جنوب افريقيا... تنمية بشرية متواصلة ونهضة عمرانية لافتة

 

شبكة النبأ: جنوب افريقيا دولة ناهضة في عالم جديد، بعد أن تمكن شعبها من نفض مخلفات العنف بعيدا عن جسده، بسبب وجود القائد النموذج، الذي نبذ اغراءات السلطة وامتيازاتها على الرغم من قضائه اكثر من ربع قرن في سجون النظام الابيض، وهو نلسن مانديلا، القائد السياسي النموذجي الذي تمكن من تخليص شعبه السود والبيض على حد سواء وارتفع بهم جميعا فوق الآلام والاحقاد والضغائن، ليصبحوا شعبا موحدا له الاستعداد التام للتسامح ونسيان الماضي والتطلع الى حاضر ناهض ومستقبل مشرق، ليصبح هذا الشعب الجنوب افريقي من اكثر الشعوب نشاطا وانتاجا وتقدما في مجالات الاعمار والتنمية وترميم او تشييد البنى التحتية والفوقية، لتقف دولة العنف والحروب العرقية النازفة سابقا، احدى ارقى الدول التي تتمتع بالسلام والاستقرار الذي قاد هذا الشعب الى بحبوحة من العيش الرغيد، من خلال انتشار العمالة وتوسع الصناعة والزراعة والاعمار وتوافر فرص العمل للجميع والتخطيط السليم لتنمية بشرية متواصلة وسليمة، مع تنمية في جميع المجالات المادية ويقف الاعمار في مقدمتها، وهكذا تصبح دولة جنوب افريقيا لاسيما مدينة جوهانسبورغ، واحدة من اروع الامثلة على تجاوز المشكلات والتطلع الى الحاضر وتحقيق البناء المجتمعي المنسجم، ولكن بعد توافر عناصر مهمة لتحقيق هذا الهدف، أهمها القائد السياسي الناجح، ممثلا بالشخصية الفريدة (نلسن مانديلا).

جوهانسبرغ

فقد تنفض نهضة عمرانية تشهدها جوهانسبرغ صيتاً سيئاً عن كاهل مدينة اشتهرت في فترة التسعينيات بالقرن الماضي، كونها بؤرة للجريمة والانفلات الأمني، ما دفع لفرار الاستثمارات للخارج، لتصبح عن جدارة مثالاً لدراسة دولية عن كيفية اضمحلال المناطق الحضرية، ومن جديد، تعاود جوهانسبرغ ولادة نفسها بفضل مجموعة من رجال الأعمال الشباب من أعادوا تدريجياً إحياء قطاعات التطوير العقاري والضيافة والترفيهي حولت وسط المدينة لمنطقة زاخرة بالحياة والنشاط، ومن بين تلك المجموعة، المطور العقاري، آدم ليفي، وهو من مواليد المدينة التي غادرها في سن العشرين ليعود إليها عام 2003 حاملاً نيويورك كنموذج لتطبيقه في أحياء بمسقط رأسه كان يحظر الدخول إليها مسبقاً كونها مرتعاً للجريمة، وضمن المشاريع العقارية التي يعمل ليفي على تطويرها مخازن مهجورة إلى مراكز للأعمال الإبداعية تعج بالفن والحياة، وحول النهضة العمرانية بالمدينة التي تعاود النهوض مجددا رغم ماضيها، بسبب مغامرات أمثاله من المستثمرين، قال ليفي: "في المقام الأول عليك أن تؤمن بقدرتك على إحداث تغيير، وأضاف: "هناك الكثير جداً من القصص السيئة عن جوهانسبرغ وجدت طريقها نحو الإعلام، ولذلك لدى العديد من الناس مفهوم سلبي عما يحدث بالمدينة"، لافتاً إلى أزدهار قطاع الترفيه والضيافة بالمدينة مع تقلص معدلات الجريمة تدريجياً. بحسب السي ان ان.

وبدوره، قال زيغي ثابيتي، وهو مالك سلسلة مطاعم وبارات، إنه استوحى الطابع المفعم بالحيوية الذي اتسمت به المدينة إبان فترة السبعينيات لتطبيقه على مشاريعه الجديدة، ونوه: "إذا عدت بالذاكرة للوراء، فالمدينة كانت تنبض بالحياة يوما ما، رغم معاناة الأغلبية من كانت ترزح تحت كاهل التفرقة العنصرية، وأضاف: "أنا سعيد للغاية بنجاحي في جذب كافة الأطياف في مشاريعي.. فهناك الهندي والصيني والأسود والأبيض، إنها بلد ألوان قوس قزح، وتجذب فورة التطور العمراني والأمني السياح إلى جوهانسبرغ، وقال أحد سكانها: "السياح الأجانب بأتون في أفواج كبيرة ويقعون في عشقها.. فهي لم تعد من المحرمات أو الأماكن الخطر دخولها."

المشاريع الانمائية

في سياق متصل فبعد أن تحول وسط جوهانسبورغ إلى مثال حي عن الانحطاط المديني بمبانيه المحتلة وجرائمه المتزايدة، نجح عدد من مطوري العقارات في تنميته لصالح الطبقات الوسطى الجديدة، كانت جوهانسبورغ مدينة يقطنها البيض وتعتبر واجهة جنوب افريقيا في عهد الفصل العنصري، لكنها انهارت في ثمانينات وتسعينات القرن الماضي، فقد انتقلت غالبية مؤسساتها وسكانها إلى ضواح أكثر أمانا ليحل مكانها سكان غالبيتهم من السود اضطروا إلى العيش في مبان مكتظة ومتهالكة يستثمرها في غالب الأحيان تجار يطلبون إيجارات باهظة، وبينما أوشكت المدينة على بلوغ الحضيض في أواخر التسعينات، تأخرت السلطات في التحرك لكنها أنشأت وكالة معنية بالمساحات العامة هي وكالة جوهانسبورغ للتنمية وحولت المركز التاريخي والأحياء المجاورة إلى منطقة تنمية مدينية، وتقول شارون لويس المسؤولة عن الاستراتيجيات في وكالة جوهانسبورغ للتنمية "من بين المشاريع المهمة التي نفذت تحويل المباني التي تضم مكاتب قديمة وشاغرة إلى مبان سكنية قليلة الكلفة تضم شققا صغيرة للايجار"، لكن المشروع الأضخم يقع في حي دورنفونتين على مسافة قريبة من المنازل في وسط المدينة. فقد تم تحويل مبنى مؤلف من 26 طبقة كان يضم في السابق مصرفا، إلى مبنى سكني مؤلف من 924 شقة، بعد أن بقي مهجورا لمدة ست عشرة سنة، والشقق السكنية في هذا المبنى الذي يطلق عليه اسم "120 أند ستريت" ليست فاخرة لكنها مزودة كلها بخط هاتفي وبالانترنت وبالكابل، أما الايجارات فتختلف بحسب المساحة وتتراوح بين 1650 و4500 راند (156 و450 يورو) شهريا. ويشرح بيني بليت رئيس شركة "أفهكو" العقارية التي أسسها سنة 1996، "على زبائننا أن يجنوا بين 350 و1200 يورو شهريا وأن يكونوا مواطنين جنوب افريقيين أو مقيمين دائمين أو أن يملكوا تأشيرة دخول طويلة الأمد"، ويضيف "عندما حولنا مبان مهجورة إلى شقق حديثة للايجار، قدمنا إلى الطبقة الوسطى الناشئة أسلوب حياة نوعيا بأسعار مقبولة"، ومن أعلى المبنى، يستطيع بيني بليت تأمل مملكته. فشركته تدير 62 مبنى أي 3801 شقة و379 متجرا وتستمر في أعمال الترميم، وعلى مقربة من مبنى "120 أند ستريت"، تمكنت الشركة أيضا وبعد ست سنوات من الاجراءات من طرد 2500 شخص كانوا يحتلون معملا للمفروشات. لكن المبنى في حالة مزرية ويحتاج تنظيفه إلى أسابيع عدة، ومن المتوقع أن تقدم الشركة بعد سنة من اليوم غرفا إلى العمال العازبين مزودة بهواتف وأجهزة تلفزيون وانترنت. بحسب فرانس برس.

وتعهدت حوالى عشر شركات عقارية أخرى بتنمية الأحياء في وسط المدينة لتلبية طلبات السكان المرتفعة، ولا سيما السكان العاملين الذين لم يعيدوا يريدون قطع مسافات طويلة للوصول إلى عملهم، وتشير وكالة جوهانسبورغ للتنمية إلى أن القطاع الخاص استثمر في هذا المشروع 18 راندا في السنوات الأخيرة فيما استثمر القطاع العام راندا واحدا فقط، وفي غياب الاحصاءات الرسمية، يقدر المهندس جيرالد غارنر الذي ألف كتابا حول "إعادة ترميم" وسط جوهانسبورغ أن نسبة المباني المرممة في السنوات العشر الأخيرة تتراوح بين الربع والثلث، وبالنسبة إلى الشقق السكنية المتطورة التي يتم ذكرها دائما عند التكلم عن نهضة وسط المدينة، يقول غارنر "عندما نتكلم عن +إعادة ترميم+، نتكلم عن مدينة تستجيب لحاجات سكانها"، وما يميز جوهانسبورغ عن معظم المدن الأخرى التي أعيد ترميمها هو أنها لم تهمش عمالها التابعين للطبقة الوسطى عبر حصرهم في الضواحي.

نواد رياضية

على الصعيد نفسه يتفصد العرق على وجه امرأة ممتلئة بينما تنتقل من آلة رياضية إلى أخرى وتتوقف لبرهة لتحيي المارة في أول ناد رياضي في الهواء الطلق في سويتو في جنوب افريقيا التي تسجل إحدى أعلى نسب البدانة في العالم، ويستقطب النادي الذي أنشئ في متنزه بين بيوت صغيرة مؤلفة من غرفتي نوم، عدد كبير من سكان سويتو العازمين على فقدان وزنهم من دون تكبد تكاليف طائلة في النوادي الرياضية، وافتتحت بلدية جوهانسبورغ منذ شهر هذا النادي الذي يستقبل اشخاصا من كل الأعمار يأتون لرفع الأثقال والتأرجح على آلات رياضية مخصصة للتخلص من الدهون، وتقول شيشي موفوكنغ البالغة من العمر 37 عاما "لم تخطر في بالي يوما فكرة الانتساب إلى ناد رياضي. لكن هذا المكان سهل الأمور علي لأنه قريب من منزلي ومجاني"، وتضيف موفوكنغ وهي أم لولدين تزن 90 كيلوغراما "يمكنني أن آتي إلى هنا متئ شئت. طلب مني الأطباء مرارا وتكرار فقدان الوزن والاعتناء بصحتي وهذه هي فرصتي"، وخلافا للبرازيل وبريطانيا والولايات المتحدة وغيرها من البلدان، فإن النوادي الرياضية في جنوب افريقيا ليست شائعة على الرغم من ضرورة معالجة مشكلة البدانة المتزايدة، وقد افتتحت مدينة الكاب السنة الماضية ناديها الرياضي الأولى المطل على البحر الذي يستقطب سكان الأحياء الراقية على طول الساحل الأطلسي. وتعتزم المدينة افتتاح مزيد من النوادي الرياضية المجانية في مناطق أخرى بهدف تشجيع السكان على الاهتمام بصحتهم. بحسب فرانس برس.

وقد أظهرت بعض الدراسات أن جنوب افريقيا قد تتخطى قريبا الولايات المتحدة من حيث نسبة البدانة. وفي العام 2007، كشف مجلس الأبحاث الطبية أن 56% من النساء البالغات و29% من الرجال البالغين في جنوب افريقيا يعانون من الوزن الزائد أو البدانة، وأظهرت دراسة أخرى أجرتها شركة صيدلانية سنة 2010 أن 61% من سكان جنوب افريقيا البالغ عددهم 50 مليون نسمة يعانون من البدانة، علما أنها أعلى نسبة في العالم بعد الولايات المتحدة وبريطانيا، وتعزي السلطات الصحية هذا الواقع إلى سهولة النفاذ إلى الأطعمة السريعة وغير الصحية، وخصوصا مع انتشار المتاجر في كل الأماكن العامة تقريبا، وإلى تراجع مستويات اللياقة البدنية بشكل عام، ويقول تيم هوجن مدير شركة "غرين آوتدور دجيمز" التي قدمت المعدات الرياضية الصديقة للبيئة إنه قرر التدخل بعد أن قرأ عن نسب البدانة العالية في البلاد، ويضيف "صدمت عند رؤية الأرقام. هدفنا هو أن ندفع الناس إلى ممارسة الرياضة والمحافظة على لياقتهم وصحتهم"، ويتابع "أدركت أنه لا يستطيع الجميع تحمل تكاليف النادي الرياضي وأن ذلك كان العذر الأول لعدم ممارسة الرياضة"، ويقول إن شركته تعتزم افتتاح ألف ناد إضافي في كل أنحاء البلاد في غضون سنتين، يذكر أن الآلات الرياضية الثابتة مصممة خصيصا لتحمل عوامل الطقس الخارجية وكثرة الاستعمال، ويقول شيوا ليتسوال "كما ترون، أنا ممتلئ بعض الشيء ولذلك أريد أن أخسر الوزن وأن أشجع أولادي على الحركة. لم تعد الرياضة حكرا على الميسورين فحتى أمثالنا باتوا قادرين على الاهتمام بلياقتهم البدنية"، ولم تكن سويتو التي تعيش فيها 1,7 ملايين نسمة تضم أي نواد رياضية إلى أن فتحت سلسلة "فيرجين أكتيف" التي يملكها البريطاني ريتشارد برانسون أبوابها هناك في كانون الأول/ديسمبر الماضي.

شركة كولولا

ففي حال كان لديكم طفلان اختاروا الذي تحبونه اكثر من الاخر لمساعدته في البداية! هذا النوع من الاعلانات شائع في طائرات شركة كولولا للطيران باسعار مخفضة التي تراهن كثيرا على تكتيك تسويقي مختلف ومضحك لتفرض نفسها في سماء جنوب افريقيا، وتوضح هايدي برورير مسؤولة التسويق في اول شركة طيران باسعار مخفضة في افريقيا "المرح والنكتة كانا جزءا من هوية كولولا منذ اليوم الاول" مؤكدة في الوقت ذاته "من الجيد ان يكون المرء مرحا لكننا جديون جدا ايضا"، واعتاد الجنوب افريقيون على روح النكتة هذه منذ اول رحلة لشركة كولولا العام 2001، فالركاب يتحولون الى ابطال خارقين في الاعلانات فيما تطلى الطائرات باللون الاخضر مع تعليقات مضحكة مكتوبة على هياكلها، وفي الطائرات اصبحت الاعلانات غير المألوفة لافراد الطاقم علامة فارقة تنسي الركاب ان عليهم ان يدفعوا في مقابل الحصول على فنجان قهوة. فالركاب يتعرضون تارة للتهديد باخضاعهم لفحص خطي في حال لم يهتموا لاجراءات السلامة او يطلب منهم احيانا اخرى الا ينسوا زوجاتهم والاطفال عند المغادرة، وقالت مضيفة طيران بعد هبوط الطائرة "ايها السادة اهلا بكم في مدينة الكاب. يمكنم مغادرة الطائرة بعض لحظات باستثناء الرجل الوسيم الجالس في المقعد رقم 13 ايه فهو مدعو للبقاء!" مما سمح لجميع الركاب الفضوليين ان يدركوا ان لا مقعد رقم 13 في طائرات كولولا، يعلن احيانا عبر المذياع "يسر شركة كولولا ان تعلن انها توظف افضل المضيفات والمضيفين في هذا المجال. للاسف لا وجود لاي واحد منهم معنا في هذه الرحلة!"، وتوضح هايدي برورير "نشجع طواقم الطائرة على ان يتمتعوا بحس مبدع" مقرة ان الشركة واجهت بعض الشكاوى، واصبحت كولولا في غضون عشر سنوات ثاني شركة جنوب افريقية وتسيطر على 20 % من السوق الداخلية مع 2,4 مليون راكب العام الماضي، ويقول ديفيد بلايث المدير العالم لشركة "يلو وود" للاعلانات "انها سوق صعبة للغاية حيث المنافسة شرسة جدا. لقد قاموا بطريقة حذقة بادخال المرح واضفاء جو معين. يشعر الركاب انهم يعاملون كفرد وان اموالهم لم تذهب هدرا"، وتقول برورير "رغم ميزانتينها الصغيرة كان علينا ان نبرز! لم يكن بامكاننا ان نضمن اننا سنقدم افضل الاسعار خصوصا وان الشركة الوطنية سبق ان حطمت الاسعار في الماضي لابعاد اي شركات جديدة تدخل السوق"، واوضحت ان الفكرة كانت في البداية تقوم على البساطة لجذب الزبائن. مع شعار "الان الجميع يمكنه ان يطير!" واسم كولولا" الذي يعني "هذا سهل" بلغة الزولو، الا ان هذه الشركة لم تنطلق من الصفر اذ انها تابعة للفرع المحلي لشركة "بريتش ايرويز" البريطانية. وتدير الشركتين مجموعة "كوم اير" المطروحة اسهمها في البورصة والعاملة في مجال الطيران منذ العام 1946 والتي اشترت بريتيش ايرويز 11 % من رأسمالها، وقد استفادت الشركة الصغيرة بطائراتها الخضراء من الاحداث الراهنة للبروز. بحسب فرانس برس.

فقد تحدت خصوصا الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) النافذ جدا الذي منعها من استخدام عبارة "كأس العالم "في اعلاناتها خلال مونديال 2010 في جنوب افرقيا، فلجأت كولولا الى اعلان تقدم فيه بطاقات سفر مجانية الى كل شخص يدعى سيب بلاتر مثل رئيس الفيفا قبل ان تجعل كلبا يدعى "سيب بلاتر" يسافر في طائراتها. وقد اصبح الكلب هذا نجما على مواقع التواصل الاجتماعي، وقبل فترة اقترحت ان تدفع "لوبولا" اي المهر التقليدي فقا للتقاليد الافريقية الجنوبية ليتمكن الامير وليام من الزواج من كايت مديلتون طارحة هذا السؤال على ركابها "كم بقرة تستحق كايت برأيكم؟"، ويقول ديفيد بلايث ان "المحافظة على الروح المثيرة تحد هائل. خصوصا وان الشركة تواجه مشاكل الان. فعليها مواجهة ارتفاع اسعار الوقود والرسوم في المطارات" في حين ان شركة "كوم اير "المالكة لها كشفت عن اول خسائر لها منذ انشائها، ويختم قائلا "من الصعب الحفاظ على روح النكتة في هذه الظروف".

مضغ العلكة

كما ذكرت الصحافة المحلية في جنوب افريقيا ان شابتين شقيقتين اوقفتا لمدة اربع ساعات من قبل رجال الامن في محطة قطار غوترين في جوهانسبورغ بسبب مضغهما العلكة، وكانت الشابتان تنتظران القطار يوم الاحد وتمضغان العلكة عندما اتى رجل امن وطلب منها الكف عن ذلك، بحسب ما نقلت صحيفة "ذي ستار" اليومية، وسرعان ما ارتفعت حدة النقاش، ولا سيما ان رجل الامن لا يجيد الانكليزية ويتكلم بلغة الزولو، بحسب ما قالت الشقيقتان اللتان وضعت كل منها العلكة في محرمة لأنه لم يكن بجانبهما سلة للمهملات، وروت احداهما للصحيفة "قال الشرطي اننا رفضنا رمي العلكة، وان ذلك سيكلفنا غرامة"، بعد ذلك اوقفت الشابتان اربع ساعات في قاعة، من دون هاتف محمول، ومنعتا من الخروج الى الحمام او الاتصال بذويهما في انتظار وصول الشرطة، وتم الافراج عنهما بعد دفعهما غرامة قدرها 70 يورو، وهو مبلغ كبير في جنوب افريقيا. بحسب فرانس برس.

ولم يعلق المتحدث باسم المحطة على هذا الحادث، واكتفى بالقول لفرانس برس "عادة، عندما يمضغ الناس العلكة، يطلب منهم رجال الامن الالتزام بالقوانين، وعادة ما يكون ركابنا مسرورين بذلك، لكن بعض الناس يكونون احيانا عدوانيين"، وتحظر الانظمة الاكل والشرب والتدخين ورمي المهملات في محطة غوترين التي دشنت في العام 2011.

التنقيب عن الماس

الى ذلك يخفي الرجل بسرعة كيسا بلاستكيا صغيرا في فمه يحوي ماسا عثر عليه في الرواسب الرملية على شاطئ جنوب افريقيا الماسي، ويشرح وهو يدفع الكنز داخل وجنته "هذه خزنتي"، وتنتظر مجموعة المنقبين أن يحل الظلام لينقضوا على منجم مهجور قبالة مخيمهم المتواضع حيث قتل 10 عمال في انهيار ثلجي قبل ثلاثة أشهر، فعمال المناجم غير الشرعيين في جنوب افريقيا مستعدون للمخاطرة بحياتهم في سبيل الحصول على حصة من هذه الثروة المعدنية التي يرتكز عليها اكبر اقتصاد في القارة الافريقية، وفي ما مضى، كانت الشركة العملاقة في مجال الماس "دي بيرز" صاحب العمل الاكبر في منطقة ناماكوالاند حيث تمتد حقول الماس من المحيط الاطلسي إلى الحدود الناميبية، مع ثلاثة آلاف عامل وبلدتين شيدتا خصيصا لموظفيها يضمان قاعات ترفيهية وملعب غولف ومدرسة، غير أنه تم تعليق العمل في مناجمها في العام 2008، وباتت عمليات الشركة في مراحلها الاخيرة في إطار عملية بيع بلغت قيمتها 225 مليون راند (27 مليون دولار) بعد سنوات من التقشف، فقد فرغت المجمعات المنجمية من سكانها بسبب التباطؤ في النشاط، غير أن عدد المنقبين في هذه الحقول التي تم التخلي عنها قد ازداد، وصرح أندي بينار من مكتب الخدمات الاجتماعية في بلدة كوماغاس وهي من البلدات القليلة في المنطقة المنجمية "يمكنني التأكيد أن أكثر من 60 % من اليد العاملة النشطة تشارك في تجارة الماس غير الشرعية"، وختم قائلا إن "المسألة مسألة استمرارية فقط ولا نتكلم هنا عن مستويات عيش رغيد، بل الصمود فقط"، ولا تبدو آثار الثروة الماسية واضحة في كوماغاس حيث الطرقات قذرة والمنازل بالية والكثير من السكان يعولون على المساعدات الحكومية، لكن أحد الشراة الذي ينقب عن الماس مع مجموعة من المنقبين يتشارك معهم الارباح قدر العائدات التي جناها من هذا النشاط الذي بدأه منذ ثلاثة أعوام ب 400 ألف راند، وهو قال "تغيرت حياتي بالكامل، ولا يهمني أن ابحث عن وظيفة الآن، فلا حاجة إليها، علما انني كنت في الماضي أجوب الكاب وجوهانسبورغ بحثا عن عمل"، وأضاف "لست رجلا ثريا، لكن في وسعي إعالة عائلتي كل شهر". بحسب فرانس برس.

تتمتع جنوب افريقيا باحتياطي من المعادن يعتبر من الأكبر في العالم، وفد ساهمت المناجم وصناعاتها المتفرعة في حوالى 20 % من إجمالي الناتج المحلي في العام 2010. ولا تشكل الخسائر الناجمة عن العمل غير الشرعي في المناجم إلا جزءا ضئيلا من هذه الحصة، غير أنها قدرت منذ أربعة أعوام بخمسة مليارات راند، وتعتبر مناجم الذهب المهجورة من اكثر الحقول التي تستقطب المنقبين، غير أن ظروف العمل فيها غير آمنة البتة وهي تشهد حوادث كثيرة، وقد انهارت انفاق على المنقبين في ناماكوالاند، وقال أنونست مابوسيلا الناطق باسم "دي بيرز" إن هذه الأعمال "تؤثر تأثيرا كبيرا علينا، لكن مسألة السلامة المرتبطة بمناجم الماس غير الشرعية هي من أكبر مخاوفنا"، وأضاف "نرغب في أن تفرض عقوبات أشد"، ولا يخضع منقبو ناماكوالاند إلا لغرامة قيمتها 300 راند، في حال ضبطوا في الجرم المشهود، ويقال إنه تم جني "الملايين" من الاتجار بالماس ما بين كانون الثاني/يناير وأيار/مايو قبل الحادث، وأكدت إحدى المشتريات طلبت تعريفها باسم ريسا "هذه مهمة جد صعبة وخطرة. وإذا قاومت، هم مستعدون لقتلك"، غير أن المسألة ليست مسألة أرباح فحسب، إذ ان السكان يعتبرون أيضا أن الاراضي هي ملكهم ولطالما كانت تحت سيطرة البيض منذ وصول اول المنقبين في عشرينات القرن الماضي، وكان الاشراف على موارد البلاد في ظل نظام الفصل العصنري في جنوب افريقيا بين ايدي البيض، وختم بيينار قائلا "دي بيرز تحتل ارضنا ويجب ان تعيدها الينا. لا نريد ان نكون عبيدا على ارضنا بعد الان. جل ما نريد ان نكون عمالا وان نكون مالكين للارض. نريد ان نكون جزءا من عملية اتخاذ القرارات".

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/آب/2012 - 24/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م