رمضان فوق 50 مئوية... عن الجوع والعطش ومتاعب اخرى

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: استبقت شهر رمضان بيوم واحد، كما افعل كل عام، ولا انتظر بيانات الرؤية الشرعية، لاعتقادي ان من يبدأ مبكرا سيصل اولا.. ولكن الى اين؟

كنت في زيارة قصيرة لاحد الاصدقاء الذي يملك محلا لبيع المصوغات الذهبية، كانت مجموعة من النساء في المحل، خرجن جميعا الا واحدة بقيت في الداخل، دخلت عليه وسلمت، كانت نظراتها نحوي مشجعة، اللهم اني صائم.. قدم لي هذا الصديق قنينة ماء بارد، وكنت ابادلها النظر، شعرت بالارتباك والخجل، لا استطيع اخباره باني صائم وانا في اللحظة نفسها ارتكب اثم النظر الى امراة امامي، الخجل من نفسي؟ ام من رب النفوس؟

سأبدأ باحصاء لكل خطأ او خطيئة اقع فيه/ فيها، وساحاول ان اعقد مقارنة بين اوامر الصوم ونواهيه، وسوف اجيب في نهاية الشهر هل وصلت اولا ام اني توقفت في نقطة معينة من الطريق؟

هذه الاسئلة كل عام اطرحها على نفسي، واشعر بالغيظ من كل شخص حين يتكلم معي يخبرني بانه صائم، وخصوصا احد الاصدقاء الذي ما ان يراني حتى يبدأ بالتذمر : الجو حار، الازدحام كثير، اشعر بالعطش الشديد، وكثيرا ما اناكفه : ولماذا انت صائم؟ هل اجبرك احد؟ هل تريد مكافاة مني؟ نعم الجو حار، ماذا افعل لهذا الجو؟ وهل بيدي تخفيف الزحامات المرورية؟ كثرة التمر من الاشياء تجعلك تشعر بها اكثر، وتضغط عليك بصورة اشد، تناسى ذلك وتوكل.

اعود الى المنزل محملا بالاكياس البلاستيكية (رز – لبن – تمر – عنب – خوخ – لحم – عصير – مياه معدنية – خبز – صمون – علبة سكائر – خضروات) انتبه الى نفسي، انا لوحدي في المنزل، فالاهل في سفر الى بيت احد اخوالي، لمن كل هذه المشتريات؟ لن استطيع ان اتناول الكثير منها، فصحن من الشورية والسلطة، والاهم من ذلك كمية كبيرة من المياه هي كل ما اريده.

بقي كل شيء على حاله، فقط القليل منه امتدت اليه يدي، اترك مجالا لاقداح الشاي التي ساشربها برفقة عدد من اللفافات، ساستمتع بحلقات الدخان اكثر من استمتاعي بالطعام..

هل نصوم لنمتنع عن الاكل والشرب وبقية اللذائذ المباحة؟ ام اننا نصوم لنقنن هذه المباحات، حنى في بقية شهور العام، لنصل دائما وابدا الى حيث يفترض بنا الوصول؟

واقع احوالنا يكشف ان ليس لنا من حظ الصيام غير الجوع والعطش، واننا في صراعنا مع نزواتنا واطماعنا نخسر دائما، لاننا لا نملك تلك الارادة، ارادة الصوم التي ارادها الله لنا، لا شيء يتغير في هذا الشهر، غير الطقوس المرافقة لساعات الصوم والافطار والسحور.

اسواقنا على حالها من جشع التجار، ومن الكذب والتدليس، والمواد الغذائية المنتهية الصلاحية، حتى ان الكثير من تلك الموبقات تزداد في هذا الشهر، وكانها فرصة يجب اغتنامها بسبب الاقبال الكبير على المواد الغذائية واستهلاكها.

يرى متخصصون أن شهر رمضان المبارك فرصة سانحة للتجار لترويج بضائعهم بشكل كبير، مؤكدين أن التسوق في هذه الفترة من السنة يتضاعف عن الأشهر الأخرى، رغم أن الاستهلاك ذاته لا يتغير، وذلك جراء العادات الخاطئة لدى الأسر، إضافة للأساليب الترويجية الذكية من قبل التجار التي تغري المستهلكين على الشراء.

يصف الدكتور سعود الضحيان أستاذ الخدمة الاجتماعية في قسم الدراسات الاجتماعية في جامعة الملك سعود هوس الأسر بشراء مستلزمات رمضان من المواد الغذائية بالخاطئ، فهم يقومون بشراء كميات لا يحتاجون إليها، واصفاً الحملة الإعلانية التي ينتهجها التجار بالشرسة، وذلك للاستفادة بشكل أكبر من المردود المادي، داعياً إلى الاستفادة من هذا الشهر روحياً وجسدياً.

من جهته، يرى زياد الرماني المستشار الاقتصادي في معهد الأمير نايف للبحوث والخدمات الاستشارية، أن غالبية الأسر السعودية تفتقد مفاهيم الثقافة الاستهلاكية المتزنة، حيث إنها لا تعترف بسلم الأولويات في تحديد حصص الإنفاق،

وقالت الدكتورة تهاني العجاجي عضو هيئة التدريس في كلية الاقتصاد المنزلي في جامعة الأميرة نورة، إن التسوّق في شهر رمضان المبارك يتضاعف عن الأشهر الأخرى رغم أن الاستهلاك ذاته لا يتغير، مبينة في الوقت ذاته أن الأسر تتهافت على شراء بعض المنتجات، مثل العصائر والشوربات وبعض منتجات الحلويات بكميات كبيرة رغم أن الاستهلاك الفعلي لا يتجاوز نصف الكمية أو حتى ربعها التي تشتريها الأسر، والتي تبقى في العادة إلى رمضان القادم أو حتى إلى أن تنتهي مدة صلاحيتها دون استهلاكها.

وفسّرت العجاجي نمط الشراء لدى الأسر السعودية في رمضان بالعادة الاجتماعية، وخاصة أن بعض الأسر تحب أن تكدس سفرة الإفطار بجميع المأكولات، وخاصة في الولائم والعزائم، مشيرة إلى أن الإعلانات وطرق عرض المنتجات في الأسواق تلعب دوراً مهماً في تهافت المتسوّقين على بعض المواد، منوّهة بأن ذلك من شأنه أن يرهق ميزانية الأسر ويزيد من كميات الأطعمة الفائضة التي قد تنتهي بها الحال إلى سلة القمامة.

منذ الليلة الاولى التي قررت فيها الصيام، نظرت الى الامساكية التي بين يدي، ستة عشر ساعة بالتمام والكمال، هي ساعات الصوم في اجواء حارة جدا، اقضي نصفها على الاقل خارج المنزل في درجة حرارة تقارب الخمسين مئوية، وهي نصف درجة الغليان كما تقول الفيزياء، كل شيء سيغلي في هذه الساعات، الاعصاب، المشاعر، النفوس، الاجساد، اسفلت الطريق، الابنية، السيارات المتحركة في الشوارع، وانت على هذا الجمر المتقلب عليك ان تلتزم ولو بالقليل من اداب الصيام.

كم تبلغ ساعات الصيام في عدد من دول العالم؟

الأرجنتين 9 ساعات و30 دقيقة الأقصر عالميا لوقوعها في النقطة الجنوبية من قارة أمريكا الجنوبية - أستراليا 10 ساعات فقط لوقوعها جنوب الكرة الأرضية - جنوب إفريقيا 10 ساعات و30 دقيقة - البرازيل 11 ساعة - كينيا 12 ساعة - المكسيك 13 ساعة و20 دقيقة - المغرب 14 ساعة - الصين 14 ساعة - اليونان 14 ساعة و30 دقيقة - اليابان 14 ساعة و30 دقيقة - الولايات المتحدة 15 ساعة - فرنسا 16 ساعة - السعودية 16 ساعة - إنجلترا 16 ساعة و30 دقيقة - مصر 16 ساعة و30 دقيقة - ألمانيا 16 ساعة و30 دقيقة - كندا 18 ساعة - هولندا 18 ساعة و30 دقيقة - أيسلندا 20 ساعة و20 دقيقة - الدنمارك 21 ساعة أطول ساعات صيام في العالم.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأحد 22/تموز/2012 - 2/رمضان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م