سوريا والغرب... البحث في ديمومة الصراع

 

شبكة النبأ: اصبحت التدخلات الخارجية للعديد من الدول في الشأن السوري سمة الرئيسية وهدف اساسي الغرض منه ادامة امد النزاع وتأجيج حدة الصراع الذي اودى بحياة الالاف الضحايا الأبرياء حيث سعت بعض الدول العربية والاقليمية الى تقديم كافة سبل الدعم والرعاية للجماعات المسلحة وبدوافع طائفية مستخدمة كل وسائل الفبركة التظليل الاعلامي لتحشيد الرأي العام العالمي بهدف شرعنه اجرام تلك العصابات. ويرى بعض المراقبين ان الوقائع الحالية تثبت ضلوع تلك الدول بالاشتراك المباشر او غير المباشر في جرائم ابادة بحق ابناء الشعب السوري وهو انتهاك صريح لكل المواثيق والقرارات الدولية وتدخل سافر في القضايا الداخلية للبلدان، وفي هذا الشأن فقد اكدت متحدثة باسم المجلس الوطني السوري المعارض في باريس ان قطر والسعودية تزودان المعارضة السورية بالأسلحة، ولكن المعارضين لديهم اسلحة متطورة تمكنهم من التصدي لقوات النظام السوري. واكدت مسؤولة العلاقات الخارجية في المجلس بسمة قضماني في مقابلة مع اذاعة اوروبا الاولى ان "الثوار على الارض يبحثون جاهدين عن اسلحة من اي مكان". وقالت ان "بعض الدول توفر بعض الاسلحة الخفيفة التقليدية" للمعارضين.

ولدى سؤالها عن هذه الدول، قالت "انها قطر والسعودية وبشكل محدود ليبيا مع ما تبقى لديها بعد انتهاء المعركة لديها. لكننا نعلم ايضا انه مع الحصول على بعض المبالغ ستسعى (المعارضة المسلحة) عبر السوق السوداء، بجميع الوسائل للتزود بما يمكنها العثور عليه".  واشارت قضماني الى عدم توازن القوى في سوريا، فمن جهة يقف "نظام بكامل قواته التي تشمل الطيران ويستعين بطائرات ميغ ضد شعبه" ومن جهة اخرى يقف "جيش حر اي شبان مزودون باسلحة خفيفة وليسوا قادرين فعلا على الذهاب ابعد من المواجهة بهذه الاسلحة ومن انتهاج حرب عصابات في المدن". كما اشارت الى ان المعارضة المسلحة لا تملك "اسلحة اكثر تطورا تتيح لها التصدي للطيران".

وعدت بريطانيا بتقديم المزيد من الدعم غير العسكري للمعارضين السوريين وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج لراديو هيئة الاذاعة البريطانية "لا يعني هذا.. أن نتخلى عن الدبلوماسية.. لا نتخلى عن الدبلوماسية مع روسيا والصين لكننا سنحتاج لفعل أمور أخرى أيضا وقال هيج "سنزيد خلال الأسابيع المقبلة دعمنا العملي غير المميت للمعارضة.. ساعدنا بالاتصالات وبأمور من هذه النوعية وسنساعدهم بشكل أكبر في هذا الموقف بالنظر إلى حجم القتل والمعاناة وفشل العملية الدبلوماسية حتى الان."

في السياق ذاته اكد رئيس الوزراء القطري الشيخ حمد بن جاسم ال خليفة ان مهمة اي موفد دولي جديد في سوريا يخلف كوفي انان يجب ان تكون العمل على انتقال السلطة، لان خطة انان لتسوية النزاع "اخفقت". وقال الشيخ حمد لقناة الجزيرة القطرية ان "مهمة أي مندوب جديد يجب أن تكون العمل على الانتقال السلمي للسلطة في سوريا، وإن أي شخص يخلف كوفي أنان كوسيط دولي بشأن سوريا لا بد أن يتبع استراتيجية جديدة بسبب اخفاق خطة سلام أنان المؤلفة من ست نقاط". بحسب فرنس برس.

واوضح رئيس الوزراء القطري الذي سبق ان دعا الرئيس السوري بشار الاسد مرارا الى التنحي، انه اجرى اتصالات بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون والامين العام للجامعة العربية نبيل العربي وانان لإبلاغهم ان "الجانب العربي لن يقبل بمبعوث مشترك جديد بنفس التفويض الذي كان ممنوحا لانان". وكرر ان "التفويض الوحيد المقبول هو العمل على انتقال سلمي للسلطة في سوريا".

كلينتون تحذر

من جانب اخر قالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون إنه يجب عدم السماح بأن تتحول الأزمة في سوريا إلى حرب طائفية وحذرت من إرسال "عملاء أو مقاتلين إرهابيين" للمشاركة في الصراع. وأضافت في مؤتمر صحفي في بريتوريا عاصمة جنوب إفريقيا "يجب أن نبعث بإشارات واضحة جدا بشأن تجنب حرب طائفية. من يحاولون استغلال الوضع بأرسال عملاء أو مقاتلين إرهابيين يجب أن يدركوا أن هذا لن يكون مقبولا من الشعب السوري في المقام الأول."

وأدلت وزيرة الخارجية الامريكية التي تقوم بجولة في افريقيا بهذه التصريحات في الوقت الذي تحاصر فيه القوات الحكومية للرئيس السوري بشار الاسد مقاتلي المعارضة في حلب أكبر مدينة في البلاد. ولم تفصح كلينتون عن تفاصيل بشأن إشارتها الى "عملاء او مقاتلين ارهابيين" ولم تسم أي بلد أو جماعة. لكن الحرب المتصاعدة في سوريا أدت الى تقسيم المنطقة على نحو مطرد على اساس طائفي اذ يقف مقاتلو المعارضة الذين يغلب عليهم السنة وتدعمهم قوى إقليمية يقودها السنة مثل تركيا ودول الخليج العربية في مواجهة حكومة الأسد التي تدعمها ايران الشيعية. وأكدت ايران للرئيس السوري انها تعتبر بلاده شريكا حيويا.

ومع تعويق الفيتو الروسي والصيني بشكل فعلي التحرك بشأن سوريا في مجلس الامن تعهدت الولايات المتحدة وحلفاؤها بزيادة الدعم السياسي للمعارضة السورية. وقالت كلينتون ان بلادها لاحظت باهتمام انشقاق رياض حجاب رئيس وزراء الاسد الذي فر من بلاده وانشقاق حجاب وهو من الاغلبية السنية. وقالت كلينتون "هذا هو احدث انشقاق في سلسلة انشقاقات من هذا النوع والمعارضة تزداد تنسيقا وفاعلية لنشاطها. يتردد الان انها تسيطر على الاراضي الواقعة من شمال حلب حتى الحدود التركية" مضيفة ان المعارضين استولوا ايضا على أسلحة من الحكومة ومن بينها دبابات.

وقالت كلينتون ان مكاسب المعارضة مع تفتت بعض الدعم للأسد جعل من الضروري بالنسبة للعالم العمل على التخطيط لسوريا بعد الأسد. واضافت "يمكننا ان نبدأ الحديث عما سيحدث بعد ذلك اليوم التالي لسقوط النظام والتخطيط له لن اضع حدا زمنيا لذلك فهذا أمر لا يمكنني التكهن بموعد حدوثه لكنني اعرف انه سيحدث. "يجب أن نجد وسائل للإسراع باليوم الذي تنتهي فيه اراقة الدماء ويبدأ الانتقال السياسي... يجب ان نضمن بقاء مؤسسات الدولة سليمة." وقالت وزيرة الخارجية الامريكية انها ستناقش التحديات التي تواجه سوريا مع تركيا. وتركيا منتقد شديد للأسد كما ناقشت كلينتون الازمة السورية مع نظيرتها الجنوب افريقية مايتي نكوانا ماشاباني التي عبرت بلادها عن شكوك بشأن المسعى الامريكي لفرض عقوبات دولية مشددة على الاسد. بحسب رويترز.

وانضمت جنوب افريقيا الى باكستان في الامتناع خلال احدث تصويت لمجلس الامن على عقوبات محتملة على دمشق قائلة ان مشروع القرار غير متوازن لأنه يستهدف الحكومة وحدها دون المعارضة. وفي هذا تكرار للشكاوى الصينية والروسية. وقالت نكوانا ماشاباني في المؤتمر الصحفي في بريتوريا ان جنوب افريقيا لا يمكن ان تدعم إلا حلا "مصنوعا في سوريا" للازمة بلا تدخل خارجي. واضافت "موقف جنوب افريقيا كان دائما ولا يزال هو ان اراقة الدماء مهما زادت لا يمكن ان تحل محل الحل السياسي."

الى جانب ذلك استبعد وزير الدفاع الالماني توماس دي ميزيير مرة اخرى احتمال التدخل العسكري في سوريا، وقال ان فشل الجهود الدبلوماسية لوقف العنف الدموي في سوريا يجب ان لا يؤدي الى اتخاذ قرار بالتدخل العسكري. وصرح الوزير الالماني لصحيفة "فيلت ام تسونتاغ" ان قرار كوفي انان الاستقالة من منصبه مبعوثا عربيا ودوليا لسوريا لم يغير موقف المانيا بشان ارسال جنود الى البلد الذي يشهد اضطرابات منذ 17 شهرا.

واكد في مقابلته مع الصحيفة ان "فشل الدبلوماسية يجب ان لا يؤدي تلقائيا الى بدء الخيار العسكري". وقال ان استمرار عمليات القتل في سوريا "يبعث على الاحباط" مع عدم القدرة على التحرك المباشر لوقف تلك العمليات. ويقول نشطاء سوريون ان اكثر من 20 الف شخص قتلوا في العنف المستمر. الا ان الوزير قال ان على المانيا تقديم المساعدة بطرق اخرى من بينها تقديم المساعدة الانسانية للسوريين والدعم اللوجستي لعناصر المعارضة السورية الذين يتبنون نهجا ديموقراطيا. بحسب فرنس برس.

من جهته، اعتبر وزير الخارجية الالماني غيدو فسترفيلي في مقابلة مع صحيفة بيلد ان "من سيخلف كوفي انان يحتاج الى تفويض قوي من جانب المجتمع الدولي والى دعم ضروري من مجلس الامن". واعتبر فسترفيلي ان "خطة كوفي انان للسلام تبقى القاعدة الافضل لوضع حد لأعمال العنف واطلاق حل سياسي". وذكر المعهد الالماني للشؤون الامنية والدولية الذي مقره برلين انه يعمل مع نحو 50 معارضا سوريا على وضع خطط للانتقال الديموقراطي لفترة ما بعد الاسد.

منطقة طيران محظور

في السياق ذاته قال مسؤول رفيع في حكومة الرئيس الأمريكي باراك أوباما إنه ليس مستبعدا في نهاية الأمر فرض منطقة طيران محظور فوق جزء من سوريا يبدو على نحو متزايد انه تحت سيطرة المعارضة المناهضة لحكومة بشار الأسد. وكان بعض المنتقدين الجمهوريين لأسلوب أوباما في معالجة الأزمة السورية قد طالبوا بتفويض دولي لفرض منطقة حظر الطيران لمنع الطائرات الحربية السورية من القيام بعمليات فوق مناطق معينة وكذلك بتسليح مباشر بدرجة أكبر لقوات المعارضة التي تسعى للإطاحة بالرئيس الأسد.

وترفض الولايات المتحدة حتى الآن تقديم أسلحة بشكل مباشر إلى المعارضة المتشرذمة ويقول مسؤولون أمريكيون انه من الصعب تحديد هوية الفئات ومن تمثله. وركزت واشنطن بدلا من ذلك على المعونات الإنسانية ومعدات الاتصالات وغيرها من أشكال المساندة غير المميتة. وقال جون برينان كبير مستشاري أوباما لمكافحة الإرهاب "تدرس الولايات المتحدة دوما المواقف لتتبين نوع السيناريوهات التي قد تتكشف عنها وبناء عليه تدرس بعد ذلك نوع خطط الطوارئ التي قد تكون متاحة لمعالجة ظروف معينة."

واضاف قوله ان هناك خيارات مختلفة يجري الحديث عنها في وسائل الإعلام ويلقى بعضها تأييدا. وقال "ان هذه أمور تدرسها الحكومة الأمريكية بعناية شديدة محاولة تفهم انعكاساتها ومحاولة تفهم المحاسن والمساوئ." وسئل برينان خلال جلسة في مجلس العلاقات الخارجية بشكل محدد أكثر عن منطقة الطيران المحظور فرد بقوله "لا أذكر أن الرئيس قال إن شيئا ما مستبعد." جاءت تصريحات برينان مع قيام حكومة اوباما بزيادة مساندتها للمعارضين السوريين وتسريعها للتخطيط لما بعد الأسد في سوريا.

ومع ذلك فإن الولايات المتحدة تتوخى الحذر من أن تتورط في صراع عسكري آخر وهي تسعى إلى أن تنفض يديها من الحروب في العراق وأفغانستان. وقال برينان دونما إسهاب "لقد فعلنا عدة أشياء لمساندة المعارضة. والكثير من المساعدات الإنسانية يجري هناك. وما نريد فعله هو أن نتأكد من أننا نفهم على وجه الدقة من الذين سيتلقون اي نوع من المساعدات." واضاف برينان قوله انه مع أن القاعدة ستسعى إلى استغلال الوضع في سوريا "فإنه عند النظر إلى المعارضة السورية ككل نجد أن الغالبية العظمى منها ليست على غرار القاعدة. إنهم سوريون يحاولون حقا السيطرة على حياتهم ومستقبلهم." وبحسب بعض المراقبين فهذا تأكيد مباشر من قبل امريكا على وجود تنظيم القاعدة في سوريا

ويذكر ان الجمعية العامة للأمم المتحدة قد وافقت بأغلبية ساحقة على قرار يدين الحكومة السورية ويطالب بانتقال سياسي في سوريا التي تشهد انتفاضة بدأت قبل 17 شهرا ضد حكم الرئيس بشار الأسد. ووافقت الجمعية المؤلفة من 193 دولة على مشروع القرار الذي أعدته السعودية ويعبر عن "القلق البالغ" لتصاعد العنف في سوريا. وأيدت 133 دولة القرار في حين عارضته 12 دولة وامتنعت 31 دولة عن التصويت. وشاركت عشرات الدول بينها دول غربية في رعاية القرار.

وكما كان متوقعا كانت روسيا الحليف القوي للأسد بين الدول الاثني عشر التي صوتت ضد القرار في الجمعية العامة حيث لا تملك اي دولة حق النقض لكن القرارات غير ملزمة. ومن بين الدول الأخرى التي عارضت القرار الصين وايران وكوريا الشمالية وروسيا البيضاء وكوبا ودول أخرى دائما ما تنتقد الغرب. ولم تشترك بعض الدول في التصويت.

وقال القرار ان الجمعية العامة "تأسف لفشل مجلس الأمن في الاتفاق على إجراءات لضمان اذعان السلطات السورية لقراراته." ويدعو أيضا إلى "انتقال سياسي يشمل الجميع ويقوده السوريون إلى نظام سياسي ديمقراطي وتعددي". وعبر القرار عن "القلق من تهديد السلطات السورية باستخدام أسلحة كيماوية أو بيولوجية". وتلوم الولايات المتحدة والقوى الغربية روسيا بسبب الأزمة في مجلس الأمن. واستخدمت روسيا والصين حق النقض للمرة الثالثة لأسقاط مشروع قرار بشأن سوريا يدعو إلى انهاء العنف ويهدد دمشق بعقوبات. وضم القرار الذي اصدرته الجمعية أجزاء كثيرة من مشروع القرار الأخير الذي تم نقضه بمجلس الأمن.

وتلقي روسيا باللوم في الأزمة بمجلس الأمن على الغرب وتتهمه بدعم وتشجيع المعارضة.

وانتقد فيتالي تشوركين مبعوث روسيا بالأمم المتحدة القرار واعتبره "ضارا". واضاف "خلف واجهة الخطاب الانساني ينطوي القرار على دعم صارخ للمعارضة المسلحة التي يدعمونها ويمولونها ويسلحونها بشكل نشط". ورحبت سوزان رايس سفيرة الولايات المتحدة بالأمم المتحدة بالقرار. وقالت "رغم استمرار المعارضة من جانب قلة تزداد عزلة من الواضح أن الأغلبية الساحقة من أعضاء الأمم المتحدة تقف بقوة مع الشعب السوري في سعيه لتحقيق طموحاته المشروعة."

وقال سفير بريطانيا بالأمم المتحدة مارك ليال جرانت للصحفيين عقب التصويت إن "أغلبية كاسحة" أيدت القرار الذي تم تعديله لحذف عبارات تدعم بوضوح دعوات الأمم المتحدة للأسد إلى التنحي وتحث الدول على تطبيق عقوبات على دمشق. لكن قرار الجمعية العامة رغم ذلك يرحب بقرار للجامعة العربية يدعو الأسد للتنحي دون أن يذكر تفاصيل ذلك القرار. وقال دبلوماسيون في الأمم المتحدة إن تلك التعديلات ضمنت تأييد عشرات الدول التي ربما كانت ستعارض القرار بدونها.

وقال السفير السعودي عبد الله المعلمي إن عدد الأصوات المؤيدة فاق كل التوقعات. ورحب السفير الفرنسي جيرار ارو رئيس مجلس الأمن هذا الشهر بالموافقة على القرار لكنه قال إن من المؤسف أن المجلس عجز عن التحرك مثل الجمعية العامة. وقال "وصل مجلس الأمن إلى طريق مسدود. لا أرى كيف يمكننا المضي قدما بشأن هذه القضية."

وقال السفير السوري بشار الجعفري بعد التصويت إن الاجتماع كان "مسرحية أخرى" نظمها رئيس الجمعية العامة القطري ناصر عبد العزيز النصر تنفيذا لجدول اعمال بلاده. وتؤيد السعودية وقطر المعارضة المسلحة الساعية للإطاحة بالأسد. وكرر الجعفري اتهامات بلاده للدولتين بتسليح المعارضة معتبرا أن قرار اليوم ليس له أي تأثير. بحسب رويترز.

وفال دبلوماسيون غربيون إن أحد الأسباب المهمة لتبني قرار غير ملزم بالجمعية العامة هو فضح روسيا والصين لمعارضتهما قيام مجلس الأمن بتحرك صارم ضد حكومة الأسد. وقال دبلوماسي في الأمم المتحدة "هذا التصويت يسلط الضوء على روسيا والصين ويكشفهما بشكل لا يروق لهما." ويقول دبلوماسيون إن الصين تدعم موسكو في مقابل تعهدات روسية بدعم بكين في قضايا مثل كوريا الشمالية وتايوان بالأمم المتحدة.

عواقب وخيمة

من جانب اخر حذر وزير الدفاع الايراني احمد وحيدي الذي تعتبر بلاده حليفة سوريا الرئيسية ان تسليح المعارضين السوريين ستكون له "عواقب وخيمة في المنطقة". وصرح وحيدي "ستشهد المنطقة أزمة كبرى اذا دخلت قوات اجنبية موجودة حاليا سرا في سوريا على الساحة" وتدخلت عسكريا. وتابع ان "الخاسرين في هذه الازمة سيكونون الغربيون والدول المؤيدة للصهيونية". وتتهم طهران ودمشق غالبا تركيا ودول الخليج ولا سيما السعودية وقطر بتمويل وتسليح المعارضة في سوريا بالتواطؤ مع الولايات المتحدة واسرائيل للإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الاسد الذي يشكل حليف طهران الرئيسي في المنطقة.

وتابع "من البغيض ان بعض الدول. اغرقت سوريا بالأسلحة لتجهيز مجموعات ارهابية. ستكون لذلك عواقب وخيمة على المنطقة" على ما نقل موقع التلفزيون الرسمي على الانترنت. واعتبر ان "العدو يريد اقامة توازن قوى جديد بين النظام الصهيوني (اسرائيل) ودول اسلامية في المنطقة عبر استبعاد سوريا من جبهة مقاومة (اسرائيل). لكن هذا لن يحصل".

وصرح امين عام الامم المتحدة بان كي مون ان الازمة السورية باتت "حربا بالوكالة يعمد فيها لاعبون اقليميون ومحليون الى تسليح هذا الطرف او ذاك". وتنفي طهران ارسال قوات لمساعدة نظام الاسد. واكد الوزير الايراني ان بلاده "ليست لديها قوات مسلحة في سوريا والحكومة السورية لم تقدم طلبا كهذا". وتابع ان "سوريا لديها جيش قوي ودعم شعبي. السوريون قادرون على التعامل مع المغامرات التي بدأها اجانب على اراضيهم".

على صعيد متصل اعلنت وزارة الخارجية الروسية ان روسيا "قلقة جدا من التطور الخطير" للوضع في سوريا، ودعت الى فعل "كل ما يمكن فعله لوقف سفك الدماء" في هذا البلد. وقالت الوزارة في بيان ان "موسكو قلقة جدا من التطور الخطير للوضع في سوريا واستمرار اعمال العنف والاستفزازت الرامية الى توسيع نطاق النزاع وزيادته وحشية". واضاف البيان ان "معاناة المدنيين السوريين لا تنفك تزداد"، وان الحياة في حلب (شمال)، ثاني كبرى مدن البلاد وعاصمتها الاقتصادية، "مشلولة جزئيا" بسبب المعارك العنيفة التي تشهدها بين القوات النظامية ومقاتلي المعارضة.

وفي هذا السياق قالت الوزارة "نحن نعتبر انه من المهم جدا فعل كل ما يمكن فعله لوقف سفك الدماء وقتل الابرياء" في سوريا. وقتل اكثر من 20 الف شخص في سوريا منذ انطلاق حركة الاحتجاج ضد النظام في اذار/مارس 2011 بحسب المرصد السوري لحقوق الانسان. وموسكو التي تدعو الى تسوية سياسية للنزاع حذرت السبت من خطر وقوع "مأساة" في حلب، ثاني مدن سوريا.

وقالت الوزارة ان روسيا "قلقة" ايضا لمعلومات افادت عن تلقي مقاتلي المعارضة اسلحة ثقيلة من الخارج خصوصا منظومات مضادات للطيران واعربت عن خشيتها من استخدامها "ضد اهداف مدنية". وتابعت الوزارة ان "مساعدة ودعم المعارضة المسلحة يتناقضان مع القرارات التي تم تبينها بالاجماع في مجلس الامن الدولي ولخطة انان" التي تدعو الى "تسوية سلمية للنزاع وليس الى تشجيع الاعمال الدموية للمجموعات المسلحة السورية الخارجة على القانون".

وكانت موسكو اعتبرت انه "من غير الواقعي" تصور ان تبقى الحكومة السورية مكتوفة الايدي فيما يحتل مسلحون معارضون المدن الكبرى. وترفض روسيا اتهامها بدعم نظام بشار الاسد مؤكدة انها تعتمد نهجا متوازنا. وتنتقد موسكو الغرب لانحيازه الى جانب مقاتلي المعارضة، وقد سبق لها ان استخدمت مع بكين ثلاث مرات حق النقض لمنع صدور قرارات عن مجلس الامن الدولي تدين النظام السوري او تهدده بعقوبات. ويبدو ان روسيا اخذت في الاسابيع الماضية مسافة من نظام الاسد من دون ان تغير موقفها المعارض مبدئيا لسياسة التدخل في ازمة تعتبرها "داخلية".

في السياق ذاته تصل سفن حربية روسية الى مرفأ طرطوس القاعدة البحرية الروسية الوحيدة في الشرق الاوسط، كما افادت مصادر في هيئة أركان القوات المسلحة الروسية. ونقلت وكالات الانباء الروسية عن هذه المصادر ان السفن التي تجري مناورات في البحر المتوسط، سترسو في المرفأ السوري للتزود بالماء والغذاء. واضافت "ستدخل سفننا (مرفأ) طرطوس للتموين. ستمضي بضعة ايام قبل ان تتجه نحو شمال شرق المتوسط" في طريق عودتها الى روسيا.

من جهتها اكدت وزارة الدفاع الروسية في بيان ان هذه السفن لا تنوي حاليا التوقف في طرطوس لأنها تملك المؤن الكافية على متنها من دون ان تستبعد التوقف في هذا المرفأ السوري اذا تم تمديد فترة المناورات. وكانت روسيا نفت ان تكون المناورات مرتبطة بالوضع في سوريا، البلد الذي تزوده موسكو بالأسلحة.

كما انكرت المعلومات التي تحدثت عن استخدام هذه السفن لنقل السلاح الى نظام الرئيس بشار الاسد. ووفق خبراء عسكريين روس، قد تكون موسكو تستعد لأجلاء رعاياها من سوريا، حيث عاودت القوات النظامية قصفها لأحياء يتحصن فيها المتمردون قرب دمشق وفي حلب.

ورفضت الصين الانتقادات التي وجهت الى موقفها من سوريا واتهمت عددا من الدول بنسف خيار الحل السياسي وصرح المسؤول الرفيع في الخارجية الصينية وانغ كيجيان "اكدنا عدة مرات لمختلف الاطراف ان مطالب وتطلعات الشعب السوري من اجل التغيير والدفاع عن مصالحهم المشروعة تستحق الاحترام". وتابع ان "الصين تتخذ موقفا ايجابيا ومنفتحا". بحسب فرنس برس.

واضاف وانغ ان "الدول التي توجه انتقادات بلا اساس حول الموقف الصيني من سوريا وتدافع عن مصالحها الجيوستراتيجية تسعى الى عرقلة او حتى نسف الحل السياسي للنزاع. كما تحاول في الوقت نفسه تحميل دول اخرى مسؤولية الصعوبات". واقرت الجمعية العامة للامم المتحدة الجمعة قرارا رمزيا غير ملزم على عكس القرارات الصادرة عن مجلس الامن الدولي ويندد بشكل خاص بقصف القوات النظامية السورية للمناطق التي تسيطر عليها المعارضة. واقر القرار بموجب 133 صوتا مع رفض 12 دولة منها روسيا والصين.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 13/آب/2012 - 24/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م