العلاج المزور... عندما يتحول الدواء داءً

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: أصبحت تجارة الأدوية المزورة آفة متنامية في البلدان الفقيرة التي تفتقر إلى الرقابة الصحية، في غياب أدوات فاعلة لمكافحة هذه الظاهرة الحقيقية على الساحة الدولية، وهذه الأدوية المزورة التي تنتج بغالبيتها في آسيا وتوجه إلى السوق الإفريقية، هي أدوية خالية من المادة الفعالة أو مخففة الجرعات ونسخة مزيفة من علامة شهيرة مع غلاف يقلد الغلاف الأصلي، إذ بينت الإحصاءات الجديدة إلى أن ثلث الأدوية المستخدمة لمقاومة انتشار الملاريا في أنحاء العالم هي أدوية مغشوشة، في حين شكلت القضية الاحتيال في مجال الرعاية الصحية لشركة الصناعات الدوائية "غلاكسوسميثكلين" (GSK) اكبر فضحية في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية، لفشلها في تقديم معلومات السلامة بشان عقارها المخصص لعلاج مرض السكر لإدارة الأدوية والتغذية (FDA)، من جهة أخرى أحبطت السلطات في سؤول محاولة تهريب عقاقير صينية مصنوعة من لحوم مجففة، من جهتها عدلت الصين قوانينها لانتاج عقاقير رخيصة الثمن، ومن المتوقع أن تقابل الشركات العالمية هذه الخطوة بقدر كبير من الغضب، في حين يعد المسنون عُرضة لخطر إدمان الأدوية، إذ يلجأ كثيرون منهم إلى العقاقير أحياناً بلا سبب.

تجارة الأدوية المزورة

فقد قال الأستاذ مارك جانتيليني المسؤول عن برنامج الصحة في جمعية شيراك التي تنشط في هذا المجال إن "هذه الآفة تتفاقم وهي نوع جديد من الجريمة المنظمة تلي الاتجار بالمخدرات لكنها قد تتخطاه في يوم من الأيام"، وبحسب المنظمة غير الحكومية الأميركية "سنتر فور مديسين إن ذي بابليك انترست"، درت مبيعات الأدوية المزورة 75 مليار دولار في العام 2010، مسجلة ارتفاعا بنسبة 90 % في غضون خمس سنوات، وأفادت منظمة أميركية أخرى تعرف ب "ناشونل كرايم بريفنشن كاونسل" بأن أكثر من 10 % من الأدوية التي تباع في العالم هي مزورة، وقد تصل هذه النسبة إلى 70 % في بعض المناطق، وأشارت جمعية شيراك إلى أن أشخاصا عديمي الذمة وجدوا في تطوير الأدوية واللقاحات في البلدان النامية وسيلة سهلة لا مخاطر كبيرة فيها حتى الآن لكسب مبالغ طائلة. بحسب فرانس برس.

ويعد الاتجار بالأدوية المزورة أكثر ربحية بخمس وعشرين مرة من الاتجار بالمخدرات، وهو لا يكافح بعد بالطريقة التي تكافح بها نشاطات إجرامية أخرى، وأوضحت الجمعية أن "التدبير الوحيد المتخذ حتى اليوم هو المعاهدة الدولية +ميديكرايم+ التي وضعها مجلس أوروبا"، لكن لم يوقع على هذه المعاهدة إلا 15 بلدا غالبيتهم من أوروبا ولم يتم التصديق عليها حتى الآن وبالتالي تطبيقها، ولا بد من إقناع حوالى مئة بلد بالتوقيع على هذه المعاهدة بغية المضي قدما في هذا المجال. ولهذا السبب بالتحديد، تنظم جميعة شيراك ندوة الخميس بشأن "هذه الجريمة المرتكبة في حق الأكثر فقرا"، وختم مارك جانتيليني قائلا إن بيع دواء فياغرا مزور على الانترنت هو عملية غش يجب معاقبتها ومكافحتها، لكن بيع أدوية مزورة لمكافحة الملاريا في إفريقيا هو جريمة بكل ما للكلمة من معنى.

أدوية مغشوشة

فيما أشارت أرقام جديدة إلى أن ثلث الأدوية المستخدمة لمقاومة انتشار الملاريا في أنحاء العالم هي أدوية مغشوشة، وقال الباحثون الذين درسوا 1500 عينة من سبعة أدوية لمكافحة الملاريا تستخدم في بلدان في جنوب شرقي اسيا ان الاقراص المغشوشة تؤدي الى فشل العلاج ومقاومة الميكروب المسبب للمرض للادوية، واظهرت ابحاث اجريت على 2500 عينة ادوية مستخدمة في 21 دولة افريقية نتائج مماثلة، ويقول الخبراء ان نتائج الابحاث المنشورة في دورية لانست للامراض المعدية تعد "جرس انذار"، ويعتقد الباحثون الامريكيون من مركز فوغارتي الدولي في معاهد الصحة الوطنية الذين أعدوا الدراسة ان مشكلة الادوية المغشوشة قد تكون اكبر بكثير من الارقام التي توصلوا اليها، ويقول الباحثون: "الارجح انه لا يتم الابلاغ عن اغلب الحالات، او يبلغ عنها للهيئات غير المعنية او تتكتم عليها شركات الادوية، ولم تجر دراسات واسعة عن جودة الادوية في الصين او الهند، وهما بلدان يضمان ثلث سكان العالم وهما مصدر "محتمل" للعديد من الادوية المغشوشة بالاضافة لادوية علاج الملاريا الجيدة، ويقول الباحث الرئيس في مجموعة البحث غورفيكا نايار ان هناك 3.3 مليار شخص معرضون لخطر الاصابة بالملاريا التي تصنف كوباء في 106 بلدان، ويضيف: "يموت ما بين 655 الف شخص و1.2 مليون شخص سنويا نتيجة الاصابة بطفيل بلازموديوم فالسيبارم (المسبب للملاريا)، ويمكن تجنب الكثير من تلك الوفيات لو توفرت للمرضى ادوية فاعلة واستخدمت بشكل صحيح".

ويقول الباحثون انه في المناطق التي تنتشر فيها الملاريا يتم وصف وتوزيع ادوية الملاريا دون استشارات طبية، وتستخدم بشكل صحيح وبشكل غير صحيح، وكشفت الدراسة عدم كفاية هيئات مراقبة جودة الادوية المضادة للملاريا وعدم معرفة المستهلكين والعاملين في مجال الصحة بشكل كاف بالعلاج، كما انه لا تتوفر رقابة على تصنيع الادوية المغشوشة ومعاقبة منتجيها، ورغم كل ذلك تراجع معدل الوفيات من الاصابة بالملاريا على مستوى العالم منذ عام 2000 بنسبة 25 في المئة، الا ان منظمة الصحة العالمية تقول ان الحفاظ على معدل التقدم الحالي لن يكفي لتحقيق الاهداف العالمية لمقاومة انتشار الملاريا.

فضيحة دوائية

في سياق متصل وافقت شركة الصناعات الدوائية "غلاكسوسميثكلين" (GSK) على دفع مبلغ ثلاثة مليارات دولار فيما عد أكبر تسوية قضائية لقضية احتيال في مجال الرعاية الصحية في تاريخ الولايات المتحدة الامريكية، واقرت شركة الصناعة الدوائية العملاقة بالذنب في ترويجها لعقارين في استخدامات علاجية لم تتم الموافقة عليها، وفشلها في تقديم معلومات السلامة بشان عقارها المخصص لعلاج مرض السكر لادارة الادوية والتغذية (FDA)، وتشمل التسوية القضائية غرامات جنائية وتسوية للحق المدني مع السلطات الولائية والفيدرالية، وتتعلق القضية بعقاري "Paxil" و"Wellbutrin and Avandia" اللذين تنتجهما الشركة، وقال وكيل المدعي العام الأمريكي جيمس كول في مؤتمر صحفي بالعاصمة الامريكية واشنطن ان هذه التسوية كانت امرا غير مسبوق في حجمها ومداها، واعترفت الشركة التي تعد احدى اكبر شركات الرعاية الصحية والمستحضرات الصيدلانية انها روجت لاستخدام ادوية "Paxil" و "Wellbutrin" المضادة للكآبة في استخدامات لم تحصل على الموافقة عليها، وبضمنها علاجات للاطفال والمراهقين، واقرت الشركة ايضا بالتهم الموجهة اليها بشأن اخفائها معلومات وتقديم بيانات سلامة غير موثوقة بشأن عقار علاج مرض السكر "Avandia"، فضلا عن ذلك وجدت المحكمة أن الشركة مذنبة بتقديم رشاوى الى اطباء في هذا الصدد، وقالت ممثلة النيابة العامة الامريكية كارمين اورتيز إن قسم مبيعات الشركة اغرى الاطباء المرتشين لوصف منتجات الشركة لمرضاهم باستخدام اغراءات مختلفة دفعت فيها اموالا ضخمة، تراوحت من تمويل سفرات استجمام الى هاواي ودفع ملايين الدولارات للاطباء للقيام في جولات للحديث عن منتجاتها، حتى شراء بطاقات حفلات المطربين المشاهير من امثال مادونا لهم، وضمن بنود التسوية القضائية، وافقت الشركة على ان البقاء تحت رقابة مسؤولين حكوميين لمدة خمس سنوات، واوضحت الشركة في بيان لها انها ستدفع الغرامات المفروضة عليها مما يتوفر لديها من مصادر السيولة المالية، وقال اندرو ويتي المدير التنفيذي للشركة إنه تم تغيير المسؤولين عن ذلك في التسويق والمبيعات في فرع الشركة في الولايات المتحدة، واضاف ويتي "لقد تعلمنا من الاخطاء التي ارتكبناها، وقد ازحنا الموظفين المتورطين في سوء التصرف،حين كان ذلك ضروريا".

دواء الستاتين

وبالإمكان أن نتجنب الكثير من السكتات الدماغية والنوبات القلبية، اذا أقبل الأصحاء على تناول الستاتين، وهي نوع من الحبوب الخاصة بخفض نسبة الكوليسترول في الدم. هذه أهم النتائج التي توصلت اليها دراسات طبية بريطانية مؤخرا، لكن هل يقبل المعافون والأصحاء بتناول هذا الدواء؟، يقول علماء من جامعة أوكسفورد الإنجليزية إن السلطات الصحية في بريطانيا يمكنها النظر في امكانية حث الاصحاء على تناول بعض حبوب الستاتين لتقليل مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية والدماغية، وتعتبر تلك الحبوب من الأدوية الأكثر شيوعا في بريطانيا، التي تشهد نقاشا عاما حول امكانية جعلها في متناول الجميع سوآءا من المرضى أو المعافين. النقاش يركز ايضا على مدى قبول الأصحاء بتناول ادوية مخصصة اصلا للذين يعانون من أمراض زيادة الكولسترول في الدم، ومن الثابت علميا- حسب الأطباء- ان تناول تلك الحبوب يساعد أي شخص كان في التقليل من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسكتات الدماغية، سلطات مراقبة الادوية والمنتجات الصيدلانية في بريطانيا تسمح بتلك الحبوب للأشخاص الذين تصل نسبة تعرضهم للأمراض القلبية الى عشرين في المائة، لكنها الآن تنظر في امكانية تطبيق نتائج الدراسة المذكورة، ويعتمد الأطباء تقليديا على قياس ضغط الدم ونسبة الكوليسترول، ونمط الأكل والحياة الذي يتبعه الشخص لوصف حبوب الستاتين، أما الآن فيقول البروفيسور كولين بايغينتن أحد المشاركين في الدراسة للبي بي سي "ما توصلنا اليه الآن هو انه مهما يكن مستوى ضغط الدم ونسبة الكوليسترول فان فوائد تلك الحبوب بالنسبة للأصحاء فاقت التوقعات، واضاف بأن تخفيض عتبة مخاطر الإصابة بالأمراض القلبية بسبب حبوب الستاتين الى نحو عشرة في المائة فقط، يمكن أن يرفع عدد المقبلين على هذه الحبوب الى خمسة ملايين شخص على الاقل، وبالتالي سيساهم ذلك في تجنب اصابة ما لا يقل عن عشرة آلاف شخص، وانقاذ حياة ألفي مريض سنويا، ويقول البروفيسور بايغينتن "إن نصف من يموتون بسبب تلك النوبات هم من الأشخاص الاصحاء قبل تعرضهم للإصابة"، ومن ناحية أخرى بإمكان اتاحة حبوب الستاتين للجميع، وخاصة للفئة العمرية ما بعد الخمسين أن يوفر مزيدا من الأموال التي يتم انفاقها على العلاج والخدمات الصحية المتعلقة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية في بريطانيا.

كبسولات لحوم بشرية مجففة

على الصعيد نفسه نقلت وسائل إعلام كورية جنوبية أن السلطات في سؤول أحبطت محاولة تهريب عقاقير صينية مصنوعة من لحوم مجففة لأطفال موتى يعتقد بقدراتها العلاجية، ونقلت صحيفة "كوريا تايمز" إن 29 مهرباً لـ"كبسولات اللحوم البشرية"، تخفوا كسياح، اعتقلوا أثناء محاولة تهريب 11 ألف حبة من الصين إلى البلاد، وأوردت الصحيفة عن مسؤول في خدمات الجمارك قوله: "استخدم بعض المهربين الأعشاب لإخفاء اللون والرائحة الفريدة التي تتميز بها كبسولات لحوم البشر.. وأخفاها آخرون في علب أدوية لخداع المفتشين، وهناك اعتقاد شائع بأن الكبسولات تساعد على استعادة الشباب وقوة التحمل، كما تستخدم من قبل المرضى بالمراحل الأخيرة من مرض سرطان، وتصنع من مسحوق اللحوم المجففة لأجنة ميتة أو لأطفال موتى، بحسب ما أوردت الصحيفة، وجاءت الحملة الكورية الجنوبية على "كبسولات اللحوم البشرية"، حيث صادرت أكثر من 17 ألف حبة منذ أغسطس/آب الماضي، على خلفية فيلم وثائقي صور عمليات التهريب والتأثير المضر لتلك العقاقير، إذ تحوي على مكونات قاتلة للبشر. بحسب السي ان ان.

وزعم الفيلم الوثائقي أن اختبارات مخبرية كشفت أن  محتوى الحبوب يتطابق 99.7 في المائة مع البشر"، كما رصد عملية بيع "المخلفات البشرية" في مستشفى صيني، رغم  القوانين الصارمة التي تحظر بيع المشيمة أو أي من النفايات الطبية، وبدأت وزارة الصحة في الصين تحقيقاً في هذا الشأن  على ضوء الفيلم الوثائقي.

عقاقير رخيصة الثمن

من جهة أخرى عدلت الصين أجزاء من قوانينها المتعلقة بالملكية الفكرية للسماح لشركاتها العاملة في تصنيع العقاقير بإنتاج نسخ رخيصة من العقاقير التي لا تزال محمية بموجب براءات الاختراع، ومن المتوقع أن تقابل الشركات العالمية هذه الخطوة بقدر كبير من الغضب، ويأتي الإعلان عن هذه الخطوة من قبل الصين بعد أشهر من إقدام الهند على خطوة مماثلة، وهدفت الهند من قرارها إلى إنهاء احتكار عقار غال الثمن لمعالجة السرطان تنتجه شركة باير أيه جي، ومن شأن إقدام بكين على هذه الخطوة إرسال تحذيرات إلى كبرى شركات الدواء العالمية، حيث تمثل الصين سوقا عالميا متناميا في وقت تتراجع فيه مبيعات العقاقير في الدول الغربية، وسيسمح القانون الجديد لبكين بمنح رخص الزامية لشركات محددة لإنتاج نسخ من هذه العقاقير خلال الحالات الطارئة و غير المعتادة أو عندما يتعلق الأمر بالمصلحة العامة.

وتنص تعديلات القانون الصيني على أنه يمكن أن يسمح للشركات الصينية بتصدير هذه العقاقير إلى دول أخرى بما فيها أعضاء في منظمة التجارة العالمية، وذلك "لأسباب تتعلق بالصحة العامة"، يذكر أن منظمة التجارة العالمية تسمح للدول إصدار الرخص الإجبارية لإنتاج العقاقير الطبية في حالات معينة، ووفقا للوائح المنظمة يسمح بإنتاج تلك العقاقير عندما لا يتسنى توفير العلاج المنقذ للحياة، وقالت هيئة الملكية الفكرية الصينية، في بيان تلقت وكالة رويترز نسخة منه عبر الفاكس، "دخلت النسخة المعدلة الخاصة بمعايير الرخص الإجبارية حيز التنفيذ منذ الاول من مايو/ أيار"، ويعتقد أن الصين تهدف إلى طرح نسخة من عقار "تينوفورفير" الذي تنتجه شركة "غيليد سيانس"، يذكر أن منظمة الصحة العالمية أوصت باستخدام "تينوفورفير" بوصفه أحد العقاقير المساعدة على علاج الايدز.

العقاقير المضادة للسرطان

فمنذ أكثر من عشر سنوات، قلب رجل أعمال هندي قطاع صناعة عقاقير الايدز رأسا على عقب عندما عرض بيع الادوية بأسعار زهيدة للأكثر فقرا في العالم، وهو يرغب اليوم في تطبيق المعادلة عينها على العقاقير المضادة للسرطان، طرح يوسف حميد (76 عاما) رئيس شركة "سيبلا" لتصنيع العقاقير الشهر المنصرم في السوق الهندية علاجات مضادة لسرطان الدماغ والكلية والرئة أرخص بأربع مرات من تلك المتوافرة في السوق، وقال خلال مقابلة اجرتها معه وكالة فرانس برس "آمل ان نخفض أسعار المزيد من العقاقير المضادة للسرطان"، مضيفا أنه يعتزم توفير هذه العقاقير في إفريقيا إذ إن "تخفيض الأسعار هو عمل إنساني" برأيه، وكان يوسف حميد قد أثار في العام 2001 حفيظة المجموعات الصيدلانية الكبيرة عندما عرض بيع العلاج الثلاثي المضاد لفيروس نقص المناعة البشرية المكتسب (إيدز) بأقل من دولار في اليوم (0,79 يورو)، أي أقل بثلاثين مرة من منافسيه، وردا على اتهمات سرقة الملكية الفكرية، نعت هذه المجموعات ب "السفاحين" وقال إنها تفرض أسعارا غير معقولة بالنسبة إلى الاكثر فقرا، واعتبرت لينا مينغاني المحامية لدى المنظمة غير الحكومية "أطباء بلا حدود" أن يوسف حميد "قام بمبادرة ثورية سمحت بإنقاذ الارواح. وهو يطبق المعادلة عينها في مجال العقاقير المضادة للسرطان"، وفي العام 1972، قررت الهند أن البراءات تحمي طريقة تصنيع العقاقير، وليس العقار بحد ذاته. وكان يكفي بالتالي اعتماد طريقة تصنيع مختلفة لطرح عقار مماثل لعقار آخر بسعر منخفض جدا في الأسواق، فازدهرت هذه الصناعات في الهند التي لقبت ب "صيدلية العالم الثالث"، لكن في العام 2005، جعل البلد نظامه في هذا المجال متماشيا مع النظام المعتمد في منظمة التجارة العالمية والذي يحدد مهلة ممتدة على عشرين عاما تكون خلالها البراءات سارية، وتحث شركة "سيبلا" وهي الشركة الصيدلانية الرابعة في الهند الحكومة على أن تعتمد بصورة متزايدة "الرخص الإلزامية" التي تجيزها منظمة التجارة العالمية والتي تسمح بانتاج نسخ أرخص سعرا من العقاقير التي تعتبر باهظة الثمن في البلدان الاكثر فقرا، وقد حصلت شركة "ناتكو فارماسي" الصيدلانية على أول رخصة من هذه الرخص الخاصة في آذار/مارس لانتاج نسخة أرخص سعرا من دواء "نيكسافار" من صنع الشركة الصيدلانية الألمانية "باير" الذي يستخدم لمعالجة سرطان الكلية. وستكون الجرعة الشهرية من هذا العقار متاحة بسعر 6840 روبية (97 يورو)، مقابل 28 ألف روبية في ما مضى. بحسب فرانس برس.

لكن رانجيت شاهاني الذي يدير اتحاد الشركات الصناعية الصيدلانية في الهند انذر من إمكانية تأثير الرخص الخاصة على الاستثمارات في الأبحاث الصيدلانية، وقد تعهدت "باير" ونظيراتها الدولية برفع دعاوى قضائية ضد هذه الرخص، أما يوسف حميد، فأكد من جهته أنه يرغب في التوصل إلى توازن بين "البراغماتية التي ينبغي أن اتحلى بها إزاء أصحاب الأسهم في شركتي... وحس المسؤولية الاجتماعية" التي تشكل في نظره جزءا لا يتجزأ من القطاع الذي يعمل فيه، ولد يوسف حميد في ليتوانيا من أب هندي مسلم وأم ليتوانية يهودية، وغادر مسقط رأسه في الثلاثينيات هربا من النازيين. فترعرع في مومباي ودرس الكيمياء في جامعة كامبريدج البريطانية، ثم انضم إلى شركة "سيبلا" التي أسسها والده، وبفضل المبادرة الثورية التي اتخذها في العام 2001، احتلت شركته المرتبة الأولى في مجال مضادات فيروس الإيدز القهقرية، وباتت "سيبلا" تتمتع برأسمال في البورصة يبلغ خمسة مليارات دولار (3,95مليار يورو)، وقدرت مجلة "فوربز" ثروة رئيسها ب 1,75 مليار دولار أميركي، وأكد يوسف حميد أنه من أنصار "السياسات البراغماتية" في مجال الأدوية والعقاقير، إذ إن المجموعات الصيدلانية ينبغي ان تسمح برأيه لمصنعي البلدان الناشئة بنسخ منتجاتها مقابل رسوم معينة، فحوالى 95% من ارباح الشركات الغربية متأتية من أسواق مناطق غنية هي اليابان واوروبا والولايات المتحدة. ولن تخسر هذه المجموعات كثيرا إذا سمحت للبلدان الناشئة بنسخ منتجاتها، على حد قول يوسف حميد.

المسنّون أكثر عرضة لإدمان الأدوية

الى ذلك أوضح البروفيسور ميشائيل كلاين، من المعهد الألماني لأبحاث الإدمان والوقاية منه التابع للجامعة الكاثوليكية بمدينة كولونيا، أنه غالباً ما تظهر مؤشرات ذلك في إصابة المسنين ببعض أعراض الانسحاب، مثل ارتعاش أيديهم، وصعوبات النوم واعتلال الحالة المزاجية. وأشار إلى أن عدم وضوح المسنين في كلامهم أو تعبيراتهم، وكذلك ظهورهم كأنهم غائبون عن الوعي، يُعد أيضاً من المؤشرات التحذيرية الدالة على إصابتهم بإدمان الأدوية، وأكدّ البروفيسور الألماني ضرورة أن يحاول أقارب المرضى من المسنين الاستفسار عمّا إذا كانت الأدوية التي يتناولونها ضرورية بالفعل أم لا، أما إذا لم يُمكنهم التحقق من ذلك بأنفسهم فينصح بضرورة استشارة الطبيب المعالج لاستيضاح هذا الأمر منه. بحسب وكالة الأنباء ا.

وأضاف كلاين أن «هناك فرقاً بين المهدئات ومسكنات الألم، فليست هناك أعراض طبية تستدعي تناول المهدئات على الدوام». لذا ينبغي على أقارب المسنين المرضى الحرص على ألا يتم تناول هذه النوعية من الأدوية لمدة تزيد على أربعة إلى ستة أسابيع على أقصى تقدير. بينما يختلف الأمر بالنسبة لمسكنات الألم؛ إذ يجب على المرضى تعاطيها بكثرة بسبب معاناتهم من أمراض محددة. وأشار إلى إمكانية استبدال المسكنات أحياناً ببعض الوسائل الأخرى للتخفيف من حدة الألم، موضحاً أنه «ينبغي على المريض معرفة متطلبات مرضه جيداً، بحيث يتعرف مثلاً إلى ما إذا كان يُمكنه الحد من متاعب هذا المرض من خلال العلاج الطبيعي أم لا». وأوصى كلاين بأنه من الأفضل التوجه إلى طبيب متخصص في علاج الآلام، يُمكنه تحديد الجرعة السليمة للمريض. وأكد أن أفضل وسيلة للوقاية من إدمان الأدوية بالنسبة للمسنين تتمثل في المواظبة على ممارسة الأنشطة البدنية والذهنية أيضاً، والتي يندرج من بينها مثلاً تقنيات العلاج الوظيفي أو اتباع أحد الأنماط الأخرى للأنشطة البدنية.

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 25/آب/2012 - 6/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م