الأخضر الإبراهيمي والمهمة المستحيلة!

 

شبكة النبأ: بدأ الموفد الدولي الخاص الأخضر الإبراهيمي أول خطواته العملية في سوريا وإجراء بعض اللقاءات الخاصة من اجل تكوين صورة واضحة يمكن من خلالها إعداد خطة مركزة وناجحة تسهم بقريب وجهات النظر بين الأطراف المتصارعة لأجل الوصول الى اتفاق خاص ينهي أزمة الصراع والاقتتال المسلح، تلك التحركات كان لها واقع ايجابي لدى بعض المراقبين الذين أكدوا ضرورة التواصل وإشراك جميع الأطراف والتعرف على مطالبهم هذا بالإضافة ضرورة إيقاف جميع سبل الدعم المسلح التي تقوم بها بعض الأطراف الخارجية و تشديد الرقابة لمنع توافد المقاتلين العرب والأجانب الى سوريا وهو أمر يجب ان تشترك فيه كل الدول للحد من اتساع رقعة المواجه التي ستؤثر على امن المنطقة برمتها، وفي هذا السياق فقد دعا الرئيس السوري بشار الأسد خلال استقباله الأخضر الإبراهيمي الى حوار "يرتكز على رغبات السوريين"، بينما حذر الإبراهيمي من "خطر الأزمة" السورية على العالم، مشيرا الى انه لا يملك خطة للحل بعد. وخلال استقباله الإبراهيمي في دمشق، دعا الاسد الى حوار سوري "يرتكز على رغبات جميع السوريين"، معتبرا ان "المشكلة الحقيقة في سوريا هي الخلط بين المحور السياسي وما يحصل على الأرض".

وربط الأسد وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بين نجاح العمل السياسي و"الضغط على الدول التي تقوم بتمويل وتدريب الإرهابيين وتهريب السلاح الى سوريا لوقف مثل هذه الأعمال". وجدد الأسد "التزام سوريا الكامل بالتعاون مع اي جهود صادقة لحل الأزمة في سوريا طالما التزمت الحياد والاستقلالية". وقال الابراهيمي من جهته ردا على اسئلة الصحافيين بعد لقائه الأسد "ليست لدي خطة في الوقت الراهن"، مشيرا الى انه سيضع خطته بعد الاستماع الى الأطراف الداخليين والإقليميين والدوليين. وعبر عن امله في ان تتمكن خطة كهذه من فتح القنوات في اتجاه إنهاء الأزمة، وان ترافقها أيضا إستراتيجية واضحة. ونقلت سانا عن الإبراهيمي تحذيره من ان "الأزمة في سوريا تتفاقم وتشكل خطرا على الشعب السوري والمنطقة والعالم"، مضيفا ان "الحل لا يمكن ان يأتي الا عن طريق الشعب السوري نفسه". وأكد الإبراهيمي انه سيتواصل مع "الدول ذات الاهتمامات والتأثير في الملف السوري"، ومع أعضاء مجموعة الاتصال الرباعية حول سوريا التي تضم مصر وايران والسعودية وتركيا.

وتطالب الدول الغربية وفي مقدمها الولايات المتحدة، إضافة الى دول الخليج وتركيا، برحيل نظام الرئيس الأسد، بينما يحبذ حلفاؤه روسيا والصين وايران انتقالا سياسيا من دون الدعوة الى تنحيه. ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن الإبراهيمي تأكيده انه "سيعمل باستقلالية تامة وارتكازا على خطة انان وإعلان جنيف. كل نقطة اخرى ستضاف بالاتفاق مع كل الأطراف". وحدد اعلان جنيف مبادئ للانتقال السياسي في سوريا من دون الدعوة الى تنحي الأسد. ولم يتمكن انان من الحصول على تطبيق طلبه بوقف إطلاق النار، رغم الموافقة النظرية لطرفي النزاع، والذي كان مقررا ان يليه حوار سياسي. بحسب فرنس برس.

كما التقى الابراهيمي رئيس "تيار بناء الدولة" لؤي حسين، وهو من معارضي الداخل. وقال حسين ان الإبراهيمي لا يحمل خطة "وهذا اعجبنا كثيرا، اذ لا بد له من ان يسمع الجميع حتى يشكل خطة توافقية بين الجميع، وليس خطة تملى على الأطراف في البلاد". وأضاف "اتفقنا على مسألة رئيسية هي ان يتم العمل على حل الأزمة السورية وليس أدارتها"، متحدثا عن التطرق الى "معوقات دولية وداخلية" لوقف إطلاق النار.

روسيا تؤكد

في السياق ذاته اعلنت موسكو انها "ليست متشبثة" بالرئيس السوري بشار الأسد، مؤكدة انها توافق على اي مصير يختاره له شعبه في اطار "عملية سياسية". وقال نائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف بحسب ما نقلت عنه وكالة انترفاكس للإنباء "نحن لا نتشبث بشخصيات سياسية. اولئك الذين يدعون عكس ذلك يجافون الحقيقة". واضاف "فقط في إطار عملية سياسية، وليس بقرار من مجلس الامن الدولي، يجب ان يقرر السوريون مستقبل دولتهم وتنظيمها". وتابع "نحن سنحترم اي اتفاق يتم التوصل اليه في اطار هكذا حوار. وهذا ينطبق حتى على شخص الرئيس السوري".

وذكر المسؤول الروسي بان بلاده تأمل ان يصدر مجلس الأمن الدولي قرارا يتبنى فيه اتفاق جنيف الذي توصلت اليه في حزيران/يونيو مجموعة العمل الدولية حول سوريا (الولايات المتحدة وروسيا والصين وبريطانيا وفرنسا وتركيا والجامعة العربية) والذي ينص على مبادئ عملية انتقال سياسي في هذا البلد. واضاف "للأسف فان زملاءنا الغربيين يرفضون، تحت ذرائع شتى، المصادقة في مجلس الأمن على قرارات جنيف". واكد نائب وزير الخارجية الروسي ان الغربيين "في خطواتهم العملية يتحركون أيضا بما يتناقض ومبادئ هذه الوثيقة". بحسب فرنس برس.

وكانت روسيا أعلنت انها ستدفع مجلس الامن الدولي للمصادقة خلال اجتماع مقرر في نهاية ايلول/سبتمبر على اتفاق جنيف، الا ان واشنطن سارعت الى التحذير من ان مثل هذا قرار لن يمر الا اذا ارفق بعقوبات. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عقب لقاء مع نظيرته الاميركية هيلاري كلينتون في فلاديفوستوك باقصى الشرق الروسي "ثمة مشروع لعقد اجتماع خاص لمجلس الامن الدولي بمشاركة الوزراء حول المسألة السورية". وكانت مجموعة العمل حول سوريا اتفقت في 30 حزيران/يونيو في جنيف على مبادئ انتقال سياسي في سوريا لا تتضمن اي دعوة لتنحي الرئيس السوري بشار الأسد، وذلك بعد فشل خطة انان.

نقاط إستراتيجية

الى جانب ذلك فقدت الكنائس والمساجد التي تمثل النسيج المتنوع للمجموعات الدينية في سوريا، قدسيتها في النزاع الذي تشهده مدينة حلب، ثاني كبرى المدن السورية، اذ انها غالبا ما تكون مستهدفة او تستخدم لغير غايتها السامية. فقد أطلق المتمردون قذائف صاروخية عبر الحائط الخلفي المحيط بكنيسة ارمنية ارثوذكسية في حلب، مع محاولتهم تحقيق تقدم إضافي في حي الميدان المحوري، بينما اندلعت اشتباكات خلال سيطرة الجيش النظامي على مسجد الأنصار القريب.

وتحولت باحة كنيسة القديس غريغوريوس الى ساحة معركة في مواجهة المسلحين القادمين من شارع سليمان الحلبي ومقاومة الجيش المرابض على الجهة المقابلة. وخلال المواجهات، أصيب صهريج مازوت موجود في باحة الكنيسة، ما ادى الى اندلاع النيران فيه. وأدى شل الخدمات البلدية بسبب النزاع الى تخلي السكان عن اعتمادهم على فرق الإطفاء، واستعاضوا عنها بدلاء من الماء لإخماد النيران المندلعة، بعدما صد الجيش المجاميع المسلحة وأجبرها على التراجع.

لكن القتال لم يتوقف في حي الميدان، واستمر طوال الاسبوع الماضي وصولا الى مناطق يتحصن فيها المسلحون في حيي بستان الباشا والعرقوب، حيث سيطرت قوات الحرس الجمهوري على مسجد الأنصار. وواجه الحرس الجمهوري رشقات نارية لدى اقتحامه المنطقة المحيطة بالمسجد الذي تحول نقطة تجمع للمسلحين، وتلت ذلك اشتباكات عنيفة وفق مصدر عسكري.

وقال شاهد عيان يرتاد المسجد منذ مدة طويلة "سمعت ان المسجد تضرر وأصيب بالرصاص وتحطم زجاج نوافذه، لكنني لم اتمكن من الذهاب" الى هناك. وأشار الموظف الحكومي البالغ من العمر 44 عاما، الى ان "المسلحين سيطروا بداية على المنطقة وحاولوا إقناع القاطنين فيها بمغادرة منازلهم لاستخدامها كقواعد لهم". ولفت الى ان "العرقوب حي فقير، ولم يملك اي من سكانه المال للمغادرة مع عائلته، لذا لجأ المسلحون الى المسجد". بحسب فرنس برس.

وقتل عدد من المسلحين في الاشتباكات واعتقل اخرون مع سيطرة الجيش النظامي على المسجد والمباني المحيطة به، وهي نقطة استراتيجية للقوات الحكومية لاطلاق هجمات على حي العرقوب الواقع تحت سيطرة المتمردين. وحاولت وحدة اخرى من الحرس الجمهوري اقتحام شارع سليمان الحلبي الذي يفصل بين حيي الميدان وبستان الباشا، لكنها واجهت كثافة نيران من بستان الباشا، وفق المصدر نفسه. وقالت امراة مسيحية من الميدان ان "وصول الجيش الى الحي هدأ من روع السكان وساهم في الحد من موجة النزوح التي شهدناها ".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 17/أيلول/2012 - 29/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م