الادوية المغشوشة... جرائم قتل مستترة

باسم حسين الزيدي

 

شبكة النبأ: في سابقة اثارت الجدل الطبي حول صفقات الادوية المزيفة والتي ذاقت دول العالم النامي اثارها القاتلة، اصبحت اليوم الاسواق العالمية كالدول الاوربية والولايات المتحدة وغيرها من الدول المتقدمة مستهدفتاً هي الاخرى بعد ان كانت لا تعرف هذا النوع من الغش الا على مستوى ضئيل للغاية، وقد اكد الخبراء والمحققون ان عمليات ادخال العقاقير المغشوشة لم تعد تقتصر على الانواع العادية وانما تطورت لتشمل عقاقير ذات اثمان عالية واستخدامات خاصة الامر الذي ينذر بخطر كبير خصوصاً مع تقليد ادوية ذات مواصفات عالية.

يذكر ان تجارة الادوية من اهم الموارد الاقتصادية للعديد من الدول المتقدمة والاقتصاد العالمي بصورة عامة الا ان عمليات التزوير والغش الدوائي تلحق اضرار كبيرة بهذه التجارة سيما وان انعدام الرقابة الصحية في بعض البلدان او انتشار الفساد سهل من انتشار هذا النوع من الصفقات، من جانب اخر فان العديد من المرضى حول العالم يذهبون سنوياً ضحية لتناول العقاقير المزيفة والتي كانوا يأملون ان تشافيهم من امراضهم وعللهم. 

عقار افاستين مزيف

فقد قادت جهود اقتفاء اثر عبوات مزيفة من عقار افاستين الذي يستخدم في حالات الاصابة بالسرطان -وهو دواء يقدر حجم التعامل فيه بمليارات الدولارات- الى عنوان في حي مزدحم بالقاهرة دون ان يكون هناك لافتة باسم الشركة التي اعلن عنها الموردون الدوليون على انها مصدر هذا المنتج، واطلق اكتشاف افاستين المزيف في الولايات المتحدة -لا يحتوي على المادة الفعالة- موجات صدمة في انحاء الاوساط الطبية بإظهار كيف انه حتى الادوية الباهظة التكاليف التي تؤخذ عن طريق الحقن وليس الاقراص فقط مثل الفياجرا وليبيتور عرضة لخطر المزورين الجنائيين، ويجري الآن مراقبون للرعاية الصحية على جانبي الاطلسي تحقيقات لمعرفة كيف دخلت العبوات المزيفة لعلاج السرطان التي تصنعها شركة روش سلسلة التوريد في أكبر سوق في العالم بعد نقلها من مصر عبر سويسرا الى بريطانيا في طريقها الى كاليفورني، وقالت شركة هاديكون ومقرها مدينة تسوج في سويسرا انها استوردت عقار افاستين من شركة تدعى "اس.ايه.دبليو.ايه. للاستيراد والتصدير" في الجيزة بالقرب من الاهرامات على مشارف القاهرة، لكن لم تكن هناك شركة باسم اس.ايه.دبليو.ايه. في العنوان الذي ذكرته هاديكون وهو -2 شارع العشرين فيصل- وبدا ان المبنى المكون من خمس طوابق يضم فقط مسجدا صغيرا ومكتب عقارات فوقه عندما زاره مراسل رويترز. بحسب رويترز.

وقال سكان محليون انه يوجد عيادات اطباء في الطوابق العليا وتوجد لافتة ايضا لمكتب محاسب، ولم يكن لدى كثير من الناس في المنطقة ومنهم عاملون بصيدلية قريبة أي علم بشركة باسم اس.ايه.دبليو.ايه، وقال متحدث باسم وزارة الصحة المصرية المسؤولة عن استيراد وتصدير الادوية ان المسؤولين اجروا تحريات ووجدوا ان شركة اس.ايه.دبليو.ايه، غير مسجلة لدى الوزارة بأي صفة مما يجعل تعامل الشركة في الادوية غير قانوني، وقالت هاديكون في رسالة بالبريد الالكتروني انها لم تكن لديها أي مشكلة في الماضي مع الشحنات الواردة من شركة اس.ايه.دبليو.ايه، مضيفة ان هاديكون لديها ترخيص بتصدير الادوية السابقة التعبئة والاغلاق لكن لا يسمح لها بفتحه، وأضافت "اذا كان عقار افاستين المزيف دخل من خلال (شركة) هاديكون الى سلسلة الموردين فاننا نكون بذلك وقعنا ضحية لعملية احتيال كبيرة رغم كل الاجراءات الوقائية الممكنة التي نتخذها"، ولم تذكر هاديكون أي تفاصيل اتصال اخرى لشركة اس.ايه.دبليو.ايه، وهناك عنوان ثان في الجيزة لشركة تدعى اس.ايه.دبليو.ايه، وعثر عليها على الانترنت قادت الى مجمع مبان سكنية على بعد بضعة شوارع من العنوان الاول، وقال حارس البوابة ان رجلا ذكر اسمه على الانترنت على انه مصدر الاتصال بالشركة غير موجود وانه سافر منذ اكثر من شهر، ولا توجد أي لافتات لشركة اس.ايه.دبليو.ايه، وفي هذا المبنى ايض، والبحث عن عقار افاستين المزيف يسلط الضوء على التعقيد المتزايد لسلسلة موردي الادوية العالمية بما فيها الادوية المشروعة والمزورة وكيف ان المراقبين سيواجهون ضغوطا شديدة للتعامل مع أي انتهاكات محتملة للسلامة، ويقول مراقبون دنماركيون وبريطانيون ان عقار افاستين المزيف باعته شركة هاديكون الى مؤسسة كير ميد موزع الادوية الدنماركي التي شحنته مباشرة الى شركة ريفر ايست صابلايز البريطانية.

استياء في الهند

في سياق متصل اثار الحكم المخفف الذي صدر بحق 12 طبيبا ادينوا في ولاية ماديا براديش الهندية باختبار ادوية بشكل سري على اطفال ومرضي يعانون من عاهات، استياء واسع، وقضى الحكم بفرض غرامة واحدة على الاطباء ال12 تبلغ خمسة الاف روبية فقط اي ما يوازي 74 دولار، وبحسب حكومة ولاية ماديا براديش لم توافق السلطات الصحية على هذه التجارب ورفض الاطباء كشف اي معلومات في هذا الخصوص بحجة انها سرية، ويتهم الاطباء الذين نفى اثنان منهم بانهما اساءا التصرف، بتلقي المال من مؤسسات لاجراء تجارب في مدينة اندور على ادوية لمعالجة العجز الجنسي، واعرب الطبيب اناند راي الذي كشف هذه القضية للرأي العام، عن استيائه وغضبه للعقوبة التي صدرت في وقت لاحق على الاطباء غير الرادعة في رأيه، وقال "اجريت التجارب على مرضى اتوا الى مستشفيات حكومية لاجراء فحوصات روتينية، ان اختبار ادوية عليهم من دون موافقتهم جريمة"، ووصف اجاي سينغ الذي يقود المعارضة في البرلمان المحلي هذه الغرامة بـ"المضحكة"، وتقول جمعيات مدافعة عن حقوق الانسان انها تخشى من ان تصبح الهند مركزا لاختبار الادوية على مرضى فقراء تستخدمهم شركات انتاج الادوية لتجربتها من دون موافقتهم، وبحسب راي قد تستمر هذه الممارسات في الاوساط الطبية لفترة طويلة، وقال "ان اختبار الادوية في ازدياد لان ثمنها سدس ما هو عليه في الدول الغربية"، واضاف "ان آلية التنظيم هنا اكثر فسادا ويمكن لشركات انتاج الادوية تسجيل اسماء مرضى بسهولة وبدء التجارب"، وذكر ان "عملية تسجيل اسماء خمسة مرضى في الدول الغربية تستغرق ستة اشهر في حين يمكن اجراء تجارب على الفي شخص في الهند خلال هذه الفترة". بحسب فرانس برس.

ادوية مغشوشة في باكستان

فيما يقول الاطباء في باكستان ان الادوية المغشوشة او الملوثة قتلت 70 شخصا على الاقل من مرضى القلب في مدينة لاهور شرقي البلاد، ويقول المسؤولون ان الوفيات في الاسابيع الاخيرة تبدو مرتبطة بنوع من الدواء وزع على المرضى مجانا من مستشفى حكومي، وهناك مخاوف من مئات اخرين ممن تعاطوا الدواء معرضون للخطر، واعتقلت السلطات اصحاب ثلاثة مصانع محلية للادوية يقال انها هي التي وردت الدواء للمستشفيات، ونقل عن مسؤول محلي في اقليم البنجاب قوله ان الوفيات من الادوية الضارة ربما تكون اكبر من ذلك بكثير، وكان معهد القلب في المنطقة وزع مجانا بالفعل ذلك النوع من الاقراص على الاف المرضى، وتحاول السلطات الان استعادة تلك الادوية، وامرت السلطات الصحية بحظر خمسة ادوية بالفعل يعتقد انها تحتوي على الضرر ذاته، الذي ربما كان مادة معدنية في الاقراص تؤدي الى النزيف الحاد، واغلقت الشرطة بالفعل مصنعا للادوية في الاقليم. بحسب رويترز.

ادوية ملاريا مزورة

الى ذلك اشارت دراسة علمية الى ان الادوية المقلدة والرديئة النوعية الخاصة بمرض الملاريا تقوض الجهود الدولية المبذولة للحد من هذا المرض وتهدد حياة ملايين البشر، وجاء في الدراسة التي قام بها باحثون من مركز الامراض الاستوائية التابع لجامعة اوكسفورد البريطانية ان الادوية المقلدة قد تلحق الضرر بمرضى الملاريا وتقوي مناعة الطفيلي الذي يتسبب بالمرض، وتشير القديرات الى ان الملاريا يتسبب بوفاة 800 الف شخص سنوي، ويعتقد ان بعض الادوية المقلدة مصدرها الصين، وتبين للباحثين الذين درسوا الادوية المقلدة والرديئة النوعية في 11 دولة افريقية ان بعضها تتضمن المواد الاساسية الطبية الخاطئة والتي تخفف من عوارض المرض لكن لا تشفي منه، بينما لبعض الانواع الاخرى من هذه الادوية اثار جانبية خطيرة وخاصة اذا تم تناولها مع ادوية اخرى مثل الادوية المضادة لمرض الايدز، ويصبح الطفيلي المتسبب بالمرض اكثر مقاومة للادوية المستخدمة في علاج المرض مع مرور الوقت، وتم تحديد مصدر الادوية المقلدة عن طريق معرفة الغبار الموجود في الحبوب، ودعا رئيس فريق البحث الى اخذ اجراءات عاجلة في الدول الافريقية للقضاء على الادوية المقلدة لانها تشكل مصدر خطر على حياة الملايين من الافارقة وخاصة الاطفال والنساء الحوامل.

أدوية مغشوشة في اوروبا

من جهتها ضبطت الشرطة في جميع أنحاء أوروبا حوالي 300 الف جرعة أدوية مغشوشة لعلاج العجز الجنسي وفقدان الوزن مما يسلط الضوء على انتشار الادوية المغشوشة في المنطقة، وقالت وكالة تنظيم الادوية ومنتجات الرعاية الصحية في بريطانيا ان اربعة اشخاص في اسبانيا واثنين في بريطانيا اعتقلوا بعد عملية دولية استمرت عدة أشهر، وقال مسؤولون إن المشتبه بهم يبدو انهم كانوا يجلبون أدوية مغشوشة من اسيا وخاصة من الصين وسنغافورة ويوزعونها عبر شبكة الانترنت للعملاء في جميع أنحاء أوروب، وفي بريطانيا وحدها شملت الكمية أقراصا تبلغ قيمتها نحو 115 الف جنيه استرليني (183 الف دولار) وضمت أقراصا مغشوشة من الفياجرا التي تنتجها شركة فايزر وأقراص سياليس الذي تنتجها شركة ايلي ليلي وكلاهما يستخدم في علاج ضعف الانتصاب عند الرجال وكذلك تم سحب أدوية ريمونابانت وسيبوترامين المستخدمة في علاج السمنة، وتسلطت الاضواء على الخطر الذي تشكله الادوية المغشوشة بعد اكتشاف عبوات مزيفة من عقار افاستين الذي تنتجه شركة روش في الولايات المتحدة، واصابت القضية الاجهزة التظيمية وصناعة المستحضرات الطبية بالصدمة لانها أظهرت المجرمين أن يدخلون في أعمال غش العقاقير المعقدة التي تحقن، وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية الى أن أقل من واحد بالمئة من الادوية الموجودة في العالم المتقدم يحتمل أن تكون مغشوشة، لكن على مستوى العالم يبلغ هذا الرقم نحو 10 بالمئة بينما يصل في بعض الدول النامية الى الثلث. بحسب رويترز.

تغريم شركة جونسون اند جونسون

من جهة اخرى أمر قاض أمريكي بتغريم شركة جونسون اند جونسون الأمريكية العملاقة لصناعة الأدوية 1.1 مليار دولار أمريكي لأنها قللت من شأن المخاطر المصاحبة لتناول أحد منتجاتها المضادة للاكتئاب النفسي، وكانت السلطات ولاية اركنساس الأمريكية قد رفعت دعوى قضائية ضد شركة جونسون اند جونسون وشركة يانسن للأدوية التابعة لها بعد طرح عقار "ريسبيردال" في الأسواق عام 2007، وكانت بعض الولايات الأمريكية قد غرمت الشركة ذاتها بعد إدانتها بارتكاب مخالفات مشابهة، من جانبها أعربت شركة يانسن عن خيبة أملها بعد صدور القرار وأضافت أنه إذا تم رفض طلب إعادة الدعوى القضائية فإنها ستتقدم بطلب لاستئناف الحكم، وقال الشركة في بيان "إنه على مدار المحاكمة التي استمرت ثلاثة أسابيع، قدمت الشركة عددا من الأدلة تثبت أنها امتثلت لكافة القوانين واللوائح الخاصة بعقار ريسبيردال"، وكانت شركة جونسون اند جونسون وافقت في يناير / كانون الثاني الماضي على دفع مبلغ قدره 158 مليون دولار أمريكي لتسوية خلاف يتعلق بتسويق العقار المذكور بطريقة غير مشروعة في ولاية تكساس، كما قضت محكمة في ولاية كارولينا الجنوبية العام الماضي على الشركة بدفع 327 مليون دولار بعد إدانتها من قبل هيئة المحلفين بارتكاب خروقات تتعلق بتسويق العقار عام 2010، وقد تقدمت الشركة بطلبات لاستئناف هذه الأحكام وهي قيد البحث حتى الآن.

دراسات حديثة

من جانبها فقد أظهرت دراسة نشرت على الموقع الالكتروني لمجلة "أركايفز أوف إنترنال ميديسين" أن النساء اللواتي انقطع عنهن الطمث ويتناولن عقاقير مضادة للكولسترول مثل "ليبيتور" أو "كريستور" معرضات أكثر من غيرهن للاصابة بالسكري، وقام معدو الدراسة بتحليل بيانات طبية مأخوذة من دراسات أجريت حتى العام 2005 على 153840 امرأة ولا يعانين من السكري ويبلغ متوسط أعمارهن 63 عام، وأظهرت النتائج 10242 حالة جديدة من السكري لدى النساء اللواتي يتناولن عقاقير مضادة للكولسترول، ما يبين وجود علاقة بين هذا النوع من العقاقير وارتفاع خطر السكري، وتبقى هذه العلاقة موجودة بغض النظر عن عوامل الخطر الأخرى المتعلقة بالسكري مثل السن والعرق ومؤشر الكتلة الجسدية، على ما أوضح الباحثون في مركز "مايو كلينيك" في مينيسوتا (شمال الولايات المتحدة)، وشدد هؤلاء على ضرورة التركيز على هذه المسألة وإجراء أبحاث تشمل النساء والرجال والاثنيات المختلفة بغية توضيح العلاقة بين خطر السكري والعقاقير المضادة للكولسترول والسيطرة على هذا الخطر لتقديم أفضل العلاجات. بحسب فرانس برس.

من جانب اخر يستفيد مرضى القلب من تناول جرعات منخفضة من الأسبرين للوقاية من مخاطر التعرض لنوبات جديدة، وهو وسيلة وقاية قد تقتصر على تلك الفئة فقط دون سواهم من الأشخاص الأصحاء الذين قد يتناولون القرص بغرض الحماية من أمراض القلب، وعلى مدى فترات طويلة، كان الأسبرين علاجاً مثالياً للأوجاع والآلام الخفيفة، إلا أن الأبحاث ظلت تكشف باستمرار عن خصائص جديدة له، حتى أصبح يستخدم في الوقاية من أمراض القلب، ولتقليل مخاطر الإصابة بسرطان القولون وأنواع أخرى من المرض، ما دفع خبراء لترجيح تقديمه جرعات منخفضة منه للمرضى والأصحاء، على حد سواء، على سبيل الوقاية من الأمراض المزمنة، بيد أن أدلة حديثة شككت في تلك الخصائص الوقائية، فقد أظهرت مراجعات حديثة لتسع اختبارات سريرية، تم نشرها في "أرشيف الطب الداخلي"، ونقلتها مجلة "التايم، بأن الأسبرين أثبت فعاليته في خفض مخاطر إصابة البالغين، في متوسط العمر، بالنوبات القلبية، إلا أن تلك الفوائد كانت "متواضعة"، كما أظهرت أن القرص لا يوفر الحماية من الإصابة بالسكتة الدماغية والأزمات القلبية القاتلة، وأن الفوائد المحدودة لمنع الإصابة بالنوبات القلبية غير الفتاكة قد تلاشت مقابل أعراض جانبية خطرة نادرة الحدوث نسبياً. بحسب سي ان ان.

ويتمتع الأسبرين بخاصيته المخففة للزوجة الدم والمخفضة بالتالي لتكوّن  تجلط الدم (الخثر) التي قد تؤدي إلى نكسة ثانية لمريض القلب، أو تؤدي إلى السكتة الدماغية، وذلك بسبب الانسدادات التي تتسبب بها تلك "الخثر" في مسالك الشرايين التاجية المغذية لعضلة القلب أو في شبكة الشرايين الأخرى المغذية للرئتين وبقية الجسم، كما قد يزيد تناول الأسبرين بصفة منتظمة من خطر الإصابة بالنزيف الداخلي، وشملت الدراسة الحديثة، وهي الأكبر من نوعها حتى اللحظة، أكثر من 100 ألف مشارك من دول نامية، وفي التجارب التسعة، قدم للمشاركين إما جرعات أسبرين يومياً، على مدى ستة أعوام، أو حبة وهمية، ووجد الخبراء أنه أمكن تجنب الإصابة بنوع بمرض القلب الوعائي لمشارك واحد بين كل 120 مشاركاً تناولوا جرعات من الأسبرين يومياً، وفي المقابل، عاني واحد من كل 73 من النزيف، كما لحظوا عدم وجود فارق مهم في حالة الوفيات بين مجموعة الأسبرين أو تلك التي تناولت أقراصا وهمية، وخلص الباحثون إلى أن فوائد تناول الأسبرين يومياً قد لا تتفوق على مخاطره، إلا أنهم أكدوا في ذات الوقت أن فوائده الإيجابية في منع أمراض القلب الوعائية بين أشخاص سبق وأن أصيبوا بنوبات قلبية أو سكتات دماغية، غير قابلة للجدل، ودعوا الأشخاص الساعين لحماية أنفسهم من أمراض القلب اتباع نمط معيشي صحي يعتمد على حمية منخفضة الدهون وممارسة التمارين البدنية بانتظام.

على صعيد اخر أشارت دراسة أميركية نشرت مؤخراً في المجلة الطبية "بي أم جاي أوبن" إلى أن بعض العقاقير التي غالبا ما توصف للمساعدة على النوم، تعرض الأشخاص الذين يتناولونها لخطر الوفاة أكثر بأربع مرات مقارنة مع هؤلاء الذين لا يلجئون إليه، وقد تؤدي هذه العقاقير المنومة المختلفة إلى إصابة كبار مستهلكيها بالسرطان أكثر من سواهم بنسبة 35%، بحسب ما شرح معدو الدراسة، وقد شملت هذه الدراسة التي أعدها الدكتور دانيال كريبكيه من مركز "سكريبكس كلينيك فيتيربي فاميلي سليب سنتر" المتخصص في النوم (في لاهويا في كاليفورنيا) وزملاؤه، 10529 بالغا تناولوا عقاقير منومة ما بين كانون الثاني/يناير 2002 وكانون الثاني/يناير 2007، وكان متوسط العمر 54 عام، وتمت مقارنة هذه العينة بعينة أخرى من 23676 شخصا لا يلجئون إلى العقاقير المنومة، وقد تمت متابعتهم خلال سنتين ونصف السنة كمعدل، فتبين أن خطر الوفاة هو أكبر بأربع مرات تقريبا (4،6) عند الأشخاص الذي يتناولون عقار "زولبيديم" أو عقار "تيمازيبام" أو غيرهما من العقاقير المنومة، مقارنة مع هؤلاء الذين لا يتناولون أي منه، وحتى عندما يكون استهلاك هذه العقاقير قليلا (18 قرصا أو أقل بالسنة) يزداد خطر الوفاة بنسبة ثلاث مرات، وفقا للدراسة، وقد أكد معدو هذه الدراسة أن ازدياد خطر الوفاة مع تناول هذه العقاقير ليس بالضرورة علاقة سببية، على الرغم من أن دراسات سابقة كانت قد توصلت إلى النتائج عينها التي خلصت إليها دراستهم، ولكنه يدقون ناقوس الخطر في ما يخص استهلاك هذه الأدوية، وكانت تقديرات سابقة قد أشارت إلى أن ما بين 320 ألف و507 آلاف حالة وفاة إضافية في العام 2010 قد تعزى إلى العقاقير المنومة في الولايات المتحدة وحدها. ويلفت معدو الدراسة إلى أنه حتى لو لم تتخط هذه النسبة عشرة آلاف حالة إضافية، فهذا أمر يفوق الحدود، وبحسب هذه الدراسة، تم تسجيل 265 وفاة من بين 4336 شخصا يتناولون عقار "زولبيديم" مشمولين في الدراسة مقابل 295 وفاة من بين 23 ألف شخص لم يستخدموا عقاقير منومة، وكانت دراسات سابقة قد أشارت إلى علاقة ما بين العقاقير المنومة وحوادث السير والسقوط.

كما كشفت إحدى الدراسات الجديدة أنّ التوقف المفاجئ عن تناول دواء كو- تريموكسازول، وهو مضاد حيوي يُستخدم للوقاية من العدوى الانتهازية لدى المصابين بفيروس نقص المناعة، قد يزيد من خطر الإصابة بالملاريا والإسهال، بالمقارنة مع المرضى الذين يواظبون على تناول الدواء، وكانت المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض قد أجرت هذه الدراسة في شرق أوغندا، حيث يستوطن مرض الملاريا، وقامت مجلّة أوكسفورد التي تعنى بالأمراض السريرية المعدية بنشره في مارس 2012، حيث وجد الباحثون أن 72 % من حالات الحمى المسجلة لدى 315 شخصاً ظهرت في صفوف المرضى الذين توقفوا عن تناول دواء كو- تريموكسازول، كما أنهم أصبحوا معرّضين مرّتين أكثر للإصابة بالإسهال، وأوضح جايمس كامبل، وهو باحث أساسي في هذه الدراسة ومدير قسم العلوم في المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض في أوغندا، "أنّ النتائج تظهر أن الأشخاص المصابين بفيروس نقص المناعة يسجّلون معدّلاً منخفضاً من هذه الأمراض المعدية وهم يتناولون دواء كو- تريموكسازول، بينما يرتفع هذا المعدّل لدى توقفهم عن تناول الدواء المذكور"، من جهة أخرى، تقوم بلدان عديدة بتوصية الأشخاص الذين يبدؤون بعلاجات مضادة للفيروسات بالتوقف عن تناول دواء كو- تريموكسازول عندما يتجاوز عدد خلايا CD4 الـ200 خلية، غير أنه لم يتم تقييم هذه الممارسات في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، فإن 90% من المجموع السنوي العالمي الذي يبلغ 655،000 حالة وفاة ناجمة عن الملاريا يُسجَل في إفريقي، ويرتبط هذا المرض بانخفاض أسرع في عدد خلايا CD4 وارتفاع في نسبة الحمل الفيروسي لدى النساء الحوامل المصابات بفيروس نقص المناعة، وفيما يُعتبر سعر دواء كو- تريموكسازول زهيداً نسبياً، يلحظ الباحثون أن استخدام أدوية الوقاية مدى الحياة قد يكون مكلفاً ويؤدي إلى آثار سمية، إلاّ أنه وبعد 4 أشهر فقط، توقّفت الدراسة بناءً على توصية من هيئة مراقبة سلامة البيانات، وهو عبارة عن فريق مستقل من الخبراء الذين يقدّمون الاستشارات إلى المحققين في الدراسة، تاركةً تساؤلات عديدة حول ما إذا كان التوقف عن تناول دواء كو- تريموكسازول ضروري، وأضاف كامبل "ثمة تساؤلات هامة، بما في ذلك تأثير حالات الملاريا والإسهال المتزايدة على نتائج عدوى فيروس نقص المناعة على المدى البعيد، بالإضافة إلى المخاطر البعيدة المدى، والمقارنة بين الوقاية المضادة للميكروبات وغيرها من الوسائل للحد من مخاطر الملاريا والإسهال".

شبكة النبأ المعلوماتية- الأربعاء 30/آيار/2012 - 8/رجب/1433

 

© جميع الحقوق محفوظة لمؤسسة النبأ للثقافة والإعلام 1419-1433هـ  /  1999- 2012م