اسرائيل وايران... هل يسبق السيف العذل؟

متابعة: محمد حميد الصواف

 

شبكة النبأ: تسبب فشل المحادثات بين ايران والقوى العالمية في تحقيق انفراجه في الجهود الرامية إلى تقييد ما يرى الغرب أنه سعي إلى اكتساب قنابل نووية، وهو ما أثار مخاوف دولية من أن اسرائيل قد تختار شن ضربة عسكرية مباغته للمنشآت النووية الايرانية.

وتعتبر اسرائيل التي تعد القوة النووية الوحيدة في المنطقة، ان البرنامج النووي الايراني يشكل تهديدا لوجودها مستندة الى تصريحات متكررة لقادة الجمهورية الاسلامية، في حين عبر الكثير من قادة الجيش الاسرائيلي عن رفضهم فكرة مهاجمة ايران في الوقت الحالي، محذرين من نتائج عكسية في حال تنفيذ الامر.

وسبق لايران بان هددت المعسكر الغربي من مغبة ما اسمته التورط بحرب معها، مؤكدا ان ذلك لن يعفي جميع الاطراف والدول المتواطئة من غضبها، متوعدة في الوقت ذاته اسرائيل بضربة قاسمة كردة فعل عن اي تهور، فيما تشير المعطيات الى ان الولايات المتحدة لا تزال تضغط بقوة على حليفتها المدللة اسرائيل لتأجيل نواياها بضرب ايران.

النتيجة المرجوة

واعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو ان العقوبات الدولية على البرنامج النووي الايراني لم تؤد حتى الان الى "النتيجة المرجوة". وقال نتانياهو امام طلاب في المدرسة الاسرائيلية للدفاع الوطني بحسب ما جاء في بيان لمكتبه "حتى اليوم، لم تؤد العقوبات الى النتيجة المرجوة، اي وقف البرنامج النووي الايراني".

ويتحدث كبار القادة الاسرائيليين وعلى رأسهم نتانياهو باستمرار عن ضرورة شن عملية عسكرية لازالة التهديد الايراني معربين عن شكوكهم في فاعلية العقوبات الغربية المفروضة على طهران.

وادرج نتانياهو البرنامج النووي الايراني في مقدم "خمسة تحديات كبرى" تواجهها اسرائيل. وقال ان "اسرائيل تواجه خمسة تحديات كبرى: البرنامج النووي الايراني وحرب الانترنت والصواريخ والحدود وتراكم الاسلحة التقليدية في المنطقة".

وفي حديثه عن "تراكم الاسلحة التقليدية في المنطقة"، اشار نتانياهو الى المخاوف التي عبر عنها مسؤولون اسرائيليون في الايام الاخيرة من ان تنقل سوريا اسلحة وخصوصا كيميائية الى حزب الله اللبناني. وقال في هذا السياق "يجب ان نأخذ في الاعتبار ان اسلحة تملكها بعض الدول يمكن ان تسقط في ايد غير مسؤولة".

وأكد نتانياهو انه لم يتخذ قرار مهاجمة ايران، وقال ردا على سؤال خلال مقابلة على القناة التلفزيونية الثانية الخاصة "لم اتخذ قرار" هجوم محتمل على المنشآت النووية الايرانية.

وردا على سؤال حول معلومات صحافية مفادها ان رئاسة اركان الجيش وقادة الموساد (اجهزة الاستخبارات) والشين بيت (جهاز الامن الداخلي) يعارضون هجوما قد تشنه اسرائيل من دون موافقة واشنطن، قال نتانياهو "في اي ديموقراطية وحدهم القادة السياسيون يقررون والعسكريون ينفذون".

كما ذكر انه في 1981 اعطى رئيس الوزراء مناحيم بيغن موافقته لشن غارة على محطة نووية في العراق "رغم معارضة رئيسي الموساد والاستخبارات العسكرية الشديدة في حينها". وقال نتانياهو في مقابلة اخرى للقناة التلفزيونية العاشرة الخاصة "للمسؤولين السياسيين رؤية اكثر شمولية وهم من يتحمل المسؤولية الكبرى".

وادلى نتانياهو بهذه التصريحات بعيد وصول وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا الى اسرائيل ليبحث خصوصا في البرنامج النووي الايراني. وقال بانيتا انه سيتقاسم "معلومات استخباراتية" عن البرنامج النووي الايراني، ولن يبحث في "مخططات شن هجوم محتمل" على طهران.

وبحسب صحيفة "هآرتس" الاسرائيلية فان المستشار الاميركي للامن القومي توم دونيلون اطلع رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو على خطة اميركية لشن هجمات وقائية على المنشآت النووية الايرانية خلال زيارة لاسرائيل في منتصف تموز/يوليو. ونفى مسؤول اسرائيلي طلب عدم كشف اسمه تأكيدات الصحيفة.

ومؤكدا على الموقف الذي تتخذه واشنطن منذ اشهر، قال بانيتا ان الولايات المتحدة ما زالت "تدرس عدة خيارات" في الملف الايراني لم يكشفها. وتنفي ايران بان يكون لبرنامجها النووي اي طابع عسكري.

تحرك سريع

من جانبه دعا وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك القوى الكبرى في العالم إلى التعجيل بالجهود الرامية إلى إحباط البرنامج النووي لإيران محذرا من إنه إذا نجحت طهران في عبور الحد النووي فسوف تزداد صعوبة مواجهتها.

وفسرت وسائل الإعلام الاسرائيلية تصريحات باراك على أنها حث على توجيه ضربة إسرائيلية إلى إيران لإحباط مشروع يرى الغرب انه يسعى إلى اكتساب أسلحة نووية لكن طهران تنفي ذلك قائلة ان برنامجها موجه للأغراض السلمية فحسب.

وقال باراك في حفل تخريج ضباط امن في تصريحات أذاعها في وقت لاحق مكتبه "إني أدرك جيدا وأعرف بعمق الصعوبات والتعقيدات التي ينطوي عليها منع إيران من اكتساب أسلحة نووية."

واستدرك بقوله "ولكن من الواضح في نظري دونما شك أن مواجهة ذلك التحدي (النووي) في حد ذاته حينما ينضح -إن وصل حد النضج- سيكون قطعا أكثر تعقيدا وقطعا أكثر خطورة وقطعا أكثر تكلفة في الأرواح والموارد." وأضاف قوله "حان الوقت ان يكون العالم كله مستعدا لاتخاذ عمل موحد ويكون له هدف موحد في الإرادة السياسية من أجل وضع نهاية سريعة وحاسمة للمشروع النووي الإيراني."

وقال باراك في تصريحاته المسهبة إن إسرائيل تواجه الان "أعقد تحديات لها على الإطلاق". واضاف قوله "اننا قد نضطر إلى اتخاذ قرارات مصيرية صعبة فيما يتعلق بأمن إسرائيل" مشيرا إلى ما سماه تزايد عدم الاستقرار الذي نجم عن الثورات الشعبية في البلدان العربية المجاورة.

وقال "احداث الربيع العربي التي تطورت تدريجيا حتى أصبحت صيفا إسلاميا تظهر انه في ساعة الحسم النهائية يمكننا الاعتماد في لحظة الصدق على أنفسنا وحدنا."

ونقل الموقع الإلكتروني الاخباري الإسرائيلي (واي نت) "Ynet" عن مسؤول رفيع لم يذكر اسمه تفسيره تصريحات باراك على انها محاولة "للحث بكل قوته" من أجل شن هجوم على إيران الأمر الذي تدرسه حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لتقرير هل ينبغي شن هجوم خلال الاسابيع القادمة. بحسب فرانس برس.

وكانت إسرائيل حذرت قائلة إنها ترى ان الوقت يضيق مع اقتراب ايران من دخول "منطقة الحصانة" التي لا يمكن فيها للقنابل الإسرائيلية من اختراق منشآت تخصيب اليورانيوم المدفونة في مخابئ عميقة تحت الأرض وان العقوبات الاقتصادية الغربية لم تحقق حتى الآن هدف ايقاف البرنامج النووي لإيران.

نائب نتنياهو السابق يحذر من مهاجمة ايران

فيما قال نائب رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق شاؤل موفاز ان محاولات رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو لضم نواب متمردين من أعضاء حزب كديما شريكه السابق في الائتلاف تهدف الى تعزيز التأييد في مجلس الوزراء لمهاجمة ايران.

وسُئل موفاز في اذاعة الجيش الاسرائيلي ان كان يعتقد انه يجري العمل بالفعل على عقد مثل هذه الصفقة السياسية المتعلقة بإيران فقال زعيم حزب كديما "أقول بقلب مثقل وانقباض شديد ان هذا يحدث في اسرائيل."

واتهمت متحدثة باسم حزب ليكود اليميني الذي يتزعمه نتنياهو موفاز بالادلاء بتصريحات بشأن الامن القومي تفتقر الى تقدير المسؤولية. ووصف تساحي هانجبي وهو احد المنشقين على حزب كديما مزاعم موفاز بأنها مختلقة وتهدف الى "إثارة الخوف بزعم ان اسرائيل ستقوم بتحرك".

وكان موفاز نائبا لرئيس الوزراء مدة تزيد على شهرين في الائتلاف الكبير الذي خرج منه كديما مؤخرا في خلاف على صياغة قانون جديد من شأنه ان يضع نهاية للاعفاء الشامل من الخدمة العسكرية الالزامية لليهود الاصوليين.

وتمرد أربعة من نواب كديما بعد خروج الحزب من الحكومة الائتلافية لكن محاولتهم العودة الى الائتلاف بتوصية من نتنياهو باءت بالفشل عندما لم يتمكنوا من جمع العدد اللازم من المتمردين كحد أدنى حسب القانون لتشكيل فصيل جديد وهو سبعة.

وأثار موفاز الدهشة بتصريحات بدت خارج السياق عندما تعهد في مؤتمر صحفي يركز على التمرد في صفوف كديما بأن الحزب "لن يشرع في أي مغامرة تتعلق بالعمليات تخاطر بمستقبل أولادنا وبناتنا." بحسب رويترز.

وكان موفاز مطلعا كعضو في مجلس الوزراء المصغر المعني بالشؤون الامنية على المناقشات المتعلقة ببرنامج ايران النووي ووصف الاعلام الاسرائيلي تصريحاته بأنها تحذير واضح من الاستعجال في القيام بعمل عسكري منفرد.

وطلب من موفاز وهو قائد سابق للقوات المسلحة ووزير سابق للدفاع في المقابلة مع اذاعة القوات المسلحة ان يوضح تصريحاته فقال "أعتقد ان اي هجوم سابق لأوانه سيكون خطأ فادحا قبل ان نتيح الفرصة لعملية (العقوبات) ان تأخذ مجراها." واضاف ان عودة متمردي كديما الى الحكومة "كان من شأنه ان يشجع" نتنياهو على القيام بعمل عسكري."

وتزيد معارضة موفاز للقيام بعمل عسكري منفرد في المستقبل القريب المخاطر السياسية التي يتعرض لها نتنياهو في عملية صنع القرار بخصوص ايران وخصوصا اذا لم تسر أي عملية عسكرية على ما يرام وواجه تحقيقا بشأنها في وقت لاحق.

وتبين استطلاعات الرأي ان معظم الناس في اسرائيل التي يعتقد انها الدولة الوحيدة المسلحة نوويا في الشرق الاوسط يعارضون شن هجوم منفرد على ايران التي تنفي اتهام الغرب لها بأنها تسعى لصنع أسلحة نووية.

حرب مفتوحة

من جهته اعتبر الرئيس الإسرائيلي، شمعون بيريز، أن بلاده في "حرب مفتوحة" مع إيران، مشيراً بأصابع الاتهام إلى تورط الجمهورية الإسلامية في العملية الانتحارية، التي استهدفت عدداً من السياح الإسرائيليين في مطار "بورغاس" ببلغاريا، مؤكداً في الوقت نفسه أن إسرائيل ستعمل على منع وقوع المزيد من الهجمات.

وفي تصريحات لـCNN، قال رئيس الدولة العبرية إن بلاده لديها من الذكاء ما يكفي للربط بين الهجوم على السياح الإسرائيليين في بلغاريا، وبين نظام طهران، وجماعة "حزب الله" الموالية لإيران، معرباً عن اعتقاده أنه يتم حالياً الإعداد لمزيد من الهجمات، في إطار ما وصفه بـ"حرب مفتوحة" ضد إسرائيل.

وتساءل بيريز عما إذا كان هجوم بلغاريا انتقاماً لاغتيال العلماء النوويين الإيرانيين، والتي تلقي طهران باللوم على إسرائيل فيها، مؤكداً عدم مسؤولية الدولة العبرية عن عمليات قتل هؤلاء الإيرانيين، لكنه أكد أن إسرائيل لديها الحق في التصدي لقتل مواطنيها وحمايتهم.

وأضاف إن سياسة إسرائيل تهدف إلى "الوقاية"، بدلاً من الانتقام، حتى وإن كانت هذه السياسية يمكن أن تؤدي إلى وفاة سائحين إسرائيليين آخرين في هجمات انتقامية، بحسب قوله.

وفيما يتعلق بالأوضاع في سوريا، قال بيريز إن "إسرائيل لا يمكنها الوقوف صامتة إذا قامت سوريا بنقل صواريخ ذات رؤوس حربية كيماوية إلى جهات في المنطقة"، وأوضح أن لإسرائيل قدرات على رصد المخاطر، وهي تراقب بـ"عيون ساهرة" كافة التطورات في المنطقة، مستخدمة جميع الوسائل التكنولوجية المتوفرة لديها.

وحول وجود احتمالات توجه بعض اللاجئين السورين إلى الحدود الإسرائيلية، قال الرئيس الإسرائيلي: "لم يحاول حتى الآن أحد من السوريين اللجوء إلى الحدود الإسرائيلية"، وأضاف أن "إسرائيل لن تساعد اللاجئين، وستواجه أي شخص يحاول اقتحام حدودها بالقوة."

من جانبه، كرر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، اتهاماته إلى إيران وحزب الله بالوقوف وراء هجوم بورغاس، مشيراً إلى أنهما كانا مسئولين عن عدد من الهجمات ومحاولات الهجوم ضد أهداف إسرائيلية، في تايلاند، وجورجيا، والهند، واليونان، وقبرص، وغيرها من البلدان.

هجوم بلغاريا

الى ذلك اتهم مندوب إيران لدى الأمم المتحدة إسرائيل بتدبير وتنفيذ هجوم انتحاري على حافلة في بلغاريا قتل فيه خمسة من السياح الإسرائيليين. وفجر انتحاري الحافلة في مرآب للسيارات في مطار بورجاس بوابة السياح الذين يزورون ساحل بلغاريا على البحر الاسود متسببا في مقتله هو والسياح الإسرائيليين وسائق الحافلة البلغارية واصابة اكثر من 30 شخصا. واتهمت إسرائيل إيران وحزب الله اللبناني بتدبير الهجوم لكن إيران نفت هذه الاتهامات.

وقال مندوب إيران لدى الأمم المتحدة محمد خزاعي لمجلس الأمن الدولي في مناقشة بشأن الشرق الأوسط "انه لأمر مدهش أن يعلن مسؤولون إسرائيليون بعد بضع دقائق فقط من وقوع الهجوم الإرهابي أن إيران مسؤولة عنه." وأضاف "لم نشارك قط ولن نشارك في محاولة اعتداء حقيرة من هذا القبيل على ... أناس أبرياء."

وقال خزاعي "لا يمكن أن يخطط وينفذ عملية إرهابية من هذا القبيل الا النظام الذي يعج تاريخه القصير بعمليات إرهابية واغتيالات تستهدف توريط الآخرين من أجل تحقيق مكاسب سياسية ضيقة... بإمكاني تقديم امثلة كثيرة تظهر أن هذا النظام قتل مواطنيه ويهودا ابرياء خلال العقدين الماضيين."

وقال حاييم واكسمان مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة إن بصمات إيران في كل مكان في هجوم بلغاريا فضلا عن عشرات المؤامرات الاخرى في الاشهر الاخيرة في مختلف أنحاء العالم.

وقال واكسمان في بيان "هذه التعليقات مروعة لكنها ليست مفاجئة من الحكومة نفسها التي تقول إن هجوم الحادي عشر من سبتمبر ايلول كان نظرية مؤامرة وتنكر المحرقة."

ويعتقد بعض المحللين أن إيران تسعى للانتقام من اغتيال عدد من العلماء العاملين في برنامجها النووي المثير للجدل. وتلقي إيران باللوم على إسرائيل والولايات المتحدة في هذه الاغتيالات. واستهدف دبلوماسيون إسرائيليون في العديد من البلدان في الاشهر الاخيرة من قبل مهاجمين تقول إسرائيل انهم يهاجمون نيابة عن طهران. وقال واكسمان "حان الوقت أن يضع العالم نهاية لحملة الإرهاب هذه بطريقة قاطعة."

شبكة النبأ المعلوماتية- السبت 4/آب/2012 - 15/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م