امريكا وباكستان... خصام على الاعداء!

عبد الأمير رويح

 

شبكة النبأ: توتر جديد تشهد العلاقة بين باكستان والولايات المتحدة الامريكية الدولتين الحليفتين سابقا تلك العلاقة تدهورت بعد ان اقدمت امريكا على تنفيذ بعض المهام القتالية داخل الأراضي الباكستانية الامر الذي اعتبرته الاخيرة تجاوزا على امنها وسيادتها مما دفعها الى اتخاذ بعض القرارات الخاصة كرد مباشر على تلك الانتهاكات، ويرى بعض المراقبين ان رقعة الخلاف ستتسع خصوصا مع وجود تصريحات متشنجة تصدر بين الحين والاخر من قبل الطرف الامريكي الذي يشكك دائما بمصداقية باكستان ويتهمها بتوفير الحماية وتقديم التسهيلات لبعض العناصر المتطرفة، وفي هذا الشأن سحبت الولايات المتحدة مفاوضيها من باكستان بعد فشل المحادثات في التوصل الى اتفاق حول اعادة فتح خطوط الامداد للقوات الاجنبية في أفغانستان عبر الاراضي الباكستانية، حسبما افاد مسؤولون. ويشكل توقف المفاوضات ضغوطا جديدة على العلاقات المتوترة بين واشنطن واسلام اباد بعد الانتقادات الحادة التي وجهها وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا لباكستان.

والمؤشر الاخر على ان المحادثات انهارت، رفض قائد الجيش الباكستاني طلبا تقدم به مسؤول كبير في البنتاغون لعقد اجتماع، بحسب المسؤولين. وبعد مضي قرابة الستة اسابيع على وجود المفاوضين في باكستان اعتقد المسؤولون الاميركيون انهم باتوا على وشك التوصل الى اتفاق مع اسلام اباد لفتح طرق الامداد. وكانت باكستان اغلقت حدودها في وجه قوافل حلف الاطلسي في تشرين الثاني/نوفمبر بعد غارة جوية اميركية ادت الى مقتل 24 جنديا باكستانيا.

الا ان تحقيق اي اختراق لا يبدو وشيكا كما ليس هناك موعد محدد لاستئناف المحادثات بحسب المتحدث باسم البنتاغون جورج ليتل. وتابع ليتل امام الصحافيين "تم التوصل الى قرار بعودتهم (المفاوضين) الى البلاد لفترة قصيرة". لكنه اضاف ان الولايات المتحدة ستظل "على حوار" مع باكستان وان مغادرة فريق المفاوضين ليس معناها ان الولايات المتحدة فقدت الامل في المفاوضات. ومضى يقول "يجب الا ينظر الى ذلك على انه تعبير عن عدم رغبة منا في مواصلة الحوار مع باكستان حول الموضوع"، مضيفا ان المفاوضين "على استعداد للعودة في اي وقت".

وياتي رحيل المفاوضين عقب رفض قائد الجيش الباكستاني الجنرال اشفق كياني لقاء مساعد وزير الدفاع الاميركي بيتر لافوي الذي زار باكستان لمحاولة حل الخلاف. وقال ليتل ان لافوي مساعد وزير الدفاع الاول لشؤون الامن في اسيا والمحيط الهادئ "كان يأمل بلقاء الجنرال كياني لحل المسالة". وتعد الطرق الباكستانية التي تمر من خلالها الامدادات لقوات حلف الاطلسي مهمة لان الحلف يستعد لعملية كبيرة لسحب القوات القتالية والمعدات مع نهاية 2014.

وقد رفض المسؤولون الاميركيون اقتراح باكستان فرض رسوم باهظة تبلغ الاف الدولارات لقاء السماح بمرور شاحنات الحلف الاطلسي عبر اراضيها. كما رفضت واشنطن التقدم باعتذار علني على الغارة التي راح ضحيتها 24 جنديا باكستانيا في تشرين الثاني/نوفمبر. ولم يشأ البيت الابيض الخوض في جدل حول اسباب عدم موافقة باكستان بعد على اعادة فتح طرق الامداد.

وقال المتحدث باسم البيت الابيض جاي كارني ان "غالبية الاتفاقات التقنية تم التوصل اليها لكن لا تزال هناك مسائل عدة عالقة. نحن على ثقة بإمكان التوصل الى حل لكل المسائل ونحن مستعدون للتوصل الى الاتفاق بمجرد ان تصبح باكستان مستعدة لذلك".

وصرحت شيري رحمن سفيرة باكستان لدى الولايات المتحدة "لا نزال متفائلين بإمكان التوصل الى حل يرضي الجانبين حول هذه المسائل". واضافت ان اغلاق الحدود "لم يتم عفويا او من جراء نوبة غضب"، مذكرة بان 24 جنديا باكستانيا قتلوا في الغارة الجوية الاميركية "دون اي تعبير عن الاسف". وبعد اغلاق الحدود الباكستانية، اضطرت قوات الحلف الاطلسي بزعامة الولايات المتحدة الى الاعتماد على الشحن الجوي وشبكة من الطرقات وسكك الحديد في الشمال بعد تفاوضها مع روسيا والحكومات في اسيا الوسطى والقوقاز. الا ان الطرقات الشمالية اطول واكثر كلفة من تلك التي تمر عبر الحدود الباكستانية. بحسب فرنس برس.

وتابع ليتل "يمكننا نظريا ان نؤدي عملنا من دون الاعتماد على طرق الامداد البري. لكنه من الافضل طبعا واقل كلفة اذا اعيد فتحها". والخلاف حول طرق الامداد يعتبر واحدة من النقاط العديدة التي زادت من التوتر بين البلدين الحليفين في الحرب على الارهاب. وتدهورت العلاقات بين البلدين الى اسوا حد في ايار/مايو 2011 عندما قامت وحدة كومندوس اميركية بتصفية زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن في عملية شنتها على مجمع سكني في بلدة باكستانية. وعبرت السلطات الباكستانية عن غضبها لعدم ابلاغها بالغارة الا بعد حصولها.

واشنطن تفقد صبرها

في السياق ذاته قال وزير الدفاع الاميركي ليون بانيتا ان صبر الولايات المتحدة بدأ ينفد حيال باكستان لعدم ملاحقتها شبكة حقاني التي تهاجم القوات الاميركية في افغانستان. وقال بانيتا في مؤتمر صحافي في كابول ان على باكستان "التحرك" ضد الملاذات الآمنة التي تستخدمها شبكة حقاني في المنطقة القبلية شمال غرب باكستان. واضاف ان "صبرنا بدأ ينفد".

واضاف ان "وجود ملاذات لشبكة حقاني حتى الان من الجانب الآخر من الحدود (الافغانية) هو مصدر قلق متزايد لنا". وتابع ان "على باكستان اتخاذ اجراءات لمنع ارهابيين متمركزين على اراضيها من مهاجمة قواتنا" في افغانستان. وكان بانيتا هاجم بشدة خلال رحلته من نيودلهي الى كابول شبكة حقاني التي تدعم مقتلي طالبان في افغانستان. وقال ان "اعضاءها اعداء لنا. سنفعل ما بوسعنا للتصدي لهم عندما يعبرون الحدود". بحسب فرنس برس.

من جانبها رفضت باكستان تلك التعليقات التي اصدرها وزير الدفاع الامريكي بشأن وجود ملاذات امنة للمتشددين في باكستان وهي تصريحات قد تصعد التوتر بين الحليفين اسلام اباد وواشنطن. وقالت وزارة الخارجية الباكستانية في بيان "نشعر ان وزير الدفاع يبالغ في تبسيط القضايا بالغة التعقيد التي نتعامل معها في جهودنا ضد التطرف والارهاب. "نعتقد بقوة ان بيانات من هذا القبيل في غير محلها ولا تساعد على احلال السلام والاستقرار في المنطقة." وكثيرا ما يصف المسؤولون الامريكيون باكستان بأنها شريك غير موثوق فيه في الحرب على التشدد ويطالبونها بتحرك اكثر صرامة ضد الجماعات المتشددة خاصة التي تعمل انطلاقا من المناطق القبلية المضطربة في باكستان قرب الحدود مع افغانستان. بحسب رويترز.

تريد الولايات المتحدة من باكستان ان تتعقب جماعة حقاني القريبة من طالبان الافغانية والقاعدة والتي ينحى عليها باللائمة في بعض من اكثر الهجمات ايقاعا للقتلى في صفوف القوات الغربية في افغانستان. وقالت وزارة الخارجية "باكستان تقول مرارا انها لن تسمح باستخدام اراضيها ضد اي دولة ولن تسمح بأي ملاذات امنة على اراضيها" مضيفة ان اسلام اباد "ستتبع جدولها الزمني الخاص" واستراتيجيتها بشان العمليات ضد المتشددين.

القاعدة تنهار

على صعيد متصل وحين وصل أبو يحيي الليبي أحد قادة تنظيم القاعدة إلى شمال غرب باكستان قبل عدة سنوات نال احتراما واسعا حتى انه كان مرهوب الجانب من قبل بعض من أخطر المتشددين في العالم. وكان بالفعل قد اضحى اسطورة في العالم الغامض للجهاد بعد فراره من سجن امريكي يخضع لحراسة مشددة في افغانستان المجاورة في عام 2005 وبدا انه يعد بتمويل لا ينضب وتدريب والهام لرجال يحلمون بشن هجمات في نيويورك أو لندن.

وحين قتل في هجوم شنته طائرة دون طيار كان أحدث ضحية لسلسلة من الهجمات شنت بهذا النوع من الطائرات وسحقت تنظيم القاعدة على حدود باكستان مع افغانستان حسبما قال مسؤولون في المخابرات الباكستانية وقادة جماعات متشددة. وجفت ينابيع التمويل فيما تساءل هؤلاء الذين آمنوا بالقاعدة ايمانا قويا اذا كان بوسعها البقاء.

وقال قائد من حركة طالبان الباكستانية "تصور.. لقد اعتادوا التنقل بسيارات لاندكروز وشاحنات مزدوجة الكابينة قبل سنوات قلائل. الان يركبون دراجات نارية لقلة الموارد." وبدأ انهيار التنظيم في المنطقة الحدودية بمقتل زعيمها اسامة بن لادن في بلدة باكستانية في مايو أيار من العام الماضي وضعف التنظيم اكثر مع استمرار الهجمات بطائرات دون طيار. ويعتقد ان نحو ثمانية فقط من قادة القاعدة الاكثر تشددا لا يزالون في المنطقة الحدودية بين افغانستان وباكستان مقارنة بعشرات قبل اعوام قليلة.

ويعتقد ان ضمن من يختبئون في المنطقة الزعيم الحالي لتنظيم القاعدة ايمن الظواهري. وأضاف القائد بطالبان الباكستانية في محادثة هاتفية ان كثيرين من الموالين للقاعدة باعوا اسلحتهم او يسعون لجمع تبرعات لتمويل محاولات الهروب لبلادهم. لكن الهجوم الذي قتل الليبي في وزيرستان الشمالية والهجمات الاخرى على مخابئ المتشددين لم تعزز الامن في المنطقة. وتنتشر عدة مجموعات مسلحة اخرى في المنطقة وهي ليست اضعف كثيرا.

وأضعفت الهجمات الجوية القاعدة الا ان حليفتها طالبان الباكستانية تظل قوة هائلة كامنة رغم ان الجيش الباكستاني شن سلسلة من الهجمات ضد معاقلها في الشمال الغربي. وينظر إليها على انها أكبر تهديد للحكومة التي تدعمها الولايات المتحدة. وحملت طالبان بالمسؤولية عن العديد من الهجمات الانتحارية في انحاء باكستان وعدد من الهجمات على المنشآت العسكرية ومنشآت الشرطة كان لها اصداء واسعة.

وتوجد قواعد لشبكة حقاني التي يربطها تحالف وثيق مع تنظيم القاعدة في شمال غرب باكستان حسب قول مسؤولين امريكيين غير ان الشبكة ومسؤولين باكستانيين ينفيان انها تنشط هناك. ويبدو ان الولايات المتحدة تعتبر قادة تنظيم القاعدة الذي كان وراء هجمات 11 سبتمبر ايلول هدفا رئيسيا. وقال وزير الدفاع الامريكي ليون بانيتا لقوات حلف شمال الاطلسي خلال زيارة لكابول في إشارة الى الليبي الذي كان الرجل الثاني في التنظيم واهم مخطط استراتيجي له "اسقطنا قائدا اخر للقاعدة في ذلك اليوم." وأضاف ضاحكا "أسوأ وظيفة يمكن ان تحصل عليها هذه الايام ان تعمل مساعدا لاحد قادة القاعدة.. أو قائدا."

وقال سكان المنطقة وضباط بالمخابرات الباكستانية ومتشددون سابقون في لقاءات ان الهجمات الجوية تضع قادة القاعدة ومقاتليها في حالة دفاع وقيدت حركتهم وقدرتهم على تكوين تحالفات اوثق مع جماعات متشددة اخرى. وثبت ان التمويل يمثل مشكلة لا نه عادة ما يكون نقديا ومن خلال تعامل شخصي لتفادي تعقبه عبر الجهاز المصرفي.

وكان الليبي بين عدد قليل من قادة القاعدة الذين بقوا على اتصال شخصي مع قادة جماعات متشددة كبرى مثل طالبان الباكستانية. واستغل الليبي شخصيته القوية الجذابة ومؤهلاته كرجل دين لمحاولة المحافظة على تماسك تنظيم القاعدة في ظل الضغط المتزايد من الطائرات دون طيار. وقال مسؤول في المخابرات الباكستانية "مقتل الليبي ضربة قوية للقاعدة. تواجه حاليا مشاكل تمويل خطيرة في المناطق النائية الباكستانية. "ارسال نقود واستلامها اضحي صعبا للغاية لهم لان معظم القنوات اغلقت او عطلت مما يؤثر على عملياتهم."

وقال قائد لطالبان الباكستانية ومسؤولون في المخابرات الباكستانية إن قادة القاعدة الذين كانوا يظهرون من قبل في معسكرات التدريب لتحفيز المقاتلين لا يشاهدون الا نادرا. وذكر مسؤول بالمخابرات في المنطقة الحدودية "اختبأ معظمهم ويختبئون في اقبية ويتفادون الاتصال بالعالم الخارجي." وقدر مسؤول امني باكستاني بارز ان نحو ثمانية فقط من قادة القاعدة لا يزالون في باكستان.

ولكن ذلك لا يمثل نهاية قيادة القاعدة في المنطقة الحدودية بين باكستان وأفغانستان التي سبق ان وصفها الرئيس الامريكي باراك اوباما بانها اخطر مكان في العالم. وقال مسؤول امريكي في واشنطن "من الخطأ ان يخلص اي شخص إلى انه ليس هناك من يقف في الصف. العدد يتضاءل ولكن هناك اشرارا وتطلعات شريرة لمجموعة تمثل نواة القاعدة في باكستان." تابع "ولكن هؤلاء الافراد لا يسعهم وليس لديهم المكانة ولا الأتباع في الحركة المتطرفة الاوسع مثل ابو يحيي أو سلفه أبو عطية."

ويتوقف الكثير على قدرة الولايات المتحدة على دفع باكستان لملاحقة بقية قادة القاعدة لاسيما في وزيرستان الشمالية حيث تقول واشنطن إن بعضا من اكثر حلفاء القاعدة دموية يتمركزون.

ومن المستبعد ان تورط باكستان نفسها فيما يمكن ان يتحول لحمام دم لاسيما خلال الازمة في علاقاتها مع الولايات المتحدة التي يعتقد انها تتفاقم منذ الغارة التي شنتها الولايات المتحدة منفردة لاغتيال بن لادن. وتقول باكستان ان جيشها منشغل بمحاربة طالبان الباكستانية في اماكن اخرى وانها وحدها التي تقرر متي تدخل في مواجهة شاملة مع جماعات في وزيرستان الشمالية.

وقال مسؤولون امريكيون إن الهجمات بطائرات دون طيار التي تلهب المشاعر المضادة للولايات المتحدة ستستمر رغم مطالبة باكستان بوقفها ومن شأن ذلك ان يقوض التعاون من جانب إسلام أباد. ويتفق مسؤول امني باكستاني مع الرأي القائل بان الحفنة الباقية من القادة المتشددين للقاعدة الذين لا يزالون في باكستان يختبئون في وزيرستان الشمالية على الارجح. انهم يمثلون مجموعة محدودة ولكن الوصول اليهم ولأنصارهم من شبكة حقاني لن يكون سهلا. ومن الصعب بشكل خاص الحصول على معلومات مخابرات.

وقبل سنوات قليلة استطاع مقاتلون من طالبان الباكستانية تعقب مجموعة كبيرة من عملاء ينقلون اخبارهم للمخابرات الباكستانية من القبائل في وزيرستان الشمالية وذبحوهم. وقال مسؤول امني "قتل عدد كبير منهم والباقون فزعون لدرجة تحول دون التعاون مع ضباط المخابرات. بناء شبكة اخرى يستغرق وقتا." وحتى إن قررت باكستان شن هجوم شامل هناك فانه لا يمثل الا حلا قصير الاجل. بحسب رويترز.

ولا زالت الظروف التي تفرز التشدد مواتية في باكستان ولن تختفي حتى تنفذ الحكومة اصلاحات جريئة تقوي دعائم الاقتصاد الضعيف. ويتحول عدد متزايد من الشبان العاطلين عن العمل للتشدد الذي يمنح احساسا بالقوة بفضل بندقية ايه كيه-47. ويقال لهم ان السترات الناسفة تقودهم إلى الجنة. والرسالة جاذبة بشكل خاص في المناطق التي لا تخضع لحكم القانون في وزيرستان الشمالية حيث تتراوح اعمار 60 بالمئة من السكان بين 15 و25 عاما ولا توجد فرص عمل فعليا وتغيب سلطة الدولة. وقال المسؤول الامني الباكستاني البارز "في كل يوم يتم باكستاني عامه الثامن عشر" في اشارة لتنامي اعداد من يحتمل تجنيدهم للانخراط في الجهاد.

استمرار العنف

من جانب اخر اعلنت الشرطة الباكستانية ان ثمانية اشخاص على الاقل قتلوا في انفجار قنبلة امام مدرسة لتعليم القرآن في جنوب غرب باكستان التي تشهد باستمرار هجمات تشنها حركة طالبان المتحالفة مع تنظيم القاعدة. وقال الضابط في الشرطة قاضي عبد الواحد ان القنبلة التي اخفيت في دراجة انفجرت امام باب مدرسة سنية في كويتا في اقليم بلوشستان بينما كان طلاب يتسلمون شهاداتهم في احتفال. وقال حميد شاكيل وهو ضابط في شرطة كويتا ايضا "سقط ثمانية قتلى واكثر من عشرين جريحا" مشيرا الى "قنبلة موجهة عن بعد". وقال الدكتور محمد حيدر من المستشفى الحكومي الرئيسي في المدينة ان هناك ثلاثة اطفال على الاقل في عداد القتلى. بحسب فرنس برس.

واقليم بلوشستان الواقع على الحدود مع افغانستان وايران يعتبر ملاذا لحركة طالبان المتحالفة مع القاعدة ومسرحا للعديد من الاعتداءات السنية التي تستهدف الاقلية الشيعية الباكستانية (20%) كما يشهد تمردا انفصاليا. وقتل اكثر من خمسة الاف شخص في كل انحاء البلاد في حوالى 600 اعتداء خلال خمس سنوات، وغالبيتها نفذها انتحاريون من طالبان او حلفاؤهم. وكان عناصر طالبان اعلنوا ولاءهم للقاعدة كما اعلنوا في 2007 الجهاد ضد اسلام اباد بسبب دعمها واشنطن في "الحرب ضد الارهاب".

وفي السياق ذاته هددت جماعة متشددة باكستانية باتخاذ إجراء ضد من يعطي الأطفال أمصال ضد شلل الأطفال في المنطقة التي يتواجد فيها أعضاؤهم قائلين إن الحملة الصحية ستار يختفي وراءه جواسيس أمريكيون. وقالت الجماعة ومقرها وزيرستان الشمالية ويقودها حفيظ جول بهادور إنها حظرت الأمصال طالما استمرت الهجمات الصاروخية التي تشنها طائرات أمريكية بدون طيار في باكستان.

وذكرت الجماعة حالة الطبيب شكيل أفريدي والذي تقول مصادر باكستانية إنه ساعد وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في العثور على أسامة بن لادن زعيم القاعدة أثناء حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في البلدة التي كان بن لادن يعيش فيها. وقالت الجماعة التي يعتقد أنها وقعت اتفاقا غير رسمي بعدم الاعتداء مع الجيش الباكستاني "طالما استمرت الهجمات التي تشنها طائرات بدون طيار في وزيرستان سيظل الحظر ساريا على التطعيم ضد شلل الأطفال."

وأضاف البيان "لن يحق لأحد الشكوى من الضرر في حالة أي انتهاك... فحملات التطعيم ضد شلل الأطفال تستخدم أيضا للتجسس لصالح أمريكا ضد المجاهدين ومن أمثلة ذلك الطبيب شكيل أفريدي." بحسب رويترز.

وقال مسؤول أمن باكستاني سابق مطلع على قضية بن لادن إن أفريدي أدار حملة تطعيم واستخدم مسحات من الوجنة لجمع عينات الحمض النووي من أبناء ابن لادن. وأضاف المسؤول أن أفريدي ذهب مع موظفي صحة آخرين إلى بيت بن لادن في بلدة أبوت آباد وأبلغوا زوجاته أنهم يجرون حملة تطعيم ضد شلل الأطفال في المنطقة. وزادت قضية أفريدي الشكوك بين بعض الباكستانيين من أن الولايات المتحدة تستخدم البرامج الصحية للتجسس في البلاد التي تنتشر المشاعر المعادية لأمريكا.

اعتقال قيادي كبير

من جهة اخرى اعتقل في باكستان القيادي الكبير في تنظيم القاعدة الفرنسي نعمان مزيش المقرب من شبكات يشتبه في تدبيرها اعتداءات على اوروبا، بحسب ما أعلن مسؤولون باكستانيون. وتم اعتقال مزيش الفرنسي من أصل جزائري والمولود في باريس سنة 1970، في منطقة كويتا (جنوب غرب) أثناء توجهه الى مناطق قبلية شمال غرب البلاد، وهي المعاقل الاساسية لتنظيم القاعدة في المنطقة، كما أعلن خبير غربي في الملف. وأكد الخبير ان مزيش هو جهادي معروف بعلاقاته المثبتة مع القاعدة، مشيرا الى انه متواجد في نطاق باكستان فغانستان ايران منذ سنوات عدة.

واعتقل نعمان اثر معلومات ادلى بها يونس الموريتاني القيادي في القاعدة الذي كان مساعده، خلال اعتقاله. وقد كلف اسامة بن لادن يونس الموريتاني الذي اعتقل في المنطقة نفسها في ايلول/سبتمبر الماضي، بتنفيذ اعتداءات في استراليا واوروبا والمتحدة الولايات. وافادت مصادر امنية متطابقة ان مزيش قيادي في خلية هامبورغ (شمال المانيا) الاسلامية المتطرفة التي احتضنت عددا من قراصنة الجو الذين نفذوا اعتداءات 11 ايلول/سبتمبر 2001 في الولايات المتحدة بمن فيهم زعيم الخلية محمد عطا. واشتبه في ان تلك الخلية حاولت تنفيذ اعتداءات ارهابية في اوروبا.

وافاد موقع "ذي لونغ وور جورنال" الاميركي على الانترنت المتخصص في الاستخبارات ان نعمان مزيش كان خلال السنوات الاخيرة ينتقل بين باكستان وافغانستان وايران وهامبورغ، حيث كلف بتجنيد جهاديين عبر مسجد القدس الذي اغلقته السلطات الالمانية سنة 2010 لأنه يتردد عليه متطرفون.

لكن نعمان مزيش ليس من قياديي القاعدة المدرجة اسماؤهم علنا على لوائح مكتب التحقيقات الفدرالي الاميركي (اف بي آي) ووزارة الخزانة الاميركية التي تعرض مكافآت كبيرة مقابل معلومات قد تؤدي الى اعتقالهم. ويوضح الخبير الغربي انه "بالاستناد الى التحليلات أكثر منه الى الوقائع، يعتبر مزيش عنصرا أساسيا من القاعدة لارتباطه بالتهديدات ضد اوروبا".

ويضيف ان "مزيش يعتبر خطرا بسبب اتصالاته المتكررة مع خلية هامبورغ لذلك يثير اهتمام الولايات المتحدة وألمانيا كما لأنه أحد مساعدي الموريتاني". لكن مسؤولا عسكريا باكستانيا قال طالبا عدم ذكر اسمه ان "نعمان مزيش مسؤول كبير في القاعدة". واوضح مصدر امني ان نعمان مزيش "المقرب جدا من يونس الموريتاني" اوقف مثله في بلوشستان، الولاية المضطربة في جنوب غرب باكستان والحدودية مع كل من افغانستان وباكستان والتي تعتبر معقلا للمتمردين الاسلاميين والانفصاليين.

وقال الموريتاني، الذي اعتقل في ضواحي كويتا عاصمة بلوشستان، خلال استجوابه ان مزيش دخل باكستان قادما من ايران وكان ينوي الانتقال الى افريقيا بعد ذلك، على ما افاد مصدر امني باكستاني. واضاف ان "اجهزة الاستخبارات تطارده من حينها وقبضت عليه بالنهاية خلال غارة وانه يخضع حاليا لاستجواب حول دوافع دخوله الى باكستان". بحسب فرنس برس.

وافادت عدة وسائل اعلام ان مزيش اوقف مرارا في المانيا خلال السنوات الاخيرة دون ان توجه له اي تهمة او يودع في الاعتقال. واعلنت مصادر اخرى مصرعه في نيسان/ابريل 2010 في غارة طائرة اميركية بدون طيار على المناطق القبلية الباكستانية الحدودية مع افغانستان. وتعتبر باكستان حليفة الولايات المتحدة في "حربها ضد الارهاب" منذ نهاية 2001. لكن العلاقات بين البلدين متوترة منذ سنة ونصف بعد ان اقدمت فرقة كوماندوس اميركية في الثاني من ايار/مايو 2011 على قتل اسامة بن لادن في ابوت اباد على مسافة ساعتين من اسلام اباد.

شبكة النبأ المعلوماتية- الاثنين 25/حزيران/2012 - 4/شعبان/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م