حروب الإنترنت... من اختراق الحواسيب الى تكسير الاسنان!

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: توغل الانترنت في الحياة العامة بحيث أصبح سلاح يستخدمه المخرتقون في الهجوم على الدول و المنشأت والمؤسسات، فقد برزت ثمار ثورة تكنولوجيا المعلومات المتسارعة، ما يسمى بالحرب الانترنت، فمعه أصبح ممكناً القول إن العالم أصبح مكوّناً من أفراد وليس فقط من جماعات ودول، مما ادى بزوغ عصر حروب الإنترنت وبشكل كبير وخطير خاصة في الآونة الأخيرة، وقد تبين من الدوافع التي أدت إلى شن مثل هذه الهجمات أنها كلها نابعة من أغراض سياسية، حيث بدأت العديد الدول تعد العدة للتصدي لهذه الهجمات ولشن أخرى مضادة عبر الإنترنت، حيث ارتفاع عدد الهجمات عبر الإنترنت المثيرة للقلق بكونها تمهد لصراعات شرسة في المستقبل، فقد هددت إيران مهاجميها على الانترنت وأبرزهم أمريكا وإسرائيل، كما كشف مؤخرا بان فيروس فليم السلاح الكتروني من صناعة الولايات المتحدة واسرائيل، كما شكل سرقة الحسابات الشخصية ابرز الظواهر السلبية في عالم الانترنت، فيما صاحب تطور خدمات الانترنت في الدول النامية ارتفاع معدل الجرائم الالكترونية ، فأصبحت الأسلحة والجرائم الكتروني نذير ببزوغ عصر حروب الإنترنت في المستقبل القريب.

إيران تهدد بتكسير ألأسنان

فقد هدد مسؤول ايراني "بتكسير أسنان" الولايات المتحدة اذا واصلت شن الهجمات عبر الانترنت على الجمهورية الإسلامية، وكانت ايران قد اتهمت الولايات المتحدة وحلفاءها في وقت سابق بمحاولة تخريب برنامجها النووي عن طريق استخدام فيروسات كمبيوتر مثل ستاكسنت الذي سببت أعطالا في وحدات الطرد المركزي في منشأة تخصيب اليورانيوم الايرانية الرئيسية في 2010، ونقلت وكالة انباء الطلبة الايرانية عن مسؤول ايراني في امن الانترنت لم تسمه قوله "اذا لم يوقف الامريكيون هجماتهم العقيمة على الانترنت فسوف يواجهون ردا يكسر أسنانهم، ولم يعط المسؤول أي تفاصيل إضافية، وقالت ايران الشهر الماضي انها رصدت خططا من جانب الولايات المتحدة واسرائيل وبريطانيا لشن ما قالت انها هجمة هائلة عبر الانترنت بعد انهيار الجهود الدبلوماسية الرامية إلى كبح البرنامج النووي الايراني. بحسب رويترز.

وتعتقد الدول الغربية ان طهران ترغب في صنع اسلحة نووية وهو اتهام تنفيه ايران وتقول انها تريد اكتساب التكنولوجيا اللازمة لتوليد الكهرباء وصناعة النظائر المشعة للاغراض الطبية، وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي عقوبات صارمة على ايران من بينها حظر للصادرات النفطية وهو ما تسبب في اضعاف العملة المحلية وارتفاع التضخم.

حملة التجسس الإلكتروني

فيما كشف خبراء أمن حملة تجسس الكتروني مستمرة تستهدف إيران ودولا أخرى في الشرق الأوسط يقولون إنها متميزة لأنها اول عملية تستخدم فيها أدوات للاتصال مكتوبة باللغة الفارسية، وقالت شركة الأمن الإسرائيلية سيكولرت وشركة كاسبارسكي لاب الروسية إنهما اكتشفنا أكثر من 800 ضحية للعملية. ومن بين الأهداف شركات للبنية التحتية الحساسة وطلبة يدرسون الهندسة وشركات للخدمات المالية وسفارات تقع في خمس بلدان في منطقة الشرق الأوسط وكانت معظم الهجمات الالكترونية في إيران، ورفضت شركة سيكولرت وكاسبارسكي تحديد هوية الشركات والهيئات المستهدفة من الحملة والتي تعتقد الشركتان أنها بدأت قبل ثمانية أشهر على الأقل، وقالوا إنهم لا يعرفون من يقف وراء الهجمات أو ما إذا كانت دولة، وقال أبيب راف كبير مسؤولي التكنولوجيا في شركة سيكولرت "بالتأكيد إنه شخص يجيد الفارسية بطلاقة لكننا لا نعرف أصل هؤلاء الأشخاص، وقالت الشركتان إن فيروس المهدي يسمح لمهاجمين عن بعد بسرقة الملفات من أجهزة الحاسب المصابة وبمراقبة رسائل البريد الإلكتروني والرسائل الفورية. ويمكنه كذلك تسجيل الملفات الصوتية والنقرات على لوحة مفاتيح الكتابة وأخذ لقطات للشاشة لنشاط أجهزة الكمبيوتر هذه، وقالت الشركتان إنهما تعتقدان أن بيانات يبلغ حجمها عدة جيجابايت قد جرى تحميلها من أجهزة الكمبيوتر المستهدفة. بحسب رويترز. 

وقال راف "هناك من يحاول بناء ملف على نطاق أكبر بشأن شيء ما." وتابع "لا نعرف ماذا سيفعلون في النهاية، وقال باحثون في وقت سابق إن من المؤكد أن الدول كانت تقف وراء فيروس فليم الذي اكتشف في وقت سابق هذا العام وفيروس دوكو الذي اكتشف في عام 2011، وقالت شركتا سكيولرت وكاسبارسكي إنهما أطلقتا على الحملة اسم المهدي وهو شخصية تحظى بمنزلة دينية لدى الشيعة لأن المهاجمين استخدموا حافظة ملفات تحمل ذلك الاسم في حملتهم عند تطويرهم برنامج كمبيوتر لتشغيل المشروع.

شركة للأمن الالكتروني

في سياق متصل قالت شركة (سيمانتيك كورب) الرائدة في مجال الامن الالكتروني إن فيروس الكمبيوتر فليم ليس قادرا على التجسس فحسب بل يمكنه ايضا تخريب انظمة الكمبيوتر وتم استخدامه على الارجح في شن هجوم الكتروني على ايران في ابريل نيسان الماضي، وانحت ايران في السابق باللائمة على فليم في فقدان بيانات على اجهزة الكمبيوتر في المرفأ الرئيسي لتصدير النفط وفي وزارة النفط. لكن قبل الاكتشاف الذي اعلنته سيمانتيك توصل خبراء الانترنت الى ادلة اثبتت ان الفيروس الغامض بمقدره التجسس فقط، وقال فيكرام ثاكور الباحث في سيمانتيك يوم الخميس إن الشركة حددت مكونا في فليم يتيح لمشغليه مسح ملفات من اجهزة الكمبيوتر، واضاف ثاكور "لدى هؤلاء الرجال القدرة على مسح اي شيء على الكمبيوتر، واشتكت ايران مجددا يوم الخميس من خطر الهجمات الالكترونية وقالت انها رصدت خططا للولايات المتحدة واسرائيل وبريطانيا لشن هجوم "هائل" بعد انهيار محادثات بشأن انشطتها النووية. بحسب رويترز.

الولايات المتحدة واسرائيل

على الصعيد نفسه اكدت صحيفة واشنطن بوست نقلا عن "مسؤولين غربيين قريبين من الملف" ان الفيروس المعلوماتي فليم الذي صمم لسرقة معلومات عن البرنامج النووي الايراني هو سلاح الكتروني صنعته الولايات المتحدة واسرائيل، وقالت الصحيفة ان وكالة الامن القومي الاميركية المكلفة التجسس الالكتروني، ووكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي ايه) عملتا مع الجيش الاسرائيلي لوضع برنامج معلوماتي هدفه الانتشار في الشبكات المعلوماتية الايرانية ونسح ملفات والتقاط صور للشاشات واعادة ارسال هذه المعلومات سرا، وجرى الحديث في معظم الاحيان عن احتمال ان تكون الولايات المتحدة واسرائيل وراء انتاج الفيروس فليم وفيروس آخر هو ستاكسنت الذي هاجم في 2010 اجهزة الطرد المركزي في البرنامج النووي الايراني، لكن واشنطن ترفض الادلاء باي تعليق حول هذا الموضوع وتكتفي بالتأكيد ان الانترنت جزء من مجالات اهتمام سلطات الدفاع والاستخبارات، وقالت واشنطن بوست نقلا عن مسؤول سابق كبير في الاستخبارات ان "الامر يتعلق باعداد الارضية لنوع آخر من العمل السري"، ورصد الفيروس فليم في مناطق عدة في العالم خصوصا الشرق الاوسط واوروبا واميركا الشمالية وآسيا المحيط الهادىء بينما كانت ايران البلد الاول المستهدف بهذه الهجمات، واكدت الشركة الاميركية للامن المعلوماتي سيمانتيك على مدونتها الاحد ان الفيروس فليم اعطي الامر بالاختفاء بدون ان يترك اي اثر. بحسب فرانس برس.

فيروس ستاكس نت

كما ربطت شركتان رائدتان في مجال الأمن الإلكتروني بعضا من شفرة برنامج الفيروس الإلكتروني فليم بالسلاح الإلكتروني ستاكس نت الذي كان يعتقد على نطاق واسع أن الولايات المتحدة وإسرائيل استخدمتاه لمهاجمة البرنامج النووي الإيراني، وقال يوجين كاسبرسكاي الرئيس التنفيذي لشركة كاسبرسكاي لاب ومقرها في موسكو والتي كشفت عن الفيروس فليم الشهر الماضي في قمة العالمية لوسائل الإعلام والتكنولوجيا يوم الاثنين إن باحثيه اكتشفوا أن جزءا من شفرة برنامج الفيروس فليم مطابق تقريبا لشفرة ستاكس نت، وفي وقت لاحق أكدت شركة سيمانتيك كورب وهي أكبر شركات الأمن الإلكتروني أن بعض شفرة المصدر مشتركة، وقد تدعم الأبحاث الجديدة اعتقاد العديد من خبراء الأمن أن ستاكس نت كان جزءا من برنامج إلكتروني قادته الولايات المتحدة ولا يزال نشطا في منطقة الشرق الأوسط وربما في أجزاء أخرى من العالم، والفيروس فليم هو برنامج التجسس الإلكتروني الأكثر تعقيدا الذي تم اكتشافه ويبدو أن الفيروس يستهدف المكاتب الحكومية ومكاتب صناعة الطاقة في إيران وإسرائيل والأراضي الفلسطينية والسودان. ويمكن للفيروس سرقة أو تغيير الوثائق الإلكترونية، ورغم عدم ذكر كاسبرسكاي أو سيمانتيك من يقف وراء الفيروس إلا ان منظمات اخبارية ومنها وكالة رويترز للأنباء وصحيفة نيويورك تايمز ذكرت أن الولايات المتحدة وإسرائيل كانتا وراء ستاكس نت الذي اكتشف في عام 2010 بعدما تضررت اجهزة الطرد المركزي المستخدمة في تخصيب اليورانيوم في منشأة نطنز في إيران، وبدلا من إصدار نفي فتحت السلطات في واشنطن تحقيقات في الآونة الأخيرة في تسريب معلومات عن المشروع سري للغاية. ورفض البيت الابيض التعليق، وقال كاسبرسكاي لقمة رويترز في لندن حول ستاكس نت وفليم "كان هناك فريقان مختلفان يعملان في تعاون، والفيروس فليم متطور للغاية ويمكنه التخفي كبرنامج عمل شائع. وقد تم نشره قبل خمس سنوات على الاقل ويمكنه التنصت على المكالمات على أجهزة الكمبيوتر واتلاف البيانات وسرقتها، ويشتبه خبراء أمن الإنترنت في وجود صلات بين الفيروس فليم وستاكس نت ودوكو وهو برنامج اخر ضار تم اكتشافه العام الماضي لكن شركة كاسبرسكاي كانت أول من يقول انها وجدت ادلة دامغة، وفي وقت متأخر يوم الاثنين قال ليام أو مورتشو مدير البحوث في سيمانتيك مستخدما الاسم الذي تطلقه شركته على الفيروس الجديد فليمر "تؤكد سيمانتيك أن فليمر وستاكس نت يشتركان في بعض شفرة المصدر." وأضاف أن التحليل سيستمر، وإذا ثبت أن الولايات المتحدة وراء الفيروس فليم فإن ذلك سيؤكد أن الدولة التي اخترعت الانترنت تشارك في التجسس عبر الانترنت وهو الامر الذي انتقدت من أجله الصين وروسيا ودولا أخرى. بحسب رويترز.

وفي العام الماضي أوجز تقرير لوزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) الاستراتيجية الإلكترونية الأمريكية التي لا تزال تتطور قائلا ان التجسس الاقتصادي قد يكون أكبر خطر على المصالح الأمريكية على المدى الطويل مشيرا إلى سرقة الأسرار الصناعية والدفاعية بالتجسس عبر الإنترنت، وقالت شركة كاسبرسكاي إن الفيروس فليم قد تم تطويره بمجموعة مختلفة من الأدوات عن ستاكس نت رغم انها قالت إن تحليلها مجرد بداية لما قد يستغرق شهورا كثيرة، وقالت شركة كاسبرسكاي إن باحثيها عرفوا أجزاء الفيروس فليم ونسخة من ستاكس نت الذي ظهر في عام 2009 وكانت متطابقة تقريبا مما يشير إلى ان المهندسين الذين صمموا الفيروسين اطلعوا على نفس مجموعة شفرة المصدر، ويشير ذلك إلى التعاون الوثيق بين الفرق التي تقف وراء الفيروسين. وقال يوجين كاسبرسكاي انه من الواضح وجود فريقين أو أكثر بأنماط مختلفة وإن الفيروس فليم ربما احتاج إلى جهود 100 شخص.

سرقة الحسابات الشخصية

على صعيد أخر أعلنت شركة ياهو سرقة الحسابات الشخصية الخاصة بنحو 400 ألف مشترك بموقعها ومواقع شركات أخرى قائلة إن المتسللين استغلوا ثغرات في أمن أنظمة الكمبيوتر الخاصة بها، ولم تكشف دانا لينجكيك وهي متحدثة باسم الشركة عن اسماء الشركات الأخرى التي سرقت بياناتها أو عدد مفاتيح الدخول المسروقة الخاصة بمواقع ياهو، وقالت إن البيانات كانت ضمن "ملف أقدم"، ومضت تقول "نعمل على إصلاح الثغرات التي أدت إلى كشف هذه البيانات وتغيير كلمات المرور لمستخدمي ياهو المتضررين وإبلاغ الشركات التي من المحتمل أن تكون حسابات مستخدميها تعرضت للخطر. بحسب رويترز.

وكانت مجموعة من المتسللين قد نشرت في السابق حسابات وكلمات مرور خاصة بمئات الآلاف من المستخدمين على موقع إلكتروني عام، وجاءت سرقة الحسابات في أعقاب انتهاك أبلغ عنه الشهر الماضي موقع لينكدإن للربط بين الشركات الذي أدى إلى كشف كلمات المرور الخاصة بنحو 6.4 مليون مشترك.

مكافحة الجرائم الإلكترونية

الى ذلك دشنت منظمة "التحالف الدولي لحماية أمن الانترنت" مشروع إعداد بحث لتحديد آلية تطور الهجمات الإلكترونية خلال السنوات الثماني المقبلة، وذلك في إطار جهد مكافحة الجرائم الإلكترونية في الدول النامية، وسيتضمن المشروع تقديم إرشادات لحكومات الدول والسلطات المحلية حول أفضل السبل المتاحة لمواجهة هذه الهجمات، وقالت المنظمة، التي تضم هيئات قانونية وشركات أمنية وتجارية مثل شركة "فيزا أوروبا" وشركة الفضاء والدفاع الجوي الأوروبية، إن توفير فرص استخدام الانترنت في أجزاء من قارات أفريقيا وآسيا وشرق أوروبا ستؤدي إلى بروز مشكلات، وأوضح الرئيس التنفيذي للمنظمة جون ليونز لـ"بي بي سي أن" الأمر ليس مجرد وضع علامة سوداء على دولة بعينها لأن الكثير من هذه الدول تستضيف شبكات الجرائم الالكترونية رغما عنها"، وأشار إلى أن "الهدف هو العمل مع هذه الدول عن طريق تقديم الدعم لتعزيز البنية التحتية لديها لمحاربة الجرائم الإلكترونية، ودعم اقتصاداتها والمؤسسات المنفذة للقانون التي تطارد مرتكبي الجرائم الإلكترونية الذين ينشطون في هذه الدول". بحسب البي بي سي.

وعلى الرغم من أن المشروع الدولي بدأ لتوه، فإن المنظمة الدولية بدأت بالفعل في اتخاذ بعض الخطوات، فقد بدأ أفراد من وكالة مكافحة الجريمة المنظمة الخطيرة في بريطانيا العمل مع حكومة غانا في فبراير/ شباط لمساعدتها على اتخاذ إجراءات تقنية لمنع الجرائم الإلكترونية وضمان مقاضاة منفذيها، وقال ليونز إن نيجيريا وبوتسوانا وأوغندا ورواندا بين الدول المستهدفة في إطار الحملة الدولية، وأضاف أن هذه الدول بدأت في الاستفادة من تحسن خدمات الانترنت إلا أنها ستعاني في مواجهة الجرائم الالكترونية المصاحبة لتطور خدمات الانترنت، وتطالب المنظمة الدولية الشركات الموجودة في الدول النامية بالإسهام في تحمل تكاليف الجهد الدولي لمكافحة الجرائم الالكترونية. كما طالبت الدول الغنية ببذل المزيد من الجهد للحد من هذه الجرائم، ومن المقرر أن تصدر المنظمة قبل نهاية أكتوبر/تشرين الثاني المقبل تقريرا عن النتائج الأولية لمشروعها.

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 2/آب/2012 - 13/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م