بول ريان... ورقة تحدي في وجه أوباما

 

شبكة النبأ: تتسع حدة المنافسة بين المرشحين في الولايات المتحدة الامريكية مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المرتقبة، ويرى بعض المراقبين ان هنالك الكثير من المستجدات والمفاجئات في هذا السباق المهم لكلا المرشحين بهدف استمالة اكبر عدد من الناخبين، مرجحين في الوقت ذاته ان تشهد الحملة الانتخابية في الفترة المقبلة اتساع في لهجة الاتهام والتسقيط الاعلامي لأجل اضعاف الخصوم والحاق الهزيمة بهم من خلال ابراز اهم نقاط الضعف و التشهير بأخطائهم، وفي تطور جديد فيما يخص هذا السبق الانتخابي فقد أعلن المرشح الجمهوري في انتخابات الرئاسة الأمريكية ميت رومني اختياره لعضو الكونجرس بول ريان لخوض الانتخابات معه على منصب نائب الرئيس في خطوة ستنقل الجدل حول كيفية تقليص الإنفاق والدين الحكوميين إلى صدارة السباق على البيت الأبيض. وأعلن رومني اختياره لريان الذي يرأس لجنة الميزانية بمجلس النواب خلال مراسم أقيمت أمام السفينة الحربية ويسكونسن المحالة للتقاعد والتي تحمل اسم ولاية ويسكونسن مسقط رأس ريان.

وقال رومني "قيادته تبدأ من الشخصية والقيم . بول ريان يعمل في واشنطن لكن جذوره تظل في جينزفيل بويسكونسن." وقال رومني إن ريان (42 عاما) "أصبح قيادة فكرية في الحزب الجمهوري" وشدد على أن حملتهما ستركز على سبل إيجاد وظائف وحماية الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي وإلغاء قانون الرعاية الصحية الذي أقر في عهد الرئيس الديمقراطي باراك أوباما.

ومثل إعلان رومني نهاية لبحث استمر شهورا من جانبه عن نائب ينضم إليه في مواجهة أوباما ونائب الرئيس جو بايدن في الانتخابات التي ستجرى في السادس من نوفمبر تشرين الثاني. واختياره لنائب خطوة جريئة تأتي بعد أن أظهرت استطلاعات الرأي تراجعه بفارق طفيف عن أوباما في سباق لا يزال متقاربا ومركز أساسا على الاقتصاد الأمريكي الضعيف.

ويجلب اختيار ريان قدرا من الحيوية والطاقة الشابة لقائمة الحزب الجمهوري فيما يستعد نشطاء الحزب للتجمع في تامبا بولاية فلوريدا في مؤتمر لاختيار رومني رسميا مرشحا رئاسيا لهم. ويلفت اختيار ريان الانتباه على الفور إلى خطة للميزانية اقترحها بصفته رئيسا للجنة الميزانية بمجلس النواب ستتضمن تخفيضات مثيرة للجدل لبرامج الصحة للمسنين والفقراء. وقال ريان للحشد "نحن في لحظة مختلفة وخطيرة. الوقت ينفد منا ولا يمكننا أن نتحمل هذا لأربع سنوات أخرى." وتابع قائلا "الساسة من الحزبين قدموا وعودا فارغة ستصبح عاجلا وعودا لم يتم الوفاء بها بما يتضمنه ذلك من عقبات مؤلمة إذا تقاعسنا عن التحرك الآن." واستحوذ على أكبر قدر من الانتباه بقوله "حقوقنا مصدرها الطبيعة والرب وليست الحكومة."

وكان الزعماء المحافظون بالحزب الجمهوري الذين يشعرون بقلق متزايد على حملة رومني قد دعوا مرشح الحزب لاختيار ريان وصرف النظر عن شخصيات وصفت بأنها يمكن الاعتماد عليها لكنها غير ملهمة مثل السناتور روب بورتمان وتيم باولينتي حاكم ولاية مينيسوتا السابق.

وريان هو الاختيار المفضل لحزب الشاي الحركة الأكثر محافظة في الحزب الجمهوري المعادية لفرض ضرائب والمؤيدة لحكومة محدودة والتي ساعدت الجمهوريين على الفوز بالأغلبية في مجلس النواب في انتخابات 2010 .

ويشير قرار رومني باختيار ريان إلى استعداده للنقاش حول انفاق الحكومة ودورها في الحياة اليومية للأمريكيين. وأيد أجزاء في خطة ريان للميزانية. وقال بعض الديمقراطيين إنه من بين الشخصيات المحتمل اختيارها لخوض الانتخابات على منصب نائب الرئيس مع رومني فإن ريان هو الشخص الذي يفضلون مواجهته بسبب مقترحاته للميزانية.

في السياق ذاته سعى المرشح الجمهوري للانتخابات الرئاسية الاميركية ميت رومني ومرشحه لمنصب نائب الرئيس بول راين الى اعطاء دفع لحملتهما في كارولاينا الشمالية (جنوب شرق)، واعدين ب"عودة كبيرة" للولايات المتحدة في حال انتخابهما في السادس من تشرين الثاني/نوفمبر. وقال رومني ان الولايات المتحدة مع الرئيس الديموقراطي باراك اوباما تصبح "اكثر فاكثر على غرار اوروبا"، عبر "بطالة مزمنة كبيرة ونمو ضعيف للرواتب وموازنة كارثية". واضاف "لا اريد ان نكون مثل اوروبا، اريد ان نكون اميركا". بحسب فرنس برس.

وقال راين امام نحو 1700 شخص فيما كان اربعة الاف اخرون يستمعون الى خطابه خارج المبنى ان "التناقض مؤكد يمكننا السير على النهج الذي نحن فيه والبقاء امة تعاني الدين والشكوك واليأس، او نستطيع تغيير كل ذلك واعادة وضع هذا البلد على السكة السليمة واثناء مخاطبته الانصار لدى ترجله من حافلة الحملة الجمهورية، وصف راين رومني بانه "انسان يتمتع بقيم عائلية ومبادئ، مع رؤية من اجل هذا البلد وخبرة ضرورية لتنفيذ هذه الرؤية واعادة احياء الحلم الاميركي".

ردود افعال الخصوم

على صعيد متصل وصف الرئيس الامريكي باراك اوباما بول ريان بانه "الزعيم الايدولوجي" للجمهوريين في الكونجرس في بداية هجوم على ريان الذي يصفه الديمقراطيون بانه احد متشددي الميزانية والمدافعين عن الاغنياء. وقال اوباما خلال حفل لجمع التبرعات في شيكاجو "بالامس فقط اختار منافسي زميله في الانتخابات الزعيم الايدولوجي للجمهوريين في الكونجرس السيد بول ريان . اريد ان أهنئ السيد ريان .أنا أعرفه وارحب به في السباق. "انه رجل مهذب. ورجل عائلة. انه احد المتحدثين الذين يعبرون عن رؤية الحاكم رومني. ولكنها رؤية اختلف معها بشكل اساسي."

وكانت تلك اول تصريحات لاوباما بشأن اختيار ريان عضو الكونجرس عن ويسكونسن ليكون المرشح على منصب نائب الرئيس مع رومني الامر الذي ضخ طاقة جديدة في حملة الجمهوريين الرئاسية. ولكن اوباما وباقي الديمقراطيين يحرصون على مهاجمة ريان بسبب خطته المثيرة للجدل بشأن الميزانية والتي يقولون انها ستلغي البرامج الاجتماعية الشعبية لكبار السن والفقراء. بحسب رويترز.

من جانب اخر اعتبر فريق حملة الرئيس باراك اوباما ان بول راين يؤيد رؤية "متطرفة" و"سيئة" للاقتصاد ما سيؤدي الى تكرار اخطاء "كارثية". وقال جيم ميسينا الذي يدير فريق حملة الرئيس الديموقراطي في بيان "بصفته عضوا في الكونغرس، وافق راين على السياسات الاقتصادية المتهورة ل(جورج) بوش التي ادت الى تفاقم عجزنا ودمرت اقتصادنا".

واضاف ميسينا "عبر تعيينه بول راين، اختار ميت رومني نائبا نافذا في مجلس النواب يشاركه في اقتناعه بنظرية اقتصادية سيئة: انها تقوم على الاعتقاد ان مزيدا من الاعفاءات الضريبية للأكثر ثراء، مقرونة بفرض عبء اكثر ثقلا على كاهل الطبقات الوسطى والاكبر سنا، ستسمح في شكل او في اخر بتامين اقتصاد اقوى". بحسب فرنس برس.

واذ وصف راين بانه "مهندس الموازنة المتطرفة التي قدمها الجمهوريون في مجلس النواب"، اشار ميسينا ايضا الى تأييد راين لخطة رومني التي تلحظ اعفاءات ضريبية للأثرياء واقتطاعات في الموازنة الفدرالية للتربية. واكد ان مشروع الموازنة الذي يؤيده راين سيؤدي ايضا الى نهاية نظام الحماية الاجتماعية للأكبر سنا. وختم ميسينا ان "بطاقة رومني-راين ستعيدنا الى الوراء عبر دفعنا الى تكرار الاخطاء الكارثية نفسها".

ريان في سطور

حين وقع اختيار ميت رومني على النائب بالكونجرس بول ريان ليكون مرشحه لمنصب نائب الرئيس في انتخابات الرئاسة الأمريكية فإنه اختار شخصا طموحا يصف نفسه بأنه "واعد" ركز حياته المهنية على قضية واحدة هي خفض الميزانية الاتحادية. قضى ريان (42 عاما) معظم حياته المهنية في الكونجرس وليست له خبرة تجارية او تنفيذية تذكر للحديث عنها. كون مصداقيته بثبات بوصفه عضوا بالدوائر الداخلية في واشنطن فبدأ متدربا في الكونجرس ثم أصبح مساعدا لعضو جمهوري بمجلس الشيوخ من ويسكونسن. وعلى مدى الأعوام الأربعة عشر الماضية كان ريان عضوا بمجلس النواب.

في يناير كانون الثاني عام 2011 أصبح رئيسا للجنة الميزانية بمجلس النواب بعد أن حقق حزبه مكاسب كبيرة في انتخابات عام 2010 واستعاد السيطرة على المجلس من الديمقراطيين. ويأمل المرشح الجمهوري رومني أن تساعده اجندة ريان لخفض الميزانية على الفوز بانتخابات الرئاسة التي تجري في نوفمبر تشرين الثاني ليستفيد من استياء الناخبين من ضعف الاقتصاد الأمريكي.

ويضفي ريان جاذبية شخصية على بطاقة ترشيح الحزب الجمهوري فهو مشجع مخلص لفريق جرين باي باكرز لكرة القدم ويشير دائما الى جذوره بالغرب الأوسط وكيف أنه يعطي الأولوية الى قضاء الوقت في ويسكونسن مع زوجته جانا ليتل وهي محامية ضرائب واطفالهما الثلاثة.

وريان رياضي - توفي والده وجده بأزمات قلبية في الخمسينات من العمر - ويقود زملاءه من النواب فيما وصف بمجموعة "مرهقة" لممارسة الرياضة.

وريان مناظر بارع يعرف عنه ثقله الثقافي وقد كان ضيفا على الكثير من البرامج التلفزيونية في الأعوام القليلة الماضية محاولا أن يدفع الى الأمام أهدافه وهي كبح جماح الإنفاق على برامج حكومية باهظة التكلفة مثل تقديم كوبونات الطعام للفقراء وأحقية المسنين ببرنامج (ميديكير) للرعاية الصحية. كما تعهد ريان بأن يكافح من أجل تخصيص ميزانية رصينة للدفاع مع خفض الضرائب في الوقت نفسه.

لكن الديمقراطيين سارعوا الى انتقاد ريان بعنف بعد أن تم الإعلان يوم السبت عن أنه مرشح رومني لمنصب نائب الرئيس وأشاروا الى أن النائب بالكونجرس سيضع عبء خفض العجز على عاتق من هم أقل قدرة على احتماله ألا وهم الفقراء والمسنون مع خفض الضرائب المفروضة على الأثرياء. ولاقت هجمات الديمقراطيين العام الماضي ومنها إعلان تلفزيوني يظهر شبيها لريان وهو يدفع جدة على كرسي بعجلات من على جرف صدى فيما يبدو بين الناخبين.

لكن ريان الذي كان قد وصف فيما مضى الاقتصادي المحافظ ميلتون فريدمان والمرشح سابقا لمنصب نائب الرئيس عن الحزب الجمهوري جاك كيمب والفيلسوف المؤيد للرأسمالية ايان راند بأنهم أبطال حظي بالاحترام من عدة زوايا. بل إن بعض المساعدين الديمقراطيين في الكونجرس قالوا إنهم معجبون بفهمه للقضايا المالية المعقدة وإخلاصه في مهاجمة المشكلات التي أسهمت في تراكم الدين الحكومي الضخم.

وأشاد الرئيس باراك أوباما بريان لجدية نهجه بشأن الميزانية بينما هاجم اقتراحات بعينها. كما يكن خبراء ميزانية في الكونجرس احتراما كبيرا له. وتقول مايا ماكجينيس رئيسة لجنة الميزانية المسؤولة غير الحزبية لرويترز اوائل العام الماضي "إنه السياسي الوحيد في وجه... أناس أرادوا تجاهل القضية - الذي أراد الخوض في تفاصيل."

كما حاول ريان أن يظهر جانبا براجماتيا فأشار باستمرار الى أن الجمهوريين والديمقراطيين على حد سواء هم الملومون في إحداث فوضى مالية بأكبر اقتصاد في العالم وأن عليهما التوصل الى حلول. ومن المتوقع من نائب للرئيس أن يقدم المشورة والقيادة في قضايا أوسع نطاقا من ميزانية الولايات المتحدة غير أنه ليس هناك في خلفية ريان ما يذكر ليعطيه إلماما عميقا بالسياسة الخارجة او الشؤون العسكرية او التجارة. وتشير خطبه الانتخابية في أحيان الى الحاجة الى ميزانية دفاعية امريكية قوية وستحتفظ خططه للميزانية بإنفاق وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) الكبير بالفعل ويمكن أن تزيده.

ولا يخصص موقعه على الانترنت بوصفه نائبا للرئيس جزءا كبيرا لقضايا السياسة الخارجية ويركز على المعتقدات الأساسية للجمهوريين من حيث حاجة الولايات المتحدة الى الدفاع عن اسرائيل وفي نفس الوقت التعبير عن مخاوف من أن سحب أوباما المزمع للقوات الأمريكية المقاتلة من افغانستان "يحتمل أن يتسبب في مخاطر امنية للجنود" الذين مازالوا هناك "إضافة الى تعريض البعثة الاكبر في افغانستان للخطر." الا انه على خلاف بعض الجمهوريين أحجم عن انتقاد الانسحاب الامريكي من العراق وإنهاء حرب أضافت مئات المليارات من الدولارات الى عجز الميزانية.

وفي حين أن ميزانيات ريان أثارت معارضة الديمقراطيين فإنها ايضا أثارت قدرا من الاستياء من المحافظين بمجلس النواب الذين يريدون تقليص العجز بسرعة اكبر. وبعد أن بزغ نجم ريان على الساحة السياسية ظهرت دعوات اوائل العام الماضي ليترشح لانتخابات الرئاسة لعام 2012 غير أن ظهوره لم يكن واضحا في الكونجرس في الآونة الأخيرة. وغاب عن المناقشات المالية المهمة عام 2011 من مواجهات بين الجمهوريين وأوباما الصيف الماضي بشأن خطة لخفض الميزانية الى جهود "لجنة عليا" لايجاد مدخرات إضافية قيمتها 1.2 تريليون دولار. بحسب رويترز.

ودفع هذا مساعدا جمهوريا بالكونجرس الى ملاحظة أن ريان "سلك الطريق الآمن للحفاظ على مسوغاته بوصفه محافظا" من خلال التركيز على المقترحات النظرية بشأن الميزانية وتفادي المعارك الحامية بالكونجرس. وأشار هذا المساعد وآخرون الى أن ريان فشل في التواصل مع الديمقراطيين واكتفى بوضع ميزانيات لا تحظى بدعم يذكر من الجمهوريين والديمقراطيين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/آب/2012 - 26/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م