النشيد الوطني الموحد... عن السلم الموسيقي للاختلاف العراقي

اعداد : حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: دو، ري، مي، فا، صول، لا، سي، دو.. تلك هي ايقونات العزف على اي الة موسيقية، وهي ما يعرف بالسلم الموسيقي، الذي تجده على الة العود والجيتار والبيانو وغيرها من الالات.

وهذه الايقونات بمجموعها تؤلف النغمات التي تسمعها الاذن البشرية، وهي ايضا تختلف صعودا ونزولا باختلاف الاطوار والمقامات، وحتى حين نستمع للقرآن الكريم فإننا نلحظ اختلافا في القراءات، وهي ما عرف بالقراءات السبع، او القراءات العشر.

ويعود هذا الاختلاف الى المقامات التي يلجأ اليها القاريء، فهناك من يقرأ من مقام الراست، وهناك من يقرأ من مقام السيكا أو الحجاز، الى اخر تلك المقامات.

والسلم الموسيقي هو عبارة عن مجموعة من النغمات الصوتية التى نستخدمها فى الإنشاد، وهى بالتحديد سبع نغمات... وهى: سي. لا. صول. فا. مي. ري. دو. وهى تقرأ من الشمال إلى اليمين. أي تبدأ بنغمة الدو ونحن عندما نقرأها. لابد أن نقرأها منغمة. كيف؟

نقرأ حرف الدو بصوت غليظ، ثم نقرأ حرف الري بصوت أحدّ، أى أعلى قليلاً. ثم نقرأ حرف المى بصوت أعلى، وهكذا حتى نصل إلى حرف السي، وكأننا نصعد سلماً مكونا من سبع درجات هي التي تُصاغ منها جميع الألحان مهما كثرت أو تعددت.

لماذا الرقم سبعة تحديدا؟

اعتمد القدماء الرقم سبعة كأحد ثوابت الحياة ومن اهم صحة مسيراتها …بل وصلوا الى درجة الاعتقاد أن الرقم سبعه هو السبب الرئيسي في التنظيم البديع لهذا الكون.

قال البابليون أن هناك سبع كواكب هي على التوالي : الشمس، القمر، جوبيتير، فينوس، ساتورن، مارس وهارمس، وقالوا ان المعادن سبعه الذهب الفضة القصدير النحاس الزئبق الرصاص والحديد، وان الأيام سبعه وان الالوان سبعه (الوان قوس قزح فعلا سبع).

المصريون القدماء… قالوا أن الأخطاء سبعه وان لكل خطا 6 قضاة يحاسب موتاهم عليها على هيكل مسبع الأضلاع توزن الخطايا بسبعة اوزان ويمر الميت بسبع مراحل من السؤال. 

والعبرانيون جعلوا الرقم 7 مقياسا لزمن الخطايا، فالسنة عندهم تبدأ بالشهر السابع، وكل سبع سنوات (حسب الديانة اليهودية) تنتهي الحلقة وتغفر الخطايا.

فيثاغورس عالم الرياضيات قال: يمر الانسان بتسلسل سباعي… فتنبت أسنانه في شهره السابع ويبدا سن الفهم في السابعة ويدرك الحلم في ال 14 ويدرك الرجولة في 21.

ويقول أرسطو ان هضبات الحكمة هي سبع … وهي الهضبات الواجب تسلقها، حتى للمفارقة العجيبة… أن الرقم 7 هو القاسم المشترك لمعظم قصص الأطفال.

حتى ان الخطايا هي سبعه... البخل - الفجع - الكسل - الكبرياء - الغضب - الشهوة – الفجور.

وفي القصص الديني نرى ان السيد المسيح (وحسب الانجيل)، قال لمن حوله سبع كلمات قبيل دفنه في اليوم السابع.

ونرى ان نوحا (حسب التوراة) انتظر سبعة ايام قبل أن يرسل الحمامة خارج الفلك.

ما ذكرناه قبل قليل يستبطن الكثير من الاختلاف والتمايز، وهو اختلاف يسود جميع ما يتعلق بحياتنا، شخصياتنا، اهتماماتنا، مشاعرنا، طرق تفكيرنا، اعمالنا، وهذا الاختلاف هو سنة كونية، ارادها الله لنا، لإعمار الارض، فلولا الاختلاف لما عمرت هذه الارض، لان التشابه جمود وركود.

تذكر موسوعة ويكيبيديا، ان الأناشيد الوطنية اكتسبت أهميتها الوطنية في أوروبا خلال القرن التاسع عشر، إلا أن بعضها أقدم من ذلك بكثير أصلاً. أقدم الأناشيد الوطنية المعروفة، هو النشيد الوطني الهولندي (هيت غوشينغ) والذي كتب بين الأعوام 1568 و 1572 خلال الثورة الهولندية. النشيد الياباني، (كيمي جا يو)، وكلماته مأخوذة من قصيدة ألفت في فترة حكم هييان (794-1185)، إلا أنه لم يستخدم بشكله الحالي حتى عام 1880.

(حفظ الله الملكة)، النشيد الوطني للمملكة المتحدة وأحد أناشيد نيوزيلندا الوطنية، تم أداؤه للمرة الأولى عام 1745 تحت عنوان (حفظ الله الملك). أما النشيد الوطني الأسباني، (الزحف الملكي)، فيعود لعام 1770 (ألف عام 1761). أقدم نشيدي الدنمارك (كونغ المسيحي) تم تبنيه رسمياً عام 1780، بينما نشيد فرنسا، (البؤساء)، كتب عام 1792 وتم تبنيه عام 1795. وقد كانت صربيا أول دولة في أوروبا الشرقية تتخذ نشيداً وطنياً عنوانه (قومي صربيا) في عام 1804.

على الرغم من أن النشيد الوطني عادة ما يكون باللغة الرسمية أو الأكثر شيوعاً في البلاد، لا ينطبق ذلك على جميع البلدان. النشيد الوطني للهند، (جانا غانا مانا)، هو نسخة سنسكريتية من البنغالية. ويجوز في بعض الدول التي تتبنى أكثر من لغة واحدة وطنية توفير عدة إصدارات من النشيد الوطني، فعلى سبيل المثال، النشيد الوطني لسويسرا يضم كلمات مختلفة من اللغات الأربع الرسمية للبلاد، (الفرنسية، الألمانية والإيطالية والرومانية).و في كندا، كتب النشيد الوطني بكلمات مختلفة لكل من اللغات الرسمية للبلاد، (بالانكليزية والفرنسية)، وفي بعض الأحيان ينشد بمزيج من موشحات مأخوذة من الإصدارين الفرنسي والانكليزي. أما في إسبانيا وهي بلد آخر متعدد اللغات، فلا يوجد كلمات في نشيدها على الرغم من أن مسابقة وطنية عقدت عام 2007 لكتابة كلمات للنشيد.

قانون النشيد الوطني العراقي، مثله مثل الكثير من القضايا والرموز الوطنية خضع طيلة تسع سنوات لكثير من الشد والجذب بين الكيانات والاحزاب السياسية لاسباب اثنية او طائفية او غيرها من اسباب.

وقد تضمن القانون الجديد الذي تمت قراءته الاولى ثلاثة مقترحات لنصوص شعرية هي [سلام على هضبات العراق] للشاعر محمد مهدي الجواهري و[غريب على الخليج] للشاعر لبدر شاكر السياب وقصيدة [وطني المجد] للشاعر محمد مهدي البصير. 

وقد تم التوافق على النص الشعري لقصيدة الجواهري (سلام على هضبات العراق وشطيه والجرف والمنحنى). والقانون يضم فقرة تتضمن بيتا شعريا باللغة الكوردية وهو (العراق جميل بكوردستان.. التعايش مطلب الجميع).

يشار إلى أنه منذ تأسيس الدولة العراقية الحديثة خلال العام 1921، ومع كل تغيير رئيسي في نظام الحكم، كان النشيد الوطني العراقي بدوره يخضع للتغيير، ومع تعاقب الأنظمة المختلفة تعاقب على العراق خمسة أناشيد وطنية في خلال اقل من قرن.

فعند تولي الملك فيصل الأول الملكية في العراق كان السلام الملكي باللحن البسيط، وبعد ثورة 14 تموز 1958 كان لابد من إجراء تغيير على السلام الملكي وتحويله إلى سلام جمهوري وكان السلام الجمهوري في هذه الحقبة لحنا أيضا بلا كلمات وكان يسمى موطني، وبعد وصول حزب البعث إلى السلطة خلال العام 1963، تم اعتماد نشيد وطني جديد وهو (والله زمان يا سلاحي)، وهو من الحان المصري كمال الطويل وكلمات الشاعر المصري صلاح جاهين، وفي العام 1981، تم اعتماد نشيد (وطن مدّا على الأفق جناحا)، وهي من كلمات الشاعر العراقي شفيق الكمالي والحان اللبناني وليد غلمية ليكون النشيد الوطني للجمهورية العراقية، وبعد العام 2003، تم اعتماد أنشودة موطني كنشيد وطني لدولة العراق وهي من كلمات الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان كتبها عام 1934، ولحنها محمد فليفل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 29/تموز/2012 - 9/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م