سوريا والتدخلات الخارجية... حرب وكالة مكلفة

 

شبكة النبأ: لاتزال التدخلات الخارجية هي السمة الرئيسية فيما يخص القضية السورية التي باتت تشكل مصدر قلق للكثير من الدول خصوصا دول الجوار والتي تأثر بعض منها بمجريات تلك الاحداث، وقد اسهمت تلك التدخلات بتأجيج حدة الصراع وسقوط الالاف من الضحايا الأبرياء وبمباركة بعض الدول العربية التي سعت الى تدويل هذه القضية وتقديم يد العون لبعض الجماعات المسلحة بدوافع طائفية مستخدمة كل وسائل التظليل لتحشيد الرأي العام العالمي. ويرى بعض المراقبين ان اتباع سياسة الوصاية واملاء الشروط والذي تتبعه بعض الدول سيخلق مناخ متأزم يساعد بأتساع رقعة المواجه خصوصا وان تلك الدول تسعى الى تحميل السلطة الحكومية كامل المسؤولية متناسية ان القوانين الدولية تتيح لها الدفاع عن اراضيها تجاه اي اعتداء من شأنه زعزعة امنها واستقرارها خصوصا وان الطرف الاخر مجهز بمعدات واسلحة وله جهات داعمة، وفيما يخص الشأن السوري فقد اتفقت القوى الدولية على ضرورة تشكيل حكومة انتقالية في سوريا لإنهاء الصراع ولكن لا تزال هناك خلافات بشأن الدور الذي يمكن أن يقوم به الرئيس بشار الأسد في تلك العملية. وقال مبعوث السلام الدولي كوفي عنان بعد المحادثات التي اجريت في جنيف إن الحكومة الانتقالية في سوريا يجب أن تضم أعضاء من الحكومة الحالية ومن المعارضة ويتعين عليها ترتيب إجراء انتخابات حرة.

وقال عنان للصحفيين "الوقت ينفد. "نحتاج إلى خطوات سريعة للتوصل إلى اتفاق. يجب حل الصراع من خلال الحوار السلمي والمفاوضات." ووصفت محادثات جنيف بأنها محاولة أخيرة لوقف سفك الدماء المتزايد في سوريا لكنها اصطدمت بعقبات حيث تعارض روسيا -أقوى حليف للأسد- إصرارا عربيا وغربيا على ضرورة انسحاب الرئيس السوري من المشهد.

وقال البيان الختامي إن الحكومة الانتقالية يجب تشكيلها "على أساس التراضي بين الأطراف." وحققت روسيا انتصارا بحذف فقرة في مسودة سابقة قالت بشكل واضح إن خطة السلام يجب أن تستبعد من الحكومة أي شخص من شأن مشاركته أن تقوض مصداقية الحكومة الانتقالية وتلحق الضرر بالاستقرار والمصالحة. وظهر التناقض بين مواقف الولايات المتحدة وروسيا بعد الاجتماع بشأن ما يعنيه الاتفاق بالنسبة للأسد الذي حكم سوريا 11 عاما منذ أن خلف والده الرئيس الراحل حافظ الأسد.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إنه "سعيد" بنتيجة المحادثات. وأضاف أن النقطة الرئيسية هي أن الاتفاق لم يحاول فرض عملية انتقال على سوريا. وقال لافروف إن الاتفاق لم يشر ضمنيا إلي أنه يجب على الأسد أن يتنحى ولا توجد أي شروط مسبقة باستبعاد أي جماعة من حكومة الوحدة الوطنية المقترحة.

ولكن وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون قالت إن الاتفاق سيرسل رسالة واضحة إلي الأسد بأن عليه ان يتنحى. وقالت للصحفيين "سيتعين على الأسد أن يرحل." وأضافت "ما فعلناه هنا هو أننا قضينا على تصور أنه هو ومن تلطخت أياديهم بدماء السوريين يمكنهم البقاء في السلطة." وعقد كوفي عنان الاجتماع في مبنى الأمم المتحدة على شواطئ بحيرة جنيف في محاولة لإنقاذ خطة سلام تجاهلتها إلى حد كبير حكومة الأسد. وحذر في الافتتاح من أن الصراع في سوريا قد يفجر أزمة إقليمية ودولية. وطرح الأمين العام السابق للأمم المتحدة والحاصل على جائزة نوبل للسلام في ختام الاجتماع السؤال عما إذا كان يمكن لمن تلطخت أياديهم بالدماء أن يكونوا جزءا من الحكومة الانتقالية. وقال "يساورني شك في أن السوريين الذين حاربوا بقوة من أجل استقلالهم كي يتمكنوا من أن يحددوا كيف سيحكمون ومن سيحكمهم سيختارون أناسا أياديهم ملطخة بدمائهم لقيادتهم. لا يمكنني القول إنني سعيد حقا ولكنني راض عما توصلنا إليه اليوم."

وخطة عنان للتوصل إلى حل من خلال التفاوض للصراع المستمر منذ 16 شهرا هي الخطة الوحيدة المطروحة على الطاولة. وحضر وزراء خارجية الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن -روسيا والصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا- محادثات جنيف الى جانب تركيا والكويت وقطر والامين العام للأمم المتحدة بان جي مون والامين العام للجامعة العربية نبيل العربي. غير ان ايران -أقرب حليف لسوريا- والسعودية وهي خصم لكل من دمشق وطهران وداعمة رئيسية لقوات المعارضة التي تقاتل قوات الاسد لم تحضرا المؤتمر. ولم يحضر ايضا ممثلون عن الحكومة السورية أو المعارضة.

وأبدى وزير الخارجية البريطاني وليام هيج ثقة في الحل الوسط الغربي. وقال "لقد كانت محادثات صعبة كما تستطيعون ان تستنتجوا من حقيقة اننا قضينا اكثر من تسع ساعات في مناقشته. اعتقد ان النتيجة خطوة الى الامام.. مجرد خطوة الى الامام لكنها تستحق العناء." ورحب بحقيقة ان روسيا والصين قد أيدتا فكرة تشكيل حكومة انتقالية. ولكنه ابدى اسفه لعدم التوصل لاتفاق بشأن مسألة مبيعات الاسلحة لسوريا واي خطوة في المستقبل بما في ذلك العقوبات في مجلس الامن الدولي. بحسب رويترز.

وقالت الصين التي منعت هي وروسيا اتخاذ موقف أكثر صرامة من الأسد إن القوى الخارجية يجب ألا تفرض حلا سياسيا في سوريا. وقال بيان إن وزير الخارجية يانغ جيه تشي أكد على أن "الشعب السوري وحده هو الذي يمكن أن يقود حلا سياسيا يكون مقبولا على نطاق واسع لدى الأطراف المعنية في سوريا. ولا يمكن للعالم الخارجي أن يحل محل خيار الشعب السوري وتعارض الصين فرض حل سياسي قسري على سوريا." ودعا اتفاق جنيف ايضا الى منح الناس حرية التظاهر والى الافراج عن السجناء السياسيين بالإضافة الى وقف فوري لأعمال العنف.

المعارضة تتحفظ

في السياق ذاته تحفظت المعارضة السورية على البيان الصادر عن مجموعة العمل حول سوريا في جنيف بينما تحدثت الصحف السورية عن "احباط" المعارضة على اثر "فشل" الاجتماع كما قالت، وذلك في ظل تواصل العمليات العسكرية في مختلف مناطق البلاد. وفيما لم يصدر موقف رسمي عن المجلس الوطني السوري المعارض بعد، قالت المتحدثة باسم المجلس بسمة قضماني ان البيان الختامي لاجتماع جنيف حول سوريا يتضمن "بعض العناصر الايجابية" رغم ان الخطة بمجملها "غامضة جدا". لكن الرئيس السابق للمجلس الوطني السوري وعضو مكتبه التنفيذي برهان غليون قال ان المجلس سيصدر موقفا رسميا من الاتفاق معتبرا ما حصل في جنيف "مهزلة".

واوضحت قضماني "يبدو ان هناك بعض العناصر الايجابية، لكن تبقى عناصر هامة مبهمة جدا والخطة غامضة جدا لرؤية تحرك حقيقي وفوري". واشارت الى "عنصرين ايجابيين"، "الاول هو ان البيان الختامي يشير الى ان المشاركين اتفقوا على القول ان عائلة (الرئيس السوري بشار) الاسد لم يعد بإمكانها ان تحكم البلاد وانها بالتالي لا يمكنها قيادة الفترة الانتقالية".

وتابعت "النقطة الثانية الايجابية هي ان هناك اتفاقا على القول ان الانتقال يجب ان يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري. وهذا التعبير بالنسبة الينا يعني رحيل الاسد لان السوريين سبق ان عبروا عن رأيهم في هذا المجال". وقالت "لكن يبقى هناك عناصر مهمة مبهمة جدا وغامضة جدا كما ان الخطة ملتبسة جدا لكي يمكن توقع تحرك فعلي وفوري". واضافت "نحن نعارض تماما فكرة ان وقف العنف يجب الا يكون شرطا مسبقا للعملية السياسية".

وتم التوصل الى اتفاق حول مبادئ المرحلة الانتقالية في سوريا في جنيف خلال اجتماع مجموعة العمل حول سوريا يمهد الطريق امام حقبة "ما بعد الاسد" بحسب الولايات المتحدة في حين ان روسيا والصين اكدتا مجددا ان الامر يعود للسوريين لتحديد مستقبلهم. في المقابل اعتبر برهان غليون في تصريحات نشرت على الصفحة الرسمية للمجلس على فيسبوك "ما حصل في جنيف كان مهزلة بالمعنى الحرفي للكلمة قبل فيها اعضاء مجلس الامن الاملاء الروسي وتخلوا عن واجبهم تجاه الشعب السوري وتركوه وحيدا امام جلاديه".

ودعا غليون الشعب السوري الى "خوض معركة التحرير الشعبية والانتصار فيها مستعينا بالله وبأبنائه الابطال وبمساعدة الدول الشقيقة". وفي تصريحات لتلفزيون العربية اعتبر غليون ان تصريحات قضماني لا تمثل الموقف الرسمي للمجلس قائلا ان اتفاق جنيف "يشكل اسوأ موقف دولي يعلن حتى الان خلال محادثات حول سوريا". واوضح ان المجلس الوطني السوري سينشر بيانا رسميا حول اجتماع جنيف. وينص الاتفاق خصوصا على ان الحكومة الانتقالية يمكن ان تضم اعضاء من الحكومة الحالية كما اعلن مبعوث الجامعة العربية والامم المتحدة كوفي انان.

من جهة اخرى، عنونت صحيفة البعث الناطقة باسم حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم في سوريا "اجتماع مجموعة العمل ينتهي الى الفشل". وقالت الصحيفة "لم يخرج اجتماع جنيف عن كونه اطارا موسعا لجلسات مجلس الامن حيث مواقف المشاركين بقيت على حالها". ورأت الصحيفة ان "حل الازمة السورية لن يكون الا سوريا بإرادة ابنائها القادرين على اطلاق حوار وطني لا مكان فيه للآخرين سواء كانوا في جوار ام في ما وراء المحيطات ممن اوغلوا في التحريض على قتل السوريين وتدمير مدنهم ومؤسساتهم". بحسب فرنس برس.

اما صحيفة الوطن المقربة من السلطات فأشارت الى ان البيان الختامي لاجتماع جنيف "خلا من اي اشارة الى سيناريوهات ليبية او يمنية جرى الترويج لها عبر وسائل اعلام عربية وغربية في الايام الاخيرة" معتبرة ان ذلك "شكل حالة احباط لدى معارضة الخارج".

وقف حملات تمويل جماعات العنف في سوريا

من جهتها دعت منظمة حقوقية تتخذ من واشنطن مقرا لها امير دولة الكويت وقف ما اعتبرته مساهمة غير مباشرة في اراقة الدم السوري، وذلك عبر التصدي لحملات جمع الاموال التي تنظمها بعض الاطراف الكويتية لتمويل جماعات العنف في سوريا لشراء الاسلحة.

وجاء في نص الرسالة التي صدرت عن منظمة اللاعنف العالمية (المسلم الحر)، اليوم الاحد، "ما يلفت مؤخرا قيام بعض الجماعات الراديكالية المتشددة في الكويت بتبني مشروع غير موفق، تمثل بأطلاق حملات لدعم وتمويل جماعات القاعدة ومثيلاتها المناهضة للحكومة السورية (مثلا) بالمال والسلاح".

وأضافت الرسالة، "وردت العديد من الانباء المؤكدة على تنظيم جهات متشددة في الكويت حملات لجمع مبالغ طائلة في سبيل تسليح بعض الجماعات المسلحة في سوريا، دون ان تلتفت الى خطورة ما تقدم عليه، سيما ان السلاح الذي يتدفق الى سوريا قد يسهم في ازهاق ارواح الكثير من الابرياء والمدنيين".

وأشارت الرسالة على امير الكويت، "تدعو مؤسسة اللاعنف العالمية (المسلم الحر) سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الى ضرورة التدخل لوقف هذه النشاطات اللاشرعية المخالفة للقوانين الكويتية والاعراف الاجتماعية، وعدم السماح للمتعصبين بتلوث أرث كويتي شامخ ترفع على الدوام عن الشبهة".

وفي ما يلي نص الرسالة:

سمو امير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح وفقكم الله ورعاكم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

عرفت الكويت منذ مطلع تأسيس دولتها المباركة بنصاعة صفحتها البيضاء، وخلوها (حكومة وشعبا) من أي شائبة او جريرة داخلية كانت ام خارجية، نظرا للسياسة الرشيدة التي يتعبها حكام آل الصباح سلفا وخلفا، حتى باتت تلك الدولة تتمتع عن سواها من دول الاقليم المجاورة بالكثير من مقومات الدول المتحضرة، خصوصا على صعيد حقوق الانسان والديمقراطية والسلم الاهلي والاجتماعي البارز، فضلا عما لعبته الحكومات الكويتية الموقرة من دور حكيم في نشر المعارف والعلوم وثقافة اللاعنف والحوار، كما تشهد الكثير من الدول النامية بان الكويت كان سباقة في مد يد الخير والعون في كل مناسبة تطرأ.

ولم يسبق لدولة الكويت الكريمة ان زجت بنفسها او بأبنائها في صراعات سياسية خارجية، أو سبق ان بادرت الى التدخل في الشؤون الداخلية لبعض البلدان، مما منحها حصانة وصدارة تفتقدها الكثير من الدول المجاورة.

الا ان ما يلفت مؤخرا قيام بعض الجماعات الراديكالية المتشددة في الكويت بتبني مشروع غير موفق، تمثل بأطلاق حملات لدعم وتمويل جماعات القاعدة ومثيلاتها المناهضة للحكومة السورية (مثلا) بالمال والسلاح، وهو أمر غير مسوغ ومقبول لعدة اسباب منطقية، تعود اولا على سمعة الكويت كدولة بيضاء اليد، لم يسبق لها ان وافقت استخدام اموالها لقتل الناس او دعم شراء اسلحة فتاكة لدعم جهات مسلحة، وثانيا على سوريا التي بات مهددة بسبب التدخلات الخارجية بحرب اهلية خطيرة.

فقد وردت العديد من الانباء المؤكدة على تنظيم جهات متشددة في الكويت حملات لجمع مبالغ طائلة في سبيل تسليح بعض الجماعات المسلحة في سوريا، دون ان تلتفت الى خطورة ما تقدم عليه، سيما ان السلاح الذي يتدفق الى سوريا قد يسهم في ازهاق ارواح الكثير من الابرياء والمدنيين، الامر الذي ترفضه الكويت حكومة وشعبا دون ادنى شك.

فما يحصل الان من جمع تبرعات لأجل تسليح احد طرفي الصراع في سوريا وشراء الصواريخ يخالف اهداف الكويت النبيلة.

لذا تدعو مؤسسة اللاعنف العالمية (المسلم الحر) سمو أمير البلاد الشيخ صباح الاحمد الى ضرورة التدخل لوقف هذه النشاطات اللاشرعية المخالفة للقوانين الكويتية والاعراف الاجتماعية، وعدم السماح للمتعصبين بتلوث أرث كويتي شامخ ترفع على الدوام عن الشبهة.

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 4/تموز/2012 - 13/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م