لجم النهج التكفيري يسبق الحوار

نزار حيدر

ان اية دعوة الى الحوار بين المذاهب الاسلامية من طرف آل سعود يجب ان يسبقها سعي حقيقي وجهد واقعي من قبلهم للجم النهج التكفيري الذي يلغي الاخر ويخرجه من الملة والدين، ولذلك فان دعوة كبيرهم في القمة الاسلامية الاستثنائية التي عقدت يوم امس في مكة المكرمة الى تشكيل لجنة للاشراف على الحوار المزعوم بين المذاهب الاسلامية انما هدفها الهروب الى الامام، فهي بلا معنى اذا جاءت على لسان نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربية، والذي يحاول ان يوظف مشاعر المسلمين وتعلقهم وايمانهم بالاماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة لاستثارة العواطف وبالتالي التهرب من الاستحقاقات التي يجب ان يدفع ثمنها نظام القبيلة جراء الحراك الشعبي المتصاعد في الجزيرة العربية والمطالب بالحرية والديمقراطية واحترام حقوق الانسان.

 لقد اثبتت التجربة ان ملكهم ضعيف امام الحزب الوهابي ومشايخه التكفيريين، والذين نجحوا اكثر من مرة لحد الان في افشال اية محاولة من قبله لانجاز اي نوع من انواع الحوار الوطني، فما بالك بالحوار بين المذاهب الاسلامية؟ فاذا كان الحزب الوهابي التكفيري ومشايخه من وعاظ البلاط وخدمة الملوك والبترودولار هم الذين يحكمون قبضتهم على الامور في بلاد الحرمين، فكيف يمكن لنظام آل سعود الضعيف امامهم من انجاز مثل هذا المشروع؟ لينجح في انجاز مشروع الحوار الوطني اولا، ليثبت لنا بانه قادر على انجاز ما هو اكبر منه، وانه بالفعل قادر على الاخذ بزمام المبادرة على هذا الصعيد؟ ولينجح كبيرهم ونظامه في انجاز ابسط ما وعد به الشعب في الجزيرة العربية من توسيع دائرة الحريات المدنية والمشاركة السياسية والغاء التمييز الطائفي والمناطقي، ليثبت لنا بانه بالفعل ممسك بالمبادرة بيده، وان الامور ليست بيد غيره من فقهاء التكفير وشيوخ الحزب الوهابي؟.

 ان نظاما سياسيا يتبنى حزبا (مذهبيا) تكفيريا لا يعترف بالاخر ويسعى لالغائه واقصائه من الحياة، كيف يمكنه ان يدعو الى الحوار بين المذاهب؟ اوليس ان من اول شروط الحوار هو اعتراف الكل بالكل بلا شروط مسبقة او الغاء مسبق؟ فما بالك بالتكفير واخراج الاخر من الدين والملة؟.

 وان نظاما يدفع الملايين لقنوات الفتنة والقتل والتكفير لاثارة الفتن والتحريض على الكراهية واشاعة ظاهرة التكفير والغاء الاخر، كيف يمكنه ان يقنع الراي العام من انه حريص على وحدة الامة وانه يتبنى فكرة الحوار بين مختلف المذاهب الاسلامية؟.

 ليعلن للراي العام اولا بانه يعترف بالمذاهب الاخرى في بلاده، غير الحزب الوهابي، ثم ليدعو الى الحوار فيما بينها.

 انه يريد ان يستحوذ على الحوار لتسييره بالوجهة التي يريدها وتخدم مصالحه الخاصة واجنداته السياسية المشبوهة، عندما دعا مسبقا الى ان يكون مقر اللجنة العليا المشرفة على الحوار في الرياض، ومن قال بان الراي العام الاسلامي يقبل بان تكون الرياض مقرا لمثل هذا الحوار؟ انه لا يريدها ان ترتهن بالبترودولار فتفشل كما فشلت كل المحاولات السابقة التي بادرت اليها اطراف عديدة في العالم الاسلامي عندما كان يدخل على خط الحوار في كل مرة نظام القبيلة الفاسد الحاكم في نجد والحجاز فيغدق المال الحرام على هذه المؤسسة او تلك الشخصية للتاثير في سير واتجاه الحوار.

 ان على آل سعود ان يبادروا الى ما يلي قبل ان يتحدثوا عن اية رعاية لمثل هذا الحوار:

 اولا: اغلاق كافة القنوات الفضائية التي تتبنى اثارة الفتنة الطائفية بين المسلمين واشاعة نهج التكفير.

 ثانيا: لجم فقهاء التكفير المرتبطين بالبلاط، من الذين يحرضون على القتل الطائفي والغاء الاخر.

 ثالثا: لجم النهج التكفيري والغائه من المدارس والمعاهد الدينية، لوقف اي تحريض على الكراهية والقتل واراقة الدماء.

 رابعا: الاعتراف بالمذاهب الاسلامية الموجودة في (المملكة العربية السعودية) خاصة المذهب الشيعي، كاحد المذاهب الاسلامية، ليتم بعد ذلك الغاء كافة انواع التمييز الطائفي الذي يتعرض له اتباعه، خاصة في المنطقة الشرقية.

 خامسا: ايقاف كل الاجراءات غير القانونية ضد اتباع مدرسة اهل البيت، عليهم السلام، والمبادرة لاطلاق سراح السجناء وايقاف ملاحقتهم والغاء المحاكم الظالمة بحقهم.

* مدير مركز الاعلام العراقي في واشنطن

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 23/آب/2012 - 4/شوال/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م