البطالة في العراق وامتيازات مجلس النواب

 

شبكة النبأ: المقارنة بين ترف البرلمانيين العراقيين من جهة، والبطالة والفقر وكثرة التسول وانعدام الخدمات، أمر لابد منه، لفضح عقلية النواب التي لا تفكر بالشعب، بالاضافة الى انهماكهم بمصالحهم وحماية مصالح احزابهم وكتلهم وقادة كتلهم، لا لشيء سوى حماية مصالحهم الشخصية، وليس من الغريب ان تسود بين العراقيين رغبة للترشيح الى مجلس النواب ومجالس المحافظات، ليس من اجل خدمة الناس بل من اجل الامتيازات العالية التي يحصل عليها النائب، مثل الرواتب الخيالية والمخصصات ورواتب الحمايات... الخ، فيما يئن فقراء الشعب تحت وطأة الجوع والاضطرار للتسول.

وهنا نتساءل هل يجوز للنائب هذه الامتيازات مع الفقر الذي تعيشه طبقة واسعة من الشعب؟ مع بطالة تحصد احلام مئات الآلاف من الشباب وتدفعهم الى الهجرة؟، ثم نتساءل ألا يعرف البرلماني ما هي مسؤولياته ازاء الشعب الذي انتخبه؟.

إن واقع الحال يشير الى عدم وعي النواب بمسؤولياتهم، وقد طالعتنا بعض وسائل الاعلام بتحذير وزارة التخطيط من البطالة المتزايدة في العراق على نحو مخيف، وظهر بموازاة هذا الخبر، خبر آخر يقول أن رواتب ومخصصات اعضاء مجلس النواب العراقي بلغت في خمسة شهور فقط (81) مليار دينار وأكثر، علما أن هذه الرواتب حصل عليها النواب مقابل جلسة واحدة لم تتجاوز (17) دقيقة، أي أنهم استلموا هذه المبالغ الطائلة من دون أن يؤدوا عملهم وواجباتهم التي تشرّع لهم استلام هذه الاموال وسبق للمرجعية الدينية أن انتقدت تصاعد مخصصات ورواتب النواب العراقيين، وكان احد المراجع قبل شهور قد أكد عدم أحقية استلام هذه الرواتب من لدن النواب وألزمهم  بالعمل مقابل الاجر، أو عدم استلام الرواتب والمخصصات (للشهور الاولى من هذه الدورة حيث لم يجتمع البرلمان لتأخر تشكيل الحكومة) علما انها رواتب لم تعرف مثلها برلمانات العالم المتقدمة والنامية والمتخلفة ايضا، خاصة اذا علمنا ان راتب النائب المصري حسب مصادر اعلامي هو (400دولار امريكي(!!.

وقد أعلنت وزارة المالية سابقا  عن حصول العراق على قرض قيمته (3) مليار دولار من صندوق النقد الدولي، والمعروف أن هذه الصندوق يفرض شروطا محددة على الدول التي يتم إقراضها ومنها رفع الدعم المالي عن بعض السلع التي يحتاجها غالبية الناس كالبنزين وغيره، وقد تداول الشارع نوايا الجهات الحكومية المعنية بزيادة سعر البنزين في العراق إلتزاما بالتعهدات التي قُطعت لصندوق النقد الدولي، اذن المفارقة هنا واضحة، إنها مؤلمة وقاسية في آن، النواب تتضاعف مخصصاتهم من دون عمل يقومون به (الشهور الاولى لهذه الدورة)، أي أنهم يحصلون على أموال طائلة بقوة القانون والشرعية الزائفة من دون مقابل، في وقت يفقد الفقراء والضعفاء من الشعب فرص العمل وتتزايد البطالة وتصبح لقمة الخبز كأمنية بعيدة المنال، ووسط هذا المشهد تستدين المالية ثلاثة مليارات دولار من صندوق النقد الدولي لكي تكبل نفسها بقرارات تؤذي الفقراء قبل غيرهم، ومع ان الفقير في الغالب لا يملك سيارة، لكن زيادة وقود السيارات ستنعكس على اسعار عموم السلع لاسيما الغذائية والخضر بسبب زيادة اسعار النقل.

لذا لابد من اجراء مراجعة شاملة ومخلصة لما يحدث، لابد أن يتنّبه القادة لما يدور في ساحة الاقتصاد مثلما هم مهتمون بالسياسة، فالمركب لا تقوده السياسة وحدها، هناك ملايين الافواه والبطون التي تحتاج الى الطعام، والاخير لا يأتي من دون توفير فرص العمل، وهذه لا تتحقق في الرواتب المليارية للنواب وغيرهم من قادة الدولة، وعلى جميع المسؤولين أن يتفهموا بعمق وضمير ما يدور في الساحة جهارا نهارا، المركب ينحدر الى الاعماق وقد يغرق ويُغرق معه الجميع، لذا مطلوب حلول سريعة بل فورية ولكن ليست عشوائية بل مخطط لها، إنقذوا الفقراء من فقرهم وجوعهم الذي نشاهده يوميا في تقاطع الطرقات والشوارع والساحات العامة، بل امتد الامر ليصل الى ابواب البيوت، نعم عدد ملحوظ من المحتاجين باتوا يطرقون الابواب على اهلها ليحصلوا على ما يسد رمقهم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 12/آب/2012 - 23/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م