سوريا تصدر أزمتها... مخططات تغيير خارطة المنطقة

 

شبكة النبأ: حالة التوتر وعدم الاستقرار الامني في سوريا اصبح اليوم مصدر قلق وحيرة لجميع دول العالم وخصوصا دول المنطقة التي تأثرت بشكل كبير من تلك الاحداث وباتت تخشى من انتقال المعركة الى اراضيها خصوصا وان اكثر تلك الدول تعاني العديد من المشاكل والازمات الداخلية، ويرى بعض المراقبين ان الحرب في سوريا هي حرب داخلية تدار من قبل اجندة خارجية ودول عظمى تسعى بكل قدراتها الى تغير خارطة المنطقة وتوسيع نفوذها من خلال تقديم كافة سبل الدعم والرعاية للجماعات المسلحة لأجل ايجاد حلفاء وتابعين جدد ، وفي هذا السياق فقد قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إن الولايات المتحدة وتركيا تدرسان كل الخيارات اللازمة لمساعدة قوات المعارضة السورية التي تقاتل من اجل الاطاحة بالرئيس السوري بشار الاسد بما في ذلك اقامة منطقة حظر جوي مع احتدام الصراع هناك. واردفت كلينتون قائلة للصحفيين بعد اجتماعها مع وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو انه ينبغي لأنقرة وواشنطن الدخول في تفاصيل خطط دعم المعارضة والتوصل إلى سبيل لوقف العنف.

واشتبكت القوات السورية والقوات الاردنية على الحدود في حادث سلط الضوء على المخاوف الدولية من ان الحرب الاهلية في سوريا قد تشعل حربا اقليمية اوسع. كما اكدت الاشتباكات على الحاجة الماسة للتخطيط لمرحلة ما بعد سقوط الاسد. وقالت كلينتون "أجهزة مخابراتنا وجيشانا أمامهم مسؤوليات مهمة وأدوار عليهم القيام بها ومن ثم سنشكل مجموعة عمل لتحقيق هذا الأمر."

وسئلت ان كانت مثل هذه المناقشات تشمل خيارات مثل فرض حظر للطيران في اجواء الاراضي التي يعلن المعارضون السوريون السيطرة عليها فأوضحت كلينتون ان ذلك يمثل خيارا ممكنا. وقالت كلينتون "القضايا التي اثرتموها في سؤالكم هي بالتحديد التي اتفقت انا والوزير انها بحاجة لتحليل عميق" لكنها اوضحت انه ليس بالضرورة ان تكون هناك قرارات وشيكة في هذا الصدد.

وكان فرض مناطق حظر جوي من قبل القوى الاجنبية حاسما في مساعدة المعارضة الليبية للإطاحة بمعمر القذافي العام الماضي. لكن الولايات المتحدة وحلفاءها الاوروبيين كانوا يرفضون حتى وقت قريب القيام بدور عسكري في الصراع الذي مضى عليه 17 شهرا. ويعتقد ان المعارضة تحصل على الاسلحة من السعودية وقطر لكنها تحصل على مساعدة غير عسكرية من الولايات المتحدة. وقال داود اوغلو في رده على سؤال مماثل بشأن الاجراءات المقبلة ان الوقت قد حان كي تتخذ القوى الخارجية خطوات حاسمة لحل الازمة الانسانية في مدن مثل حلب التي تتعرض لقصف يومي من جانب قوات الحكومة السورية.

وتعتبر واشنطن تركيا وهي من بين اشد منتقدي دمشق الطرف الرئيسي في كل من دعم المعارضة السورية والتخطيط لما يصفه مسؤولون امريكيون بالانهيار الحتمي لنظام حكم الاسد.

ويهتم المسؤولون الامريكيون بشكل خاص بتحليل تركيا للقوى السياسية التي تظهر على الساحة مع انزلاق سوريا في الفوضى على امل ان يتمكنوا معا من فهم طبيعة الجماعات المعارضة التي تتسابق لشغل مواقع. واشارت كلينتون ومسؤولون امريكيون اخرون في الاسابيع الاخيرة الى مكاسب المعارضين في ساحة القتال وانشقاق شخصيات عسكرية وسياسية سورية بارزة من بينها رئيس الوزراء رياض حجاب.

وقالت كلينتون ان واشنطن تشعر بقلق ازاء استغلال جماعات اخرى مثل حزب العمال الكردستاني الانفصالي او القاعدة للفوضى في سوريا للحصول على موطئ قدم. واتهمت تركيا الاسد بتقديم السلاح لحزب العمال الكردستاني واثار رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان امكانية التدخل العسكري في سوريا اذا تزايد التهديد الكردي. وقال اردوغان لحزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه "توجد صلة وثيقة بين ما يجري في تركيا والاحداث الاخيرة في تركيا." واضاف ان هجمات المتشددين تتزايد في تركيا كما يحاول المتشددون اقامة معقل في بعض المناطق.

ونصب اشخاص يشتبه بانهم متشددون اكراد كمينا لحافلة عسكرية تركية في غرب تركيا في هجوم اسفر عن قتل جندي واصابة 11 شخصا على الاقل. واعلنت السلطات التركية في اقليم هكاري بجنوب شرق البلاد ان القوات المسلحة انتهت من عملية استمرت نحو ثلاثة اسابيع ضد مواقع حزب العمال الكردستاني حول منطقة شمندلي التي كانت مسرح قتال عنيف. وقال اردوغان ان حزب العمال الكردستاني مني بخسائر فادحة وترك المنطقة.

على صعيد متصل قال مسؤول رفيع في حكومة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه ليس مستبعدا في نهاية الأمر فرض منطقة طيران محظور فوق جزء من سوريا يبدو على نحو متزايد انه تحت سيطرة المعارضة المناهضة لحكومة بشار الأسد. وكان بعض المنتقدين الجمهوريين لأسلوب أوباما في معالجة الأزمة السورية قد طالبوا بتفويض دولي لفرض منطقة حظر الطيران لمنع الطائرات الحربية السورية من القيام بعمليات فوق مناطق معينة وكذلك بتسليح مباشر بدرجة أكبر لقوات المعارضة التي تسعى للإطاحة بالرئيس الأسد.

وقال جون برينان كبير مستشاري أوباما لمكافحة الإرهاب "تدرس الولايات المتحدة دوما المواقف لتتبين نوع السيناريوهات التي قد تتكشف عنها وبناء عليه تدرس بعد ذلك نوع خطط الطوارئ التي قد تكون متاحة لمعالجة ظروف معينة." واضاف قوله ان هناك خيارات مختلفة يجري الحديث عنها في وسائل الإعلام ويلقى بعضها تأييدا. وقال "ان هذه أمور تدرسها الحكومة الأمريكية بعناية شديدة محاولة تفهم انعكاساتها ومحاولة تفهم المحاسن والمساوئ." وسئل برينان خلال جلسة في مجلس العلاقات الخارجية بشكل محدد أكثر عن منطقة الطيران المحظور فرد بقوله "لا أذكر أن الرئيس قال إن شيئا ما مستبعد." جاءت تصريحات برينان مع قيام حكومة اوباما بزيادة مساندتها للمعارضين السوريين وتسريعها للتخطيط لما بعد الأسد في سوريا. بحسب رويترز.

ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تتوخى الحذر من أن تتورط في صراع عسكري آخر وهي تسعى إلى أن تنفض يديها من الحروب في العراق وأفغانستان. وقال برينان دونما إسهاب "لقد فعلنا عدة أشياء لمساندة المعارضة. والكثير من المساعدات الإنسانية يجري هناك. وما نريد فعله هو أن نتأكد من أننا نفهم على وجه الدقة من الذين سيتلقون اي نوع من المساعدات." واضاف برينان قوله انه مع أن القاعدة ستسعى إلى استغلال الوضع في سوريا "فإنه عند النظر إلى المعارضة السورية ككل نجد أن الغالبية العظمى منها ليست على غرار القاعدة. إنهم سوريون يحاولون حقا السيطرة على حياتهم ومستقبلهم."

عقوبات امريكية

في السياق ذاته فرضت الولايات المتحدة عقوبات على شركة النفط الحكومية السورية سيترول لتوريدها البنزين لايران وقالت ان العقوبات تمتد لحزب الله بسبب دعمه لحكومة الرئيس السوري بشار الأسد. وقالت وزارة الخزانة الامريكية ان حزب الله الذي اعتبرته الولايات المتحدة منظمة ارهابية اجنبية عام 1995 يقدم التدريب والدعم الاداري والتنظيمي القوي لدمشق.

وقال مسؤولون امريكيون انهم لا يعرفون ما اذا كانت العقوبات ستؤثر على حزب الله ماليا او ما اذا كانت دول اخرى ستفرض عقوبات اقتصادية على الجماعة مما يشير إلى ان هذه العقوبات رمزية إلى حد كبير. وقال دانيال بنيامين منسق ادارة اوباما لمكافحة الارهاب "اعتقد اننا إذا قدمنا لها (الدول) هذه المعلومات .. فربما ترغب في اتخاذ اجراءات إضافية وسيحد هذا على المدى البعيد من المجال الذي يعمل فيه حزب الله."

وقال بنيامين للصحفيين "نرى فوائد ملموسة للغاية من هذا التصنيف ولم يتضح بعد ما اذا كانت في مجال العقوبات المالية او لا. لكن اعتقد ان هذا مهم بشكل حيوي لتسليط ضوء قوي على ما تفعله الجماعة." وقالت ادارة اوباما ان حزب الله المدعوم من سوريا وايران قام بشكل مباشر بتدريب مسؤولين حكوميين سوريين داخل سوريا وسهل تدريب قوات سورية على ايدي الحرس الثوري الايراني.

وحظرت الولايات المتحدة على الامريكيين التعامل مع حزب الله منذ تصنيفه كمنظمة ارهابية كما ان البنك المركزي السوري وعددا من المسؤولين السوريين ممنوعون بالفعل من التعامل مع الاسواق الامريكية. وفرضت واشنطن ايضا عقوبات على شركة سيترول النفطية المملوكة للدولة لتوريدها البنزين لايران. وقالت وزارة الخارجية الامريكية انها فرضت عقوبات على سيترول بموجب قانون عقوبات ايران الذي تم تعديله ليصبح اكثر صرامة في السنوات الماضية وليصعب على الشركات التعامل مع قطاع الطاقة الايراني. ويشتبه الغرب في أن ايران تسعى لصنع اسلحة نووية. وتنفي ايران السعي لامتلاك سلاح نووي وتقول ان برنامجها اهدافه سلمية خالصة. بحسب رويترز.

وقالت وزارة الخارجية الامريكية ان سوريا وايران اشتركتا في مبادلة تجارية في ابريل نيسان في قطاع الطاقة ارسلت خلالها سوريا 33 الف طن متري من البنزين الى ايران. واضافت ان الولايات المتحدة تقدر قيمة البنزين الذي وردته سيترول لايران في ابريل نيسان باكثر من 36 مليون دولار وهو مبلغ اكبر من القيمة المطلوبة لفرض العقوبات بموجب قانون عقوبات ايران.

مساعدات ودعم

من جهة اخرى اعلنت بريطانيا تكثيف الاتصالات الدبلوماسية مع المعارضين السوريين وتقديم مساعدة اضافية لهم بالمعدات تبلغ خمسة ملايين جنيه (6,3 ملايين يورو) وخصوصا السترات الواقية من الرصاص ووسائل الاتصالات بدون ان تشمل اسلحة. وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ في مؤتمر صحافي ان "شعب سوريا لا يستطيع الانتظار الى ما لا نهاية، الناس يموتون". واضاف "في غياب تقدم على الصعيد الدبلوماسي، ستبذل بريطانيا مزيدا من الجهود وسنطور دعمنا للشعب السوري والمعارضة السياسية السورية بخمسة ملايين جنيه اضافية من المساعدات المادية غير المميتة".

واوضح ان هذه المساعدة ستشمل "هواتف خليوية وللاتصال بالأقمار الاصطناعية واجهزة لاسلكي يمكن استخدامها لإبلاغ المدنيين بالهجمات الوشيكة للنظام" ومن اجل "التغلب على تعطيل الاتصالات من قبل النظام". وستشمل المساعدة ايضا "تجهيزات لإغاثة المدنيين" وخصوصا "سترات واقية من الرصاص". وستقدم بريطانيا ايضا مساعدة طبية تشمل تجهيزات جراحية ومضادات حيوية وادوية مسكنة ومعدات لتنقية لمياه، على قول هيغ. ورأى ان تسليم المعارضة اسلحة ينطوي على مجازفة كبيرة، معبرا عن قلقه من "المعلومات عن فظائع ترتكبها المعارضة".

واضاف ان "هذا الامر لم يكن يوما مطروحا" اي تسليم اسلحة الى الثورات العربية "حتى في ليبيا". وكتب هيغ في مقال نشرته صحيفة تايمز ان "شعب سوريا لا يستطيع الانتظار سيموت مزيد من الناس بدون مساعدة عاجلة. لذلك سنركز الآن جهودنا على مساعدة عملية عاجلة للسوريين على الارض مع تواصل العمل الدبلوماسي".

واضاف "سنواصل اولا عملنا مع المعارضة السورية وخصوصا مع ممثلي الجيش السوري الحر لتأمين استعدادهم للسقوط الحتمي ل(بشار) الاسد". واوضح وليام هيغ ان بريطانيا تنقل الى المعارضين بهذه الاتصالات "رسالة حازمة ليحترموا حقوق الانسان ايا تكن الفظائع التي يرتكبها النظام". وقال هيغ "سنطور ونعمق علاقاتنا بكافة المجموعات السياسة التي تحضر لمستقبل خال من نظام الاسد من خلال مساعدتهم على التوحد وتقديم بديل سياسي". واوضح ان "سياستنا لم تكن تتمثل في تسليم اسلحة اثناء نزاعات الربيع العربي ولن نفعل ذلك". وتابع الوزير البريطاني "لكننا نقدم مساعدة لا تشمل معدات مميتة، مثلا قدمنا تجهيزات طبية واجهزة اتصالات للمجموعات السياسية السورية المعارضة وسنزيدهم منها".

الى جانب ذلك اكد الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند التزام فرنسا ب"المثابرة في البحث عن حل سياسي في سوريا" وذلك خلال حفل لتأبين الجندي الفرنسي الثامن والثمانين الذي يقتل في افغانستان. وذكر هولاند ان فرنسا تقوم حاليا بإقامة مستشفى ميداني في الاردن "في اقرب نقطة من الحدود مع سوريا لمساعدة اللاجئين وايضا مقاتلي المعارضة ". وكانت طائرة شحن نقلت من جنوب فرنسا نحو مئة طن من المعدات اللازمة لإقامة مستشفى ميداني على الحدود بين الاردن وسوريا. وتحوي الشحنة ادوية ومعدات اضيفت الى شحنة اولى من 20 طنا وصلت في وقت سابق.

وتابع الرئيس الفرنسي انه اضافة الى هذا "الواجب الانساني" هناك "دعم للمعارضة السورية والمثابرة في البحث عن انتقال سياسي في سوريا". وقال هولاند وهو يقف امام نعش الميجور الفرنسي فرانك بوزيه الملفوف بالعلم الفرنسي "اكان في افغانستان او في مناطق اخرى من العالم ان جنودنا يقاتلون من اجل السلام والاستقرار وحقوق الانسان، ودائما تحت اشراف الامم المتحدة".

ويؤيد 52% من الفرنسيين حصول تدخل عسكري تحت اشراف الامم المتحدة في سوريا، الا ان 61% منهم يعارضون اي تدخل عسكري فرنسي في سوريا، حسب ما جاء في استطلاع للراي.

من جهة اخرى أثار الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي جدلا بحديثه عن "اوجه شبه كثيرة" بين الازمة في سوريا وتلك التي شهدتها ليبيا في 2011 والتي كان خلالها رأس حربة التدخل العسكري الدولي ضد نظام معمر القذافي، غير ان تحليله هذا لا يوافقه فيه خبراء يؤكدون عدم وجود اي قاسم مشترك بين الحالتين.

وبعد ثلاثة اشهر فقط من هزيمته في الانتخابات الرئاسية خرج ساركوزي عن صمته منتقدا ضمنا موقف خلفه فرنسوا هولاند من الازمة السورية. وتحدث ساركوزي مطولا مع عبد الباسط سيدا رئيس المجلس الوطني السوري (الهيئة الرئيسية في المعارضة السورية) واعلن الاثنان انهما يتفقان في التحليل "حول خطورة الازمة السورية وضرورة تحرك سريع من المجتمع الدولي لتفادي وقوع مجازر".

وتحدث ساركوزي وسيدا عن "اوجه شبه كبيرة مع الازمة الليبية" التي شهدت تدخلا عسكريا دوليا في 2011 كانت فرنسا في مقدمته، ملمحين الى احتمال ان يكون التدخل العسكري ضروريا ايضا في سوريا. ولكن الخبير في الشؤون الجيوسياسية باسكال بونيفاس يقول ان "المقارنة السهلة بين بلدين عربيين يقودهما دكتاتوران ما هي الا خبطة اعلامية لا تدعمها اي حقيقة استراتيجية". ويضيف مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية ان "تكرار ما جرى في ليبيا في 2011 في سوريا اليوم هو امر مستحيل نظرا الى ان الامم المتحدة ترفض اصدار تفويض لهكذا تدخل ونظرا الى ميزان القوة العسكرية في سوريا ونظرا الى المحيط الجيوسياسي لهذا البلد".

بدوره يشدد كريم اميل البيطار الخبير الفرنسي في شؤون الشرق الاوسط على الطابع المتفجر للوضع السوري، مؤكدا ان سوريا بسكانها ال22 مليونا عبارة عن "قطعة فسيفساء اتنية ودينية حقيقية"، في حين انه "في ليبيا كنا امام ستة الى سبعة ملايين نسمة متجانسين". وفي الثورة الليبية شكلت بنغازي، كبرى مدن شرق البلاد ومهد الثورة، عاصمة للثوار ونقطة انطلاق لامتداد الانتفاضة الى بقية المناطق، وذلك بسبب خروجها سريعا عن سيطرة نظام معمر القذافي. لكن في سوريا الامر مختلف تماما، فبعد سنة ونصف تقريبا على اندلاع الاعمال المسلحة في سوريا 2011 لم يتمكن مقاتلو المعارضة من السيطرة على اي من المدن الكبرى او حتى على مساحات واسعة من الاراضي.

ويقول بيطار ان "الاكثرية الساحقة من الليبيين طالبت بتدخل خارجي في حين انه في سوريا فان 50% على الاقل من السوريين يرفضون هكذا تدخل لخوفهم مما جرى في العراق" اثر الغزو الاميركي في 2003. ومن وجهة نظر استراتيجية بحتة يقول الخبراء ان الانتصار عسكريا على الجيش الليبي كان سهلا نسبيا، حتى وان دامت الحرب سبعة اشهر، في حين انه في الحالة السورية الامر اكثر صعوبة بكثير نظرا الى ان الجيش السوري افضل بكثير عديدا وعتادا، ناهيك عن امتلاكه اسلحة كيميائية.

ويقول المصري عمر عاشور مدير برنامج دراسات الشرق الاوسط في جامعة اكستر البريطانية ان "احد الاختلافات الرئيسية هو المستوى المتطور للقوات المسلحة السورية والدعم الذي تحصل عليه دمشق من ايران وروسيا وبمقدار اقل من الصين". ويقول البيطار ان نظام القذافي كان معزولا في حين ان "روسيا هي التي تمتلك مفاتيح الازمة السورية" وبالتالي "يتعين القيام بمقايضة مع الروس تتعدى الاطار السوري". ويجمع هؤلاء الخبراء على انه مهما حصل فان التدخل عسكريا من دون تفويض من الامم المتحدة امر مستحيل. بحسب فرانس برس.

ويذكر بونيفاس بان "القرار الذي اصدره مجلس الامن (في 2011) لمنح اطار شرعي للتدخل في ليبيا طبق للمرة الاولى مبدأ مسؤولية حماية السكان". ويضيف "خلال التطبيق جرى تغيير طبيعة التدخل اذ ان الدول التي شاركت في التدخل العسكري راحت تقول يجب الاطاحة بالقذافي. من هنا فان الروس والصينيين شعروا بانهم خدعوا وهم لا يريدون تكرار الامر مجددا".

وما يزيد احتمال التدخل العسكري في سوريا تعقيدا هو وقوع هذا البلد الى جوار كل من لبنان واسرائيل والعراق، وهو واقع يلخصه بونيفاس بالقول انه "حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وحلفائها العرب، السعوديين والقطريين، من جهة وايران من الجهة الاخرى". ويشدد عاشور على ان "العامل الاسرائيلي يمثل قلقا كبيرا للولايات المتحدة والقادة الاوروبيين"، مشيرا الى انه "في حال انهيار سوريا وتعذر قيام حكومة مركزية ديموقراطية مستقرة في هذا البلد، فالأرجح ان يتعرض امن اسرائيل للتهديد بهجمات".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 15/آب/2012 - 26/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م