اسلحة الدمار الشامل السورية... فزاعة الغرب الجديدة

 

شبكة النبأ: اتساع رقعة المواجهات المسلحة في سوريا اصبحت اليوم خطر مؤكد يهدد امن واستقرار المنطقة خصوصا مع وجود دعم عربي واقليمي للجماعات المسلحة المعارضة للنظام والتي باتت تشكل مصدر قلق للعديد من الدول،  تلك المخاوف ازدادت بعد ان اثبتت الوقائع ان تنظيم القاعدة الارهابي هو احد الجهات الكثر فعالية في تلك الاحداث وهو ما اثار مخاوف اسرائيل التي اصبحت تخشى من ان تكون هدف مباشر لأسلحة اطراف الصراع وهو ما دفعها الى اعلان حالة استنفار لمواجهة اي طارئ فهي تخشى اليوم من استخدام الاسلحة الكيماوية الخطيرة ضدها باعتبارها اول واخطر الاعداء وفي هذا الشأن قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مقابلة مع برنامج (فوكس نيوز صنداي) الأمريكي إنه يخشى من احتمال "سقوط النظام" بطريقة تتسم بالفوضى وتترك مواقع الأسلحة السورية بلا حراسة. وأضاف "نحن لا نريد بالتأكيد ان نكون عرضة لأسلحة كيماوية تسقط في ايدي حزب الله أو جماعات إرهابية أخرى.. إنه خطر كبير." وسئل إن كانت إسرائيل ستتحرك منفردة أم تفضل تولي الولايات المتحدة زمام القيادة فأجاب قائلا "سيكون علينا ان ندرس تحركنا. هل أنا أسعى إلى التحرك؟ لا. هل أستبعده؟ لا."

وقال السناتور الأمريكي جون مكين إنه بالإضافة إلى ما تخشاه إسرائيل من المحتمل كذلك أن تلجأ الحكومة السورية إلى استخدام الأسلحة الكيماوية ضد معارضيها. وأ ضاف مكين الذي كان مرشح الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة عام 2008 متحدثا إلى قناة (سي.ان.ان.) التلفزيونية "هناك احتمال أن يلجأ بشار الأسد إلى استخدام تلك الأسلحة الكيماوية." وقال جاي كارني السكرتير الصحفي للبيت الابيض للصحفيين المسافرين مع الرئيس باراك اوباما على طائرة الرئاسة ان ترسانة الاسلحة الكيماوية ما زالت تحت سيطرة الحكومة السورية على ما يبدو. ولكنه قال ان واشنطن التي تشعر بقلق تراقب المخزونات وتتشاور مع جيران سوريا. واضاف كارني "نعتقد ان الاسلحة الكيماوية السورية ما زالت تحت سيطرة الحكومة السورية. "ولكن في ضوء تصاعد العنف ما زلنا قلقين جدا بشأن هذه الاسلحة." وقال وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك إن إسرائيل ستدرس القيام بعمل عسكري إذا دعت الضرورة لضمان عدم وصول الأسلحة الكيماوية والصواريخ السورية إلى أيدي حزب الله.

وكرر نتنياهو اتهامه لحزب الله وإيران بالمسؤولية عن تفجير انتحاري أودى بحياة خمسة سياح إسرائيليين في بلغاريا الأسبوع الماضي. ونفت إيران أي دور لها في الحادث. وقال نتنياهو "أعرف استنادا الى معلومات مؤكدة لا مجال للشك فيها أن هذا (من فعل) حزب الله وأن هذا أمر تعرف به إيران تمام المعرفة."

وسئل إن كان باستطاعته أن يقدم أي دليل قاطع يربط بين تفجير مطار بورجاس في بلغاريا وبين حزب الله فقال إن حكومته ستطلع "الوكالات الصديقة" على معلومات مخابراتها. وذكر نتنياهو خلال مقابلة مع برنامج "واجه الأمة" الذي تبثه شبكة (سي.بي.إس) التلفزيونية أن إسرائيل لديها "معلومات لا يرقى إليها الشك ومؤكدة تماما عن أن هذا (هجوم بلغاريا) نفذه حزب الله بمساندة إيران."

وقال رئيس الوزراء الإسرائيلي إن الهجوم الذي وقع في بلغاريا جاء في أعقاب القبض على رجل للاشتباه في أنه كان يخطط لتنفيذ هجوم على سياح إسرائيليين في قبرص بنفس الأسلوب. وذكر مكتب نتنياهو في بيان نقلا عن قادة أجهزة المخابرات الإسرائيلية أن إيران وحزب الله "سعيا لتنفيذ هجمات إرهابية في أكثر من 20 بلدا على مدى العامين الأخيرين. ولم يتضمن البيان تفاصيل عن تلك المزاعم.

وقال نتنياهو في المقابلة مع (سي.بي.إس) إن سياسة إسرائيل بخصوص مثل هذه الهجمات هي "إعلان اسماء مرتكبيها وفضحهم" ثم "جعلهم يدفعون الثمن". وسئل إن كان ذلك يعني هجوما فعليا على إيران فأجاب "لن أدخل في تفاصيل محددة بشأن ما سنفعله وما لن نفعله لكني أعتقد أن الخطوة الأولى الأكثر أهمية هي فضح جرم إيران." بحسب رويترز.

وقال نتنياهو إن المفاوضات بين الولايات المتحدة والقوى العالمية الأخرى وبين طهران بخصوص برنامجها النووي لم تبطئ أنشطة تخصيب اليورانيوم في ايران "البتة". واضاف رئيس وزراء إسرائيل التي يعتقد أنها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط المسلحة نوويا "منذ الجولة السابقة من المحادثات خصبوا كمية تكفي خمس قنابل نووية." وتنفي إيران أنها تسعى لصنع أسلحة نووية. وقال نتنياهو أنه رغم اتفاقه مع المباديء التي حددها الرئيس الأمريكي باراك أوباما للتصدي لبرنامج إيران النووي لكن "المسألة الحقيقية ليست هي السياسة المعلنة وإنما النتائج الفعلية في أرض الواقع."

وتصاعدت التكهنات بأن إسرائيل يمكن أن تهاجم الترسانة السورية في أعقاب الهجوم الذي شهدته العاصمة دمشق وأدى إلى مقتل أربعة مسؤولين كبار في الحكومة السورية. وقال مسؤول كبير في وزارة الدفاع الإسرائيلية آموس جيلاد للإذاعة العسكرية الإسرائيلية "حتى الآن، لا يزالون يحكمون (النظام السوري) سيطرتهم على الترسانة بأفضل وجه ممكن". لكن المسؤول أضاف أن إسرائيل تبقى في حالة استنفار بسبب المخاوف من وقوع هذه الأسلحة في أيادي عناصر لبنانية متشددة أو متشددين مرتبطين بالقاعدة أو أي "عناصر غير منضبطة" تعمل في سوريا.

وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، أوضح أن إسرائيل مستعدة للتعامل مع السيناريو الأسوأ. وأضاف في مقابلة مع القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيلي "طلبت من الجيش الإسرائيلي أن يستعد للتعامل مع وضع نجد فيه أنفسنا مضطرين لدراسة احتمال شن هجوم ضد "ترسانة الأسلحة السورية." وقال للصحفيين "دولة إسرائيل لا يمكن أن تقبل انتقال أسلحة متطورة من سوريا إلى لبنان". وفي السياق ذاته، قال رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أمام مجلس الوزراء "نراقب الأحداث عن كثب ونحن مستعدون لأي احتمال قد يحدث". وتخشى إسرائيل من "احتمال انتقال الصراع" في سوريا إلى مناطقها الحدودية بعد تصاعد القتال في معاقل الأسد وهي دمشق وحلب.

النظام مسؤول

في السياق ذاته شدد البيت الابيض على ان النظام السوري مسؤول عن امن الاسلحة الكيميائية التي يملكها، معتبرا ان عدم حماية هذه الاسلحة يستدعي محاسبة الافراد داخل نظام بشار الاسد. وقال جاي كارني المتحدث باسم الرئيس باراك اوباما ان "الحكومة السورية مسؤولة عن امن وتخزين الاسلحة الكيميائية، والمجتمع الدولي سيحاسب اي مسؤول سوري لا يفي بهذا الالتزام". وفيما تشتد المواجهات بين القوات السورية النظامية والمعارضة في مختلف المناطق السورية وخصوصا في دمشق وحلب، يتصاعد قلق المجتمع الدولي على امن الاسلحة الكيميائية التي يملك نظام الاسد كميات كبيرة منها. واوضح كارني للصحافيين على متن الطائرة الرئاسية التي كانت تقل اوباما الى كولورادو (غرب) ان "الولايات المتحدة تراقب من كثب المعدات الحساسة في سوريا وبينها الاسلحة الكيميائية ونعتقد ان الحكومة السورية لا تزال تسيطر على الاسلحة الكيميائية السورية". لكنه تدارك "انطلاقا من تصاعد العنف في سوريا واتساع نطاق الهجمات التي يشنها النظام على شعبه، نظل قلقين جدا على مصير تلك الاسلحة". ورفض كارني "التكهن" بالإجراءات التي يمكن ان تتخذها الولايات المتحدة في حال تبدل وضع هذه الاسلحة.

من جهته قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيج إن تهديد سوريا باستخدام السلاح الكيماوي ضد التدخل الأجنبي "غير مقبول". وقال للصحفيين خلال اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل "هذا نموذج لما يتوهمه هذا النظام من أنهم ضحايا عدوان خارجي. " وعلى أي حال من غير المقبول أن يقولوا إنهم سيستخدمون الأسلحة الكيماوية تحت أي ظرف." وأقرت سوريا للمرة الأولى بامتلاك أسلحة كيماوية وبيولوجية وقالت إنها يمكن ان تستخدمها ضد أي تدخل خارجي في البلاد.

من جانب اخر استبعد خبير إسرائيلي لجوء الرئيس السوري بشار الأسد لاستخدام الأسلحة الكيماوية ضد المعارضة. وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الألمانية قال البروفيسور إيال زيسر من مركز ديان للدراسات الاستراتيجية في تل أبيب إن وجهة نظره مبنية على أساس أن الأسد سيبذل كل ما في وسعه للنجاة. وأوضح الخبير أن القتال بين القوات الحكومية وقوات المعارضة السورية يتم في نطاق ضيق للغاية 'فإذا ما استخدم الجيش أسلحة كيماوية على سبيل المثال في دمشق فإنها ستصل أيضا إلى قصر الرئاسة'.

وأضاف زيسر أن من غير المتوقع استخدام الأسلحة الكيماوية طالما بقي الأسد في السلطة فضلا عن أنه (الأسد) سيعمد إلى الهرب خارج البلاد في حال خسارته. ويرى زيسر أن تأمين الأسلحة الكيماوية السورية من خلال تشكيل ائتلاف دولي أقرب منه من خلال تصرف إسرائيلي منفرد 'فالدولة اليهودية ليست وحدها المعنية بهذا الأمر'. وفي هذا السياق أشار زيسر إلى رغبة حزب الله في الحصول على مثل هذا النوع من السلاح 'والذي بواسطته يمكن للحزب الدفاع عن نفسه بشكل جيد'. واستبعد زيسر أن تكون هناك إمكانية 'واقعية' لانسحاب الأسد داخل دويلة علوية صغيرة داخل سورية مضيفا أنه لا يعتقد أن بإمكان قوات الأسد تأمين الأسلحة الكيماوية داخل مثل هذه الدولة الصغيرة.

واكدت وزارة الخارجية السورية ان دمشق لن تستخدم اسلحة كيميائية او جرثومية الا في حال تعرضها "لعدوان خارجي". وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية تلاه المتحدث باسمها جهاد مقدسي في مؤتمر صحافي "لن يتم استخدام اي سلاح كيميائي او جرثومي ابدا خلال الازمة في سوريا مهما كانت التطورات الداخلية. هذه الاسلحة لن تستخدم الا في حال تعرضت سوريا لعدوان خارجي".

وتحدث البيان عن "حملة اعلامية وسياسية موجهة" ضد سوريا" تهدف الى "تبرير وتحضير الرأي العام الدولي لأي تدخل عسكري محتمل تحت ستار أكذوبة أسلحة الدمار الشامل". واشار الى ان "هذه الأسلحة على مختلف انواعها مخزنة ومؤمنة من قبل القوات المسلحة السورية و بإشرافها المباشر". واضاف ان وزارة الخارجية سبق ان ابلغت بموقفها دولا "عبرت عن قلقها من موضوع وصول أسلحة غير تقليدية لأيدي طرف ثالث". بحسب فرنس برس.

وقال ان الوزارة حذرت ايضا "من موضوع آخر مثير للقلق وهو امكان تسليح الجماعات الارهابية من الخارج بقنابل تكتيكية او الغام تحتوي مواد جرثومية تفجر في احدى القرى ثم يتم اتهام القوات السورية بذلك". واكد مقدسي ان "هذه الحملة السياسية والاعلامية المبرمجة لن تفيد أبدا في مساعدة سوريا على تجاوز ازمتها". وتابع "ننصح الدول القلقة على سوريا والسوريين بان توفر جهودها وحملاتها الاعلامية السلبية لأقناع من تدعمهم وتستضيفهم وتمولهم وتسلحهم لكي يتمسكوا بالحل السياسي للازمة".

شبكة النبأ المعلوماتية- الخميس 26/تموز/2012 - 6/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م