تجارة الاسلحة... معايير لا تراعي سوى الربح والخسارة

 

شبكة النبأ: تسعى العديد من دول العالم الى ايجاد بعض القرارات الخاصة التي تنظم عمليات بيع الاسلحة خصوصا بعد تزايد اعمال العنف واتساع رقعة الخلاف الذي اسهم بتزايد اعداد الضحايا، ويرى بعض المراقبين ان هنالك الكثير من الصعوبات والعراقيل التي ستحول دون تنظيم مثل هكذا معاهدات فهي وبحسب ارائهم ستتسبب في خسائر مادية كبيرة لبعض الدول العظمى المصدرة لمثل هكذا اسلحة والتي ستعمل على افشل مثل هكذا خطط هذا بالاضافة الى امور اخرى لاتقل اهمية عن الجانب المادي، وفي هذا الشأن دعا الامين العام للامم المتحدة بان جي مون الي معاهدة ملزمة لتنظيم مبيعات الاسلحة التقليدية في العالم والتي تبلغ أكثر من 60 مليار دولار سنويا. وأبلغ بان "ليس لدينا معاهدة متعددة الاطراف ذات نطاق عالمي للتعامل مع الاسلحة التقليدية... هذا شيء مشين." واضاف قائلا "مبيعات الاسلحة التقليدية... تغذي صراعات اهلية وتزعزع الاستقرار في مناطق وتقوي شوكة الارهابيين وشبكات الجريمة."

ويقول دعاة الحد من الاسلحة ان شخصا يموت كل دقيقة في عنف مسلح حول العالم وان هناك حاجة الي اتفاقية لمنع الاسلحة التي تباع بطريقة غير شرعية من التدفق الي مناطق الصراع واذكاء حروب وفظائع. ويقولون ان الصراع في سوريا ودول اخرى يظهر ان هناك حاجة الي مثل هذه المعاهدة. وقال بان "هدفنا المشترك واضح.. معاهدة قوية وملزما قانونا لتجارة الاسلحة يكون لها تأثير حقيقي على حياة ملايين الناس الذين يعانون عواقب الصراع المسلح والقمع والعنف المسلح." واضاف قائلا "انه هدف طموح لكنني اعتقد انه يمكن انجازه."

في السياق ذاته انتهت المفاوضات في الامم المتحدة لاعداد اول معاهدة دولية حول تجارة الاسلحة التقليدية بفشل في نيويورك بعد اسابيع من المفاوضات، على ان تستأنف في موعد لاحق. وكان يتوقع ان تتوصل الدول الاعضاء ال193 الى الاتفاق على القواعد المنظمة لهذه السوق، على ان تلزم كل بلد تقييم ما اذا كانت الاسلحة التي يبيعها يمكن استخدامها لارتكاب "انتهاكات خطيرة لحقوق الانسان" او اعتداءات او تحويلها لمصلحة الجريمة المنظمة.

لكن العديد من المشاركين في المؤتمر افادوا ان الولايات المتحدة وروسيا طلبتا مزيدا من الوقت لاتخاذ موقف، ومثلهما دول اخرى مثل الصين والهند واندونيسيا ومصر. وصرح رئيس المؤتمر الارجنتيني روبرتو غارسيا موريتان ان "النص الذي طرحته كان مشروع معاهدة، وهو لم يرق لبعض الدول لكن الغالبية الكبرى وافقت عليه". واضاف "سنواصل العمل استنادا الى هذه القاعدة". وردا على سؤال عما سيحصل لاحقا، اوضح موريتان ان احد الاحتمالات هو "الطلب من الجمعية العامة (للامم المتحدة) ان تتخذ قرارا" في شان اجراء مفاوضات جديدة وموعدها. وتعقد الدورة المقبلة للجمعية العامة مع نهاية ايلول/سبتمبر في نيويورك.

واوضح دبلوماسي ان التقرير الذي سيرفعه موريتان الى الجمعية العامة يقترح استئناف المفاوضات في بداية 2013 لمدة اسبوعين. وابدى موريتان ثقته بانه "سيكون لنا معاهدة سريعا" من دون ان يحدد مهلة لذلك. ووصف كبير المفاوضين الفرنسيين السفير جان هوغ سيمون ميشال هذا الفشل بانه "اسوأ سيناريو ممكن" لانه يفتقر الى افق واضح. وقال "الخطر ان نبدأ مجددا من الصفر" حين يستأنف التفاوض، لافتا الى ان "الحصيلة تثير الاحباط والكرة باتت في ملعب الجمعية العامة". ووقعت تسعون دولة بينها دول الاتحاد الاوروبي واميركا اللاتينية وجزر الكاريبي وافريقيا بيانا ابدت فيه "خيبة املها" حيال هذا الاخفاق و"تصميمها على التوصل قريبا الى معاهدة حول تجارة الاسلحة".

واضاف البيان ان مشروع المعاهدة الذي تقدم به موريتان "يوفر قاعدة لمواصلة عملنا" ويتمتع "بتاييد واسع جدا في المجتمع الدولي". وكان دبلوماسيون حملوا في وقت سابق الولايات المتحدة مسؤولية فشل المفاوضات. واعتبروا ان واشنطن رفضت اتخاذ موقف من مشروع المعاهدة قبل انتهاء المهلة طالبة مزيدا من الوقت ومبدية خشيتها من مواجهة تعثر في الكونغرس. وسارعت روسيا ودول اخرى الى تبني موقف مماثل ما حال دون انتزاع تفاهم في الوقت المناسب.

وعلق دبلوماسي ان "الولايات المتحدة تتحمل مسؤولية فشلنا. لقد حرفت العملية عن مسارها وينبغي انتظار الانتخابات الرئاسية الاميركية" في تشرين الثاني/نوفمبر لتجاوز المأزق. بدوره، قال سكوت ستيدجان مسؤول منظمة اوكسفام اميركا "اليوم لم تنتهز الولايات المتحدة فرصة ذهبية: معاهدة دولية كانت ستعزز سمعتها كقائدة في مجال حقوق الانسان"، منتقدا "انعدام الشجاعة لدى البيت الابيض". وتمثل الولايات المتحدة نحو اربعين في المئة من التجارة العالمية للاسلحة التي تقدر بسبعين مليار دولار سنويا.

ووصف الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ما حصل بانه "تراجع" بعد اعوام من الاعمال التحضيرية واسابيع من المفاوضات، لكنه تدارك "هذا لا يعني التخلي" عن هذه المعاهدة لان الدول الاعضاء "وافقت على مواصلة (العمل على) هذا الهدف النبيل".

قال السفير الفلسطيني رياض منصور للصحافيين ان الفلسطينيين يصرون على "حقهم" في المشاركة في هذا المؤتمر لانهم اعضاء في منظمة اليونيسكو التي هي وكالة تابعة للامم المتحدة. واوضح منصور ان هذا المؤتمر حول تجارة الاسلحة هو "مؤتمر دولي للدول"، ما يعني انه مفتوح خصوصا امام اعضاء في وكالات الامم المتحدة المتخصصة. واضاف "بالتالي ان الفلسطينيين مثلهم مثل الفاتيكان يعتبرون انه لهم الحق بالمشاركة في هذا المؤتمر".

وقال السفير الفلسطيني ايضا "شاركنا منذ يومين في جهود مكثفة لايجاد تسوية" واعتبر ان الفلسطينيين تحلوا "بكثير من المرونة" معبرا عن تمنيه في "التمكن من الوصول الى اتفاق لكي يتمكن المؤتمر من التقدم". وترفض دول مثل الولايات المتحدة واسرائيل اي حل يعطي الفلسطينيين وضعا اكبر من وضعهم الحالي كمراقب بحسب دبلوماسيين. وقد سعى الفلسطينيون بدون نتيجة في ايلول/سبتمبر الماضي للحصول على اعتراف بهم كدولة عضو في الامم المتحدة لكنهم لم يحصلوا سوى على دخول منظمة الامم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) في تشرين الاول/اكتوبر الماضي. بحسب فرنس برس.

وكانت مصر عرقلت باسم مجموعة الدول العربية بدء اعمال المؤتمر بمطالبتها باقصاء الاتحاد الاوروبي عن المحادثات في مقر الامم المتحدة ان لم يتمكن الفلسطينيون من المشاركة. ذلك ان الفلسطينيين يحظون بوضع مراقب في الامم المتحدة على غرار الاتحاد الاوروبي الذي يتمتع بالمقابل بحقوق اوسع. وافاد دبلوماسيون ان الامر يتعلق خصوصا بمناورة من قبل مصر التي تعد من كبار الشارين للمعدات العسكرية الاميركية (1,3 مليار دولار سنويا) لاضعاف المعاهدة التي ستنظم للمرة الاولى تجارة الاسلحة التقليدية التي تمثل سوقا تقدر ب70 مليار دولار.

بيع مقاتلات لسلطنة عمان

في السياق ذاته أفادت مصادر مطلعة أن بي.ايه.إي سيستمز البريطانية تقترب من بيع سلطنة عمان 12 طائرة مقاتلة من نوع يوروفايتر تايفون. ويقول محللون إن قيمة الصفقة قد تصل إلى ملياري دولار لأكبر شركة سلاح في أوروبا والتي تكابد انكماشا في ميزانيات الدفاع الأوروبية والأمريكية وتطمح إلى تعويض عقود خسرتها.

وقال أحد المصادر القريبة من الصفقة "بي.ايه.إي وعمان قريبتان من اتفاق على 12 طائرة يوروفايتر." وأضاف مصدر آخر أن بي.ايه.إي تجري محادثات لتزويد الإمارات العربية المتحدة بستين طائرة يوروفايتر في حالة فشل اتفاق الدولة الخليجية مع داسو الفرنسية. وكان من المتوقع أن تبرم الإمارات اتفاقا بعشرة مليارات دولار مع داسو بشكل نهائي العام الماضي لكن المحادثات تعثرت بعد أن قالت الإمارات إن الشروط غير تنافسية وغير قابلة للتطبيق. وقال مصدر قريب من المحادثات "سباق المقاتلات الإماراتي أبعد ما يكون عن الانتهاء."

وفي وقت سابق هذا العام خسر كونسورتيوم يوروفايتر منافسة لبيع 126 طائرة إلى الهند التي اختارت عرضا من داسو لبيعها طائرتها المقاتلة رافال. لكن كونسورتيوم يوروفايتر المؤلف من بي.ايه.إي وألينيا الايطالية ومجموعة الطيران والدفاع الأوروبية إي.ايه.دي.اس مستعد بعرض معدل في حالة انهيار صفقة داسو. كما ينافس على تزويد ماليزيا بمقاتلات. بحسب رويترز.

وكانت بي.ايه.إي وقعت في مايو أيار اتفاقا قيمته 1.6 مليار جنيه استرليني (2.5 مليار دولار) لتزويد السعودية بطائرات من طراز هوك لتدريب الطيارين على قيادة الطائرة يوروفايتر التي تعاقدت عليها بالفعل مع الشركة البريطانية. وقدمت الصفقة متنفسا لعملاق صناعة السلاح البريطاني الذي ارتفعت أسهمه 7.5 بالمئة. وكانت السعودية أكبر بلد مصدر للنفط في العالم وقعت عقدا مع بي.ايه.إي في 2007 لشراء 72 طائرة تايفون منها 24 تسلمها بالفعل سلاح الجو الملكي السعودي. وتبلغ قيمة الصفقة المعروفة بصفقة السلام حوالي 4.5 مليار استرليني.

لكن من المتوقع استكمال محادثات بين بي.ايه.إي والسعودية بشأن تعديلات في سعر الصفقة في النصف الثاني من 2012.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 10/أيلول/2012 - 22/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م