اسرائيل إيران... خطوط حمر وزرق وبيض!

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: يتخوف الكثير من إقدام اسرائيل على تنفيذ تهديداتها المستمرة التي ازدادت بشكل غير مسبوق في الفترة الأخيرة على لسان قادتها والتي تقضي بشن ضربة عسكرية استباقية على المنشأة النووية في إيران بسبب برنامجها النووي مثار الجدل, ويرى بعض المراقبين ان تبعات مثل هكذا قرار لاتقتصر على الإطراف المتصارعة فقط بل يمكن ان يسهم بدمار المنطقة بشكل عام خصوصا في مثل هكذا ظروف خطرة ، يضاف الى ذلك تنامي القدرات العسكرية الإيرانية هذا بالإضافة الى وجود حلفاء مهمين لها على خط التماس مع اسرائيل التي ستكون هدف مشروع ومباح لكل أعدائها، وفي هذا الشأن فقد وجه رئيس اركان الجيش الاسرائيلي تحذيرا الى "من يعتقدون ان في امكانهم ازالة اسرائيل"، في اشارة ضمنية الى ايران التي كرر مسؤولوها في الايام الاخيرة ان اسرائيل "ورم سرطاني" سيزول قريبا. وقال الجنرال بيني غانتز في بيان عسكري ان "من يعتقدون ان في امكانهم ازالة اسرائيل ويتخذون قرارات في هذا المعنى سيواجهون قوة الجيش الاسرائيلي". واضاف "في هذه الايام، فان دولة اسرائيل وسكانها مهددان. هذه التهديدات هي نتيجة تقييم خاطىء لقوتنا وقدراتنا". وتابع غانتز الذي كان يتحدث خلال احتفال في ذكرى جنود سقطوا من لواء غولاني "في ضوء هذه التهديدات، فان جيشا يضم في صفوفه افضل واشجع جنود وضباط في العالم هو مستعد على طول حدود بلادنا".

ويأتي هذا الموقف على وقع جدل سياسي في اسرائيل محوره احتمال توجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية في ايران، بمساعدة الولايات المتحدة او من دونها. وعرف رئيس اركان الجيش الاسرائيلي حتى الان بمواقفه الحذرة والمعتدلة حيال البرنامج النووي الاسرائيلي. واعلنت الخارجية الاميركية ان الولايات المتحدة تجري مشاورات مستمرة مع اسرائيل حول البرنامج النووي الايراني وقد ابلغت الدولة العبرية انها لا تزال تعطي الاولوية للقنوات الدبلوماسية على حساب الخيار العسكري. بحسب فرنس برس.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية فكتوريا نولاند ان "امن حلفائنا الاسرائيليين هو اولويتنا الاولى. نواصل مشاوراتنا المكثفة في هذا الشأن ونستمر في دعم طلباتهم. لكننا اوضحنا لهم بوضوح شديد انه، من وجهة نظرنا، لا يزال هناك وقت للدبلوماسية". واكد الجنرال مارتن ديمبسي رئيس الاركان المشتركة في الجيش الاميركي ان الولايات المتحدة واسرائيل لا تشعران بان التهديد الذي يمثله الملف النووي الايراني داهم بالدرجة نفسها بالنسبة للجانبين، كما لديهما تفسيرات مختلفة على رغم تلقيهما تقارير استخبارية مشابهة حول الملف.

تدمير ايران

على صعيد متصل دعا حاخام اسرائيلي بارز الى الصلاة من اجل هلاك ايران وذلك بعد اعلان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو دعمه فيما يبدو لهجوم محتمل على برنامج نووي تعتبره اسرائيل تهديدا لوجودها. تجيء عظة الحاخام عوفاديا يوسف ضمن موجة من التصريحات الاخيرة لمسؤولين اسرائيليين اثارت القلق الدولي من أن اسرائيل - التي يعتقد على نطاق واسع انها القوة النووية الوحيدة في الشرق الاوسط - ربما تهاجم المنشآت النووية الايرانية.

ونقلت وسائل اعلام اسرائيلية عن يوسف قوله "(عندما) نطلب من الله ان 'يهلك اعداءنا' تتبادر الى ذهننا ايران ..هؤلاء الاشرار الذين يهددون اسرائيل. عسى ان يبيدهمم الرب." وكان نتنياهو اوفد مستشاره للامن القومي ليطلع يوسف (91 عاما) على الانشطة النووية الايرانية فيما اعتبر على نطاق واسع مسعى للظفر بدعمه لاي ضربة عسكرية مستقبلية.

ويوسف الذي سبق ان شغل منصب كبير الحاخامين هو زعيم روحي لحزب شاس المتشدد العضو الرئيسي في ائتلاف نتنياهو الحاكم. ونتنياهو محبط من ان المساعي الدبلوماسية الغربية الرامية لاجبار طهران على الحد من برنامجها لم تؤت ثمارها حتى الان. وقال ان ايران التي يهدد قادتها بتدمير اسرائيل احرزت "تقدما متسارعا نحو امتلاك الاسلحة النووية."

ويشمل مجلس الوزراء الاسرائيلي المصغر لنتنياهو والذي يقول مسؤولون اسرائيليون انه منقسم بشأن شن هجوم منفرد على ايران وزيرا من شاس من بين ثمانية وزراء. وتقول ايران انها تقوم بتخصيب اليورانيوم لاغراض سلمية. وليوسف تأثير كبير على نواب شاس الذين يسعون لطلب توجيهاته في الشؤون السياسية. بحسب رويترز.

وسبق ان اثار يوسف المولود في بغداد جدلا بتشبيهه الفلسطينيين بالافاعي ودعا الى "ابادة (الرئيس الفلسطيني محمود عباس) من هذا العالم" ووصف غير اليهود بأنهم "لم يولدوا الا ليخدمونا". لكنه تحدث ايضا في صالح تخلى اسرائيل عن الارض المحتلة مقابل السلام مع الفلسطينيين من اجل انهاء الصراع وانقاذ ارواح اليهود.

من جانب اخر اعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو بانه عين افي ديختر الرئيس السابق لجهاز الامن الداخلي الاسرائيلي (شين بيت) وزيرا للجبهة الداخلية (الدفاع المدني) بينما تسرع الدولة العبرية الاستعدادات الدفاعية للسكان تحسبا لحرب مع ايران. وقال بيان صادر عن مكتب نتانياهو "قررت تعيين افي ديختر وزيرا للجبهة الداخلية"، موضحا ان ديختر "شغل منصب وزير الامن الداخلي وسيلقى الان على عاتقه واجب مهم وهو تعزيز امن الدولة".

وسيستقيل ديختر الوزير السابق للامن الداخلي والنائب عن حزب كاديما (وسط) المعارض من البرلمان لينضم الى الحكومة. وعين ديختر في هذا المنصب التابع لوزير الدفاع ايهود باراك، خلفا لماتان فيلناي الذي عين سفيرا لاسرائيل في الصين. وكان ديختر قال مؤخرا ردا على سؤال عن موقفه من شن ضربة اسرائيلية على المنشآت النووية الايرانية، ان اسرائيل "بحاجة الى قدرات هجومية فعالة". بحسب فرنس برس.

ويتناقض موقف ديختر مع مواقف مسؤولين سابقين في الشين بيت والموساد والاستخبارات العسكرية الذين اعلنوا عن معارضتهم لشن هجوم اسرائيلي دون موافقة الولايات المتحدة. وبحسب الاذاعة العسكرية، سيعزز انضمام ديختر الى الحكومة معسكر "الصقور" الداعين الى ضرب ايران بينما يرى معلقون ان غالبية الوزراء في الحكومة الامنية المؤلفة من 15 وزيرا يعارضون شن ضربة عسكرية بدون دعم صريح من الولايات المتحدة.

اسرائيل ستختفي"

على صعيد متصل اكد المرشد الاعلى للجمهورية الاسلامية اية الله علي خامنئي ان اسرائيل هي "ورم" غير طبيعي في الشرق الاوسط مؤكدا انها "ستختفي"، وقال خامنئي ان "نجم الامل" الذي اشرق في ايران خلال ثورتها الاسلامية، وخلال حربها مع العراق (1980-1988) "سيشرق كذلك على فلسطين وستعود اراضيها الاسلامية الى الشعب الفلسطيني". وهاجم اسرائيل قائلا ان "هذا الورم المصطنع والمزيف سيختفي عن الخارطة".

من جهة اخرى اكد الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد ان اسرائيل "ورم سرطاني سيزول قريبا"، ما اثار انتقادات حادة في الدول الغربية. وقال احمدي نجاد امام المتظاهرين الذين تجمعوا في جامعة طهران ان "النظام الصهيوني ورم سرطاني ودول المنطقة ستنهي قريبا وجود المغتصبين الصهاينة على ارض فلسطين". وقال احمدي نجاد ان "الغربيين يقولون انهم يريدون شرق اوسط جديدا ونحن ايضا نريد شرق اوسط جديدا لكن في شرق اوسطنا لن يكون هناك اثر للصهاينة". واضاف ان "الصهاينة سيرحلون والهيمنة الاميركية على العالم ستنتهي".

ودان الرئيس الايراني حل الدولتين لتسوية سلمية بين اسرائيل والفلسطينيين. وقال "انهم (الولايات المتحدة وحلفاؤها) يريدون تطبيق سيناريو فرض حل الدولتين". واضاف "حتى اذا اعطوا الفلسطينيين ثمانين بالمئة من ارض فلسطين واحتفظوا بعشرين بالمئة (للاسرائيليين)، سيكون الامر خطيرا وسيقضي على سنوات من المقاومة".

في السياق ذاته أعلن قائد القوة الجو-فضائية في الحرس الثوري الإيراني، العميد أمير علي حجي زاده، إن بلاده ترحب بضربة عسكرية إسرائيلية إذ أنها ستمنح الجمهورية الإسلامية فرصة "لمحو هذا الكيان المزيف من الوجود ورميه في مزبلة التاريخ"، على حد قوله. وقال زاده، في تصريح نقلته وكالة "مهر" الإيرانية، إنه في حال قررت إسرائيل تنفيذ تهديداتها بضرب المنشآت النووية الإيرانية: "سيكون ردنا سريعاً وحازماً ومدمراً، وسننتقم بالكامل لدماء الشهداء المظلومين في فلسطين المحتلة ولبنان والعلماء النوويين الإيرانيين وآلاف من الشهداء الآخرين."

وكشفت ايران النقاب عن نسخة جديدة مطورة من الصاورخ "فاتح 110"، وهو صاروخ البالستي ارض ارض ، وقالت انها تشيد موقعا جديدا للدفاع الجوي في محاولة على ما يبدو لاظهار استعدادها للتصدي لأي هجوم إسرائيلي. وحضر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد ووزير الدفاع أحمد وحيدي احتفالا كشف خلاله المسؤولون النقاب عن الجيل الرابع من الصاروخ الذي يبلغ مداه 300 كيلومتر ومعدات مطورة اخرى. وقال أحمدي نجاد في الاحتفال بطرح الصاروخ "التطوير الدفاعي هدفه صيانة كرامة الانسان لا العدوان على الغير." وأضاف "لا شك عندي في ان قدراتنا الدفاعية يمكنها التصدي للمتنمرين ودحر خططهم." وقالت وكالة الانباء الرسمية (إرنا) إن التطوير يشمل اطلاق الصاروخ بصورة اسرع واستخدامه في الاحوال الجوية السيئة. ولايعتقد أن الصاروخ قادر على اطلاق اسلحة نووية، ولكن إيران لديها مخزون من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى.

وفي مايو / ايار الماضي قال البروفسور ثيودور بوستول، احد كبار الخبراء في مجال تكنولوجيا الدفاع الصاروخي إن الخطر الذي تمثله الصواريخ الايرانية محدود في حال عدم وجود اسلحة نووية. ومن ناحية اخرى قال مسؤولون إن إيران أعلنت بدء تشييد موقع للدفاع الجوي في جنوب البلاد على بعد نحو 210 كيلومترات من منشأة تخصيب اليورانيوم في اصفهان. وذكرت وكالة فارس للأنباء ان منشأة الدفاع الجوي التي ستقام على مساحة 200 هكتار في منطقة آبادة ستكون اكبر منشأة من نوعها في ذلك الجزء من البلاد وستشيدها مؤسسة "خاتم الأنبياء" وهي الذراع الهندسية للحرس الثوري الإيراني وسيعمل بها في نهاية المطاف 6000 شخص. بحسب بي بي سي.

وتقول إيران التي تنفي أنها تحاول صنع قنبلة نووية ان بمقدورها أن تضرب إسرائيل والقواعد الأمريكية في المنطقة اذا تعرضت للهجوم. كما هددت باغلاق مضيق هرمز الذي يمر عبره 40 في المئة من صادرات النفط العالمية المنقولة بحرا وهو ما سيقابل على الارجح برد عسكري من جانب الولايات المتحدة

جحيم حقيقي

الى جانب ذلك قال حزب الله اللبناني إن بإمكانه قتل عشرات الآلاف من الاسرائيليين من خلال ضرب أهداف باستخدام صواريخ موجهة بدقة في إعلان يستهدف فيما يبدو ردع اسرائيل وإثناءها عن ضرب لبنان أو حليفته الرئيسية إيران. وقال الامين العام لحزب الله حسن نصر الله إن جماعته تستطيع تحويل حياة مئات الآلاف من الاسرائيليين "الى جحيم حقيقي" بضرب عدد قليل من الأهداف التي وصفها بأنها "غير كبيرة" ربما في إشارة الى منشآت نووية رغم انه لم يتطرق الى تفاصيل.

وقال نصر الله في احتفال في الضاحية الجنوبية لبيروت "اقول للاسرائيليين ان لديكم عددا من الاهدافعدد غير كبير ويمكن ان يطال بعدد من الصواريخ الدقيقة وهذه الصواريخ موجودة لدينا." وأضاف قائلا "ضرب هذه الاهداف بصواريخ قليلة سيحول . حياة مئات الالاف من الصهاينة الى جحيم حقيقي. يمكن الحديث عن عشرات الاف القتلى." وقال نصر الله "اقول للاسرائيليين ان هذه الاهداف عندنا اياها وهذه الصواريخ موضوعة ومنصوبة ومركزة على هذه الاهداف وفي سرية ممتازة جدا ونحن في اي مرحلة من مراحل العدوان على بلدنا اذا اضطررنا لاستخدام او لاستهداف هذا النوع من الاهداف من اجل شعبنا وبلدنا لن نتردد في فعل ذلك." بحسب رويترز.

ومضى يقول "على الاسرائيليين ان يعرفوا جيدا ان كلفة العدوان باهظة جدا جدا جدا ولا تقاس بكلفة الحرب في عام 2006" بين حزب الله واسرائيل. وقال نصر الله إن إسرائيل ما زالت تبحث ما إذا كانت ستهاجم إيران "لأنها قوية وشجاعة". ومضى يقول "كلنا يعلم أن الجمهورية الاسلامية سيكون ردها كبيرا وصاعقا وعظيما جدا اذا استهدفت من قبل اسرائيل."

الاقتصاد الاسرائيلي

من جانب اخر تخوف عدد من المسؤولين الاقتصاديين الاسرائيليين من التداعيات الكبيرة على الوضع الاقتصادي في اسرائيل لاي ضربة عسكرية محتملة على المنشآت النووية الايرانية، وهو الاحتمال الذي بات متداولا بشكل واسع في وسائل الاعلام الاسرائيلية. وكان محافظ بنك اسرائيل ستانلي فيشر الوحيد من المسؤولين الاسرائيليين الذي تحدث علنا عن هذه المشكلة، مشيرا الى ان مؤسسته اتخذت بعض التدابير الوقائية في هذا الاطار.

وقال فيشر "اي هجوم على ايران سيكون له عواقب وخيمة، ولكننا على استعداد لمواجهة الازمات والعواقب المترتبة على اي عمل من هذا النوع". واوضح فيشر ان اي صراع سيؤدي حتما الى ارتفاع في ميزانية الدفاع. وتابع "المسؤولية الاساسية لاي بلد تتمثل في ضمان امن مواطنيه. وان كان يتوجب علينا انفاق المزيد من الاموال لضمان امن الدولة سنقوم بذلك وسوف ندفع الثمن". ومن جهته قال مسؤول في البنك المركزي الاسرائيلي ان لدى اسرائيل مخزونا "مريحا" من العملات الاجنبية بقيمة 75,3 مليار دولار. واشار المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن اسمه ان "هذا المخزون سيسمح لنا بتمويل وارداتنا بسلاسة في حال الحرب، والدفاع عن الشيكل في نهاية المطاف".

وبالنسبة لجمعية الصناعيين الاسرائيليين فان اللهجة مطمئنة ايضا. وقال داني كاتاريفاس مدير العلاقات في الجمعية "حتى الان ان قلق رجال الاعمال يتركز عى تداعيات الركود الاقتصادي الذي سببته ازمة اليورو". واشار كاتاريفاس ايضا انه خلال حرب لبنان الثانية صيف 2006 "شهد الاقتصاد انخفاضا طفيفا قبل ان ينتعش نهاية العام نفسه ويسجل نتيجة افضل مما كان متوقعا".

وفي المقابل تحدثت وسائل الاعلام عن بورصة تل ابيب غير المستقرة والمتقلبة، مشيرة الى ان الشيكل قد يكون "اول ضحية للحرب التي لم تبدأ بعد" بعد اشارات ضعف سجلها امام الدولار واليورو. ومن جهته اكد متحدث باسم رابطة الفنادق الاسرائيلية ان "شائعات الحرب الوشيكة بدأت تؤثر" على وضع الفنادق، في حين كان النصف الاول من عام 2012 جيدا.

ونقلت القناة التلفزيونية العاشرة الخاصة عن خبراء عسكريين قولهم ان نحو 50 الف صاروخ قد تطلق على اسرائيل من ايران او حزب الله اللبناني في حال نشوب حرب. وتقدر قيمة كل يوم في الحرب بمليار ونصف شيكل (370 مليون دولار) شرط ان يكون نصف الاقتصاد الاسرائيلي فقط قد اصيب بالشلل بفعل الهجمات التي قد تلي الغارات الاسرائيلية على المنشآت النووية الايرانية. بحسب فرنس برس.

وستجبر هذه النفقات بالاضافة الى الربح الفائت، وزارة المالية الاسرائيلية على القيام بالمزيد من الاقتطاعات من الميزانيات المدنية لزيادة الانفاق العسكري الذي كان من المقرر رفعه ليصل الى 52 مليار شيكل (13 مليار دولار) ليصل الى 60 مليار شيكل (15 مليار دولار) هذا العام حتى لو لم تندلع الحرب. وكانت الحكومة الاسرائيلية بالفعل فرضت خطة تقشف الشهر الماضي تشمل زيادة ضريبة القيمة المضافة لتصبح 17% وضرائب على العائدات في محاولة لسد العجز المالي ما سيؤثر في الاغلب على الطبقات الدنيا. وتهدف هذه الاجراءات الى سد جزء من العجز في الموازنة الذي بلغ 4 بالمئة من اجمالي الناتج القومي وهو اكثر بمرتين مما كان متوقعا لهذا العام.

في السياق ذاته توقعت مجموعة معلومات الأعمال بي.دي.آي كوفيس أن يتكبد اقتصاد إسرائيل خسائر تصل إلى 167 مليار شيقل (42 مليار دولار) إذا هاجمت إيران بسبب برنامجها النووي. وأضافت بي.دي.آي كوفيس وهي مجموعة بحثية مرموقة أن الأضرار الاقتصادية المباشرة ستصل إلى 47 مليار شيقل أو ما يعادل 5.4 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي في 2011.

وقالت إن الأضرار غير المباشرة ستصل إلى 24 مليار شيقل سنويا لمدة ثلاث إلى خمس سنوات بسبب انهيار أعمال. وأشارت بي.دي.آي كوفيس إلى أن الحرب مع حزب الله اللبناني التي استمرت 32 يوما في 2006 خفضت نمو الاقتصاد الإسرائيلي 0.5 في المئة. وكبدت التكاليف المباشرة مثل الأضرار التي لحقت بالعقارات والبنية التحتية المدنية الاقتصاد خسائر أخرى بلغت نسبتها 1.3 في المئة. وأضافت "في حالة نشوب حرب بنفس الحجم والمدة والأضرار من الممكن توقع أضرار تبلغ 16 مليار شيقل."

ودارت الحرب مع حزب الله بشكل رئيسي في شمال إسرائيل الذي ينتج 20 في المئة فقط من الناتج المحلي. وقالت بي.دي.آي كوفيس "من المنطقي افتراض أنه إذا نشبت حرب فسوف تشمل وسط البلاد الذي يضم 70 في المئة من النشاط الاقتصادي لإسرائيل" مشيرة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي بلغ 870 مليار شيقل في 2011. وكان ستانلي فيشر محافظ بنك إسرائيل المركزي قد حذر من ازمة اقتصادية إذا نشبت حرب مع إيران. وقال مسؤولون إسرائيليون كبار إنه لم يتم بعد اتخاذ قرار نهائي بشأن مهاجمة إيران. بحسب رويترز.

وتصاعدت لهجة السياسيين الإسرائيليين في الفترة الاخيرة مما يشير إلى أن إسرائيل ربما تهاجم منشآت ايران النووية قبل انتخابات الرئاسة الأمريكية في نوفمبر تشرين الثاني. وتعتبر إسرائيل برنامج ايران النووي تهديدا لوجودها مستشهدة بتهديدات زعماء الجمهورية الاسلامية بتدمير إسرائيل.

إغلاق مفاعل ديمونا

من جهة اخرى اقترح عالم نووي إسرائيلي كبير أن تغلق إسرائيل مفاعل ديمونا مقابل وقف إيران تطوير برنامجها النووي، فيما أعلن الرئيس الإسرائيلي الأسبق إسحق نافون عن تأييده لتصريحات الرئيس الحالي شمعون بيرس المعارض لهجوم عسكري إسرائيلي منفرد ضد المنشآت النووية الإيرانية. ونقلت صحيفة "معاريف" عن العالم النووي الإسرائيلي عوزي إيفن اقتراحه "إغلاق المفاعل في ديمونا مقابل وقف البرنامج النووي العسكري الإيراني".

ويشار إلى أن إيفن هو أحد أبرز العلماء النوويين الإسرائيليين وكان عضو كنيست عن حزب ميرتس اليساري وسرب مخطط مهاجمة المفاعل النووي العراقي في العام 1981 لبيريس الذي كان في حينه رئيس المعارضة الإسرائيلية. وقالت "معاريف" إن إيفن شدد على أنه يحظر على إسرائيل مهاجمة إيران الآن لأنه ليس بمقدورها ذلك من دون مشاركة الولايات المتحدة.

وأضاف إيفن أنه إذا كان الهدف وقف تطوير البرنامج النووي الإيراني، فإنه بالإمكان تحقيق ذلك بصفقة "ديمونا مقابل قم" وأنه "بإمكاننا أن نقول إنه في إطار تسوية شاملة للمشكلة إننا نتنازل عن نشاط ديمونا". واقترح العالم الإسرائيلي "وقف عمل المفاعل (في ديمونا) الذي يعتبر أقدم المفاعل النووية في العالم، وعاجلا أم آجلا سنضطر إلى وقف نشاطه، ولن نخسر شيئا بذلك وسيسمح للإيرانيين بالقول إنهم حققوا انتصارا كبيرا".

ورأى إيفن أن هجوماً إسرائيلياً ضد إيران لن يحقق هدفه لأن الأنشطة النووية الإيرانية منتشرة في 4 أو 5 مواقع في الدولة وبعضها موجود في باطن الأرض، وحذر من أن الرد على هجوم إسرائيلي سيكون على شكل حرب استنزاف تستمر لسنوات طويلة. وأضاف أنه حتى لو حصلت إيران على قنبلة إيرانية، فإن هذا لا يعني خطر وجودي على إسرائيل "إذ لا يوجد أحد في العالم يعتقد أن إسرائيل ستقف فارغة اليدين أمام إيران نووية، والعالم العربي كله، وإيران بالطبع، مقتنعون بأنه يوجد لدينا مخزون هائل من القنابل النووية وإيران نووية هي أمر بالإمكان التعايش معه بكل تأكيد".

ومع استمرار السجال في إسرائيل بين مؤيدي ومعارضي مهاجمة إيران، أصدر الرئيس الإسرائيلي الأسبق إسحق نافون بيانا عبر فيه عن تأييده لتصريحات بيرس ضد هجوم إسرائيلي منفرد على إيران. وقال نافون في بيان إنه "واضح للرئيس بيرس، مثلما هو بالنسبة لي، أنه ليس من مهمة الرئيس التدخل في قرارات الحكومة، لكن ثمة أوضاع تتجاوز الأنظمة العادية، وواجب أن تقول ما تؤمن به في أوقات تتخذ فيها قرارات مصيرية بالنسبة للشعب والدولة حتى لو كنت رئيسا للدولة". وأضاف "إنني أشعر أنه لو كنت مكان الرئيس بيرس لتصرفت مثله، وشخص مثل بيرس لا يمكنه ألا يعبر عن رأيه عندما يشعر بمصيرية الساعة ويؤمن بكل جوارحه أن من واجبه أن يؤثر" على اتخاذ القرار.

وكان بيرس قال إن إسرائيل لن تتمكن من وقف تطوير البرنامج النووي الإيراني، مؤيدا بذلك موقف القيادة العسكرية والأمنية في إسرائيل، لكنه أثار غضب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الذي يهدد بمهاجمة إيران. وانتقد مقربون من نتنياهو بيرس بشدة بسبب تصريحاته، بادعاء أن منصب الرئيس هو منصب فخري وينبغي أن يتعالى عن السجالات في الحلبة السياسية الإسرائيلية، وبدا أن أزمة نشأت بين الرئيس ورئيس الوزراء. يذكر أن نافون (91 عاما)، كان تولى منصب الرئيس الإسرائيلي بين الأعوام 1978 – 1983، وطالب في 1982 بشكل علني رئيس الوزراء الإسرائيلي في حينه مناحيم بيغن بتشكيل لجنة تحقيق رسمية بمجزرة صبرا وشاتيلا وهدد بالاستقالة من منصبه إن لم يتم ذلك.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 4/أيلول/2012 - 16/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م