لجنة لإصلاح ما أفسده الدهر

هادي جلو مرعي

يشط بعيداً من يرمي مساوئ وإخفاقات المرحلة الحالية في دائرة رئيس الحكومة نوري المالكي وينأى بالآخرين عن المسؤولية في ذلك.

 ومن الصلاح والإصلاح في الأمة العراقية أن يكون الإعتراف من الجميع بأنهم جزء من المشكلة ليكونوا جميعاً جزءاً من الحل في قادم الأيام. أما أن يضع السياسيون العراقيون قدماً على قدم ويقولوا، إنهم ينتظرون ورقة الإصلاح التي سيخرج بها التحالف الوطني الشيعي ليقرروا ما إذا كانت تلبي الشروط التي ساقوها لمحاصرة المالكي وتحالفه السياسي، فأن ذلك يمثل مخاطرة يحاسبهم عليها التاريخ.

فالذي أفسد العملية السياسية، ومعها السلطة التشريعية وشقيقتها بالرضاعة التنفيذية ومؤسسات ودوائر الدولة وعمل الحكومة، هو التشكيل السياسي المشوه الذي أنتجه الوجود الأمريكي وفسح المجال لأشخاص غير مؤهلين لإدارة ملفات صعبة وشائكة في ظروف معقدة وتيه عاشت في خضمها الدولة العراقية إثر سقوط النظام الدكتاتوري وتفكك عناصر قيام الدولة ووجودها وتدمير البنى التحتية (شبكات المياه، والصرف الصحي، والكهرباء والطرق والإتصالات، والجامعات، والمؤسسات الخدمية العامة).

 وكان يجدر بالقائمين على إدارة الدولة تهيئة كوادر مؤهلة، وأشخاص مؤتمنين وأسقط بأيديهم أنهم لم يكونوا على معرفة بما أحدثته عقود من الدكتاتورية في نفوس المواطنين الذين لم يعودوا مرتبطين بالقيم والمبادئ الأخلاقية والسلوكيات المنضبطة، وكان طبيعياً في مثل تلك الظروف الشاذة أن يتصدى المفسدون وغير المؤهلين لإدارة مرافق الدولة ليحدثوا فساداً وخراباً يمكن ملاحظته بسهولة، وإنسحب ذلك على أعضاء مجلس النواب والوزراء ووكلاء الوزرات والمدراء العامين ورؤساء الأقسام وعديد من هؤلاء لا يمتلك الأهلية لتنفيذ البرامج والمشاريع التي ينتظر من خلالها المواطنين تغييراً في واقعهم السيء.

الإنتخابات التي أجريت لمرات عدة أفرزت حقائق تثير التساؤل والقلق حول مستقبل البلاد في ظل ما نتج عنها من إدارات عاجزة عن فعل شيء برغم الميزانية الضخمة التي أقرها البرلمان وبلغت 112مليار دولار تكفي لإنعاش دول عدة وليس دولة واحدة.

ومثال ذلك مجالس المحافظات وهي حكومات محلية منوط بها تحقيق إنجازات في مجال الإستثمار وإعادة تأهيل البنى التحتية في قطاع الخدمات العامة. ويبدو العراق بلداً مخرباً بعد تسع سنوات على سقوط نظام دكتاتوري أسس لهذا الخراب وصنع أدواته.

عبارة أطلقها رئيس الحكومة تستحق الدراسة والتأمل لأنها تحتوي مضامين ودلالات عميقة على شراكة عامة في صناعة الفساد حين قال، لا سحب ثقة ولا إستجواب قبل إصلاح البرلمان. فسحب الثقة عن المالكي لن يغير شيئا، والفائدة منه أنه سيكشف لنا. أن مشروع سحب الثقة يجب أن يتقدم به المواطنون ويكون عن جميع المتصدين لشؤون الدولة، وليس في السياسة فقط...

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/آب/2012 - 27/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م