تَغيِيب العراق في مؤتمر مكة

ناجي الغزي

العراق بلد عصفت به الأزمات والإنقسامات والتناحرات السياسية الداخلية, التي فتحت الطرق والمنافذ للتدخلات الخارجية من قبل الدول الإقليمية, مما جعل البلد يفقد توازنه في المنطقة العربية والاقليمية على مستوى العلاقات الخارجية.

ورغم الجهود التي بذلتها الحكومة العراقية في قمة بغداد التي تعتبر الأكثرَ كلفةً في تاريخِ القممِ العربية، والتي سخرُ لها آلاف الرجالِ من الجيشِ والشرط من أجلِ حمايتِها وحماية ضيوفها. ورغم حرص الدبلوماسية العراقية ورئيس الحكومة للتمثيل الدبلوماسي العربي من اجل ترميم الصدع الحاصل في العلاقات.

 الا أن هذا الجهد لم يشفع للعراق ولا تاريخه الحضاري والاسلامي من دعوته الى المؤتمر الإسلامي الاستثنائية المنعقد بتاريخ 13/8/2012 في مكة.

والعراق بشكله الحالي دولة ضعيفة على كل المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية, وهو لم يعد مؤثراً في لعبة توازن القوى في المنطقة, بسبب الانعكاس الداخلي للوضع الهش للدولة العراقية. مما يجعل السعودية تغييب العراق عمداً من حضور المؤتمر الإسلامي الاستثنائي في مكة, والنظام السعودي لم يتفق ولم ينسجم مع النظام السياسي العراقي الجديد لأبعاد معروفة طائفية وسياسية, فضلا عن ضعف الدبلوماسية العراقية في التعاطي مع الملفات الخارجية الساخنة. والسعودية لاتريد للعراق أي دور إقليمي او دولي على كل الاصعدة.

وعلى الرغم من ان السعودية تحمل الحقد والضغينة لإيران كونها دولة شيعية وتعيش معها حالة صراع ايديولوجي وفكري, إلا أن حضورها واضح وبارز ورأيها مسموع ومؤثر. في ظل التباين الكبير لأساليب المعالجة بين الدولتين في المنطقة حول القضية السورية.

وإيران نظرا للبيان الختامي للمؤتمر تعتبر اهم دولة في اللجنة الرباعية الإسلامية التي تتألف من المملكة العربية السعودية ومصر وتركيا وإيران، لمعالجة الأزمة السورية المتصاعدة منذ 18 شهرا. ومشروع البيان الختامي للمؤتمر لم يتبن الأهداف التي رسمها المجلس الوطني السوري المعارض, وذلك بسبب التباين في قوة ايران كدولة مؤثرة في المنطقة مقابل الدول العربية.

والعراق بدأ يتغيب طوعاً أو عمداً عن بعض المحافل العربية حصراً بسبب الصراعات والانقسامات الداخلية, وبسبب العمالات التي تمارس من قبل بعض السياسيين وتنفيذ الاجندات الخارجية لبعض الدول على أسس طائفية وقومية. وعدم ترميم البيت الداخلي للصف السياسي العراقي وتشظي وحدة الخطاب الخارجي مما جعل الدول العربية والاقليمية لا تكترث لوجود العراق كدولة مؤثرة وليس لها أهميه في ميزان القوى.

 لانها بدأت تفقد مزاياها كقوة عسكرية واقتصادية وسياسية منذ سقوط النظام الدكتاتوري ذو القبضة الحديدية, فإمكانياتها العسكرية لا تؤهلها لحماية نفسها من الداخل والخارج بسبب ضعف التسليح العسكري وغياب العقيدة العسكرية والمهنية وضعف الولاء للوطن, فضلا عن ان العراق أصبح بلد مستهلكاً اقتصادياً وغير منتج ولايمكن مقارنته بأضعف الدول العربية والاقليمية المحيطة به.

وهذا الانحدار في طبيعة الدولة وكيانها السياسي وضعف مؤهلاتها ينعكس على مستوى العلاقات الخارجية, والسبب يعود الى طبيعة العلاقات الداخلية للقوى السياسية وغياب المشروع الوطني والرؤية المشتركة لبناء الدولة القوية.

ولا يمكن للعراق ان يكون دولة قوية ويطبع علاقاته الخارجية بمحيطه العربي والاقليمي ما لم تنسجم القوى السياسية فيما بينها بإطار مشروع وطني يهدف الى بناء دولة مؤسسات تقوم على اساس القانون واحترام الطوائف والاقليات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 19/آب/2012 - 30/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م