئيس الجديد الى "مواصلة تعزيز المؤسسات الديموقراطية"، وانتخب حسن شيخ محمود رئيسا جديدا للصومال متقدما على الرئيس المنتهية ولايته شريف شيخ احمد، واقرت نولاند بان انتخاب محمود شكل "مفاجأة الى حد ما"، لكن المتحدثة اكدت ان الرئيس الجديد معروف في واشنطن و"نتطلع بفارغ الصبر الى معرفته اكثر"، لافتة الى ان وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون "ستتصل به على الارجح خلال الايام المقبلة".

أسبانيا

كما هنأت الحكومة الأسبانية، الرئيس الصومالى الجديد حسن شيخ محمود، معتبرة أن ذلك خطوة أساسية نحو تتويج العملية السياسية وإرساء قواعد الاستقرار فى البلاد، وأعربت وزارة الخارجية الأسبانية فى بيان لها عن ثقتها بأن الصومال سيبدأ قريباً مرحلة حاسمة على طريق تحقيق الديمقراطية بعد مرحلة انتقالية استمرت 8 سنوات، مشيرة إلى الانتخابات التى أجريت تعكس النضج السياسى فى ذلك البلد، وحثت الحكومة الأسبانية الرئيس الجديد حسن شيخ محمود على تعيين رئيس الوزراء الجديد فى أقرب وقت ممكن، لتشكيل الحكومة، والمضى قدما فى العملية الديمقراطية، مؤكدة استعداد أسبانيا للتعاون مع الحكومة الصومالية الجديدة فى شتى المجالات، داعية إلى إطلاق الجهود لتحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على ضمان الحريات وحقوق الإنسان فى البلاد.

حسن شيخ محمود من اكاديمي مجهول الى رئيس للبلاد

الى ذلك انتخب اعضاء البرلمان الصومالي الذين اجتمعوا في مقديشو حسن شيخ محمود رئيسا جديدا للصومال، وحصل محمود البالغ من العمر 56 عاما وهو استاذ جامعي على اغلبية الاصوات في الدورة الثانية من الانتخابات، متفوقا على الرئيس السابق شريف شيخ احمد، وقال مراسل بي بي سي علي حلني إن النتيجة النهائية للانتخابات الرئاسية الصومالية انتهت بفوز حسن شيخ محمود ب 190 صوتا مقابل 79 صوت لشريف شيخ احمدن ويقول دبلوماسيون إن اسم الرئيس الجديد المنتخب شيخ محمود لم يبرز الا في الساعات ال 48 الاخيرة، وقد وصف بأنه استاذ جامعي لم يعرف له انتماء سياسي محدد ولم يتول اي منصب وزاري في السابق ولم يعرف بقربه من اي فصيل منخرط في الحرب الاهلية المزمنة التي تشهدها الصومال منذ عقود.

تخرج شيخ محمود من الجامعة الصومالية الوطنية عام 1981، ثم اكمل دراسته في الهند، حيث حصل على درجة الماجستير من جامعة بوبال الهندية، "اشكر لكل من ساهم في هذا المسار التاريخي. ان ما حدث اليوم سيكتب بحروف من ذهب في التاريخ الصومالي ... وآمل ان يتجه الصومال الى الافضل وان تصبح مشاكلنا جميعها من الماضي"، ووصف احد الدبلوماسيين شيخ محمود بانه معروف بإعتداله، وعمله الاكاديمي فضلا عن عمله مع العديد من المنظمات الدولية في الصومال. غير انه يبقى "مجهولا" لدى المجتمع الدولي.

وقد عمل محمود لسنتين موظفا لشؤون التعليم في منظمة الامم المتحدة رعاية الطفولة اليونسيف في مناطق وسط وجنوب الصومال حتى مغادرة بعثة حفظ السلام التابعة للامم المتحدة من الصومال عام 1995، وانشأ بعد اربع سنوات من هذا التاريخ المعهد الصومالي للتطوير التنظيمي والاداري في مقديشو الذي ضم مؤخرا الى جامعة سيماد الصومالية، في عام 2011 اسس حزب السلام والتنمية، الذي يتولى رئاسته حاليا. وكان على علاقة بحزب الاصلاح القديم في الصومال الذي يعد رديفا لجماعة الاخوان المسلمين، ويتكلم شيخ محمود الصومالية والانجليزية، وترجع اصوله مثل الرئيس السابق الى قبيلة الهوية. بحسب البي بي سي.

وقد أنهى انتخاب محمود أكثر من عقدين من المرحلة السياسية الانتقالية، إذ اصبح أول رئيس صومالي منتخب في مقديشو منذ بداية العملية الانتقالية الصعبة في البلاد منذ العام 2000 بدعم من المجتمع الدولي، وكان الرؤساء السابقون انتخبوا في بلدان الجوار لدواعي امنية، وقال الرئيس الصومالي الجديد في كلمة بعد انتخابه "اشكر لكل من ساهم في هذا المسار التاريخي. ان ما حدث اليوم سيكتب بحروف من ذهب في التاريخ الصومالي ... وآمل ان يتجه الصومال الى الافضل وان تصبح مشاكلنا جميعها من الماضي"، وفور اعلان النتيجة، تصافح الرئيس المنتخب والرئيس المنتهية ولايته. واعلن شريف عبر التلفزيون المحلي قبوله بنتيجة الانتخابات واقراره بالفوز "العادل" لخصمه مؤكدا انه يغارد السلطة "بلا ضغينة"، واضاف شريف " انه شيء سار بالنسبة الي ان اشهد انتخابات عادلة في مقديشو بعد 42 عاما (منذ ان سيطر محمد سياد بري على السلطة في 1969) "، وادى حسن شيخ محمود اليمين الدستورية رئيسا للبلاد من قبل المحكمة العليا، واطلقت عيارات نارية في الهواء بالعاصمة مقديشو احتفاء بفوز الرئيس الجديد، وكان شريف شيخ احمد تصدر نتيجة الجولى الأولى من انتخاب الرئيس الصومالي الجديد بأربعة وستين صوتاً، بينما ذهب ستون صوتاً إلى حسن شيخ محمود الأكاديمي الصومالي ورئيس حزب السلام والتنمية، وانسحب كل من عبد الولي محمد علي رئيس الوزراء الصومالي المنتهية ولايته، ورجل الأعمال عبد القادر عصبلي من المنافسة، وينهي انتخاب الرئيس الجديد مسارا طويلا ومعقدا اشرف عليه الامم المتحدة وهدف الى منح الصومال مؤسسات دائمة وحكومة مركزية حقيقية.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 18/أيلول/2012 - 1/ذو القعدة/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م