مرسي إنتصار وإنكسار

هادي جلو مرعي

في هذه الأثناء تهتز ميادين القاهرة وساحاتها وجسورها على النيل وكذلك بقية المدن المصرية إحتفالا بفوز المرشح الإسلامي محمد مرسي على حساب مرشح الفلول كما أطلق عليه في مناسبات عدة الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء في عهد الرئيس السابق محمد حسني مبارك وهو الفوز الذي سيؤسس لمرحلة جديدة في عموم العالم العربي يمتد أثرها الى كل العالم الإسلامي ويدفع الغرب الى إعادة الحسابات القديمة والنظر في طبيعة المشروع الإسلامي ومدى قوته التي تأكد الآن أنها على مستوى من القوة لايمكن معها الإستهانة بها بأي شكل من الأشكال.

فالفوز الذي تحقق وكان متوقعا عند المراقبين والمحللين والعارفين بخبايا الشأن المصري يمثل إنتصارا للقوى المغيبة عن دورها في العالم العربي ومن بينها حركة الإخوان المسلمين التي عانت الكثير في ظل الأنظمة العسكرية المتعاقبة منذ ثورة يوليو 1952 التي تكللت بإعدام منظر الحركة الشيخ حسن البنا والدعاة الأوائل كالسيد قطب وحتى إندلاع ثورة 25 يناير 2011 التي أطاحت بنظام الرئيس محمد حسني مبارك الإمتداد الطبيعي للنظام العسكري الحاكم على مدى كل تلك العقود التي مرت في ظل صراع محموم بين القوى الإسلامية والإنظمة حتى إنتهت تلك المواجهة بإنتصار القوى الإسلامية الناشئة في رحم المعاناة والحواري المتهالكة والجموع التي تبحث عن فرصة لإختبار المشروع الإسلامي الذي بشر به الأخوان طوال تلك المدة وعقدوا العزم على تطبيقه.

إنهزم معسكر القوى القومية وأنظمتها الشمولية التي عاشت على حزمة من الأكاذيب وإتبعت سياسة تضليل غير مسبوقة إستهدفت بها المجموعات البشرية المقموعة وأوهمتها بشر مستطير يطبع سلوك الإسلاميين الداعين الى التغيير، وفعلت ذلك مع القوى الغربية التي ظلت تدعم تلك الأنظمة وترفض الإصغاء الى الصوت الآخر.

ومعنى ذلك أن تلك القوى قد إنكسرت وصعدت محلها قوى أكثر رغبة في التغيير لكنها بالتأكيد بحاجة الى إثبات ذلك وهي مهمة ليست بالعادية أو السهلة في ظل تحديات إقتصادية وسياسية وتكوينية في مجتمعات غير واثقة من نفسها.

فوز المرشح محمد مرسي يمثل إيذانا بإنطلاق مسيرة العمل الإسلامي في كل العالم العربي وفي الشرق بعمومه المتصل بهذا الحراك والمتأثر به ويبقى على الرئيس القادم لمصر أن يعتمد الحكمة والهدوء في التعاطي مع مشكلات بلاده كما أنه مطالب بتصفير المشاكل مع بقية الدول العربية والإسلامية وإزالة هاجس الخوف الذي نبت في عقول ونفوس الغربيين خلال العقود المنصرمة بسبب سياسة التهميش والتضليل التي إتبعتها الأنظمة الشمولية أثناء فترة حكمها سيئة الصيت.

لاشك أن فوز مرسي هو إنتصار للحراك الإسلامي في كل البلدان العربية والإسلامية من غير العربية التي ستتأثر كثيرا به، وهزيمة وإنكسار لمن بقي متشبثا بالماضي الدكتاتوري من مؤسسات وأحزاب وتيارات وقوى وحتى حكومات كانت لاترغب بفوز مرشح الإخوان.

لكن علينا أن ننتظر ففي جعبة المصريين الكثير من السهام التي قد تصيب المزيد من الأهداف.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء26/حزيران/2012 - 5/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م