نزول الوحى الإلهي شاهد على فضائل بطل الاسلام

سورة العاديات نموذجا

هلال ال فخر الدين

لقد طفح القران الكريم بفضائل ومنزلة الامام على التي لاتدانا حيث يقول ابن عباس مانزلت اية وفيها يا ايها المؤمنون الا وعلي اميرها وسيدها حتى ألفت مصنفات تؤكد نزول حشد من الآيات في وجوب اطاعة ولى الامر المتصدق في الصلاة وجعل اطاعته واجبة كإطاعة الرسول واطاعة الله سبحانه انظر شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني.

 ان تضحيات اسد الاسلام الامام على وما أبداه من البسالة والشجاعة في هذه الواقعة من الأهمية مرتبة عالية جداً بحيث نزلت في هذه الواقعة سورة كاملة هي سورة العاديات التي قال تعالى فيها:﴿ بسم الله الرحمن الرحيم والعاديات ضبحًا * فالموريات قدحًا * فالمغيرات صبحًا * فأثرن به نقعًا * فوسطن به جمعًا * إن الإنسان لربه لكنودٌ * وإنه على ذلك لشهيدٌ * وإنه لحب الخير لشديدٌ * أفلا يعلم إذا بعثر ما في القبور * وحصل ما في الصدور * إن ربهم بهم يومئذٍ لخبيرٌ﴾.

نبرات المشهد القرآني لسورة العاديات

يجري سياق هذه السورة في ايحاءات سريعة عنيفة مثيرة، بتنقل إحداهما إلى الأخرى قفزاً وركضاً ووثباً، في خفة وسرعة وانطلاق، حتى ينتهي إلى آخر فقرة فيستقر عندها اللفظ والموضوع والايقاع! كما يصل الراكض إلى نهاية المطاف!

وتبدأ بمشهد الخيل العادية الضابحة، القادحة للشرر بحوافرها، المغيرة مع الصباح وهو الغبار، الداخلة في وسط العدو فجأة تأخذه على غرة، وتثير في صفوفه الذعر والفرار! يليه مشهد في النفس الكنود الجحود والأثرة والشح الشديد!

ثم يعقبه مشهد لبعثرة القبور وتحصيل ما في الصدور! وفي الختام ينتهى النقع المثار، وينتهي الكنود والشح والشديد والجحود! وتنتهي البعثرة والجمع... إلى نهايتها جميعا.. إلى الله فتستقر هناك: (إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ)11.

والايقاع الموسيقي فيه خشونة ودمدمة وفرقعة تناسب الجو الصاخب المعفر الذي تنشئه القبور المبعثرة والصدور المحصل ما فيها بشدة وقوة، كما تناسب جو الجحود والكنود، والأثرة والشح الشديد.. فلما أراد لهذا كله إطار مناسباً، اختاره من الجو الصاخب المعفر كذلك، تثيره الخيل العادية في جريها، الصاخبة بأصواتها، القادحة بحوافرها، المغيرة فجاءة مع الصباح، المثيرة للنقع والغبار، الداخلة في وسط العدو على غير انتظار... فكان الإطار من الصورة والصورة من الإطار.

 ثم تجيء اللفتة الأخيرة في السورة لعلاج الكنود والجحود والأثرة والشح، لتحطيم قيد النفس وإطلاقها منه. مع عرض مشهد البعث والحشر في صورة تنمي حب الخير، وتوقظ من غفلة البطر:

ولما نزلت سورة (العاديات) خرج رسول الله (ص)إلى الناس فصلى بهم الغداة وقرأ فيها والعاديات، فلما فرغ من صلاته قال أصحابه هذه سورة لم نعرفها، فقال رسول الله: نعم! إن عليا ظفر بأعداء الله وبشرني بذلك جبرائيل في هذه الليلة، فقدم حامل لواء الرسالة الامام علي بعد أيام بالغنائم والأسارى).

عودة فارس الاسلام مكللا بغار الفتح إلى المدينة:

كان رسول الله (ص) ينتظر رجوع وصيه وحامل لوائه من هذه الغزوة الظافرة، وما أن قرب جيش الإسلام من المدينة حتى خرج النبي (ص) في جماعة من أصحابه لاستقبال فارس الاسلام الامام علي ومن معه من الصحابة بالظفر والفتح.

وما أن وقعت عينا القائد المنتصر على رسول الله (ص) حتى ترجل من فرسه فوراً احتراماً وإجلالاً، فقال له (ص) وهو يربت على كتفه: (اركب فان الله ورسوله عنك راضيان).هنيئا لك لقد فزت بكل الفضائل.

واغرورقت عينا بطل الاسلام الامام علي بن أبي طالب بالدموع استبشاراً، فقال رسول الله (ص) في شأن علي قولته المشهورة: (يا علي لولا أني اشفق أن تقول فيك طوائف من امتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك اليوم مقالاً لا تمر بملأ من الناس إلا أخذوا التراب من تحت قدميك).

وهنا نطرح بعض الافكار لأجل استجلاء ما خفي وتبيان ما استبهم:

مما لامشاحة فيه فان ابن ابى طالب كان فارس الاسلام الاول وكذلك يعسوب الدين وقائد الغر المحجلين فلماذا في زمن خلافته حيث كان خليفة الاكبر واعظم دولة في زمنه فلم يجهز حملة او كتيبة او سرية للفتح لوجود كثير من الممالك والدويلات الى جاني الدولة الاسلامية او بمحاذاتها وهو صاحب العقلية العسكرية الفذة والفكر الحربى الاستراتيجي.

صحيح انه ابتلى بحروب داخلية متتالية اتعبت الجند وانهكت الخزينة لكن كان بمقدوره ان يجهز فرقة من عشرة الالف او اكثر لان من يجهز عشرات الالوف من المقاتلين لايستعصى عليه تجهيز فرقة او كتيبة.

علما بان الفتوح فيها مكاسب كثيرة كنشر الاسلام وتمصير الامصار والهاء الناس بالفتح والغنائم وابعاد شبح النفاق واهله واظهار نفسه انه ليس اقل ممن سبقه وقاموا بالفتوحات علما بان عوائد الفتوح كثيرة تصب في خزينة الدولة او بيت المال الاموال الجزيلة حيث كان الامام بحاجة الى الاموال لأجل مواصلة منازلة البغاة (معاوية ورهطه) وبناء الدولة وما خربته تلك الحروب...الخ

الاجابة باختصار ان الامام ماكان يطمح الى الكثرة بقدر ما كان يهتم ببناء الثلة الصالحة وان الاسلام يجب ان ينتشر بالبلاغ والاسوة الصالحة وليس بحد السيف وارهاب الناس والاستحواذ على الاسلاب.. وان حروب وغزوات الرسول كانت دفاعية كما لاحظت من سورة العاديات وغيرها من النصوص الامام كان اسوته النبي المختار (ص) المرسول رحمة للعالمين فمثلا في غزوة تبوك مر النبي بعدة دويلات بعضها متحالف مع القياصرة والبعض مستقل فلم يجأ لغزوها بحد السيف بل اتى زعمائها اليه واعلنوا الطاعة فمنهم من اسلم ومنهم من اعطى الجزية..

وبعد آخر في شخصية فارس عدنان الامام على ما كان في كل انتصاراته يحيف او يخرج من الشهامة واخلاق الفروسية حتى مع الناكثين والقاسطين والمارقين حيث كان يحترم الحيثيات ولم يتعسف في استعمال الحق او يمارس الانتقام.

واخيرا نندب حظ هذه الامة العاثر التي لم تعرف ائمتها وقادتها بل تكفرهم وتسفك دمائهم ومن جبن الجبناء وارتكاسهم في الرذيلة والانحطاط لم يجابهوا الاخر وجها لوجه بل باستعمال اخس وانذل الوسائل سواء باستعمال السم او القتل غيلة على يد اشقى الاولين والاخرين وحتى في محراب الهدى وهم يرتلوا آيات الله ويترنموا بالذكر (ان المتقين في جنات ونهر *في مقعد صدق عند مليك مقتدر)القمر:45-55

اصبحت الامة بعد فقد حاميها وهاديها همل كهمل النعم وقد احاطت بهم شراذم النفاق وارجاس البغاة واشقياء الاعراب!

وقد خطب الامام الحسن في تابين سيد الموحدين وامام المتقين: فحمد الله وأثنى عليه، وذكر أمير المؤمنين علياً، فقال: خاتم الأوصياء، ووصي خاتم الأنبياء، وأمير الصدّيقين والشهداء والصالحين). ثمّ قال: (يا أيها الناس: لقد فارقكم رجل ما سبقه الأوّلون بعلم، ولا يدركه الآخرون، لقد كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يعطيه الراية، فيقاتل جبرائيل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتّى يفتح الله عليه، والله لقد قبضه الله عز وجل في الليلة التي قبض فيها وصي موسى (عليه السلام)، وعرج بروحه في الليلة التي فيها رفع عيسى(عليه السلام)، وفي الليلة التي أنزل فيها الفرقان، والله ما ترك ذهباً ولا فضةً إلاّ شيئاً على صبي له، وما ترك في بيت المال إلاّ سبعمائة وخمسين درهماً، فضلت عن عطائه).

عظم الله اجورنا واجوركم بشهيد عظمته حامل لواء الحمد مبدد الاحزاب قامع المشركين وقالع الباب الحصين على امير المؤمنين.

فالسلام عليك يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيا.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 16/آب/2012 - 27/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م