هل يبصق الأتراك في وجه أردوغان؟

هادي جلو مرعي

يبدو الوقت مبكراً لمثل هذا الأمر لكن الوقائع تشير الى إنه بات في الطريق.

 السيد رجب طيب أوردوغان وحماره المستكين وزير خارجيته هللا كثيرا لمشروع (الشعب يريد إسقاط النظام) في ليبيا ومصر، وتقربا من تونس واليمن، وها هما يندفعان جهة المنحدر السوري بقوة بغل هائج يكاد يرمي بنفسه من جبل شاهق لمجرد إحساسه بالمهانة بعد جهد وعناء بذله دون جزاء يذكر.

 هما يسرعان في طريق محفوف بالمخاطر التي قد تؤدي الى تقسيم تركيا خاصة في المرحلة الحالية التي تشهد تدخلا تركياً غبياً في الملفين العراقي والسوري مع محاباة حمقاء لقيادة الكرد في أربيل التي إستغفلتهم، وفي خضم الهياج الذي سيطر على الروح التركية مرر السيد مسعود بارزاني قطع السلاح الكافية لمساندة أبناء قوميته في شمال شرق سوريا الذين إستثمروا الخبث الذي عليه النظام السوري حين سحب قواته من تلك المناطق المحاذية لتركيا نكاية بهوس حكومة أنقرة في إتخاذ موقف غاية في التشدد من الرئيس الأسد، حيث يتواصل عبور المسلحين والأسلحة الى المجلس الوطني للأكراد السوريين من مناطق ومعابر في الشمال العراقي وخاصة منطقة الخابور الأمر الذي ساعد الأكراد السوريين في السيطرة شبه الكاملة على مناطق وجود البترول السوري كما الحال في الحسكة التي تحتفظ بثروة نفطية وهي شبيهة في واقعها لكركوك بإستثناء إن المدينة العراقية تتنازعها إرادات الأكراد والأتراك والعرب القاطنين فيها.

ربما لم يكن أوردوغان يتوقع سيطرة الكرد على الشمال السوري المحاذي لحدوده إذ سيوفر ذلك عمقاً حيوياً للجماعات الكردية المقاتلة في جنوب تركيا وهو إضافة جديدة لدعم قديم يوفره شمال العراق لحزب العمال ما يعني زيادة في حجم المصاعب التي ستواجه أنقرة في المستقبل القريب حين تجد إنها في مواجهة مفتوحة مع ثلاث جبهات (في جبهة واحدة) تمتد من الساحل السوري بمحاذاة الحدود التركية، مروراَ بمناطق وجود الأكراد على الجانب التركي وصولا الى إقليم كردستان العراق حيث يتحصن مسعود بارزاني في منتجع خارج العاصمة أربيل حالما بدولة كردستان وبالفرصة التاريخية التي توفرت له بعد صبر وعذاب عقود من الزمن وكفاح جبار من أيام والده الأولى، الفرصة تلك توفرت نتيجة حمق وعنت وأخطاء النظامين السوري والعراقي السابقين ومعهما نظام رجب طيب أوردوغان الذي كان بإمكانه تجنب الغول الكردي في الشمال السوري لو إنه إتبع سياسة متوازنة، ولما كان وصل الى مرحلة الإستجداء السياسي والذي تمثل بزيارة حاسمة قام بها وزيره أوغلو الى أربيل هدد فيها البارزاني من إستمرار دعمه لأكراد سوريا، وإعلان أن قيام تكوين شبيه لما في شمال العراق يجمع الأكراد سوف يكون عرضة لفيتو نهائي من أنقرة مذكراً بأن كركوك ليست كردية بل هي لكل العراقيين.

وهو موقف ليس بالجديد فلطالما أعلنت تركيا رفضها لتقسيم العراق وإستقلال كردستان وضم كركوك إليها خاصة مع شعور قومي طافح بعائدية المدينة للقومية التركمانية ويعاضده الآن موقف جديد يدعو الى حماية سوريا من التشظي بعد إدراك عميق لما يمكن أن تمضي إليه الأمور في هذا البلد خلال الأسابيع والأشهر المقبلة.

كردستان العراق. وكردستان سوريا. ثم كردستان تركيا.. وربما إيران. يا إلهي إنها دولة لا بد أن يكون المقابل لقيامها تمزيق الدول الأربع تلك (تركيا، إيران، العراق، سوريا) حينها سيبصق الأتراك في وجه من مارس الرعونة بأعلى مستوياتها في إطار تعامله مع المتغيرات الكبرى وجعلهم يدفعون ثمناً لم يكونوا ليتصوروه من أيام اتاتورك، وهو تمزيق بلادهم سليلة السلاطين.

 حينها لن يكون الباب عالياً وسيغفز من فوقه الجميع.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 6/آب/2012 - 17/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م