اعمار الورد والاحلام السوداوية

اعداد: حيدر الجراح

 

شبكة النبأ: كثيرا ما اشاهدهم في طريق عملي ذهابا وايابا، قامات قصيرة واجساد ضئيلة، وجوه لوحنها الشمس وتركت اثار سمرة عليها، قسم يبحث في النفايات عن العلب المعدنية الفارغة، او اي شيء يمكن اعادة تصنيعه، قسم اخر في افران الصمون او الخبز، اخرون في ورش تصليح السيارات، قسم منهم حمالون، بناؤون، متسولون، بائعون لأكياس البلاستك، وكثير من المهن الهامشية الاخرى.

علاء الحمال واحد من هؤلاء، يتواجد منذ الساعات الاولى للصباحات العراقية في سوق الشورجة، ابوه ترك العمل نتيجة لأصابه لحقت به جراء عدم الاهتمام بالسلامة المهنية، وقد تعود على حالة الجلوس في البيت دون عمل، يطالب علاء بمبلغ معين كل يوم، الاعمال تعاني من ركود هذه الايام، بسبب الامتحانات والوضع السياسي.

علاء ترك دراسته وهو بالكاد يستطيع القراءة او الكتابة، يحلم مثل كثير من الاطفال بفسحة من الزمن للخروج في نزهة بريئة مع اصدقائه، ويرغب ان يشتري ملابس جديدة في الاعياد، وكثيرا ما وجدته فرحا حين يأتي الى عمله وهو قد صفف شعره، او حلقه بطريقة شبابية، احلام علاء بسيطة جدا، لكنها في زمننا هذا مستحيلة لا تتحقق الا بمعجزة، في عالم غابت فيه المعجزات.

علاء والاف غيره يتعرضون للكثير من المشاكل في تعاملهم مع الاخرين، من اهانات واذلال واستغلال جنسي، لا يستطيعون الشكوى او الانسحاب من اعمالهم فالبدائل قليلة او معدومة.

تترك ظاهرة تشغيل الأطفال أثارا سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص… ولقد أخذ هذا الاستغلال أشكالا عديدة أهمها تشغيل الأطفال وتسخيرهم في أعمال غير مؤهلين جسديا ونفسانيا للقيام بها، علما أن العديد من الاتفاقيات الدولية قد جرمت بدورها الاستغلال الاقتصادي للأطفال ومنها (تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في حمايته من الاستغلال الاقتصادي ومن أداء أي عمل يرجح ان يكون مضراً أو ان يمثل إعاقة ليتعلم الطفل أو ان يكون ضارا بصحة الطفل أو بنموه البدني أو العقلي أو الروحي أو المعنوي أو الاجتماعي (اتفاقية حقوق الطفل –المادة 32-1).

ما هو عمل الاطفال؟

هو العمل الذي يضع أعباءا ثقيلة على الطفل، والذي يهدد سلامته وصحته ورفاهيته، العمل الذي يستفيد من ضعف الطفل وعدم قدرته عن الدفاع عن حقوقه، العمل الذي يستغل عمل الأطفال كعمالة رخيصة بديلة عن عمل الكبار، العمل الذي يستخدم وجود الأطفال ولا يساهم في تنميتهم، العمل الذي يعيق تعليم الطفل وتدريبه ويغير حياته ومستقبله، وهناك اسباب عديدة لعمالة الأطفال.

المستوي الثقافي للأسرة: فائدة التعليم غير معروفة لهم.

- الفقر: الأطفال يرغبون بمساعدة أسرهم، عجز الأهل من الإنفاق على أولادهم.

- قلة المدارس والتعليم الإلزامي.

- نقص بمعرفة قوانين عمالة الأطفال.

- العنصرية.

- الحروب والأزمات التي تخلق عبء اقتصادي.

النظام التعليمي السائد: الذي يسبب ترك المدرسة مثل سوء معاملة المعلمين أو الخوف منهم، عدم الرغبة بالدراسة، عدم المقدرة على النجاح في الدراسة، قد يكون توقيت الدراسة غير متناسب مع أوقات عمل الأطفال (كما في الزراعة مثلا) قد يكون موقع المدرسة بعيدا بالنسبة للأطفال، الفتيات بشكل خاص، وقد يضاعف من هذه المشكلة فقدان تسهيلات نقل الأطفال في المناطق النائية.

التأثيرات السلبية لعمالة الأطفال

يوجد أربعة جوانب أساسية يتأثر بها الطفل الذي يستغل اقتصاديا بالعمل الذي يقوم به وهي:

1) التطور والنمو الجسدي: تتأثر صحة الطفل من ناحية التناسق العضوي والقوة، والبصر والسمع وذلك نتيجة الجروح والكدمات الجسدية، الوقوع من أماكن مرتفعة، الخنق من الغازات السامة، صعوبة التنفس، نزف وما إلى أخره من التأثيرات.

2) التطور المعرفي: يتأثر التطور المعرفي للطفل الذي يترك المدرسة ويتوجه للعمل، فقدراته وتطوره العلمي يتأثر ويؤدي إلى انخفاض بقدراته على القراءة، الكتابة، الحساب، إضافة إلى أن إبداعه يقل.

3) التطور العاطفي: يتأثر التطور العاطفي عند الطفل العامل فيفقد احترامه لذاته وارتباطه الأسرى وتقبله للآخرين وذلك جراء بعده عن الأسرة ونومه في مكان العمل وتعرضه للعنف من قبل صاحب العمل أو من قبل زملائه.

4) التطور الاجتماعي والأخلاقي: يتأثر التطور الاجتماعي والأخلاقي للطفل الذي يعمل بما في ذلك الشعور بالانتماء للجماعة والقدرة على التعاون مع الآخرين، القدرة على التمييز بين الصح والخطأ، كتمان ما يحصل له وأن يصبح الطفل كالعبد لدى صاحب العمل.

- يقدَّر أن 158 مليون طفل تتراوح أعمارهم من 5 سنوات إلى 14 سنة ينخرطون في عمل الطفل، بمعدل طفل ‏واحد بين كل ستة أطفال في العالم. وينخرط ملايين من الأطفال في حالات أو ظروف خطرة، من قبيل العمل ‏في المناجم، أو العمل بالمواد الكيميائية وبمبيدات الآفات في الزراعة، أو العمل بآلات خطرة. وهم في كل مكان ‏ولكنهم غير مرئيين، يكدحون كخدم في المنازل، أو يعملون وراء جدران ورش، أو يعملون بعيداً عن الأنظار ‏في مزارع.‏

- ففي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى ينخرط واحد تقريباً بين كل ثلاثة أطفال في عمل الطفل، بحيث ‏يمثلون 69 مليون طفل.‏

- وفي جنوب آسيا ينخرط 44 مليون طفل آخرون في عمل الطفل.‏

والأطفال الذين يعيشون في أشد الأسر المعيشية فقراً وفي المناطق الريفية من الأرجح أن ينخرطوا في عمل ‏الطفل. وتمثل البنات الأغلبية الساحقة من الأطفال المثقلين بالأعمال المنزلية. وملايين البنات اللائي يعملن ‏خادمات في المنازل هن عرضة على وجه الخصوص للاستغلال وللإيذاء.‏

* أكثر من 13 مليون طفل عربي في سوق العمل بينهم ثلاثة ملايين في مصر و600ألف باليمن وأكثر من 105 ألاف بدول الخليج.

وحيث لم تتوفر إحصائيات دقيقة عن حجم عمالة الأطفال على مستوى العالم، تشير تقارير بعض المنظمات الدولية المستقلة إلى أن عدد الأطفال المنخرطين بأسواق العمل على مستوى العالم يقدر بنحو 300 مليون طفل وربما أكثر من بينهم أكثر من 90% في قارتي أسيا وأفريقيا.

في حين كانت إحصائيات صادرة عن مكتب منظمة العمل الدولية في العام 1996 قد ذكرت أن هناك 250 مليون طفل عامل في فئة السن 5-14 سنة على مستوى العالم، منهم 140 مليون صبي بنسبة 56% و110 ملايين بنت بنسبة 44%. واحتلت قارة أسيا المرتبة الأولى في حجم عمالة الأطفال وبنسبة 61 % تلها قارة أفريقيا 32 % ثم أميركا اللاتينية والبحر الكاريبي 7%.ويرى بعض الباحثون من منظمات وجهات معنية بشئون الطفل أن الرقم الحقيقي أكبر من هذه الإحصائيات‘ حيث تقل نسبة التسجيل في الإحصاءات الرسمية لدول لعالم الثالث عمومًا عن الواقع الفعلي. كما أن إحصائيات اليونيسيف لا يشمل الأطفال العاملين الموجودين في دول العالم المتقدم، في أوروبا وأمريكيا الشمالية وأستراليا واليابان.

وفيما يتعلق بمجالات عمل الأطفال الذين شملتهم الإحصائية فإن 70% من الأطفال العاملين يتواجدون في القطاع الزراعي، ويليه قطاع الصناعة التحويلية بنسبة 8.3% ثم قطاع تجارة الجملة والتجزئة بنفس النسبة 8.3% ثم الخدمات الشخصية والاجتماعية بنسبة 6.5% حيث يتبقى للنقل والمواصلات نسبة 3.8% وقطاع التشييد 1.9% وأخيرا المناجم والمحاجر 0.9%. كما أنه ووفقاً لتقارير المنظمات الدولية فإن ثمة ما بين 150 – 200 مليون طفل في العالم معظمهم من البنات يعملون بدون أجر.

في حين توجد أعداد كبيرة من أطفال الشوارع الذين يعيشون ظروفاً قاسية وصعبة ويتعرضون لمخاطر جمة منها تعاطي المخدرات والإدمان، ويتم استقطابهم من قبل عصابات السطو والنشل والسرقة، وشبكات الدعارة حسب تقرير لمنظمة اليونيسيف.

وتؤكد تقارير منظمة العمل الدولية أن عمالة الأطفال تصل إلى نحو ثلث قوة العمل الزراعية في بعض الدول النامية‘ ففي بنجلادش يشكل هؤلاء ما نسبته82% من الأطفال الناشطين اقتصادياً والبالغين عددهم 6.1ملايين طفل قبل نجو 15عاماً وفي البرازيل يعمل أكثر من ثلاثة ملايين طفل ممن هم في سن 10 – 14عاماً في مزارع الشاي وقصب السكر والتبغ ‘كما يعمل في هذا القطاع 87% من الأطفال بنفس الفئة العمرية في ملاوي ‘إضافة إلى 25% ممن أعمارهم بين 7 – 9 أعوام.

أما في البرازيل فقد وصل عدد الأطفال المنخرطين في سوق العمل إلى أكثر من سبعة ملايين طفل وفي الولايات المتحدة الأميركية يعمل نحو 28% من الأطفال في سن الخامسة عشرة و51% في سن من 16 - 18 عاماً.

وتشير دراسات لمنظمات دولية إلى أن أكثر من مليوني طفل في العالم يتعرضون للاستغلال الجنسي من قبل شبكات الدعارة من بينهم مليون طفل في قارة أسيا و300 ألف طفل في الولايات المتحدة.

وأظهرت دراسة قدمتها الدكتورة فوقية رضوان استاذ الصحة النفسية بكلية التربية في جامعة الزقازيق بمصر خلال مؤتمر حماية وتربية الطفل العربي الذي نظمته الجامعة في العام 2003 أن إجمالي أطفال الشوارع في العالم بلغ 100 مليون طفل منهم 40 مليون طفل في أميركا اللاتينية ومن 25-30 مليون طفل في آسيا و20 مليون طفل في افريقيا و25 مليون طفل في باقي أنحاء العالم.

وذكرت الباحثة انه بالرغم من عدم وجود إحصائيات دقيقة إلا انه يمكن الإشارة أن أطفال الشوارع في مصر وصل إلي 93 ألف طفل أما في اليمن طبقاً لتقدير اتحاد الجمعيات غير الحكومية بـ 7000 طفل بينما وصل في السودان إلي 36931 طفل عدا الولايات الجنوبية في حين استدل علي عددهم في الأردن من عدد المتسولين والمتشردين إلي 6730 عام 1998، هذا بالإضافة إلى أن 96% من الأطفال المتسولين في شوارع الرياض من السعوديين و68% من الأطفال الباعة في الشوارع غير سعوديين ونسبة 6ر56% من الأطفال المتسولين إناث وان أعمار معظمهم تتراوح مابين 6-8 سنوات.

كما أنه وعلى صعيد دول الخليج العربية تشير التقديرات إلى أن عدد الأطفال في العاملين في السعودية 83 ألف طفل وفي سلطنة عمان 12 ألف طفل وفي الإمارات أربعة ألاف وفي البحرين 12 ألف طفل.

شبكة النبأ المعلوماتية- الثلاثاء 12/حزيران/2012 - 21/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م