رجل يعطي المشردين صوتًا في شهر رمضان

 

شبكة النبأ: كما هو دأب إخوانه من المسلمين من مختلف أخاء العالم، من المقرر أن يمضي يوسف رامليز، أحد سكان مدينة نيويورك، أيام شهر رمضان في الصيام، والصلاة، والقيام بالأعمال الخيرية. إلا أنه، وللعام الرابع على التوالي، سوف يكرس ردحًا من وقته لمساعدة المحتاجين بطريقة فريدة من نوعها وجديدة: وهي أن يجرب العيش في الشوارع لأسبوع واحد بهدف الحصول على فهم أفضل لمحنة المُشرّدين.

ففي عام 2009، علم رامليز من المصادر الإعلامية أن أعداد المشردين في مدينة نيويورك تتزايد بمعدلات تنذر بالخطر: في ذلك الوقت كان هناك 30 ألف مُشرّد و10 آلاف عائلة ينامون في المأوى المخصص للمشردين في المدينة كل ليلة. أدرك بأنه يرغب بمساعدة المُشرّدين، الذين كان العديد منهم قد فقدوا وظائفهم مؤخرًا ودفعت بهم الأزمة الاقتصادية إلى الشوارع، ولكنه قرر أن يستعين بمواهبه كمدير إنتاج وكمصمم للفنون التخطيطية لابتكار نهج جديد في معالجة مشكلة التشرّد، قال رامليز، "كانت وسائل الإعلام تتحدث عن مدى تزايد التشرّد، ورغبت بمجرد القيام بشيء حيال ذلك، كما تعلم" وأضاف، "بصفتي مصممًا للفنون التخطيطية وما إلى ذلك، أردت القيام بشيء حيال ذلك بأسلوب أكثر ابتكارًا يمكنه لفت انتباه الناس بطريقة ما"، ولكن رامليز استلهم فكرة مساعدة المشرّدين من عقيدته الإسلامية أيضًا، حيث أكد أن تقديم المساعدة لمن هم أقل حظًا يتوافق تمامًا مع روح شهر رمضان، ولفت رامليز إلى أن "السبب وراء صيام المسلمين هو تمكينهم، كما تعلم، من التضحية بالطعام للتمكن من الإحساس الفعلي بما يعنيه الجوع". وأردف، "فبالإضافة إلى التوقف عن الأكل، أعني، أن إحدى أبرز الأمور المرتبطة بشهر رمضان هو العطاء"، ولمّا كان يهدف إلى زيادة الوعي، فقد قرر رامليز قضاء أسبوع واحد خلال شهر رمضان من كل سنة في العيش في الشوارع وتوثيق تجاربه مع الناس المُشرّدين، وذلك في سبيل جمع الأموال لمؤسسة خيرية محترمة مكرسة لمساعدة الذين لا يمتلكون منازل. وأسس أيضًا الموقع الإلكتروني HomelessForOneWeek.com (مشرد لأسبوع واحد) يفيد كمنتدى لجمع الأموال وعرض المقابلات مع الناس المُشرّدين، أدت إقامة رامليز الأولى في الشوارع خلال آذار/مارس 2009، إلى فتح عينيه على المصاعب التي يتحملها المُشرّد. وكي يهرب من البرد والثلوج، كان ينام في شبكة قطارات الأنفاق في المدينة وكان يقضي جل أيامه في توزيع مناشير بعنوان "مشرد لأسبوع واحد"(Homeless for One Week) حول مبادرته أمام محطة القطارات في يونيون سكوير، وأفاد رامليز "قررت السير على خُطى المُشرّدين لمدة أسبوع وتوثيق ذلك كي أوفر للناس تبصرًا حول كيف تكون حال الإنسان الذي يعيش في الشوارع، وكيف يكون عليه أن يقلق حول المكان المقبل الذي سينام فيه، وحول سلامته".

وشرح رامليز أنه بعد قضاء بضعة أيام في الشوارع، بدأ العابرون ينتبهون لوجوده ويتبرعون له على موقعه الإلكتروني. جمعت إقامة رامليز الأولى في الشوارع والتماساته للتبرعات من أصدقائه أكثر من ثلاثة آلاف دولار دفعها "لتحالف نيويورك للمشرّدين". ونجح الأسبوعان اللذان أمضاهما في الشوارع في عامي 2010 و2011، بجمع حوالي 4700 دولار لكل من بنك نيويورك للغذاء، و3600 دولار لموقع CAMBA.org، على التوالي. أمنت جهود رامليز آلاف وجبات الطعام لأفراد مُشرّدين من خلال هذه المنظمات، ولكن مشكلة التشرد لا تزال متفشية في نيويورك. واليوم، يقدر "تحالف المُشرّدين" أن أكثر من 43 ألف من أهالي نيويورك – من ضمنهم 17 ألف طفل – ينامون في مأوي المدينة كل ليلة، وهذا العام، اختار رامليز منظمة "مسلمون ضد الجوع"، كي تحصل على عائدات حملته لجمع التبرعات. وهذه جمعية شعبية تسعى إلى حشد وتثقيف المجتمع الأهلي المسلم حول الفقر والتشرّد. وهو يأمل بجمع 5000 دولار لدعم مطابخ الطعام العامة، ومقاهي المجتمعات الأهلية، التابعة لهذه المنظمة، التي تؤمن وجبات طعام للمُشرّدين، والجياع، وللعمال الفقراء الذين هم بأمس الحاجة إليها، في 20 مدينة في أنحاء الولايات المتحدة، ولكن رامليز يعتبر بأن مشروعه "مشرد لمدة أسبوع”، يقدم أكثر من مجرد وجبات الطعام. فالعديد من الناس يعتقدون بأن المُشرّدين ما زالوا بدون منازل لأنهم كسالى ولا يريدون العمل لإعالة أنفسهم، ولكن رامليز يقول إن ذلك هو فهم مبسط وناقص لجذور مشكلة التشرّد. ففي الكثير من الأحيان، تكون الظروف التي تدفع شخص إلى أن يصبح مشردًا لا تكون خاضعة لسيطرته أو سيطرتها.

ويرى رامليز أن "لكل واحد من هؤلاء قصته أو فكرته الفريدة الشخصية حول سبب عيشه في الشارع. كانت تكمن أحد الأسباب وراء رغبتي في الذهاب إلى الشوارع وتوثيق هذه القصص في تمكين هؤلاء المشردين من إسماع أصواتهم، لأنني أظن أنك تساعد المرء عندما تتيح له إسماعك قصته من وجهة نظره. ويساعدك ذلك في أن تكون أكثر تعاطفًا"، وعلى الرغم من أن رامليز نفسه يقوم بجمع الأموال للتخفيف من محنة التشرّد، فإنه يحث الناس على المساعدة بأية طريقة متاحة لهم، ويؤكد قائلاً، في بعض الأحيان، يعتقد الكثير من الناس، كما تعلم، بأن الطريقة الوحيدة للمساعدة تكون من خلال تقديم المال، ولكن، أعني، هناك العديد من الطرق المختلفة للمساعدة، ولإحداث الفرق في حياة إنسانٍ ما، حتى ولو كان ذلك من خلال الابتسام له، أو الترحيب به، أو حتى النهوض والتطوع للمساعدة في بنك للغذاءن ولكن الأسبوع الذي قضاه هذه السنة في الشارع، سوف يكون الأخير بالنسبة لرامليز. وعلى الرغم من أنه سوف يبقى يدير موقعه على الانترنت ويتطوع، فإنه يأمل بإيجاد طريقة جديدة أكثر ابتكارًا لتوجيه مسار رغبته نحو مساعدة المُشرّدين، ويستخلص قائلاً، "كنت أرغب في الحقيقة بالبحث عن أفكار جديدة كي أكون حتى أكثر ابتكارًا مع الحفاظ على الهدف الجوهري المتمثل في محاولة زيادة التوعية حول التشرد." أما ما سوف يكون عليه شكل مشروعه المقبل فإنه لا يزال غير واضح.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 5/آب/2012 - 16/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م