جيمس هولمز.. سفاح اورورا الغامض

 

شبكة النبأ: لا يزال الرأي العام الامريكي منشغلاً بمجزرة اورورا التي راح ضحيتها العديد من المواطنين والتي نفذها الطالب جيمس هولمز البالغ من العمر اربعة وعشرون عاما  حيث لاتزال اسباب تلك الجريمة مبهمة وغير معروفه برغم من استمرار التحقيقات لكنها نفذت بطريقة مدروسة بشكل ملفت للنظر، ويرى بعض المتخصصين ان المتهم قد يعاني من مرض نفسي خصوصا وان بعض التقارير الاولية تؤكد مثل هكذا فرضية، وفي هذا الشأن شيع سكان ضاحية في دنفر ضحاياهم الذين قتلوا عندما اطلق مسلح النار بشكل عشوائي في سينما تعرض فيلم باتمان الجديد مما اسفر عن مقتل 12 شخصا واصابة 58 اخرين. وتوجه الرئيس الأمريكي باراك اوباما إلى اورورا في كولورادو للقاء عائلات ضحايا الحادث الذي اصاب الولايات المتحدة بالذهول وأحيا النقاش حول الأسلحة والعنف في أمريكا.

وبكى المشيعون خلال الصلاة الخاصة التي اقيمت في اورورا على ارواح ضحايا البلدة التي يقطنها 325 الف شخص والتي لا تبعد كثيرا عن موقع مذبحة مدرسة كولومباين الثانوية عام 1999 عندما فتح اثنان من الطلبة النار وقتلوا 12 من زملائهم ومدرسا. وقال القس موريشيو برموديز امام الحشد الذي تجمع في كنيسة ملكة السلام الكاثوليكية في اورورا "ثقافتنا تحتاج إلى تغيير.. اي نوع من الاشخاص اصبحنا؟ يجب ان نتغير اليوم. اليوم يكون اليوم." وسقط الضحايا الذي يتراوحون من فتاة في السادسة إلى رجل (51 عاما) عندما فتح مسلح عرفته الشرطة بانه يدعى جيمس هولمز -متخرج من كلية الطب- النار خلال حفل منتصف الليل لفيلم باتمان الجديد "عودة فارس الظلام". وقال رئيس بلدية اورورا ستيف هوجان "ما زلنا نعاني تداعيات الحادث".

وتأتي زيارة اوباما لكولورادو في الوقت الذي يكثف فيه المحققون من تحقيق مع المتهم هولمز. واعتقل هولمز بعد لحظات من اطلاق النار وقامت السلطات المحلية والاتحادية بنزع فتيل متفجرات في شقته التي وضعت بها شراك خداعية. وقال قائد شرطة اورورا دان اوتس ان حادث اطلاق النار جاء في اعقاب اشهر من "الخطط والتدبر" حيث تسلم هولمز "شحنات ضخمة" من الأسلحة التي ارسلت إلى عنوان عمله ومسكنه.

وقال حاكم كولورادو جون هيكنلوبر متحدثا في شبكة ان بي سي انه لا توجد ادلة حتى الان على الدافع وراء الحادث. لكنه قال ان هولمز "شخص ملتوي ومخادع حقا" لا يتعاون مع السلطات. وأضاف هيكنلوبر "كان شيطانيا.. انظر اليه تقريبا على انه ارهابي. اراد ان يسلب قدرتنا على التمتع بالحياة ليس فقط من الناس هنا ولكن من البلد."

ونشر الطبيب الشرعي اسماء القتلى الاثني عشر ومنهم طفلة عمرها ست سنوات وشاب كان يحتفل بعيده ميلاده السابع والعشرين ومذيع رياضي كان قد نجا من حادث اطلاق نار في مركز تجاري في تورنتو في وقت سابق هذا الصيف. وروى شهود العيان في دار العرض قصصا مروعة لمصابين يترنحون وينزفون من ثقوب خلفتها الرصاصات في اجسادهم او يبصقون دما ويصرخون طلبا للمساعدة.

كما بلغ صدى الحادث السباق الانتخابي الرئاسي حيث هدأ كل من اوباما ومنافسه الجمهوري ميت رومني من حملتيهما وسحبا اعلاناتهما من كولورادو وخصصا تجمعاتهما المقررة للضحايا.

وفي روما عبر البابا بنديكت عن الشعور بالهلع والحزن ازاء الحادث. بحسب رويترز.

وقال في خطاب "شعرت بصدمة كبيرة بسبب العنف الاحمق الذي وقع في اورورا في دنفر." وأضاف "اشارك عائلات واصدقاء الضحايا والمصابين خاصة الاطفال محنتهم ." وألقي القبض على هولمز في مكان لانتظار السيارات خلف السينما. وكان هولمز مسلحا ببندقة هجومية من طراز ايه ار-15 وبندقية خرطوش من عيار 12 وبمسدس عيار 40 من طراز جلوك. وعثرت الشرطة على مسدس اخر في سيارته التي كانت تقف امام مخرج الطوارئ في دار العرض مباشرة. وكان هولمز اشترى الاسلحة كلها بشكل مشروع من ثلاثة متاجر في المنطقة.

منزل المتهم

في السياق ذاته أنهت الشرطة الأمريكية عملية تطهير المتفجرات من منزل المتهم. واستخدمت الشرطة في أول الأمر إنسانا آليا (روبوت) لسبر أغوار منزل جيمس هولمز في أورورا بولاية كلورادو، ولكن كان لا بد من دخول عناصر تابعة لقوات الأمن لفحص المنزل دون التسبب في نسف ما تبقى من متفجرات. وتقول الشرطة إن المتهم أقدم على فعلته "مع سبق الإصرار والترصد"، حيث سعى طيلة أشهر الى الاستحواذ على الذخيرة.

واكتشفت الشرطة وعناصر مكتب التحقيقات الفيدرالي أن منزل المشتبه فيه لم يكن سوى شرك. حيث كشفت آلة تصوير متصلة بذراع طوله اثنا عشر قدما عن المتفجرات بداخله. وقال دان أوتس قائد شرطة أورورا "لم أشهد في حياتي كالذي شاهدته في هذا المنزل". وفي وقت سابق أجرى خبراء المفرقعات انفجارا صغيرا تحت السيطرة في البناية. كما تمكن الضباط من فك أسلاك كانت مشدودة لتفجير الألغام. وأبطلت الشرطة أيضا مفعول قنبلة حارقة.

وكان أحد الأسلاك مشدودا عبر بوابة دخول الشقة، وفي الداخل كانت هناك جرار مملوءة بمستحضرات ومعجلات كيمائية من شأنها أن تحدث انفجارا متى ما اختلطت المحتويات. كما تم العثور على أكثر من ثلاثين قنبلة محلية الصنع. وأوضح أوتس "كانت الشقة مصممة بحيث يلقى من يدخلها حتفه فورا"، مشيرا إلى أن من صمم هذا الفخ لا بد وأن يكون ضابط شرطة. وأعرب قائد شرطة أورورا عن مشاعر الغضب مما وقع وقال "إننا غاضبون جدا لما وقع لمدينتنا ولأولئك الأشخاص الذين يقطنوها وكذلك نشعر بالغضب من التهديدات التي أطلقها ضد عناصرنا". وأردف "كل ما توصلنا إليه وضعناه أمام النائب العام بالولاية". وتم إجلاء السكان من البناية ومن البنايات الأربع الملاصقة لها.

واشترى هولمز ستة آلاف إطلاقة عبر الإنترنت. وأوضح أوتس أن الأسلحة والذخائر كافة تم شراؤها بطريقة شرعية وأنه تسلم طرود الذخيرة ذات الأسعار الباهظة في منزله ومحل عمله. وجاء في بيان أصدره الممثل البريطاني كريستيان بيل، الذي يؤدي دور باتمان أو "الرجل الوطواط" في الفيلم "الكلمات لا تفي لوصف مشاعري. لا يمكنني حتى استيعاب حجم الألم والحزن الذي يكابده المصابون وأهالي الضحايا، ولكن مشاعري معهم". بحسب رويترز.

ولم تجد السلطات أي أدلة تثبت ارتباط هذا العمل بالإرهاب، كما لم يتم التعرف على دوافع الجريمة. ولم تثبت سجلات هولمز وجود أي سوابق جنائية لديه غير دفع الغرامة الخاصة بتجاوز السرعة اثناء قيادته سيارته. وقال جرايسون روبنسون عمدة مقاطعة أراباهو إن هولمز موضوع رهن الاحتجاز في حبس انفرادي بغرض حمايته. وأوضح "إننا نلجأ عادة إلى هذا الإجراء في الوقائع الكبرى. وليس لهذا أي ارتباط بتهديد محدد لحياته".

واعلنت الشرطة انها عثرت على جهاز الكمبيوتر العائد الى جيمس هولمز، المشتبه باطلاقه النار داخل صالة سينما قرب دنفر في كولورادو (شرق) خلال عرض فيلم باتمان. وعثر على الكمبيوتر داخل شقة هولمز في اورورا التي تمكنت الشرطة من دخولها بعد تنظيفها من المتفجرات.وقال دان اوتس قائد شرطة اورورا عبر شبكة سي بي اس "تم ابلاغي بالعثور على جهاز كمبيوتر في الشقة وبمساعدة الاف بي آي (مكتب التحقيق الفدرالي) سيتم فحص محتوياته بدقة". واضاف "هذا الامر قد يستغرق وقتا لكننا نأمل بان يوفر لنا معلومات".

وجيمس هولمز هو طالب في الرابعة والعشرين من عمره يدرس علوم الجهاز العصبي، وترقى سمعته الانطوائية الى فترة طفولته في جنوب كاليفورنيا. وكان جيمس هولمز بصدد الانسحاب من دراسته جامعة كولورادو حيث كان مسجلا منذ حزيران/يونيو 2011، كما اوضح متحدث باسم الجامعة في تصريح لصحيفة دنفر بوست المحلية. وعلى صورة وزعتها الجامعة، تبدو على وجه الشاب المستدير، صاحب الشعر الاسود المشعث، ابتسامة رضية ويرتدي سترة تي شيرت ذات لون برتقالي غامق. ويبدو في صورة اخرى تعود الى فترة دراسته الثانوية في سان دييغو التي تخرج فيها في 2006، يرتدي زيا قاتما وعلى وجهه ابتسامة عريضة. ووصفه مكتب التحقيقات الفدرالي (اف بي آي) بأنه رجل ابيض يبلغ طوله 1,90 مترا وقد ولد في 13 كانون الاول/ديسمبر 1987، ولا يتضمن سجله العدلي اشارات ذات دلالة او ما يدل على صلته بالإرهاب.

وذكرت شرطة اورورا حيث وقعت الجريمة للصحافة ان المأخذ الوحيد عليه في المدينة هو مخالفة ناجمة عن السرعة الزائدة في 2011. وفي استمارة ملأها مطلع 2011 لاستئجار مسكن، وصف جيمس هولمز نفسه بأنه طالب "متواضع وغير متطلب في حياته"، كما كشفت صحيفة دنفر بوست على موقعها في شبكة الانترنت. واكد طالب في فرع الصيدلة يعيش في المبنى نفسه المخصص للطلبة والاساتذة وموظفي كلية الطب، "لم يكن احد يعرفه".

واضاف هذا الطالب الذي لم يكشف سوى عن اسمه الاول وهو بن، ان جيمس هولمز كان يعيش منطويا على نفسه، ولم يكن يلقي التحية ويتظاهر بأنه لا يرى احدا عندما يلتقي بآخرين في الممر. وكشف بن ايضا انه اتصل بالشرطة ساعة وقوع المجزرة لإبلاغها بأن موسيقى صاخبة تنبعث من شقة جيمس هولمز. ولم يستطع بن تحديد الاغنية لكنه يفترض انها هي نفسها التي كانت تتردد باستمرار. ويتذكر طوم ناي أحد جيران هولمز في سان دييغو ان المتهم كان مراهقا خجولا لا يخالط شبان الاحياء المجاورة، كما كتبت صحيفة سان دييغو يونيون-تريبيون.

واوضحت الصحيفة على موقعها في شبكة الانترنت "قال انه شاهده آخر مرة قبل سنتين لدى عودته في الاجازة الصيفية". واضاف طوم ناي ان "العائلة لطيفة وتتردد على كنيسة" بروتستانتية. وفي 2010، حصل هولمز على اجازة في علوم الجهاز العصبي من جامعة ريفرسايد في كاليفورنيا، كما اوضحت كريس لوفكين مديرة العلاقات العامة في الجامعة. واضافت انها لا تستطيع تقديم مزيد من المعلومات حول المتهم. وتؤكد السلطات القضائية المحلية لصحيفة سان دييغو يونيون-تريبيون ان جيمس هولمز لم يتعرض ابدا للمحاكمة ولم ترفع في حقه اي دعوى قضائية في سان دييغو. بحسب فرنس برس.

ويصف موقع ماشابل. كوم المخصص لشبكات التواصل الاجتماعي هولمز بأنه "شبح الانترنت" فلا يظهر على شبكات مثل الفايسبوك او تويتر. واعربت عائلة الشاب عن استعدادها للتعاون مع التحقيق. واضافت "ما زلنا نحاول التعود على تقبل ما حصل وسنقدر حرص الناس على احترام حياتنا الخاصة"، وذلك بعدما اكدت ارلن، والدة جيمس هولمز ان ابنها هو المتهم باطلاق النار.

ادنى مستوى

الى جانب ذلك وصل حجم مبيعات تذاكر يوم الافتتاح لفيلم باتمان "عودة فارس الظلام" إلى ادنى مستوى له في شباك التذاكر مع انصراف بعض رواد السينما على ما يبدو عن دور العرض بعد المذبحة التي ارتكبها احد الاشخاص في عرض اول للفيلم. ولم تنشر شركة التوزيع السينمائي وارنر بروس اي ارقام رسمية كما قررت شركات افلام اخرى كبرى في هوليوود عدم الافصاح عن ارقام مبيعات التذاكر وذلك للمرة الاولى التي تعيها ذاكرة مراقبي شباك تذاكر دور العرض.

وكان فيلم "عودة فارس الظلام" واحد من اكثر الافلام المرشحة للنجاح هذا العام قبل ان يفتح مسلح النار على المتفرجين في عرض اقيم في اورورا بولاية كولورادو. وقبل العرض الاول توقع خبراء شباك التذاكر ان تتراوح مبيعات الافتتاح من 170 مليون إلى 198 مليون دولار خلال يومين من العرض وهو اقل بكثير من الرقم القياسي الذي حققه الفيلم الخيالي "المنتقمون" وهو 207 مليون دولار في مايو ايار. بحسب رويترز.

وقال بيتر سيلي مدير التسويق السابق لشركة افلام كولومبيا "الشبكات الاخبارية تواصل تغطية حادث اطلاق النار بشكل موسع مما تسبب في حدوث صدمة قوية ستجعل الناس ينصرفون (عن دور السينما) ولكن لفترة قصيرة. هذا الفيلم سيعرض لمدة تتراوح من خمسة إلى ستة اسابيع ولا يزال يحقق نجاحا طيبا." وقال بول ديرجرابيديان المسؤول عن صفحة شباك التذاكر بموقع هوليوود دوت كوم ان الفيلم استفاد من التذاكر التي بيعت قبل العرض مما دفع الناس إلى التصميم على مشاهدة الفيلم رغم اي مخاوف محتملة. وبعد حادث اطلاق النار اتخذت اجراءات امنية مشددة وقلصت شركة وارنر بروس من خططها الاعلانية فقامت بالغاء عرض اول للفيلم في باريس والغاء سفر طاقم الممثلين إلى المكسيك واليابان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 25/تموز/2012 - 5/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م