قصف المنشئات ايران النووية وخطر الاشعاع على المنطقة

 

شبكة النبأ: يقول خبراء إن أي هجمات اسرائيلية تستهدف منشآت إيران النووية من غير المرجح أن تسبب كارثة على نطاق كارثة فوكوشيما التي وقعت في اليابان العام الماضي إلا إذا دمرت مفاعل بوشهر الذي بنته روسيا، ولن تنبعث من المنشآت مستويات مرتفعة من الإشعاع وإنما كيماويات سامة تسبب تلوثا محليا يؤثر على الصحة والبيئة. وكان هذا هو ما حدث نتيجة هجمات قادتها الولايات المتحدة على منشأتين نوويتين عراقيتين خلال حرب الخليج في التسعينات وخلال غزو العراق في 2003، وقال هانز بليكس وهو رئيس سابق لمفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في العراق "أشك في أن التسرب الإشعاعي سيكون كبيرا، وتقول إيران إن كل منشآتها النووية تقتصر على الأغراض السلمية. وتتهم اسرائيل إيران بأنها تصنع سرا قنابل نووية وكانت قد قصفت مفاعل أوزيراك العراقي عام 1981 قبل أن يبدأ تشغيله، وقال ادوين ليمان وهو خبير نووي في اتحاد العلماء المعنيين بواشنطن "قد ينشأ خطر كيماوي محدود (نتيجة لهجوم اسرائيلي على محطات تخصيب اليورانيوم الإيرانية) لكن أعتقد أن تأثيره سيكون محدودا بحدود المجتمعات المحلية القريبة، ولم تتمكن وكالة الطاقة الذرية وإيران من التوصل يوم الجمعة إلى اتفاق يبدد المخاوف بشأن البرنامج النووي الإيراني. وتقول مصادر دبلوماسية إن إيران ركبت كثيرا من وحدات الطرد المركزي الإضافية في محطة فوردو وهي منشأة محصنة مقامة تحت الأرض يرجح أن يستهدفها أي هجوم. بحسب رويترز.

وزادت حدة التصريحات التي يدلي بها بعض الساسة الاسرائيليين التكهنات بأن تضرب اسرائيل المواقع النووية الإيرانية قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية التي تجرى في نوفمبر تشرين الثاني. وتقول واشنطن إن الوقت ما زال متاحا لنجاح الضغط الدبلوماسي لكن إذا اندلعت حرب بين إسرائيل وإيران فقد تجد نفسها مضطرة للتورط فيها، وقال أغلب الخبراء الذين اتصلت بهم رويترز إن اسرائيل لن تستهدف على الارجح مفاعل بوشهر النووي الذي يقع على ساحل الخليج وبدأ تزويد الشبكة بالكهرباء في سبتمبر أيلول الماضي. ومن الممكن أن يسفر مثل هذا الهجوم عن تسرب إشعاعي كبير على غرار تسرب فوكوشيما ينتشر في المنطقة بأكملها بما في ذلك اسرائيل، وقال بليكس "أي هجوم على محطة بوشهر للطاقة النووية سيكون على الأرجح انتهاكا للقانون الدولي."

أما مهاجمة المواقع النووية الاخرى في إيران مثل محطتي نطنز وفوردو لتخصيب اليورانيوم ومنشأة لمعالجة اليورانيوم إلى الشرق من مدينة اصفهان فقد يكون تأثيرها الصحي والبيئي محليا ومحدود النطاق مثل ما حدث عند قصف موقعي التويثة والقائم النوويين العراقيين، وقال مالكوم جريمستون من امبريال كوليدج في لندن "اليورانيوم معدن ثقيل للغاية كيماويا وفيزيائيا" لذلك لن ينتقل بعيدا عن طريق الرياح في حالة مهاجمة منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية، وأضاف "إنه بنفس سمية الرصاص تقريبا... ستكون المشكلة هي منع استنشاق الناس له في المنطقة الملاصقة بسبب خصائصه الكيماوية السامة، ويكون اليورانيوم في مراحله السابقة على الاستخدام في محطات الطاقة النووية أقل إشعاعا بكثير من المواد الانشطارية في المفاعلات، وقال جريمستون "هذه المنشآت ليست مثل المفاعلات التي توجد بها نواتج الانشطار غير المستقرة مثل مركبات اليود والسيزيوم والتي يمكن أن تنتقل إلى جميع أنحاء العالم عن طريق الرياح، ولم تصبح المحطتان العراقيتان عنوانا لكارثة مشهورة عالميا خلافا لانفجار مفاعل تشرنوبيل عام 1986 في أوكرانيا التي كانت جزءا من الاتحاد السوفيتي آنذاك وانصهار قلب المفاعل في محطة فوكوشيما دايتشي في اليابان بعد زلزال وأمواج مد عاتية العام الماضي، وقال روبرت كيلي وهو باحث في معهد ستوكهولم الدولي لبحوث السلام ومدير سابق لعمليات التفتيش التي كانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقوم بها في العراق "كانت الآثار الصحية (في العراق) محدودة للغاية بالحدود المحلية."

ويقول آخرون إن المخاطر الصحية مستمرة في العراق ومن الصعب تقدير المخاطر الصحية على المدى الطويل قرب الموقعين بسبب الافتقار لمتابعة معدلات الإصابة بالسرطان، وقال مايك تاونسلي من جماعة جرينبيس المدافعة عن البيئة "في التويثة لم تجر عملية شاملة لإزالة التلوث." وقال إنه وزملاءه وجدوا حاوية بها شقوق تحتوي على اليورانيوم الخام قرب المحطة عام 2003، ويعيش نحو ألف شخص قرب مجمع مفاعل التويثة إلى الجنوب من بغداد والذي كان موقعا لبرنامج الأبحاث النووية خلال عهد الرئيس الراحل صدام حسين ودمرته القوات التي قادتها الولايات المتحدة عامي 1991 و2003. وقصف موقع القائم حيث كان يجري استخلاص اليورانيوم في مصنع للمخصبات عام 1991، وقال بول سوليفان وهو استاذ للاقتصاد وأستاذ مساعد للدراسات الأمنية في جامعة جورجتاون بالولايات المتحدة إن هناك معايير مزدوجة لتقدير المخاطر، وقال "لو كان هناك احتمال لوقوع هجوم على مثل تلك المنشآت في فرنسا أو المانيا أو الولايات المتحدة أو اليابان أو أي من الدول المماثلة لتعالى الصياح المستمر بشأن الآثار المحتملة على البيئة وصحة الإنسان."

وتقول إيران إنها تحتاج إلى تنقية اليورانيوم كوقود للطاقة النووية. لكن التخصيب لدرجات مرتفعة يمكن أن يصل باليورانيوم إلى درجة النقاء اللازمة لصنع القنابل، والطريقة الأخرى الرئيسية لصنع قنبلة هي استخدام البلوتونيوم من نفايات قضبان الوقود النووي المستنفد في محطات الطاقة. لكن خبراء يقولون إن تصميم محطة بوشهر لا يناسب مثل تلك الاستخدامات وإن هذا يتطلب وجود محطة منفصلة لإعادة معالجة الوقود، وقال كارل ديوي وهو محلل نووي في آي.اتش.اس جينز بانجلترا "يعتقد أن برنامج البلوتونيوم الإيراني أقل تقدما من برنامج اليورانيوم، وأضاف أن أي هجوم على بوشهر - ربما لشل العمل في المباني القريبة من المفاعل دون المساس بالمفاعل نفسه - ينطوي على مخاطر كبيرة.

ويقول خبراء ان النتائج الضارة لأي هجوم على المفاعل تتوقف على مستوى القدرة الذي يعمل وفقا له ومدة تشغيله. وأفاد تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية في مايو ايار بأن مفاعل بوشهر يعمل بنسبة 75 في المئة من قدرته بعد اغلاقه في يناير كانون الثاني، ومن المرجح أن تكون اسرائيل راغبة في تدمير مفاعل اراك للأبحاث الذي يعمل بالماء الثقيل والذي لم يبدأ تشغيله بعد لكن خبراء يقولون إنه مناسب لإنتاج البلوتونيوم أكثر من بوشهر، وقالت الأمم المتحدة في 2005 إن الأثر الرئيسي لكارثة 1986 في تشرنوبيل سيكون ما يصل إلى أربعة آلاف حالة وفاة بسبب الإصابة بسرطان الغدة الدرقية. وتوفي نحو 30 شخصا في المحطة بسبب التعرض للإشعاع في أغلب الحالات. ويتوقع بعض خبراء البيئة عددا أكبر بكثير من الوفيات، وقدرت دراسة لجامعة ستانفورد في يوليو تموز العدد النهائي للوفيات بسبب الإشعاع المتسرب من محطة فوكوشيما دايتشي اليابانية بما بين 15 و1300 حالة، ويمكن أن يسبب التسمم بالإشعاع الغثيان والقئ والإسهال والصداع والشعور بالإنهاك إذا كانت الجرعات منخفضة. أما بالنسبة إلى الجرعات الأكبر فيمكن أن يسبب الحروق والنزيف والسرطان والوفاة، كما يمكن أن يضر الإشعاع بالنبات والحيوان ويسمم الغذاء الذي يستهلكه الإنسان. وعثر على نوع من الفراشات قرب فوكوشيما بها معدلات كبيرة من التحور الجيني مثل تشوه الجناحين والأعين، وقال ديوي إن من بين مخاطر التخصيب أن العملية تتضمن تسخين اليورانيوم حتى يأخذ الشكل الغازي، وتسفر هذه العملية عن خروج سادس فلوريد اليورانيوم وهو سام ومشع في الوقت نفسه ويمكن أن يسبب تلفا بالكلى. وعندما يلامس سادس أكسيد اليورانيوم الرطوبة يتحول إلى فلوريد اليورانيل وحمض الهيدروفلوريك السام في صورة غاز.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 6/أيلول/2012 - 18/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م