الهجرة غير الشرعية... ظاهرة متفاقمة وحلول مغيبة

 

شبكة النبأ: مشكلة الهجرة قد تكون اهم واعقد المشاكل التي تواجه بعض الحكومات خصوصا مع تزايد اعداد المهاجرين غير الشرعيين الذين اجبرتهم الظروف غير الطبيعية الى مغادرة بلدانهم واللجوء الى دول اخرى قد تكون اكثر امان بحسب اعتقادهم ، ويرى بعض المراقبين ان الظروف الاقتصادية الصعبة والواقع الامني المتدني في بعض الاحيان هي اهم الاسباب التي تدفه الناس الى الهجرة والانتقال الى تلك الدول، وفي هذا الشأن صرحت وزيرة الداخلية البريطانية تيريزا ماي بان بريطانيا تعد قيودا طارئة على الهجرة لمواجهة اي زيادة في المهاجرين من اليونان ودول الاتحاد الاوروبي الاخرى لأسباب اقتصادية اذا انهار اليورو. ولم تحدد ماي الخطوات التي قد تطبقها بريطانيا. ويحق لاي مواطن في السوق الواحدة العمل في دولة عضو اخرى على الرغم من امكان تطبيق قيود مؤقتة على الدول الاعضاء الجدد.

وقالت ماي لصحيفة ديلي تلجراف "مثل اي جزء من الحكومة فمن الصواب ان نقوم ببعض التخطيط الطاريء بشأن ذلك. وأثار تصور متزايد بان اليونان او الدول الاخرى المثقلة بالديون قد تضطر لترك منطقة اليورو التي تضم 17 دولة قلقا من احتمال فقد الملايين وظائفهم واضطرارهم للنزوح للخارج بحثا عن عمل. وعلى الرغم من ان بريطانيا ربما تبدو جذابة لأنها خارج منطقة اليورو فأنها تعتمد على منطقة اليورو في 40 في المئة من صادراتها وقد عادت للركود في الربع الاول من العام الجاري وتبلغ نسبة البطالة بها 8.2 في المئة.

وقالت وسائل الاعلام البريطانية ان قيود الهجرة ربما تشمل تأشيرات الدخول المؤقتة او بطاقات العمل. وامتنعت وزارة الداخلية عن التعليق على تقرير الصحيفة. وقال متحدث باسم المفوضية الاوروبية انه لا يستطيع التعليق الا بعد ان يرى تفاصيل ما قالته بريطانيا. وتحتل الهجرة دائما مكانا بارزا بين مخاوف البريطانيين.

وقد مثلت قضية في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 2010 عندما وعد حزب المحافظين الذي تنتمي اليه ماي ويتزعم الان حكومة ائتلافية مع حزب الديمقراطيين الاحرار الاصغر بخفض الهجرة الى عشرات الالاف وهو امر اخفق في تحقيقه. واظهرت احصاءات وزارة الداخلية ان عدد اليونانيين المقيمين في بريطانيا وحصلوا على الجنسية ارتفع بنسبة 30 في المئة الى 325 من 250 في نوفمبر تشرين الثاني فيما بين عامي 2010 و2011 . ونقلت صحيفة فاينانشال تايمز عن القنصلية اليونانية قولها ان اليونانيين في بريطانيا يعيشون بشكل اساسي في لندن وان عددهم يتراوح بين 30 الف و40 الف شخص.

في السياق ذاته قال كبير مفتشي الحدود والهجرة البريطاني جون فاين إن وكالة الحدود البريطانية التابعة لوزارة الداخلية ليس لديها "استراتيجية واضحة" للتعامل مع أكثر من 150 ألف شخص من الأجانب الذين يقيمون داخل البلاد بعد انتهاء تأشيرات الدخول الخاصة بهم. وقال فاين إن أعداد الطلاب الأجانب الذين يأتون للدراسة في بريطانيا آخذة في التزايد أيضا.

وحذر التقرير ، الذي أعده فاين، من أن موظفي الهجرة لا يعلمون عدد الأشخاص الذين أُبلغوا بضرورة مغادرة البلاد ولم يغادروها بالفعل حتى الآن. وألقى وزير شؤون الهجرة البريطاني داميان غرين باللوم على الحكومة السابقة، لكن حزب العمال قال إن هذا التقرير جاء لتوجيه النقد. ويركز التقرير على مشكلة لم تكن معروفة من قبل في وكالة الحدود البريطانية وتتعلق بالأشخاص من خارج الاتحاد الأوروبي الذين حددت لهم مواعيد نهائية لمغادرة بريطانيا ولم يغادروها.

والعديد من هؤلاء الأشخاص هم من الطلاب الذين يضافون إلى "قائمة رفض السفر" في حال عدم مغادرتهم للبلاد بعد إبلاغهم بضرورة المغادرة. وقال المفتش فاين: "هناك أكثر من 150 ألف حالة من المهاجرين الذين رفضت طلباتهم بتمديد فترة الإقامة في بريطانيا، ولا تعلم وكالة الحدود البريطانية عدد هؤلاء الأشخاص الذين غادروا البلاد أو الذين ينتظرون."

وأضاف فاين: "لم أر أي دليل على أن هناك خطة واضحة تنفذ في الوكالة للتعامل مع هذا الأمر لضمان عدم حدوث تراكمات أخرى." وقال أيضا: "أعتقد أن الوكالة يمكن ، بل ويجب، أن تبذل المزيد من الجهد لإظهار أنها تتعامل مع هذه المسألة بطريقة أكثر فعالية." وذكر التقرير أن عدد الحالات على قائمة رفض السفر قد ارتفع من 153 ألف شخص في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي إلى 160 ألف شخص بحلول منتصف ديسمبر/كانون الأول من نفس العام.

وقال وزير الهجرة البريطاني داميان غرين: "في ظل الحكومة السابقة، لم تكن هناك استراتيجية فعالة لضمان أن المهاجرين يغادرون بنهاية الوقت المحدد لإقامتهم في بريطانيا." وتعمل وكالة الحدود البريطانية الآن على تحديد الأشخاص الذين لم يغادروا البلاد بعد انتهاء فترة اقامتهم وذلك للعمل على عودتهم لأوطانهم. وتشمل هذه الاجراءات مراجعة سجلات الركاب باستخدام قاعدة بيانات الوصول والتي تغطى الآن كل الرحلات الجوية من خارج الدول الأوروبية.

لكن وزير الداخلية بحكومة الظل ايفيت كوبر قال إن الحكومة "فشلت في مواجهة الهجرة غير الشرعية." وأضاف كوبر: "كان الاستنتاج الدامغ من مفتش الهجرة الحكومي هو أن الحكومة تعطي أولوية قليلة جدا للعثور على الأشخاص وترحيلهم." وأضاف: " لقد كان هناك اخفاق تام في فضيحة الحدود، حيث اعترفت وزيرة الداخلية بأنها لا تعرف عدد الأشخاص الذي دخلوا البلاد دون تسجيل، ونحن الآن لدينا صفوف ضخمة أمام مطاراتنا بسبب سوء الإدارة وبسبب تقليص عدد العاملين في جهاز مراقبة الحدود البريطانية بنحو 900 عامل."

من جهة اخرى قال وزير الخارجية الليبي عاشور بن خيال أثناء زيارة لروما ان تدهور الوضع الامني في جنوب ليبيا يهدد بزيادة الهجرة غير الشرعية القادمة من أفريقيا الى أوروبا. وقال بن خيال للصحفيين في مؤتمر صحفي مع نظيره الايطالي جوليو تيرزي "في اللحظة الراهنة الوضع لا بأس به لكن لدينا مؤشرات على أنه قد يسوء. المهاجرون الافارقة وصلوا الى الحدود المصرية الليبية." وتابع قائلا "الاعداد ليست كبيرة الى ذلك الحد ولكنها قد تزداد ولذلك فاننا نوجه هذا التحذير."

وتتحمل ايطاليا التي تعد أقرب نقطة للوصول الى قلب أوروبا من سواحل أفريقيا على البحر المتوسط وطأة أزمة هجرة سرية تشتعل من حين لأخر في أوروبا الجنوبية منذ عدة سنوات. وشق عشرات الاف المهاجرين غير الشرعيين طريقهم عبر البحر المتوسط من شمال أفريقيا يجازفون في رحلة محفوفة بالمخاطر في سفن صيد صغيرة ومكتظة. ولاقى الالاف حتفهم نتيجة لتحطم السفن أو الظروف الصعبة في البحر. بحسب رويترز.

وقال بن خيال ان الاضطراب في جنوب ليبيا الواقع في منطقة الساحل الافريقي وكذلك العنف من قبل فصائل مسلحة أو مقاتلين أعلنوا في عام 2011 التمرد المسلح الذي أطاح بالزعيم الليبي معمر القذافي تثير قلقا. وقال تيرزي ان عودة ليبيا الى اراقة الدماء "لن يكون مقبولا" بالنسبة للاستقرار الاقليمي. واضاف أنه يجب على الحكومة الجديدة أن تتوصل الى رد ملائم بالتعاون مع شركاء أجانب من بينهم ايطاليا. وتابع قائلا "وفيما يتعلق بالأمن فان انتشار الاسلحة في أعقاب الثورة الليبية مصدر قلق بالنسبة لنا نظرا للأثار المزعزعة للاستقرار التي ينطوي عليها داخل البلاد والعواقب على الدول المجاورة."

طرد 40 الف مهاجر

على صعيد متصل صرح وزير الداخلية الفرنسي كلود غيان لشبكة "ال سي اي" بانه يتوقع طرد 40 الف اجنبي في وضع غير قانوني في 2012، ما يعني زيادة 20 في المئة تقريبا مقارنة بالعام 2011. وقال الوزير المقرب من نيكولا ساركوزي "نسير في اتجاه ترحيل 40 الف اجنبي في وضع غير نظامي"، بينما تشكل الهجرة احد المواضيع الرئيسية في حملة الانتخابات الرئاسية التي ستنتهي الاحد في الدورة الثانية بين الرئيس المرشح والاشتراكي فرنسوا هولاند.

وفي العام 2011، بلغ عدد الاجانب في وضع غير قانوني والذين اعيدوا الى الحدود، رقما قياسيا من 32922 شخصا وكان الهدف طرد 28 الفا. واعتبر فرنسوا هولاند من جهته انه لا يوجد "الكثير من المهاجرين في وضع قانوني" في فرنسا، لكن "الكثير من المهاجرين في وضع غير نظامي". بحسب فرنس برس.

ويقدر عدد المهاجرين غير الشرعيين في فرنسا عموما ب40 الفا. وفي 2009، استفاد 215 الف اجنبي من المساعدة الطبية الحكومية المخصصة لمن هم بدون اوراق ثبوتية، وهو رقم في زيادة مستمرة. وازداد عدد المطرودين من تسعة الاف في 2001 الى 29 الفا في 2008 بدفع من نيكولا ساركوزي، ولو ان 80% من القرارات لم تنفذ وخصوصا بسبب رفض الدول الاصلية التي يتحدر منها المهاجرون تسليم وثائق مرور قنصلية. وبين الاشخاص الذين اعيدوا الى الحدود نحو عشرة الاف من غجر الروم من رومانيا وبلغاريا الذين يوافقون على عودة طوعية بعد مساعدة مالية. لكنهم في غالب الاحيان يعودون بعد فترة للاقامة في فرنسا.

سجن مهاجرين

من جانبها نددت منظمة العفو الدولية بمعاملة السلطات القبرصية للمهاجرين غير الشرعيين وطالبي اللجوء السياسي واعتبارهم "مجرمين" من خلال سجنهم. واعتبرت منظمة العفو الدولية التي تدافع عن حقوق الانسان ومقرها لندن، انه يتوجب على الجزيرة مراجعة تشريعها ليتماشى مع القانون الدولي. وجاء في تقرير للمنظمة ان "المهاجرين غير الشرعيين يعاملون بمثابة مجرمين".

واوضحت المنظمة ان "مئات الرجال والنساء الذين يفرون سنويا من الحرب والقمع والفقر ويصلون الى قبرص طلبا للملجأ او اللجوء تسجنهم السلطات في الجزيرة ما يشكل انتهاكا لواجباتها الدولية". واعتبرت المنظمة ان السلطات تنتهك قواعد الاتحاد الاوروبي الذي تنتمي اليه قبرص بعضوية كاملة منذ العام 2004 من خلال "اعتقالها مهاجرين غير شرعيين دون التفكير بحلول بديلة ومن دون ان تستطيع ان تظهر ان اعتقالهم امر ضروري". بحسب فرنس برس.

وانتقدت المنظمة ايضا ظروف الحياة في مراكز الاعتقال مشيرة الى ان السجون مكتظة وغير صحية. وتطرقت الى مصير سيراليوني اعتقل في قبرص قبل ترحيله بالرغم من ان المحكمة العليا في البلاد اصدرت قرارا لصالحه. وامرت المحكمة بإطلاق سراحه ولكن "قبل ان يغادر المحكمة، اعتقل مجددا وسجن"، حسب قرار منظمة العفو الدولية.

الى جانب ذلك استقبلت كرواتيا 65 مهاجرا اسيويا وافريقيا غير شرعي بعد انقاذهم من جانب خفر السواحل الكرواتيين في المياه الدولية للبحر الادرياتيكي اثر تعطل السفينة التي كانوا على متنها، على ما افادت قناة نوفا تي في الخاصة. وتم سحب سفينة المهاجرين الى مرفأ دوبروفنيك جنوب كرواتيا بواسطة سفينة تابعة لخفر السواحل.

ونصبت السلطات الكرواتية خيما قرب المرفأ للسماح للفرق الطبية باستقبال المهاجرين واجراء الفحوص الطبية لهم قبل وضعهم في مستودع قديم تم تحويله الى ملجأ لإيوائهم بحسب نوفا تي في. وبحسب الشرطة الكرواتية فإن السفينة الصغيرة المعدة اساسا لنقل حوالى 12 شخصا فقط، كانت تبحر منذ شهرين على الاقل في المياه الدولية بين ايطاليا وكرواتيا. بحسب فرنس برس.

وردا على نداء استغاثة، ارسل خفر السواحل سفينة صغيرة لنقل مواد غذائية وادوية الى المهاجرين عندما كانت سفينتهم قبالة جزيرة ملجيت الكرواتية. واوضحت وزارة الدفاع الكرواتية ان المهاجرين هم صوماليون ومصريون وسوريون وافغان انطلقوا على الارجح من اليونان وكانوا يريدون التوجه الى ايطاليا. وغالبا ما يتم عبور البحر الادرياتيكي من جانب مهاجرين غير شرعيين يرغبون في دخول الاتحاد الاوروبي.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 24/تموز/2012 - 4/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م