هلاك الغابات... ظاهرة ينتصر فيها الانسان أم يخسر؟

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: صراع مرير يمتد على طول الحزام الاخضر الذي يلف الكرة الارضية وحيثما توجد الغابات يزداد التنافس بين المدافعين عن حقوق الطبيعة والمستفيدين من التجارة غير الشرعية في اندونيسيا والبرازيل وجمهورية الكونجو الديمقراطية وغيرها من البلدان التي تتواجد فيها اخر غابات العالم المهددة بالزوال بسبب استغلال هذه الغابات من خلال عملية جرف الاشجار واستخدام الارض للزراعة اضافة الى قطع الاشجار من قبل الشركات للمتاجرة بأخشابها من دون الاكتراث للمخاطر الجمة والتداعيات الخطيرة التي اصابت الارض والمناخ نتيجة لهذا العمل البيئي والذي زاد من انبعاثات ثاني اوكسيد الكاربون على المستوى العالمي وانحسار مستوى المساحات الخضراء الى جانب الامراض التي اصابت الاشجار نفسها حيث بات ما يعرف بـ"الموت المفاجئ" للأشجار والتي اضافت هماً اخر الى الهموم البيئية التي تعاني منها الارض منذ عقود بعد التغيرات المناخية التي اصابتها كارتفاع حرارة الارض والتصحر والجفاف والانبعاثات السامة والكوارث الطبيعية وغيرها.

وفي حين يحاول المدافعون عن سلامة الارض ودوام المساحات الخضراء والغابات الكبيرة المضي في طريقهم من خلال تحقيق بعض الانتصارات بين الفينة والاخرى خصوصاً على المستوى العالمي بعد ان سنت بعض القوانين المهمة وخصصت الاموال لدعم المجهود الدولي لحماية الغابات وتنظيم طرق التجارة بالخشب وغيره، يبقى السؤال الاهم في الاذهان، الى متى تستمر هذه العملية، ومن الذي سينتصر في النهاية؟.

مكافحة التغير المناخي عبر الغابات

اذ تطال مكافحة التغير المناخي الغابات حيث المجتمعات مدعوة للحفاظ على "آبار الكاربون" الثمينة هذه من خلال مشاريع "نموذجية" مثل المشروع الذي اطلق في جمهورية الكونغو الديمقراطية بتمويل من شركة "ديزني"، لكن هذه المبادرات القائمة على مشاريع لا تحل المشكلة بالنسبة للبعض إذ انها "تحمي" بعض الغابات من دون أن تجنب بالضرورة قطع الأشجار في اماكن اخرى، ويكمن الهدف الرئيسي من "المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الأحراج وتدهور الغابات" في البلدان التي تكثر فيها الغابات، على الاستثمار في المحافظة على الأحراج بدل من تسليمها لشركات صناعة الخشب أو المصانع الزراعية، ويجري حاليا تنقيح هذه المبادرة في إطار المفاوضات المناخية في دوربان (جنوب إفريقيا)، وينجم عن إزالة الأحراج ما بين 15% و 20% من انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للتغير المناخي، وترعى منظمة "كونسيرفيشن انترناشونال" مشروعا نموذجيا تموله شركة "ديزني" بقيمة 3،5 ملايين دولار يشمل 330 ألف هكتار من الغابات عن الحدود الغربية لجمهورية الكونغو الديمقراطية، وقد أطلق هذا المشروع في العام 2009 وهو سيسمح اعتبارا من العام 2013 ببيع قروض خاصة بأطنان ثاني أكسيد الكربون المحافظ عليها في الغابات. بحسب فرانس برس.

وعلى الارض، كان لا بد اولا من "توعية" المجتمعات المحلية التي غالبا ما تكون "على أحر من الجمر" وهي تنتظر الأموال المرجوة، ثم تقييم كمية الكربون المخزنة في الغابة، على ما شرحه بونوا كيزوكي مات المدير الخاص بجمهورية الكونغو الديمقراطية في المنظمة غير الحكومية التي تتخذ من الولايات المتحدة مقرا له، وتجري حاليا مناقشات مع حكومة الكونغو تتطرق إلى مسألة حساسة ألا وهي "طريقة توزيع" العائدات التي سيدرها بيع قروض ثاني أكسيد الكربون على ضوء معضلة لم تحل بعد مفادها بحسب ما فسر المسؤول عن المشروع "ما هو وضع الكربون على الصعيد الوطني؟، هل هو ملك الدولة أو ملك المجتمعات؟"، ومن شأن هذا المشروع أن يسمح بالإضافة إلى مكافحة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بتحسين معيشة السكان كما إنه يساهم في حماية خمس فصائل حيوانية هي غوريلا سهول الشرق وفيلة الغابات والشمبانزي الفاتح اللون والأكاب والطواويس الكونغولية، وهذا المشروع هو احد المشاريع "النموذجية" الثمانية التي أطلقت في جمهورية الكونغو الديمقراطية الرئة الخضراء الثانية للعالم بعد الأمازون.

ومن شأن هذه المشاريع أن ترسي أسس "استراتيجية وطنية" تستند إليها وفق المنظمة، الآلية المقبلة المعتمدة في المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الأحراج وتدهور الغابات، لكن هذا النوع من المبادرات "القائم على مشاريع" لا يفي بالغرض بالكامل بنظر جيروم فريني من منظمة "غرينبيس"، وهو يشرح قائلا "هذه المشاريع تكون غالبا ممولة من شركات ملوثة وهي تمكن هذه الشركات من تعويض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون التي تصدرها"، ويتابع "يمكنكم حماية 250 هكتارا من الغابات لكن ما الذي يضمن ان ظاهرة إزالة الأحراج لم تتنقل الى مسافة 20 أو 50 كيلومترا منها لتطال غابة غير محمية"، ولا شك في أن المقاربة الوطنية المعتمدة في المبادرة المعززة لخفض الانبعاثات الناجمة عن إزالة الأحراج وتدهور الغابات التي تعتبر من أبرز إنجازات مؤتمر كانكون في العام 2010 "ستستغرق أكثر من المتوقع لكن لا غنى عنها لتعزيز الفعالية والاستدامة".

العلاقة بين موت الأشجار وتغير المناخ

من جانبهم يتعاون العلماء الأميركيون مع نظرائهم في جميع أنحاء العالم للتوصل إلى فهم أفضل لكيفية تأثير تغير المناخ على الغابات، ولوضع تدابير مضادة لتعزيز التكيّف مع تغير المناخ، ويتابع العلماء في هيئة الغابات الأميركية (USFS)، وفي هيئة المسح الجيولوجي الأميركية (USGS)، هذا العمل بينما يشددّون على القيود التي تعيق الفهم العلمي لكيفية تفاعل الغابات مع تغير المناخ الجاري، من النطاق الإقليمي إلى النطاق العالمي، على سبيل المثال، إلى أي حدّ تستطيع الشجرة تحمل ضغط المناخ قبل أن تبدأ في الموت؟، ما هي الزيادة في درجة الحرارة التي تستطيع الأشجار تحملها قبل أن تموت؟، ماهي نسبة الجفاف التي تستطيع أن تتحمله؟ إلى أية درجة من الضعف يمكن أن تصل الأشجار قبل أن تدمرها الحشرات التي تفترسها؟، قال كريغ آلن، الباحث الإيكولوجي في هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، "إننا نعرف بوجود هذه البدايات من الضغط الفيزيولوجي ولكننا لا نعرف أين هي"، وأضاف، "بإمكاننا أن نرى أن نسبة كبيرة من حالات موت الأشجار تحدث في غابات من جميع الأنواع حول العالم لكن الافتقار إلى نظام رصد عالمي لصحة الغابات يعني أننا لا نعرف فعلا إذا كان موت الغابات الناجم عن تغير المناخ يتفاقم بصورة إجمالية".

ولقد أجرى علماء البيولوجيا العاملون مع هيئة الغابات الأميركية في كاليفورنيا دراسة حول الطريقة التي قد تنتشر بها أمراض الأشجار شملت توقعين مستقبليين مختلفين لتغير المناخ، وقالت العالمة البيولوجية سوزان فرانكل، المتخصصة في أبحاث الموت المفاجئ لشجرة السنديان، وهو مرض يقتل الأشجار في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، إن "هناك تأثيرات مختلفة على الغابات، تعتمد على ما إذا كان المناخ سيصبح أكثر سخونة وجفافًا، أو إذا كان سيصبح أكثر دفئًا ورطوبة"، ويعمل العلماء على زيادة فهمهم للعمليات البيولوجية لدى أنواع منفردة من الأشجار وعلى الأخص في الغابات، لكن الغابات العالمية تغطي ثُلث مساحة اليابسة. وأعلنت كونستانس ميللر، زميلة فرانكل في محطة الأبحاث لجنوب غرب المحيط الهادئ في كاليفورنيا التابعة لهيئة الغابات الأميركية ضمن وزارة الزراعة: أما كيف تعمل الغابات مجتمعة كعامل في تغير الجو والمناخ، "فمسألة من الصعب جدًا إدراكها"، وأكدت ميللر، متحدثة في مقابلة مشتركة مع فرانكل، إن العلماء الذين يعملون على المستوى العالمي لفهم تغير المناخ "غير قادرين على فهم العلاقة انطلاقًا من النطاق المحلي – الذي نبرع فيه أنا وسوزان– إلى النطاق العالمي"، أما كيف تتفاعل هذه الغابات على المستوى العالمي مع دورة المياه، وتتفاعل مع تشكل الغيوم، وتتفاعل مع آثار غازات الاحتباس الحراري على الحرارة، فأمر غير معروف كثيرًا"، ويعمل هؤلاء العلماء لولوج الأمور المجهولة ولبناء فهم أفضل حول الغابات والأحراج ودورها في تغير المناخ. وكريغ آلن معروف في المجتمع العلمي العالمي بفضل أعماله حول تغير الغابات وموت الأشجار الناتج عن تغير المناخ، وكان آلن الكاتب الرئيسي لمقال صدر في 2010 ونشر في مجلة "فورست إيكولوجي أند مانيجمنت" قدم فيه نظرة عامة على الأخطار التي تهدد الغابات بسبب تغير المناخ.

تراجع ازالة غابات الامازون

فيما قالت الحكومة البرازيلية ان ازالة الغابات في منطقة الامازون تراجعت الى أدنى معدل لها في 23 عاما في السنة المنتهية في يوليو تموز وعزت هذا التراجع الى تشديد موقفها من القطع غير القانوني للاشجار، واوضحت بيانات من المعهد الوطني لبحوث الفضاء ان تدمير حصة البرازيل من اكبر غابات مطيرة في العالم تراجع بنسبة 11 بالمئة الى 6238 كيلومترا مربعا في 12 شهر، ويقل هذا عن ربع منطقة الغابات التي دمرت في 2004 عندما وصلت عمليات ازالة الاشجار التي يقوم بها المزارعون لتوسعة عملياتهم لتربية الماشية وزراعة فول الصويا الى ذروته، وكثفت البرازيل مراقبة وتنفيذ سياسات الحفاظ على الامازون في السنوات الاخيرة لكن التحسن يرجع جزئيا الي ان تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي ادى الى خفض الطلب والاسعار على المنتجات الزراعية للبلاد، واخفى التحسن العام في 2010-2011 زيادات مثيرة للقلق في بعض ولايات الامازون مثل روندونيا التي تضاعفت فيها ازالة الغابات عن العام السابق، وارتفعت ازالة الغابات في ولاية ماتو جروسو الزراعية بنسبة 20 بالمئة، وقالت وزيرة البيئة ايزابيل تيكسيرا للصحفيين "بعض الولايات لا تزال حساسة للغاية، نحن بحاجة الى استيضاح الوضع في روندوني، نحتاج الى ان نفهم السبب في تغير صورتها"، ويجري حاليا بناء سدين ضخمين لتوليد الكهرباء من المساقط المائية في روندونيا لتعزيز الاقتصاد المحلي واجتذاب العمال المهاجرين، ويتزامن التراجع في ازالة الغابات مع مناقشة الكونجرس البرازيلي اصلاحات لقانون الارض يقول علماء البيئة انها ستؤدي الى انتكاسة شديدة لجهود الحفاظ على الغابات، ومن المتوقع ان يوافق مجلس الشيوخ على القانون الجديد للغابات في الايام المقبلة. بحسب رويترز.

الصيادون يحمون المانغروف

من جانب اخر تمتد غابات المانغروف بجوار بيلو-سور-مير غرب مدغشقر على آلاف الهكتارات، وهي كانت في ما مضى تعج بالأسماك والسلاطعين، أما اليوم فقد أغلق الصيادون من تلقاء نفسهم بعض المناطق التي كانت مخصصة للصيد لضمان استدامته، ويشرح توماس وهو أحد المسؤولين في جمعية "بلو فنتشرز" البريطانية المعنية بحماية التنوع الإحيائي في المياه وصاحبة المشروع، "اختارت المجموعات مواقع عدة وتغلقها خلال أربعة أشهر سنويا حتى تسمح للسلاطعين والأسماك بالتناسل"، وقد اختارت المجموعات المحلية هذه السنة في إطار هذه التجربة الأولى، ثلاثة مواقع تبلغ مساحتها الإجمالية 200 هكتار في غابة المانغروف التي تمتد في مدغشقر على أربعة آلاف كيلومتر، وتعيش في هذه المستنقعات سلاطعين المانغروف التي تشكل مورد رزق للصيادين في المناطق المجاورة، كما هي أساسية للاقتصاد المحلي، منذ العام 2004، منعت جمعيات محلية في مدغشقر الصيد في أكثر من 130 منطقة لكنها المرة الاولى التي تتخذ تدابير مماثلة في غابة مانغروف، وتقع قرية أنتانيمنيمبو الصغيرة على بعد خمسة كيلومترات من بيلو-سور-مير وتضم بعض الاكواخ الخشبية التي بنيت على شبه جزيرة رملية بين المحيط وغابة المانغروف. بحسب فرانس برس.

ويعيش سكان أنتانيمنيمبو الذين يناهزون المئة نسمة على وقع المد والجزر، ويشرح جان فرنسوا (62 عاما) نائب رئيس جمعية صيادي القرية التي اتخذت قرارا بإغلاق منطقة تبلغ مساحتها 120 هكتارا، "كانت المنطقة تزخر بالسلاطعين في ما مضى، أما الآن فأصبحت السلاطعين معدودة وأنا قلق على الأجيال القادمة"، وقد أدى الصيد المكثف الذي يقوم به سكان القرية الذين يبيعون السلاطعين إلى تجار جملة، إلى انخفاض تدريجي في الموارد، وعرضت جمعية "بلو فنتشرز" استخدام شباك مناسبة واستحداث مخازين لحل المشكلة، فوافق السكان بالإجماع على هذين الحلين، ويتابع جان فرنسوا وهو من سكان المنطقة التي تعرف أهلها عن أنفسهم فقط بأسمائهم الأولى، "القرية برمتها تحترم قرار الإغلاق وقد أجرينا اجتماعات ومناقشات للتباحث في كيفية حماية المناطق المخصصة للصيد، وقررنا تبني هذا النظام"، وقد وضعت المنطقة قانونا محليا معروفا ب "دينا" يحترمه الجميع بشكل عام، وعند انتهاك القانون، تفرض غرامة كبيرة على المخالف، ويشرح توماس الذي أدار مشاريع مماثلة عدة، "اعتمدت الجمعية لتطبيق هذا النظام وسيلة التبادلات بين القرى، فقد أخذنا الصيادين إلى قرى نجح فيها هذا النظام، وسيأتي صيادون آخرون من الشمال لمعاينة هذا الموقع".

وتأمل جمعية "بلو فنتشرز" تطبيق هذا النموذج على امتداد الساحل الجنوبي الغربي في مدغشقر لمساعدة المجتمعات في مواجهة انخفاض الموارد، والمشروع يشمل الصيد على أنواعه من سلاطعين إلى الاسماك مرورا بالأخطبوطات وغيره، ولا يتحمل الصيادون المحليون وحدهم مسؤولية هذا الاستغلال المفرط، فسفن الصيد الكبيرة ترمي شباك الصيد خاصتها مع ترخيص او من دون تراخيص في مياه مدغشقر من دون أية رقابة، وبحسب دراسة أجرتها جمعية "بلو فنتشرز" بالتعاون مع باحثين من جامعة فانكوفر (كندا) تم اصطياد أكثر من 4،7 ملايين طن من الأسماك منذ العام 1950، لم تحص السلطات إلا نصفها ويبقى أفضل خيار متاح للصيادين العاجزين عن مكافحة الصيد الصناعي، حماية الموارد الساحلية وإيجاد مكان لهم في الحلقة التجارية.

برنامج الامم المتحدة لحماية الغابات

في سياق متصل ربما يسمح لمستثمرين من القطاع الخاص بالحصول على ائتمانات الكربون من خلال دفع مبالغ للدول الفقيرة لوقف تدمير الغابات المدارية لكن قمة مناخية تابعة للامم المتحدة لم تتفق على التفاصيل اللازمة لبدء هذا البرنامج الطموح، وقطع الاشجار -التي تمتص الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري المسؤولة عن ارتفاع حرارة الارض- مسؤول عن نحو 20 في المئة من زيادة انبعاثات هذه الغازات وتظهر الدراسات فقد نحو 0.4 فدان من الغابات كل ثانية في انحاء العالم، وتعتقد الدول الغنية أن دفع المال للدول النامية لمنع تدمير الغابات المطيرة طريقة فعالة لمحاربة التغير المناخي لكن برنامج خفض الانبعاثات بالحد من ازالة الغابات وتدهور الارض لم يتقدم كثيرا منذ طرحه للمرة الاولى عام 2007، وتعهدت دول غنية مثل النرويج والولايات المتحدة واستراليا بنحو أربعة مليارات دولار للمساعدة على اطلاق البرنامج في اندونيسيا والبرازيل وجمهورية الكونجو الديمقراطية ودول أخرى لتحسين الطريقة التي تجري بها ادارة الغابات. بحسب فرانس برس.

وقال القرار الذي تبناه مؤتمر المناخ في دربان بعد يوم من السجال ان الاموال الخاصة والعامة كذلك اليات السوق سيجري بحثها في اطار برنامج خفض الانبعاثات بالحد من ازالة الغابات وتدهور الارض مما يفتح الباب أمام مليارات الدولارات من استثمارات القطاع الخاص، ولم ترد تفاصيل في نص القرار وستجرى المزيد من المحادثات العام المقبل للاتفاق على قواعد محددة تحكم مثل تلك الخطط، وأرجئت أصعب القرارات حتى قمة المناخ ولا يتوقع الكثير من المراقبين أن يشهدوا صعودا في سوق برنامج خفض الانبعاثات بالحد من ازالة الغابات وتدهور الارض قبل عام 2020، لكن المنظمات غير الحكومية انتقدت ضعف قواعد حماية المجتمعات المحلية والسكان الاصليين والتنوع البيولوجي من المستثمرين الذين لا هم لهم سوى تحقيق أرباح من البرنامج المدعوم من الامم المتحدة، وقال راجا جارا وهو مستشار رفيع في منظمة (كير) بخصوص برنامج خفض الانبعاثات بالحد من ازالة الغابات وتدهور الاراضي "بنود ضمانات حماية الغابات غير مترابطة، هذه أنباء سيئة للملايين من السكان الاصليين والمجتمعات المحلية التي تعتمد مصادر أرزاقها على الغابات".

الجفاف في تكساس

من جهتها أفادت تقديرات لهيئة الغابات في تكساس بأن الجفاف الشديد الذي اجتاح تلك الولاية الامريكية على مدار العام المنصرم أدى الى تدمير ما يصل الي نصف مليار شجرة، وقال بورل كاراواي رئيس دائرة حماية الغابات بالهيئة "في 2011 شهدت تكساس جفافا غير مسبوق مصحوبا برياح عاتية ودرجات حرارة قياسية، هذه الظروف مجتمعة كان لها اثر قاس على الاشجار في انحاء الولاية"، واضاف ان الولاية خسرت ما بين 100 مليون الى 500 مليون شجرة، وهذا الرقم لا يتضمن الاشجار التي دمرت في حرائق الغابات التي اتت على ما يقرب من اربعة ملايين فدان في تكساس منذ بداية 2011، ويلقى باللوم على حريق غابات هائل في باستروب -شرقي اوستن في سبتمبر ايلول أدى الى تدمير 1600 منزل- في فناء 1.5 مليون شجرة، وقال كاراوي ان الاشجار التي دمرت كانت في المدن والريف وتمثل نحو 10 بالمئة من جميع اشجار الولاية، وقال باري وورد المدير التنفيذي لمؤسسة (اشجار من اجل هيوستون) غير الهادفة للربح والتي تدعم جهود التشجير "هذا حدث له تأثير على الاجيال، الاشجار تستغرق ما بين 20 الى 30 عاما لكي تنضج، هذا سيحدث فرقا جماليا لعقود قادمة"، ووفقا لخبير الارصاد الجوية بالولاية جون نيلسن جامون فان العام المنقضي بين الاول من نوفمبر تشرين الثاني 2010 والحادي والثلاثين من أكتوبر تشرين الاول 2011 كان الاكثر جفافا في تاريخ تكساس، وبالتزامن مع الجفاف كان هناك طقس حار، وقالت هيئة الارصاد الجوية ان الاشهر الثلاثة من يونيو حزيران حتى نهاية اغسطس اب في تكساس كانت اكثر فصل حار سجلته أي ولاية في تاريخ الولايات المتحدة. بحسب رويترز.

انقاذ غابة في سومطرة بفضل تبرعات

الى ذلك انقذت غابة تمتد على 76 هكتارا في سومطرة (اندونيسيا) حيث تعيش قردة غيبون من الهلاك على يد مستثمرين في مجال زيت النخيل، بعدما تجاوبت حدائق حيوانات وجمعيات وافراد مع نداء وجهته جمعة "كالاويت" الفرنسية في كانون الاول/ديسمبر، وقالت الجمعية المدافعة عن الطبيعة في بيان "في اقل من شهر قامت شبكة تضامن رائعة حول هذا المشروع!، وسنتمكن من انقاذ المنطقة".ومن بين الاطراف المانحة الكثيرة افراد وحدائق حيوانات ومحميات حيوانات في فرنس، وقالت جمعية "كالاويت" ان الحصول على هذه المنطقة يشكل فرصة استثنائية اذ من شبه المستحيل في اندونيسيا شراء الغابات التي تستغل بنسبة 90 % من قبل شركات الاخشاب، وبعد ان تقطع هذه الشركات الاشجار التي تريد، تحل مكانها شركات انتاج زيت النخيل، ويبلغ سعر هكتار الارض في الغابة 1150 يورو اي 11 سنتا من اليورو للمتر المربع، وتحوي هذه الغابة الواقعة في الاقليم الغربي لسومطرة تنوعا حيويا كبيرا مع وجود قردة غيبون وسيمانغ ونمور ودببة وطيور كالاوس، وتهتم الجمعية الفرنسية باكثر من 280 من قردة غيبنز بهدف اعادتها الى البرية، وتؤكد الجمعية الفرنسية ان غابات هذه المنطقة من العالم ستختفي بحلول العام 2020 ان لم يتخذ اي اجراء جذري للجم قطع اشجار الغابات. بحسب فرانس برس.

المنتزهات الوطنية في كينيا

من جهة اخرى تتباهى سارا موكي (10 أعوام) بقميصها الجديد وتعدد الحيوانات المرسومة عليه "فيل وأسد وجاموس ووحيد القرن وفهد"، فقميصها يشكل تذكارا من رحلة سفاري اكتشفت خلالها التراث الطبيعي في بلاده، وكانت رحلات السفاري (سفاري تعني السفر باللغة السواحلية) في ما مضى حكرا على المستعمرين والغربيين الذين كانوا يلجأون إلى حمالين محليين يتبعونهم مع حقائبهم. أما اليوم، فقد بات ثلثا زائري حدائق الحيوانات من الكينيين بفضل ازدهار الطبقة الوسطى في إفريقي، وبعد نهار أمضته العائلة في منتزه نيروبي الوطني في العاصمة الكينية، يقول جورج والد سارا وهو محاسب في شركة صغيرة "كان زيارة مدهشة وممتعة للعائلة كلها"، وفي غضون خمس سنوات ارتفع عدد الكينيين الذين يزورون المحميات الوطنية بنسبة 55%، بحسب الهيئة المعنية بإدارة المنتزهات في كيني، ويوضح مدير الهيئة يوليوس كيبنغ اتيش أن "عدد الزائرين الكينيين في ارتفاع متواصل لا سيما في أوساط الطبقة الوسطى التي تزدهر في كينيا"، وبات من عادات العائلات ومجموعات التلاميذ زيارة المنتزهات خلال عطلة نهاية الأسبوع. بحسب فرانس برس.

وتقول ماري أوغاري وهي موظفة في القطاع العام تزور إحدى الحدائق مع ولديها، "من المفيد أن يتعرف الاطفال على حيوانات بلادهم. نحن نعيش هنا في شقة في نيروبي، والمنتزه يشكل مقصدا جيدا للاسترخاء"، وتضم المحمية التي تفصل أسلاك شائكة بينها وبين المدينة، زرافات وأسود وغزلان وحمير وحشية، لا شك في أن كينيا تواجه مشاكل اقتصادية كبيرة مع مدن الصفيح العشوائية التي تنتشر في نيروبي والفساد والتضخم المستشريين بالإضافة إلى مناطق متخلفة في الشمال كانت قد ضربتها هذه السنة موجة الجفاف التي اجتاحت القرن الإفريقي، لكن بعض الخبراء ما زالوا يرون أملا يلوح في الأفق، ويشرح علي خان ساتشو الخبير في شؤون السوق الكينية، "يحمل الغرب منذ زمن بعيد صورة نمطية عن افريقي، لكن الطبقة الوسطى تزدهر"، ولعل خير مثال على هذا الازدهار هو تكاثر المراكز التجارية والمباني الحديثة في نيروبي، ويشير مصرف التنمية الإفريقي إلى أنه في غضون ثلاثين سنة، تضاعفت الطبقة الوسطى ثلاث مرات في إفريقيا برمتها، وراحت تمثل أكثر من ثلث السكان، ويوضح أن "النمو الاقتصادي المطرد خلال العقدين الماضيين قد ساهم في تقليص الفقر بصورة ملحوظة".

ويقر المصرف بصعوبة قياس هذا المؤشر، لافتا إلى أن معدل الدخل السنوي ما زال منخفضا (3900 دولار) للانتقال إلى الطبقة الوسطى، غير أنه يأخذ في الحسبان عوامل أخرى من قبيل التعليم ونمط العيش، ومما يدل أيضا على هذا التغير بحسب المصرف، العدد المتزايد للسيارات الخاصة الذي تضاعف أكثر من مرتين في الفترة الممتدة ما بين 2002 و2007، كما بات جليا من خلال زحمات السير الخانقة، وتعتزم الهيئة المعنية بإدارة المحميات في كينيا الاستفادة من هذا التحول الذي يطال المجتمع، وتدفع الكينيين إلى تمضية المزيد من أوقات فراغهم في المنتزهات، ويوضح مديرها "أطلقنا حملة ترويجية واسعة لتشجيع الكينيين على زيارة المنتزهات الوطنية"، إذ أن تعزيز إيرادات السوق الداخلية هو في غاية الأهمية "لا سيما أن هذه الأخيرة تشكل وسيلة للحماية في وجه انهيار مفاجئ للسوق الدولية"، ويبلغ ثمن بطاقة الدخول إلى المنتزهات 1،5 دولار للبالغين و0،75 دولار للأطفال لكنه، أما البطاقات الخاصة بالسياح الأجانب فقد تصل إلى عشرات الدولارات. لكن ثمن البطاقات يبقى مرتفعا نسبيا بالنسبة إلى الاسر ذات الدخل المتوسط، إلا انها مستعدة اليوم للتضحية.

دخان حرائق الغابات حول العالم

على صعيد مختلف أدى دخان حرائق الطبيعة لا سيما الغابات، إلى وفاة 339 ألف شخص (كمتوسط) في العالم ما بين العام 1997 والعام 2006، بحسب ما أفادت دراسة عرضت السبت خلال مؤتمر علمي، وقد سجل عدد الوفيات الأكبر في إفريقيا جنوب الصحراء مع 175 ألف وفاة (نصف المجموع تقريبا) وفي جنوب شرق آسيا مع 110 ألف وفاة، ونشرت هذه الدراسة في مجلة "إنفايرنمانتل هيلث برسبيكتيف" وقد تم الإعلان عنها خلال المؤتمر السنوي الذي تعقده الجمعية الأميركية لتطور العلوم خلال نهاية هذا الأسبوع في فانكوفر (بريتيش كولومبيا، غرب كندا)، وفي مؤتمر صحافي، قال فاي جونسون من معهد "مينزيس ريسيرتش إنستستيوت" في جامعة تاسمانيا في أستراليا والمعد الرئيسي لهذه الدراسة، أنه "حان الوقت للتعبير عن قلقنا حول أثر إزالة الغابات على الحرائق التي تؤثر سلبا على صحة الإنسان"، وخلصت الدراسة إلى أن "انبعاثات الجزئيات الناجمة عن الحرائق في الطبيعة، تشكل عامل وفاة أساسي في العالم"، وقد عمد هؤلاء العلماء إلى بيانات حصلوا عليها من الأقمار الاصطناعية، بهدف جمع معلومات حول المناطق التي طالتها الحرائق خلال سنوات الدراسة. وقد ارتكز هؤلاء أيضا على نماذج معلوماتية وعلى مصادر أخرى للمعلومات، كذلك، طبق هؤلاء الباحثون نموذجا معترفا به من قبل منظمة الصحة العالمية لتحديد نسبة الوفيات السنوية لجميع الأسباب المتعلقة بدخان الحرائق في مختلف مناطق العالم. بحسب فرانس برس.

مواطنون ودوريات لحماية غاباتهم

بدورهم وبعدما طفح الكيل من تقاعس السلطات الكمبودية، بات بعض المواطنين الكمبوديين ينظمون دوريات لحماية غاباتهم ويخاطرون بحياتهم إثر مقتل قائد المجموعة لمكافحة الاتجار بالخشب الذي يقضي على احراج البلاد، فقد اردى احد عناصر الشرطة العسكرية، شوت فوتي قتيلا، عندما كان هذا الأخير يجمع أدلة على الاستغلال غير الشرعي للغابات، فاضحا السياسة التي تعتمدها حكومة بنوم بنه في مجال حماية البيئة، ومنذ تلك الحادثة، قرر القرويون الذين يسترزقون من الغابات أن الدوريات التي أطلقت العام الماضي لحماية الغابات ستستمر على الرغم من وفاة صاحب هذه الفكرة، وخلال تجمع نظم منذ فترة وجيزة في غابة منطقة كوه كونغ النائية حيث قتل شوت فوتي، صرح أنصار هذه الحركة "نحن كلنا شوت فوتي"، وتفيد معطيات الأمم المتحدة أن الاستغلال غير الشرعي للغابات سرع بوتيرة ملحوظة تراجع مساحة الغابات الكمبودية التي لم تعد تغطي إلا 57 % من أراضي البلاد في العام 2010، في مقابل 73 % في العام 1990، وقالت الناشطة شان ينغ (58 عاما) التي تشارك في الدوريات "ينبعي علينا حماية الغابة قبل زوالها، فهي مصدر رزقنا"، وهي أكدت بعدما تكلمت مع تجار الخشب وجمعت أدلة على نشاطاتهم ومنعتهم من الانتفاع من الاتجار بالخشب أن نسبة الجرائم المرتبطة باستغلال الغابات قد انخفضت خلال الأشهر الأخيرة في منطقة بريي لانغ (شمال شرق) حيث تقطن. بحسب فرانس برس.

وعندما كان شوتي فوتي لا يزال على قيد الحياة، احرقت دوريات مخابئ لاخشاب نادرة تساوي قيمتها عشرات آلاف الدولارات، أما اليوم، فيعتزم القرويون اجراء دوريات في غابات عشرة أقاليم في حزيران/يونيو في إطار أكبر مبادرة لهم حتى اليوم، وهي خطوة محفوفة بالمخاطر، لكنهم مستعدون للقيام بها بغية حماية الغابات، ولفت أو فيراك مدير المركز الكمبودي لحقوق الإنسان إلى أنه "في ظل تقاعس الحكومة وعجزها عن وضع حد للاستغلال غير الشرعي للغابات وإزالة الاحراج، أظن أن المسألة باتت اليوم بين أيدي الشعب الكمبودي"، أما الناطق باسم الحكومة إك تا فأشاد بهذه المبادرات التي يتخذها المواطنون لكنه لم يعتبر أنها تعكس فشل الحكومة وهو أوضح قائلا "لا يمكنكم مراقبة الموارد الطبيعية برمتها في بلد ما 100%"، غير أن انتقادات لاذعة وجهت للحكومة التي سمحت لشركات مقربة من السلطة بإزالة مئات آلاف الهكتارات من الأحراج، بما فيها في المناطق المحمية، لزرع شجر المطاط وقصب السكر وتشييد السدود، وقد سلطت مجموعات الدفاع عن البيئة الضوء على العلاقة بين هذه الامتيازات والاتجار بالخشب، متهمة الجيش بحماية التجار، وبعد وفاة فوتي، علق رئيس الوزراء هون سن منح الامتيازات الجديدة، لكن الغابات لا تزال في خطر، بحسب المدافعين عن البيئة.

وفي محمية منطقة آورال (جنوب غرب) الطبيعية، حذا الراهب البوذي بروم دارماجات (41 عاما) حذو الناشط الشهير منذ زمن بعيد فأمضى السنوات العشر الأخيرة وهو يحمي الغابات المحيطة بكوخه، وعلى الرغم من إزالة الاشجار الأكثر ندرة، لا يزال الراهب الذي يعني اسمه الطبيعة يحاول منع قطع الأشجار المتبقية لغايات تدفئة والفحم الخشبي، لكن الأمر ليس سهلا، حتى بالنسبة إلى الرهبان الذي يحظون باحترام كبير في هذا البلد البوذي، وقد أخبر الراهب أنه تلقى عدة تهديدات، وبعد عودته من زيارة إلى بنوم بنه، عثر على عدة أشجار مقطوعة و11 طاووسا مسمم، وهو عزى هذه الحادثة إلى التجار الذين أرادوا أن ينتقموا في نظره، ولا يعتزم الراهب التخلي عن هذه القضية لكنه قلق على المواطنين الذين يقومون بالدوريات وهو يدعوهم إلى تفادي المواجهات، "إذ ينبغي التوصل إلى حل لمنع إراقة الدماء".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 20/حزيران/2012 - 29/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م