مرسي: مصر سويسرا الشرق الأوسط

د. أحمد راسم النفيس

في برنامجه النهضوي الإنشائي تناول السيد/ محمد مرسي بعض رؤاه عن السياسة الخارجية لمصر وهي رؤى يمكن من خلالها متابعة تحركاته وجولاته وما قد ينتج عنها من آثار.

الملاحظة الأولى أن هذا البرنامج (العامر) بالبلاغة والإنشاء لم يتضمن كلمة (إسرائيل) ولا كلمة (مقاومة) لا من قريب ولا من بعيد، وقصارى ما تفضل به البرنامج (الجهادي) للسيد مرسي على قضيتنا المركزية هو تلك العبارات (تأييد الشعب الفلسطيني في نضاله المشروع لنيل حقوقه وبناء دولته وتحرير أراضيه ودعم مواقفه على الساحة الدولية والتنسيق مع الدول المؤيدة للحقوق الفلسطينية).

أما عن العلاقة مع أمريكا الراعي الرسمي للصهاينة فقد تحدث البرنامج النهضوي عنها بما يلي: (الانطلاق من دور إقليمي جديد لمصر في صياغة علاقتها بالولايات المتحدة على أساس من استقلالية القرار والبناء على المصالح المشتركة في المدى القريب والسعي لاستبدال كافة أشكال التبعية السياسية والاقتصادية والعسكرية وغيرها في المدى الأبعد بأنماط جديدة للعلاقات قائمة على التوازن والتكافؤ والمكاسب المشتركة).

والمعنى أن دولة مرسي أو دولة الإخوان وفي رواية ثالثة دولة الحرية والعدالة (ستعمل على المدى الأبعد "على طريقة موت يا حمار" وفي إطار دورها الإقليمي الجديد لاستبدال أنماط التبعية القديمة –وليس إنهاؤها - بأنماط تبعية جديدة قائمة على كذا وكذا....).

أما عن نوع الدور الإقليمي في إطار التبعية الجديدة فتحدده عبارة أخرى أكثر خبثا نصها: (تطوير العلاقات المصرية التركية وفتح آفاق التعاون بين البلدين في مجالات تنسيق السياسة الخارجية والتعاون الأمني والعسكري وتطوير العلاقات التجارية والتعاون في المجالات العلمية والبحثية والثقافية).

ومن المعلوم أن تركيا التي تحتضن العديد من القواعد الأمريكية عضو في حلف شمال الأطلسي التي يشن منها الغارات وتوضع فيها الخطط المعادية للشعوب العربية والمسلمة.

لهذه الأسباب يتعين علينا أن نأخذ على محمل الجد ما كشفه الدكتور سعد الدين إبراهيم (أن جماعة الإخوان المسلمين بعثت وفداً يضم 30 قيادياً إلى أمريكا قبل جولة الإعادة بين الدكتور محمد مرسى والفريق أحمد شفيق في الانتخابات الرئاسية وأن الإخوان تعهدوا بالحفاظ على معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، والمصالح الاقتصادية للولايات المتحدة الأمريكية في مصر ومواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة، وكذلك عدم التعرض للمنشآت الأمريكية بمصر وأن المسئولين الأمريكيين طلبوا من الإخوان مساندة المملكة العربية السعودية في منافستها مع ايران بالمنطقة، والالتزام بنفس موقف دول مجلس التعاون الخليجي في حال توجيه ضربة أمريكية للمفاعل النووي).

المعنى الذي نستخلصه من تلك المراوغات اللفظية في تجديد فنون وأساليب التبعية أن جماعة الإخوان لا ترى فارقا بين موقع مصر المتاخم للكيان الصهيوني وموقع سويسرا صاحبة سياسة الحياد الشهير.

إنه حياد البلهاء الواهمين الغافلين عما يراد بهم غير المغفول عنهم من الضالين التائهين المتحيرين، فلا هو حياد ولا هم أهل جهاد بل هم طلاب دنيا بعمل الآخرة.

يقول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب: (أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ الْجِهَادَ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ فَتَحَهُ اللَّهُ لِخَاصَّةِ أَوْلِيَائِهِ وَهُو لِبَاسُ التَّقْوَى وَدِرْعُ اللَّهِ الْحَصِينَةُ وَجُنَّتُهُ الْوَثِيقَةُ فَمَنْ تَرَكَهُ رَغْبَةً عَنْهُ أَلْبَسَهُ اللَّهُ ثَوْبَ الذُّلِّ وَشَمِلَهُ الْبَلَاءُ وَدُيِّثَ بِالصَّغَارِ وَالْقَمَاءَةِ وَضُرِبَ عَلَى قَلْبِهِ بِالْإِسْهَابِ وَأُدِيلَ الْحَقُّ مِنْهُ بِتَضْيِيعِ الْجِهَادِ وَسِيمَ الْخَسْفَ وَمُنِعَ النَّصَفَ).

www.elnafis.net

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 2/أيلول/2012 - 14/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م