اتركوا مصر وشأنها

د. أحمد راسم النفيس

(وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا) الإسراء (36)

 

يبدو أن البعض يعتقد أن مصر أصبحت دون رجال ولا عقول وأنها مجرد ولاية تابعة لأممية إسلامية لا يدري أحد من يديرها وأن من حق كل من هب ودب أن ينظر لها أو يقرر شأنها رغم أنف أبنائها.

كما يبدو واضحا أن هذا البعض يتعامى عن رؤية ما لا يخدم وجهة نظره ولا يفيده في دعم نظريته الخائبة ومثال ذلك هو صمت هذه الأقلام الخائبة عن تناول زيارة مرسي للعربية السعودية وإعلانه عن ضم مصر بصورة رسمية لقيادة عموم الوهابية.

من ضمن هذه الترهات ما ذكره أحد كتاب موقع (الانتقاد) بتاريخ 11-7-2012: (كان يجب على بقية قوى الثورة المصرية ان تتحد وتقف خلف الرئيس محمد مرسي في بدئه معركة استعادة حقوق الثورة ووضع حد لتجاوز المجلس العسكري الحاكم حدوده القانونية والتي بلغت حدّ منح نفسه إصدار إعلان دستوري وتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية والسيطرة على السلطة التشريعية بعد اصداره قرار تنفيذياً لحكم المحكمة الدستورية بحل البرلمان. لكن الاصوات المرتفعة ضد القرار الرئاسي واعتباره تجاوزاً للقانون ورفع بعض الدعاوى القضائية عليه لوقف تنفيذه تشير الى تدهور في مستوى وعي بعض القوى والشخصيات الثورية التي لم تتعلم من تجربة تفكك أواصرها وتشتتها في الانتخابات الرئاسية، والتي ادت الى نتائج سلبية تمثلت بتقليص حجم الأصوات التي نالها مرسي ومنح اصوات تجاوزت الاثني عشر مليونا لمرشح النظام البائد احمد شفيق، اي بما يفوق ما حصلت عليه القوى الليبرالية واليسارية من اصوات في انتخابات مجلس الشعب).

الكاتب النحرير يريد أن يقنعنا أن ثورة الشعب المصري تتمثل الآن في شخص مرسي وجماعة الإخوان وأن تأييد حكم الدستورية بحل برلمان البلكيمي وونيس (يشير الى تدهور في مستوى وعي بعض القوى والشخصيات الثورية التي لم تتعلم من تجربة تفكك أواصرها وتشتتها في الانتخابات الرئاسية)!!.

علينا إذا وفقا لرأي هذا الفيلسوف النحرير أن نشرب منقوع الوهابية السام حتى الثمالة وأن نسهم بكل ما أوتينا من قوة بشرية في دعم إقامة (جمهورية مصر الوهابية) وأن ننفذ ما تصدره قطر العظمى والبيت الأبيض الأمريكي من تعليمات وإلا فنحن بلا وعي ولا عقل!!.

نفس هذه الشخصيات (الثورية) التي يشير إليها الكاتب النحرير هي التي تلقت حقائب الدولارات من واشنطن والدوحة والرياض والتي قامت بالدور المرسوم لها في المرحلة الثانية للانتخابات كي يجري تسليم الدولة بأسرها تسليم مفتاح للموجة الوهابية الثانية التي تجتاح مصر الآن.

الإخوة المنظرون لمصر نيابة عن شعبها وإلغاء لوجود رجالاته وإنكارا لقدرتهم على اتخاذ موقف يضع الأمور في نصابها يجهلون حقيقة ما يجري في هذا البلد ويتجاهلون أن الفريق الوهابي الحاكم لا يريد إلغاء دور الجيش وحده بل يريدون إلغاء دور الأزهر لصالح التيار السلفي وهي كارثة إضافية تضاف إلى سلسلة الكوارث التي تنتظرها مصر في الفترة المقبلة إن بقيت هذه الجمعية التأسيسية الوهابية على حالها.

هل صمت هؤلاء الإخوة وتوقفوا عن إصدار نصائحهم الخائبة!!.

هلا توقفوا عن إطلاق تحليلاتهم ومواقفهم التي تنبئ عن لا مبالاة وعن قلة احترام لشعب يعيش أزمة وكارثة!!.

رَحِمَ اللَّهُ رَجُلًا رَأَى حَقّاً فَأَعَانَ عَلَيْهِ أَوْ رَأَى جَوْراً فَرَدَّهُ وَ كَانَ عَوْناً بِالْحَقِّ عَلَى صَاحِبِهِ . الإمام علي بن أبي طالب.

www.elnafis.net

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 16/تموز/2012 - 25/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م