المدن المستدامة... بين مكافحة التلوث والبحث عن البدائل الطبيعية

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: تشهد المدن العالمية اليوم تنافسا شديدا في تصدر الترتيب العالمي لأهم المدن استخداما لحركة الاستدامة، إذ إن الاعتداءات البيئية تزيد من خطورة التلوث والمشاكل الصحية، إذ يشكل التلوث البيئي في المدن أول وأقوى سبب في إصابة الإنسان بأخطر الأمراض وفي مقدمتها أمراض القلب والمجاري التنفسية والدماغ والسرطان، لذا تسعى المدن العالمية بالبحث عن بدائل طبيعية وساحات خضراء ومياه متحركة للتخلص من آثار التلوث البيئي في المدن، والعودة الى أحضان الطبيعة.

إذ تسعى المنظمات الدولية لمكافحة الاعتداءات البيئية ومن اهمها تلك المنظمات منظمة سي فورتي (C40)، وهي مجموعة من المدن الكبرى حول العالم تهدف إلى العمل على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتصدي لتغير المناخ والتخفيف من التغيرات التي تؤثر بالفعل على مناطقها الحضرية، فيما قامت مدينة لوس انجليس بحظر استخدام الاكياس البلاستيكية في متاجر الحضراوات والفاكهة ممهدا الطريق لأن تصبح أكبر مدينة في الولايات المتحدة تطبق مثل هذا الحظر، بينما تم في مدينة ريو دي جانيرو تحويل الزجاجات المعاد تدويرها إلى إبداعات فنية كما يتمثل في هذا المجسم على أحد شواطئ المدينة، في حين سيعتمد برج إيفل رمز العاصمة الفرنسية عما قريب نظاما مراعيا للبيئة لتوليد جزء من الطاقة التي يحتاج إليها من ابراج هوائية وألواح شمسية، لذا تحاول اغلب دول العالم وخصوصاً الصناعية منها خفض نسب التلوث العالية التي خلقت مشكلة حقيقية داخل مجتمعات هذه الدول، وتعمل تلك البلدان المحافظة على بيئتها والقيام بخطوات اصلاحية لتجنب المخاطر الصحية المتفاقمة بين البشر.

حركة الاستدامة

فقد تتحول المدن والبلدات في جميع أركان العالم، بهياكلها الصغيرة، وحكوماتها المستندة إلى القواعد الشعبية، إلى أكبر المبتكرين في مجال البحث عن حلول مستدامة لقضايا الطاقة والمياه والأراضي والاحتياجات المطلوبة من الموارد الأخرى. فالكثافة السكانية، والقوة الاقتصادية والتأثير الثقافي لهذه المدن والبلدات يضعها في طليعة التغيير، وما من أحد على دراية بذلك أفضل من حكومات المدن نفسها، في هذا السياق، تشكلت بشكل تلقائي منظمة سي فورتي (C40)، وهي مجموعة من المدن الكبرى حول العالم تهدف إلى العمل على خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري والتصدي لتغير المناخ والتخفيف من التغيرات التي تؤثر بالفعل على مناطقها الحضرية. وفي حين أن حكومات المدن في كل قارة تدرك بالفعل أهمية الاتفاقات رفيعة المستوى بين أطراف متعددة في التصدي لمشاكل كوكب الأرض، فإنها أيضًا تبذل مساهماتها في مجال الاستدامة من خلال المشاريع العادية مثل إنارة الشوارع، ومعالجة مياه الصرف الصحي، وإنشاء مسارات للدراجات الهوائية، والقيام بعمليات البنى التحتية الأخرى التي تجعل المدن مكانًا صالحًا للعيش، تشكلت سي فورتي (C40) أول ما تشكلت في أذهان مجموعة من رؤساء البلديات تتألف من 18 رئيسًا من شتى مدن العالم في عام 2005، ثم تطورت الآن لتشمل 59 مدينة كبيرة. وقد اجتمعت المجموعة على هامش مؤتمر ريو+20 حول التنمية المستدامة الذي عقد مؤخرًا، وأعلنت أن المناطق الحضرية لديها القدرة على الحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري سنويًا بأكثر من بليون طن بحلول عام 2030، وهو مقدار "يعادل انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري سنويًا من المكسيك وكندا مجتمعة، وقد أعلنت سي فورتي (C40) أن المدن قد اتخذت ما يقرب من 5000 إجراء لمعالجة تغير المناخ، وهي تسير بالفعل على المسار الصحيح من خلال الأنشطة القائمة والملتزمة بخفض الانبعاثات السنوية الجماعية بما يعادل 248 مليون طن بحلول عام 2020، إن الطابع الملح للمشاكل الحضرية يحث المسؤولين في المدينة على العمل بسرعة وحسم. وقد أشار رئيس بلدية مدينة نيويورك، والرئيس الحالي لمجموعة سي فورتي (C40)، مايكل بلومبرغ، إلى أن هذه الخلفية قد تكون هي سر نجاح سي فورتي (C40)، وأضاف بلومبرغ قائلا "نظرًا لالتزام رؤساء البلديات بالعمل واتخاذ اللازم، فإن المدن تحرز تقدمًا كبيرًا في الحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، مما يساعد على التخفيف من آثار تغير المناخ، ويجعل مدننا أفضل وأكثر ملاءمة للعيش. فالبيانات التي سنصدرها اليوم تشكل مزيدًا من الأدلة على أن المدن كانت وستظل تقود الطريق، كما أعلنت سي فورتي (C40) عن شراكة مع المبادرة المشتركة للاستدامة الحضرية بهدف إنشاء مكتبة مرجعية على الإنترنت لإدراج وعرض الحلول الناجحة للسياسات والتمويل التي اكتشفتها المدن من أجل التصدي لقضايا البيئة وتغير المناخ.

جدير بالذكر أن المبادرة المشتركة للاستدامة الحضرية هي عبارة عن شراكة بين الولايات المتحدة والبرازيل ومؤسسات القطاع الخاص، وسوف توفر المبادرة معرضًا للابتكار في مجال الاستدامة، وذلك بهدف نقل هذه الحلول للمشاكل الحضرية إلى مدن أخرى في الولايات المتحدة وحول العالم، واستعرض رئيس بلدية ريو دي جانيرو، إدواردو بايس، أفكاره حول كفاءة المدن. فقال "عندما تحتشد المدن معًا ككيان واحد، فإنها تمارس ما يكفي من القوة الجماعية للتأثير على الآراء ودفع السياسات إلى أعلى جدول الأعمال التشريعية. فالمدن لديها حرية أكثر من الدول عند وضع استراتيجيات متقدمة تغير بالفعل حياة الناس، وأبلغ أعضاء سي فورتي (C40) عن حدوث مزيد من التقدم، كالتالي:

- 100 في المئة من المدن الـ45 الأعضاء في سي فورتي (C40) تقوم بتنفيذ مجموعة من الأنشطة المتعلقة بخفض انبعاثات الكربون.

- 71 في المئة من المدن الـ45 الأعضاء في سي فورتي (C40) أفادت بتحقيقها هدف خفض الانبعاثات على مستوى المدينة.

- رؤساء البلديات لديهم سيطرة مباشرة على 75 في المئة من مصادر الانبعاثات في المناطق الحضرية.

وتشجع حكومة أوباما الابتكار والطاقة التي تقوم حكومات المناطق الحضرية بتطبيقها على قضايا الاستدامة وتغير المناخ. وفي هذا الصدد، تحدثت ريتا جو لويس، الممثلة الخاصة لشؤون الحكومات العالمية بوزارة الخارجية، إلى مسؤولي المناطق الحضرية خلال اجتماعهم في ريو. وشددت على كيفية إدخال سياسات التنمية المستدامة في العديد من الأعمال الحكومية في المناطق الحضرية.بحسب أسوشييتد برس.

وقالت لويس "إن هذا يشمل نشر التكنولوجيات والخدمات الخضراء (الملائمة للبيئة)، وجعل الأولوية للبُنى التحتية والمباني الخضراء، وحماية واستعادة المساحات الخضراء، وخلق المزيد من فرص الإسكان، والحد من الانبعاثات، والتماس مزيد من الكفاءة في استخدام الموارد ومعالجة النفايات، واتخاذ قرارات أكثر استدامة متعلقة بالأنظمة الحضرية واستخدام الأراضي، وفي لقاءاتها مع قادة سي فورتي (C40)، قامت لويس بتمثيل مبادرة المناخ والهواء النظيف التي شكلتها كل من الولايات المتحدة وبنغلاديش وكندا وغانا والمكسيك والسويد وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة في أوائل عام 2012. وبعد أن توسعت المبادرة في الوقت الحاضر لتشمل دول المفوضية الأوروبية، واليابان، ونيجيريا، وغيرها، بدأت تستند في عملها على النتائج العلمية الأخيرة التي تُظهر أنه يمكن تحقيق مكاسب هائلة قصيرة الأجل في مجال الحد من انبعاثات الغازات المسسبة للاحتباس الحراري، مع التركيز على ما يعرف بالملوثات قصيرة الأجل والسخام، وقد أعلنت سي فورتي (C40) في ريو أن المدن ستعمل مع مبادرة الهواء النظيف لمساعدة الحكومات المحلية في الحد من انبعاثات غاز الميثان من خلال إدارة النفايات الصلبة. ويعتبر الميثان أحد الملوثات القصيرة الأجل المستهدفة. وسيعمل شركاء سي فورتي (C40) على ضمان أن المدن يمكن أن تتعلم من بعضها البعض كيفية خفض انبعاثات غاز الميثان من برامج النفايات، وكيفية إيجاد سبل لتمويل إجراءات الحد من الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وقد رحب محافظ جاكرتا، فوزي بواو، بالمبادرات التي قدمتها سي فورتي (C40) في مؤتمر التنمية المستدامة في حزيران/يونيو، موضحًا أن تقاسم المعرفة وتبادل أفضل الممارسات يعتبران "أمرًا حاسمًا" لمعالجة قضايا تغير المناخ. وأضاف قائلا "إن النهج الأساسي الذي اتخذته جاكرتا بشأن خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري كان نهجًا شاملا يستند على أساس السياسات الأساسية التي تم تنفيذها في إدارة جاكارتا، والتي هي لصالح الفقراء، واستحداث فرص العمل، والنمو، والبيئة". فهذه العوامل الأربعة لا يمكن فصلها عن بعضها البعض، ويتفق لويس مع بواو على أن الحلول اللازمة لقضايا تغير المناخ والاستدامة تتطلب "نهجًا شاملا". ومن ناحيتها، قالت ممثلة وزارة الخارجية إنه يتحتم أيضًا أن تدرك جميع قطاعات المجتمع أن قضية الاستدامة هي "قضية تهم الحكومة على جميع المستويات، فضلا عن القطاع الخاص والمجتمع المدني."

لوس انجليس

فيما صوت مجلس مدينة لوس انجليس لصالح حظر على استخدام الاكياس البلاستيكية في متاجر الخضراوات والفاكهة ممهدا الطريق لأن تصبح أكبر مدينة في الولايات المتحدة تطبق مثل هذا الحظر، وأطلق التصويت الذي وافق فيه 13 عضوا على الحظر بينما عارضه عضو واحد عملية ستشمل مراجعة بيئية تستمر اربعة اشهر وتصويتا لاعتماد قرار رسمي ومهلة مدتها ستة اشهر لمتاجر الخضراوات والفاكهة وعددهم 7500 متجرا تقريبا داخل حدود ثاني اكبر مدينة امريكية، وستمنح المتاجر الصغيرة 12 شهرا لوقف استخدام الاكياس البلاستيكية تدريجيا، وقال ايد رييز عضو المجلس في تسجيل مصور بثه في موقعه الالكتروني "انه امر رائع للبيئة والمستقبل ولشواطئنا..انه مكسب للجميع، وبحسب جماعة (هييل ذي باي) المدافعة عن البيئة غير الهادفة للربح والتي تؤيد الحظر فإن ما يقدر بحوالي 2.3 مليار كيس بلاستيكي تستخدم سنويا في لوس انجليس، وحظرت 45 مدينة اخرى في ولاية كاليفورنيا بالفعل استخدام الاكياس البلاستيكية في متاجر الخضراوات والفاكهة. بحسب رويترز.

أكبر مكب نفايات

وعلى جبل من النفايات، يرتاح رجل تحت مظلة قديمة، قبل أن يعاود الفرز في مكب غراماشو وهو أكبر مكب نفايات في أميركا اللاتينية يقع على ضفاف خليج ريو يسترزق منه 20 ألف شخص، غير أن الحكومة قررت إغلاقه قبل مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة المعروف باسم "ريو+20"، الأرض غير متقرة وعندما تمر عليها الشاحنات، تهتز هذه المستنقعات السابقة حيث تتكدس النفايات، وبعضها سام، منذ إنشاء المكب في العام 1976 في عهد الديكتاتورية، من دون أن تعالج وفق الأصول، وفي العام 2004، حدثت سلسلة من التسربات في هذا المكب الذي كان ترمى فيه ثمانية آلاف طن من النفايات في اليوم الواحد، فقررت بلدية ريو إغلاقه، ثم أرجئت عملية إغلاقه مرات عدة، قبل أن يحدد موعدها في الأول من حزيران/يونيو أي قبيل انعقاد مؤتمر "ريو+20" من 13 إلى 22 حزيران/يونيو، بحضور 115 رئيس دولة و50 ألف مشارك من أنحاء العالم أجمع، وقبل الإغلاق، احتشد نحو ألفي "كاتادوريس" وهو الاسم الذي يطلق في البرازيل على الاشخاص الذين يفرزون النفايات القابلة لإعادة التدوير ويبيعونها، لمطالبة السلطات البلدية بالتعويض عليهم، فحصلوا في نهاية المطاف على علاوة قدرها 7500 دولار، لكن هذا الحل لم يرض جميع الكاتادوريس، ويتساءل الكثيرون عن مصير مئات العائلات في البلدة المحاذية لمكب غراماتشو حيث تعيش 20 ألف نسمة، بعد إنفاق هذه العلاواتن وقالت آنا كارلا نيستالدو (32 عاما) التي أمضت في البلدة نصف حياتها لوكالة فرانس برس "سيكون لإغلاق المكب أثر كبير علينا، لأنه كان يشكل مصدر الرزق الوحيد بالنسبة إلى الكثيرين منا. فماذا سيحل بهذه العائلات؟ فعلاوة بقيمة 7500 دولار لا تعني الكثير لمن عمل طوال حياته"، وفي منزلها الواقع في حي مكب النفايات، تلفازان اثنان ومايكروويف وجهاز لمشاهدة أقراص الفيديو الرقمية، وهي تتباهى بالخواتم والأطر وحاملات الصور التي صنعتها من النفايات، وهي أقرت "ربيت أطفالي من الأموال التي جنيتها من النفايات، ولم يعوزهم شيء"، وقد أفادت السلطات البلدية بأن الفرز اليدوي للنفايات در العام الماضي 12 مليون دولار، وكل كاتادور متخصص في مادة معينة (بلاستيك أو معدن أو ورق او زجاج)، يبيعها إلى أحد المستودعات الاثنين والأربعين في الحي أو إلى طرف اخر. بحسب فرانس برس.

وعلى الرغم من المخاطر الناجمة عن النفايات السامة، مثل الميثان المتأتي من تحلل المواد، والامراض ذات الصلة، يشكل العمل في المكب أفضل خيار متاح امام كثيرين من أبناء البلدة، وأخبر الشاب إفرتون وهو من الكاتادوريس القلائل الذين لديهم مشاريع للمستقبل "نتاقضى أجرا يوميا يناهز 45 دولارا في اليوم الواحد وهو أفضل من الأجور التي تدفع للوظائف في المدينة"، وكشف "انا مستعد لأنفق نصف هذه التعويضات على دراستي"، ويبلغ الحد الأدنى للأجور في البرازيل 622 ريال في الشهر أي 306 دولارات، وطوال 36 عاما، برهن عمال الظل هؤلاء أنهم من الجهات الفاعلة في دفع عجلة التنمية المستدامة في بلد لا تعالج النفايات في 60 % من مدنه، وهم مستعدون للمخاطرة بحياتهم في هذا السبيل، ستنقل النفايات التي كانت ترمى في غراماتشو إلى مكب آخر في المنطقة الغربية تديره شركة خاصة. وستتولى شركة أخرى اسمها "نوفا غراماتشو" استغلال غاز الميثان في غراماتشو، ومن المرتقب أن تدر عليها هذه النشاطات 232 مليون دولار من أرصدة الكربون في غضون 15 عاما، بحسب بلدية ريو.

ضوضاء السيارات

في حين سلطت دراسة دنمركية المزيد من الضوء على سلبيات حركة المرور، حيث قد يؤدي استنشاق انبعاثات عوادم السيارات أو البقاء وراء مقود القيادة لساعات طويلة، لأضرار جديدة، إذ وجدت بأن الضجيج العالي الناجم عن حركة سير السيارات قد يرفع مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية، ووجدت الدراسة، التي أجراها باحثون من "جمعية مكافحة السرطان الدنمركية" إنه مع ارتفاع بمقدار عشرة ديسبل في ضجيج حركة المرور، يرافقها كذلك ارتفاع مخاطر الإصابة بالنوبات القلبية بواقع 12 في المائة، وتابع الفريق العلمي أكثر من 50 ألف شخص، تراوحت أعمارهم بين سن الخمسين و64 عاماً، يعيشون في اثنين من أكبر مدن الدنمرك،  العاصمة كوبنهاغن و"أروس"، وكشف المشاركون، خلال الدراسة التي استمرت عشر سنوات، عن نمط حياتهم اليومية من حمية غذائية وتمارين بدنية بجانب المناطق الجغرافية لأماكن إقامتهم، وخلال فترة الدراسة، أصيب 1600 مشارك بأول نوبة قلبية، وازداد خطر الإصابة بها مع ارتفاع ضجيج الحركة قرب مساكن المشتركين، علماً أن الصلة بين الاثنين ظلت قوية حتى عند الأخذ بعين الاعتبار عوامل أخرى مؤثرة كمدى التعرض لتلوث الهواء، والحمية  الغذائية ، والجنس، وعزي الرابط إلى الإجهاد الناجم عن الضوضاء، ومن المعلوم سلفا أن الإجهاد أحد العوامل الرئيسية المسببة للنوبات القلبية. بحسب لـCNN.

وقال د. روبرت بونو، من جامعة "نورث ويسترن فاينبرغ للطب: "الضوضاء في حد ذاتها ترفع من كم الإجهاد ومعدلات الهرمونات الناجمة عنه كـ"الادرينالين"، كما قد ترفع ضغط  الدم، بجانب عوامل أخرى منها عدم نيل قسط كاف من النوم جراء الضجيج، وهي كذلك من عوامل الخطر المسببة للنوبات القلبية، علاوة على تلوث نوعية الهواء في المنطقة، وهو عامل له ارتباط منفصل بالنوبات القلبية، وتأثيره العام على الصحة ككل، كما وجدت دراسات سابقة، وتقول الدراسة إنه ليس بالضرورة أن تكون الضوضاء عالية للغاية ليكون لها تأثير مضر على الصحة، ويذكر أن بحثاً علمياً نشر الشهر الماضي كشف عن أن قضاء ساعات طويلة في التنقل بالسيارة "يقترن بارتفاع الوزن وضغط الدم وكلها مؤشرات قوية على أمراض القلب وداء السكري وبعض أنواع السرطان.

اشجار اوتريخت

ففي اوتريخت تعرف بعض الاشجار حياة ثانية عندما لا تصبح خشبا للموقدة او نشارة، من خلال تحويلها الى طاولات فريدة من نوعها تروي تاريخ الشجرة والاشخاص الذين شهدوا نموها، ويقول ايغبرت بويرما من جمعية "تافيلبوم" (طاولة-شجرة) "مع كل شجرة تقتلع، يسلخ جزء من تاريخ الحي او الشارع ومن خلال تحويل الاشجار الى طاولات نأمل بالمحافظة على هذا الجزء من التاريخ"، وفي مدينة اوتريخت البالغ عدد سكانها 300 الف نسمة في وسط هولندا كما في مدن كثيرة تقطع اشجار بانتظام بسبب ضيق المساحة او اعمال التطوير او لانها اصبحت مريضة او قديمة، ويوضح بويرما وهو ممثل سابق في الثالثة والثلاثين "عندما تدرج شجرة على لائحة الاقتلاع نلتقط صورا لها ونجمع المعلومات عن تاريخها وعن تاريخ المكان الذي تتواجد فيه"ن ومان ان تقطع الشجرة ينقل العمال البلديون جذعها الى مخزن الجمعية التي اسست العام 2009 والتي تضم خمسة اعضاء في ضاحية اوتريخت البعيدة، وتجفف في مقر الجمعية حوالى ثلاثين شجرة زان وسنديان ودلب فضلا عن شجرة بندق. ويقول اغبيرت بويرما "لقد حصلنا على واحدة من اقدم ثلاث اشجار سنديان في هولندا وبحسب الوثائق التي بين يدينا لقد غرست هذه الشجرة في العام 1776"، ويأسف هذا الرجل الذي لديه ولدان ان تتحول اشجار كهذه الى نشارة قائلا وهو يرتدي سروال العمل وقميصا ازرق فاتحا وجزمة مطاطية "اشجار المدينة لها وظيفة للسكان، فهي تمثل شيئا ما"، وتقطع اجذاع الاشجار الى الواح وتترك لتجف لمدة سنة او سنتين قبل ان تنشر وتجمع وفقا لتصميم وحيد يحترم "خصائص الخشب". وخلال مراحل عملية الانتاج المختلفة تنظم الجمعية مشاغل مع سكان الحي الذي اتت منه الشجرة، وهؤلاء السكان يوفرون لاعضاء الجمعية فرصة لجمع المعلومات عن الشجرة وتاريخها فضلا عن ذكريات اولئك الذي تابعوا نمو الشجرة ويضعونها في كتيب صغير يوضع في درج الطاولة، وجاء في كتيب احدى هذه الطاولات "شجرة الغلاديشية العزيزة (شجرة مرتفعة تتسم بجذع شائك) انا جالسة على مقعد في المكان الذي تنتصبين فيه هناك العاب للاطفال ومزلاج. اشعر براحة داخلية وانا جالسة هنا في بعد ظهر احد ايام تشرين الثاني/نوفمبر". بحسب فرانس برس.

في كتيب اخر يتذكر رجل مسن انه قبل زوجته للمرة الاولى تحت الشجرة فيما تستعيد ام اولى خطوات نجلها في فيء اغصانها الفارهة، ويؤكد بويرما "نكتب هذه الذكريات في الكتيب فلا يندثر هذا التاريخ تاليا"، وقد جعل من هذا المشروع الذي يسمح له بالتواصل مجددا مع جذوره الريفية واشباع شغفه بالقصص الجميلة، مصدر رزقه ايضا، وقد حصلت الجمعية حتى الان على حوالى ستين شجرة وقد صنعت اكثر من عشر طاولات يمكن ان يصل سعر الواحدة منها الى 1700 يورو. وقد اشترت بلدية اوتريخت وشركات وافراد هذه الطاولات، ويقول رود فوكينغ احد زبائن الجمعية "انها صدفة الا ان الخشب يأتي من شجرة كانت في شارع مجاور للمدرسة الابتدائية التي تابعت فيها دراستي وانا لا ازال اذكرها جيدا" مضيفا "يعجبني في الامر ان الطاولة ذات تصميم حديث لكن يمكننا ان نرى انها عاشت فعلا"، وتصنع "تافيلبوم" ايضا العابا مؤلفة من مكعبات خشبية والواح للتقطع تباع ب75 و50 يورو على التوالي مرفقة بكتيب صغير ايضا، ويختم ايغبرت قائلا "علينا ان نفكر بكيفية تطوير عملنا من دون ان نصبح على نطاق صناعي وجعل اسعارنا في متناول الجميع".

سكن الحاويات

على الصعيد نفسه ربما لا يكون السكن في منازل مصنوعة من حاويات الشحن حلماً لدى كثيرين، لكن ربما يتغير الأمر بعد التصميمات الجديدة والمبتكرة التي أطلقتها شركة "إيكو بك" على يد المصمم البريطاني جيمس غرين والأمريكي ماثيو كوتس. والفكرة الجديدة تهتم بجميع المكونات الهيكلية للمنزل، فلم يعد السكن في الحاويات تقليدياً، ويقول جيمس غرين، مصمم هياكل الطائرات البريطاني، وأحد مهندسي شركة "إيكو بك": "تساعد هذه الحاويات في وضع أساس المنزل، ويتم تجميع باقي هيكل المنزل من حولها، ويأمل غرين أن تغير "إيكو باك" مفهوم السكن في الحاويات من خلال سكن اقتصادي في متناول أيدي الجميع، وتحدث ماثيو كوتس، المهندس المعماري الأمريكي، عن مزايا هذه الفكرة قائلاً:" إن فكرة غرين لها مزايا مختلفة عن مساكن الحاويات التقليدية، فهذه فكرة جيدة للسكن في حالات الطوارئ، ويسهل شحنها إلى موقع البناء بكميات كبيرة، ويمكن تجميعها بشكل سريع، والأهم من ذلك أن هذا النوع من البناء لا يحتاج إلى تصميم ثابت، ويمكن بناؤه فوق الأسطح العادية أو الخرسانية. بحسب السي ان ان.

ويقول روبرت كروننبيرغ، أستاذ العمارة في جامعة ليفربول البريطانية: "إن هذا النوع من المباني يدفع بالتصميم المعماري إلى الأمام، فالمواد سابقة التصنيع وسيلة رائعة وسريعة في تصميم المباني ويجعلها أكثر اقتصادية، كما أنه يعد محاولة لإيجاد وسائل جديدة تجعل الإسكان الاقتصادي أكثر رفاهية، المهم في النهاية جودة المواد التي يتم استخدامها، وجودة البناء ذاته، وكيفية التوافق بين كل جزء والأخر، والتأكد من أن جميعها يعمل بشكل جيد، ويدرس كوتس حالياً  مدى حاجة السوق لهذه المباني الجديدة ذات الطابقين والثلاثة طوابق، على مساحة 1300 متر مربع، والتي تبلغ كلفة تشييدها بين 80 ألفا و100 ألف دولاراً. وتعتزم شركة "إيكو باك"، طرح نمازج للسوق الدولي، ومن المتوقع أن تبدأ شركة "إيكو باك" تنفيذ المرحلة الثانية من مشروعها بمساعدة منظمة أمريكية غير ربحية، ووضع نموذج أولي يعمل بشكل كامل، ومن المقرر أن يتم الانتهاء منه في ربيع عام 2013.

برج إيفل

الى ذلك سيعتمد برج إيفل رمز العاصمة الفرنسية عما قريب نظاما مراعيا للبيئة لتوليد جزء من الطاقة التي يحتاج إليها من ابراج هوائية وألواح شمسية، بحسب ما أعلنت الشركة التي تتولى إدارته، وتجري حاليا في الطابق الأول الذي يعتبر أكبر طوابق المعلم اعمالا لتحديثه بهدف جعل البرج أكثر مراعاة للبيئة واستقطابا للجمهور وتسهيل الصعود اليه، على ما شرح رئيس شركة برج إيفل الجديدة جان برنار برو خلال زيارة ميدانية، ويقع الطابق الأول على علو 57 مترا وهو يشهد أدنى نسبة من الزيارات، لكن الوضع قد ينقلب عندما سيتاح للزوار المشي على الأرضية الشفافة التي ستبنى فوق الفراغ في محيط الحيز الذي تؤلفه الأعمدة الاربعة، ومن المرتقب أيضا في إطار هذه الاعمال إضافة طواحين هوائية والواح شمسية وقنوات لحبس مياه الأمطار، بهدف تحسين اداء البرج على صعيد الطاقة بنسبة 30 %، على ما قال جان برنار بروس، ومن المزمع أيضا تحسين نفاذ الأشخاص الذين يعانون إعاقات طفيفة إلى البرج، بغية تمكينهم من الاستفادة من البرج برمته خلافا للوضع الراهن. بحسب فرانس برس.

وستفتتح قاعة مؤتمرات في أحد أجنحة الطابق، في حين سيرمم المتحف والمطعم والمتاجر في الطابق الثاني، ومن المفترض أن تنتهي هذه الأعمال التي لم يغلق الطابق خلالها في أواخر العام 2013، على أن تبلغ كلفتها الإجمالية 25 مليون يورو من دون احتساب الضرائب، ستمولها بالكامل شركة برج إيفل الجديدة، يعتبر برج إيفل الذي شيد بمناسبة المعرض الدولي في باريس في العام 1889 من المعالم التي يدفع بدل لزيارتها الاكثر استقطابا للزوار في العالم، مع 7,1 ملايين زائر في العام 2011، في مقابل 3 ملايين في مطلع الثمانينيات.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/آب/2012 - 24/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م