الهجرة الى إسرائيل ... وهم حياة سعيدة

كمال عبيد

 

شبكة النبأ: اثار القانون الاسرائيلي الجديد جدلا حادا حول توجيه التهم الى المهاجرين الافارقة، وبررت السلطات الاسرائيلية ذلك، بأن ظاهرة المتسللين غير الشرعيين من افريقيا خطيرة جدا وتهدد مكونات المجتمع الاسرائيلي والامن العام، واشارت الى العمل ببناء جدار لمنع وصول المهاجرين الافارقة عبر صحراء سيناء المصرية، في حين رأى معارضون بأن الاجراءات التي تتخذها اسرائيل ضد المهاجرين غير اخلاقية والغرض منها استهدافهم عبر ممارسات تعسفية كثيرة، مثل ارتكاب الجرائم والتمييز العنصري ضدهم، وتشير ارقام الداخلية الاسرائيلية الى ان 62 الف مهاجر غير شرعي دخلوا اسرائيل منذ 2006 قادمين من ارتريا ومن السودان وجنوبه على نحو خاص.

قانون بدون اتهام

فقد دعت منظمة هيومن رايتس واتش اسرائيل الى الغاء او تعديل قانون يسمح باحتجاز المهاجرين غير الشرعيين دون توجيه تهمة اليهم حتى ثلاث سنوات واصفة اياه بخرق "للحقوق الاساسية"، وقالت المنظمة في بيان ان القانون الجديد "يعاقب طالبي اللجوء السياسي لعبورهم بشكل غير منتظم الى اسرائيل في خرق لحقوقهم الاساسية"، واضاف ان "اخضاع عابري الحدود غير النظاميين للاحتجاز لاجل غير مسمى دون تهمة او امكانية للحصول على تمثيل قانوني من شأنه ان ينتهك حظر الاعتقال التعسفي بموجب القانون الدولي لحقوق الانسان"، واعلنت اسرائيل انه بامكان المسؤولين احتجاز المهاجرين غير الشرعيين الذين تسللوا الى الدولة العبرية بشكل غير قانوني لثلاثة اعوام كجزء من حملة لوقف تدفق المهاجرين الافارقة الى اسرائيل، لكن منظمة هيومن رايتس واتش رأت ان القانون قد يزيد من الغضب والعداء للمهاجرين الذي ظهر عندما تظاهر نحو الف شخص ضد الاعداد المتزايدة للافارقة في اسرائيل في تظاهرة اصبحت عنيفة، وقال بيل فريليك مدير برنامج اللاجئين في المنظمة ان "المسؤولين الاسرائيليين لا يقومون فقط بزيادة الكاز على النيران المعادية للاجانب ولكن لديهم الان القانون الجديد الذي يعاقب اللاجئين في انتهاك للقانون الدولي". بحسب فرانس برس.

واضاف "يجب تعديل القانون فورا وعدم تطبيقه لحين اجراء التعديلات اللازمة"، وتشير ارقام الداخلية الاسرائيلية الى ان 62 الف مهاجر غير شرعي دخلوا اسرائيل منذ 2006 آتين خصوصا من السودان وجنوب السودان واريتريا، وشارك الاف الاسرائيليين في تظاهرة في تل ابيب هاجموا خلالها متاجر يملكها افارقة ورشقوا سيارات تقل مهاجرين بالحجارة، ووافقت الحكومة الاسرائيلية قبل نحو 18 شهرا على اقامة مركز اعتقال على الحدود الجنوبية مع مصر لاستيعاب الاف من المهاجرين الذين يتسللون الى الدولة العبرية بحثا عن عمل، وبدأت اسرائيل ايضا ببناء سياج بطول 250 كيلومترا على الحدود مع مصر بهدف وقف تسلل المهاجرين.

اعتقال المهاجرين

فيما اعتقلت شرطة الهجرة الاسرائيلية 140 مهاجرا غير شرعي غالبيتهم من جنوب السودان تمهيدا لترحيلهم بحسب متحدثة باسم وزارة الداخلية الاسرائيلية، وقالت سابين حداد اعتقلت قواتنا 140 مهاجرا غير شرعي في عملية خاصة"، واضافت "اوقف 115 مهاجرا غير شرعي من بينهم 105 من جنوب السودان وهذه المرة سندفع ثمن تذاكر طيرانهم وسنعطي الف يورو لكل بالغ يوافق على المغادرة مع اطفاله الى بلده"، واشارت وسائل الاعلام الاسرائيلية الى ان هذه العملية التي اطلق عليها اسم "العودة الى البلاد" ستستمر في تل ابيب وفي ايلات على البحر الاحمر، واضافت بان العملية تمهيد لطرد 1500 جنوب سوداني بعد ان رفضت محكمة اسرائيلية التماسا لتغيير التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين من هناك.

سجن المهاجرين

قالت مسؤولة في وزارة الداخلية الاسرائيلية ان اسرائيل قد تسجن مهاجرين غير شرعيين لما يصل الى ثلاث سنوات بموجب قانون سرى في اجراء يهدف الى وقف تدفق المهاجرين الافارقة على اسرائيل من خلال الحدود الصحراوية مع مصر، وقالت سابين حداد المتحدثة باسم وزارة الداخلية "القانون سيطبق من اليوم." ومرر البرلمان الاسرائيلي (الكنيست) القانون في يناير كانون الثاني وشجبه في ذلك الوقت سياسيون ليبراليون ونشطون مدافعون عن حقوق الانسان، وذكرت حداد ان الزعماء الاسرائيليين قالوا انهم سيحاولون كبح تدفق المهاجرين الذين يرونه خطرا على الدولة اليهودية وأشارت الى قول وزير الداخلية الاسرائيلي إيلي يشاي انه يريد ان يسجن او يرحل المهاجرين غير الشرعيين. بحسب رويترز.

وقال وزير الداخلية وهو من حزب شاس المتشدد لصحيفة معاريف انه يرى ان الوافدين الافارقة ومنهم عدد كبير من المسلمين والمسيحيين يشكلون خطرا على التركيبة السكانية لاسرائيل، وقال يشاي "المتسللون الى جانب الفلسطينيين سيدفعون بنا سريعا الى نهاية الحلم الصهيوني" مضيفا ان اسرائيل لديها قضاياها الخاصة بالصحة والرعاية الاجتماعية ومضى يقول "لسنا بحاجة الى استيراد مزيد من المشاكل من أفريقيا، وقال يشاي في مقابلة مع صحيفة معاريف "غالبية من يصلون الى هنا مسلمون يعتقدون ان البلاد لا تخصنا نحن الرجل الابيض، وحث أرييه الداد وهو عضو يميني في الكنيست اسرائيل على ان تطلب من قواتها فتح النار على اي متسلل يعبر حدودها لا من تشتبه فقط انهم مسلحون، بينما قال دوف حنين النائب اليساري ان الاجراءات التي تتخذها اسرائيل ضد المهاجرين "غير اخلاقية" مرددا اراء اسرائيليين يرون ان اليهود الذين تعرضوا للاضطهاد من قبل يجب ان يتعاطفوا مع المهاجرين، وقالت وسائل اعلام اسرائيلية ان منشآت الاحتجاز التي تستخدم بالفعل لاحتجاز الاف المهاجرين لبضعة اسابيع لا تتسع الا لنحو 5000 شخص، ولم تستكمل اسرائيل بعد بناء منشأة أكبر تمت الموافقة على بنائها العام الماضي حين تم تخصيص 167 مليون دولار لبنائها ولبناء سياج بامتداد الحدود المصرية لمنع المهاجرين والنشطين المسلحين من دخول اسرائيل من صحراء سيناء المصرية.

استهداف مهاجرين أفارقة في جريمة إحراق باسرائيل

أضرم مخربون اسرائيليون النار في شقة تأوي مهاجرين اريتريين وكتبوا عبارة "اخرجوا من حينا" على مدخلها في أحدث تصعيد للعنف الذي يستهدف المهاجرين الأفارقة الذين يدخلون البلاد بشكل غير مشروع، وقال ميكي روزنفلد المتحدث باسم الشرطة "أصيب اثنان من استنشاق الدخان ونقلا إلى المستشفى للعلاج" ووصف الحريق الذي اندلع في حي يهودي بالقدس بأنه متعمد، ومضى يقول "تم تشكيل فريق تحقيق خاص وتبحث الشرطة عن المشتبه بهم، ووفد نحو 60 ألف افريقي بشكل غير مشروع هربا من الفقر والقتال والحكم الشمولي في دولهم عبر الحدود غير المحكمة نسبيا مع مصر في السنوات القليلة الماضية، وتقول اسرائيل إن أغلبهم يأتي إلى اسرائيل طلبا للعمل وليس اللجوء لكن المنظمات الإنسانية التابعة للأمم المتحدة وجماعات حقوق الإنسان فندت هذا الزعم مما يجعل مسألة الترحيل معضلة قانونية، وأثار تدفق المهاجرين الأفارقة انزعاج الدولة اليهودية. بحسب فرانس برس.

ويحذر بعض الاسرائيليين من أزمة سكانية واقتصادية آخذة في التشكل بينما يقول آخرون أن الدولة التي أقيمت بعد محرقة اليهود تتحمل مسؤولية خاصة في منح الأجانب اللجوء، وتصاعد في الأشهر القليلة الماضية العنف المناهض للمهاجرين بما في ذلك عملية تخريب قبل عشرة أيام في حي يسكنه أصحاب الدخول المتدنية في تل أبيب حيث يعيش الكثير من المهاجرين من اريتريا والسودان وجنوب السودان، ويتهم سكان اسرائيليون الوافدين الجدد بأنهم وراء ارتفاع معدل الجريمة في المنطقة، وفي وجهت اتهامات إلى 11 من القصر بارتكاب سلسلة من الهجمات ذات الدوافع العنصرية استهدفت أفارقة في تل أبيب، وبدأ سريان قانون يتيح للسلطات الاسرائيلية سجن المهاجرين بشكل غير مشروع لفترة تصل إلى ثلاث سنوات. وانتقد ساسة ليبراليون ونشطاء لحقوق الإنسان هذا الإجراء.

مظاهرة ضد هجرة الافارقة

تظاهر المئات في تل ابيب ضد وجود مجموعة كبيرة من المهاجرين الافارقة، حسب ما اعلنت المتحدثة باسم الشرطة لوبا سمري، واشارت وسائل الاعلام الاسرائيلية الى ان المتظاهرين رددوا شعارات ضد الاجانب وشعارات عنصرية، واضافت المصادر ان اثنين من المتظاهرين تعرضوا بالضرب لعامل اجنبي كما هاجم اخرون سيارات تنقل مهاجرين افارقة، وقالت سمري "بعد اعمال العنف، اعتقلنا 12 متظاهرا"، وقدم حوالي ستون الف مهاجر افريقي معظمهم من السودان واريتريا سرا الى اسرائيل عبر صحراء سيناء وهم يعيشون حاليا في الدولة العبرية. بحسب فرانس برس.

وقال نتانياهو "ظاهرة المتسللين غير الشرعيين من افريقيا خطيرة جدا وتهدد مكونات المجتمع الاسرائيلي والامن العام والهوية الوطنية"، واضاف "ان لم نضع حدا لهذه المشكلة فقد يتحول 60 الف متسلل (متواجدون هنا) اليوم الى 600 الف متسلل مما يؤدي الى الغاء طابع اسرائيل كدولة يهودية وديمقراطية"، واشار نتانياهو الى انه امر ببناء "جدار" لمنع وصول المهاجرين الافارقة عبر صحراء سيناء المصرية، وبدأت اسرائيل ايضا ببناء سياج بطول 250 كيلومترا على الحدود مع مصر بهدف وقف تسلل المهاجرين.

سجن كل المهاجرين

اعلن وزير الداخلية الاسرائيلي ايلي يشاي بانه ينبغي وضع كل المهاجرين الافارقة غير الشرعيين "وراء القضبان" غداة تظاهرة عنيفة معادية للاجانب في تل ابيب، وقال يشاي للاذاعة العسكرية "يجب وضع هؤلاء غير الشرعيين وراء القضبان في مراكز اعتقال وحجز وبعدها ارسالهم الى بلادهم لانهم ياتون لاخذ عمل الاسرائيليين ويجب حماية الطابع اليهودي لدولة اسرائيل"نوتظاهر نحو الف اسرائيلي في جنوب تل ابيب ضد المهاجرين ورددوا شعارات عنصرية ومعادية للاجانب منها "السودانيون في السودان"، وقال ميكي روزنفيلد المتحدث باسم الشرطة الخميس بانه تم اعتقال 17 شخصا يشتبه في قيامهم بمهاجمة محلات تجارية وسيارات تنقل مهاجرين موضحا بانه "لم يصب اي مهاجر"، واضاف بان قوات من الشرطة بقيت " في المنطقة للحفاظ على الهدوء" مشيرا الى ان الموقوفين ما زالوا قيد الاعتقال، وبحسب يشاي فانه في حال لم تتصرف الحكومة فان المهاجرين غير الشرعيين "سيصبحون نصف مليون او حتى مليون ولن نقبل بخسارة بلدنا". بحسب فرانس برس.

يجب منعهم من العمل"، وكان وزير الداخلية قال للكنيست انه "في حال اعطتني الحكومة الوسائل فلن يكون هناك اي مهاجر غير شرعي العام المقبل"، واشارت وسائل الاعلام بان المستشار القانوني للحكومة يهودا فاينشتاين اوضح في اشعار بانه من الممكن طرد المهاجرين غير الشرعيين القادمين من جنوب السودان وهي دولة تقيم معها اسرائيل علاقات دبلوماسية ولكن في حال تطبيقه فانه سيؤثر فقط على نحو الف مهاجر.

عريضة ضد الحملة المعادية للمهاجرين

وقع سبعون من الاكاديميين والفنانين والمثقفين الاسرائيليين عريضة تندد بحملة "تشويه السمعة" التي تقودها الحكومة ضد المهاجرين وادت الى اعتقال مهاجرين سودانيين جنوبيين تمهيدا لترحيلهم، ودعا موقعو العريضة المسؤولين الاسرائيليين الى وقف "حملة تشويه سمعة الاجانب وطالبي اللجوء"، وتقول الرسالة الموجهة الى كل من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو والرئيس شيمون بيريز ان اسرائيل تملك الحق في بناء جدار على طول الحدود مع مصر لتجنب تسلل المهاجرين اليها وتحديد من له حق البقاء في الدولة العبرية، ولكن بحسب الموقعين فان سياسة "لا هجرة ولا مهاجرين غير اخلاقية"، وتوصي الرسالة بالسماح لطالبي اللجوء الذين لا يستطيعون العودة الى بلدانهم بالحصول على اذون بالعمل مؤقتا في اسرائيل، وقال جوشوا سوبول وهو كاتب مسرحي و احد موقعي العريضة لاذاعة الجيش ان "الاجانب يعاملون كحيوانات برية ويستخدمون كبش فداء". بحسب فرانس برس.

واعتقلت شرطة الهجرة الاسرائيلية في الخمسة ايام الماضية 300 مهاجر غير شرعي غالبيتهم من جنوب السودان تمهيدا لترحيلهم، وقالت سابين حداد المتحدثة باسم وزارة الداخلية ان اكثر من 400 مهاجر اخر وافقوا على عرض السلطات الاسرائيلية بدفع ثمن تذاكر طيرانهم والحصول على مبلغ قدره الف يورو للبالغين و300 دولار للاطفال، وكانت محكمة اسرائيلية رفضت التماسا قدمته منظمات مدافعة عن حقوق الانسان ضد الغاء وزير الداخلية الاسرائيلي ايلي يشاي سياسة قديمة توفر للاجئين السودانيين الجنوبيين "حماية جماعية" او "حماية مؤقتة" بما يمنع ترحيلهم مما يعني طرد نحو 1500 مهاجر من جنوب السودان.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 19/حزيران/2012 - 28/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م